لماذا صلاة الظهر سرية حتى في الجماعة؟.. 4 أسباب لا يعرفها كثيرون
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
لعل استفهام لماذا صلاة الظهر سرية يعد أحد أسرار الك الصلاة المكتوبة الخفية عن الكثيرين ، حيث إن معرفة لماذا صلاة الظهر سرية ، ليست معلومة للجميع إذا كان الجميع يعرف أن صلاة الظهر هي ثاني الصلوات المكتوبة، ويعلمون كافة الأمور المتعلقة بها من حيث وقتها وعدد ركعاتها وسننها، وما يقرأ فيها من السورة القرآنية المستحبة والواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكذلك كيفية صلاة الظهر وفضلها، إلا أن قليلون أولئك الذين يعرفون لماذا صلاة الظهر سرية ؟ ، وما إذا كان الجهر بها سواء بالصلاة أو الدعاء يبطلها أو حتى يوجب سجود السهو ، من هنا تنبع أهمية معرفة لماذا صلاة الظهر سرية وهي إحدى الصلوات المكتوبة، التي ورد الحث بالمحافظة عليها في القرآن الكريم، فقال تعالى: « حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ » الآية 238 من سورة البقرة.
قال الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن هذه أمور تعبدية، حيث إن الأحكام منها المعلل أي لها علة ظاهرة وواضحة، ومنها ما ليس له علة ظاهرة للإنسان ولكن تكون في علم الله سبحانه وتعالى، والأحكام هي الأشياء التي طلبت من الإنسان .
وأوضح “ شلبي” ، عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية بقناتها على يوتيوب، في إجابته عن سؤال : ( لماذا صلاة الظهر سرية حتى في الجماعة؟)، أن هذه أمور قدرها الله-سبحانه وتعالى-وقضى بها، منوها إلى ان الإنسان مطلوب منه أن يحقق ما طلب منه، موصيًا العبد أن يصلي الظهر كما جاء.
واستشهد بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم -" صلوا كما رأيتموني أصلي".. رواه البخاري، منوهًا بأن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان لا يجهر في الظهر ولا في العصر، وكذلك لا جهر في القضاء في هذين الوقتين، وعلي العبد أن يطيع الله، فقال الله تعالى في سورة النور،" إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون* وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ".
وأضاف أنه فقد فرض الله تعالى خمس صلوات يومية منها ثلاث جهرية -الفجر والمغرب والعشاء - واثنتان سرية -الظهر والعصر-، والجهر فيما جهر به النبي صلى الله عليه وسلم، والإسرار فيما أسرَّ به من الصلوات هو من سنن الصلاة وليس من واجباتها، والأفضل للمصلي عدم مجاوزة سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم وهديَه.
وعن لماذا صلاة الظهر سرية ؟، ففيها اجتهد العلماء لمعرفة الحكمة من الصلاة الجهرية والسرية، فقال بعضهم أننا نفعل ذلك اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فنسرُّ فيما أسرَّ فيه، ونجهر فيما جهر فيه، لقول الله عز وجل: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» (الأحزاب:21)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» رواه البخاري في صحيحه.
و ورد أن التلاوةَ في صلاة الظهر سريّة، ولم يأتِ نصٌ في بيان الحكمة من ذلك، إلا أنّ بعض العلماء ذكروا أنّ وقت صلاة الظُّهر والعصر؛ هو وقت انشغالٍ وعملٍ وسعيٍ لطلب الرزق، فيناسبه أن تكون التلاوة سريّة؛ لأن العقل حينها يكون ممتلئاً بأشغال الحياة وأعمالها، فيتحقّق الخشوع والتفكُّر في الصلاة، فيشتغل الشخص بقرءاته بينه وبين نفسه، ولا ينشغل بشيءٍ آخر، أما الصلاة الجهريّة، فإنّ الليل غالباً يقلُّ فيه المشاغل وكذا الفجر، فإنّ المرء لم يبدأ في انشغالاته بعد، فيكون القلب فارغاً، فيستمع بإنصاتٍ ليستفيد ويتدبّر من قراءة الإمام الجهريّة.
ووقد أُمِرَ المُصلّي باعتدال الصوت في القراءة، أي ما بين الجهر والسّر، لقوله -تعالى-: (وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِت بِها وَابتَغِ بَينَ ذلِكَ سَبيلًا)، فالصلاة المقصودة هُنا؛ صلاة التهجّد والقيام، فإذا صلّى المُصلّي وكان بالمجلس مُستيقظين ونائمين، فيقرأ باعتدال؛ مُراعاةً للنّائمين ولينتفع السامعين، فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة التهجّد بالجهر، فيتعرّض المشركون بالسّب على القرآن وعلى من أنزله -عزّ وجل-، فأتى النّهي عن الجهر، فانتهى النبيُّ عنه، ثم أصبحت تفوت الفائدة على أهل بيت النبي ومن يستمع، فأمر الله -تعالى- بالاعتدال بين الجهر والسر، وعلى المسلم أن يُطبّق أحكام الله -تعالى- ويقتدي بنبيّه -عليه الصلاة والسلام-، فيفعل ما يأمره به وينتهي عما نهى عنه حتى لو لم يتوصّل للحكمة، غير أنّه لا مانع من البحث عن السبب بعد التنفيذ والالتزام بالهديِ النبوي، قال -تعالى- :(لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، وعن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال : (صَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي).
صلاة الظهرتعد صلاة الظهر هي الفريضة الثانية التي يؤدّيها المسلم في النهار بعد صلاة الفجر ، وتُصلّى سرًا بخفض الصوت في القراءة فيها، ويبلغ عدد ركعاتها أربع ركعات، إلاّ يوم الجمعة لمن يؤدّيها في المسجد؛ حيث تكون الصلاة فيها جهريّة وعدد ركعاتها اثنتين فقط، حدّد الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- وقتَ صلاة الظهر عندما تبدأ الشمس بالزوال عن وسط السماء وميلها وانكسارها نحو الغرب؛ حيث قال الرسول -عليه الصّلاة والسّلام: «وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلاة الظهر الإفتاء النبی صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
الصلاة ودلائل القرب من الله
الصلاة هي العبادة الوحيدة التي فرضت في السماء، وكان لها من شرف المكانة والرفعة أن استدعي النبي محمد صلى الله عليه وسلم أليها أثناء عروجه في السماء، وقد من الله علينا بأن فرض علينا 5 صلوات بثواب 50 صلاة، وقد خفف الله عن أمة محمد بأن جعلها 5 صلوات بأجر 50 صلاة، وذلك في القصة المشهورة في المعراج ولقاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأخيه سيدنا موسى عليه السلام.
فهي صلة مباشرة بين الانسان وربه، لا تحتاج إلى وسيط أو موعد، وهي اختبار يومي للخشوع والوعي بحظرة الخالق والوقوف بين يديه، والتذلل له، واستشعار القرب والمحبة منه، وحضور الجسم والقلب لفهم المعنى الحقيقي للعبادة والتي هي الغاية الكبرى من وجوده في هذه الحياة.
كما أن هذه الصلاة هي العهد التي تمثل الفيصل بين المسلمين وغيرهم، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" فهي التي من خلالها تفرق بين المسلم والكافر، ولجلالة هذه العبادة وعظم مكانتها فإنها أول ما يحاسب عنه الإنسان يوم القيامة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " أوَّلُ ما يحاسبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصَّلاةُ، فإن صلُحَت صلُحَ سائرُ عملِهِ، وإن فسَدت فسدَ سائرُ عملِهِ" فلك أن تتخيل أنه بمجرد صلاح هذه العبادة فإنها حتما ستؤدي إلى صلاح باقي الأعمال، فما هو السر الموجود في هذه العبادة العظيمة، فأداؤها على أكمل وجه معيار لباقي العبادات والأعمال الصالحة، وسبب أساس لدخول الجنة، فكلما كان المؤمن حريصا على صلاته مؤديا لها على أكمل وجه كلما كان قريبا لله نائلا رضاه ورحمته، وسيجزيه الله الجنة، بل وأعجب من ذلك أنه كلما كان كثير الصلاة والسجود لله تعالى كلما كان في أعلى درجات الجنان مع الأنبياء والصديقين والشهداء.
ويؤكد ذلك ما رواه أحد الصحابة البدريين، الذي كان من أهل الصفة وهو ربيعة بن كعب الأسلمي الذي اغتنم فرصة نومه مع الرسول صلى الله عليه وسلم وقبل الفجر في يوم شديد البرد أشعل حطبا ووضع فيه إبريق ماء حتى يكون الماء دافئا، ثم حمل الإبريق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي يتوضأ به، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجازيه على عمله النبيل، فقال له "سل" اي اطلب ما شئت، فانتهز هذا الصحابي الجليل الزاهد العابد الفرصة لعلمه أن الدنيا زائلة فقال: أسألك مرافقتك في الجنة" فسكت الرسول صلى الله عليه وسلم قليلا، لأنها مسألة عظيمة، فقال: " أوغير ذلك" فقال ربيعة "هو ذلك" أي أنني لا أريد غير ذلك، فبماذا أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم، قال له: فأعني على نفسك بكثرة السجود" أي أكثر من الصلاة والسجود حتى تنال هذه المنزلة العظيمة، ولذلك امتثل هذا الصحابي الجليل بهذا الأمر وقضى بقية عمره في الركوع والسجود والجهاد في سبيل الله، فبهذه الصلاة الكثيرة سيكون رفيق الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة.
وعلى الإنسان أن يكون بصيرا بنفسه يتلمس أثر الصلاة فيه، وينتبه لصلاته وهل هي صالحة يؤديها على ما يحب الله ويرضى، أم أنها مجرد عادة مربوطة بوقت ويتم تأديتها من غير روح، فالصلاة انقطاع لله عما سواه، وحضور كامل للعقل والقلب والجسد، واستحضار لعظمة الموقف، فهو لقاء مع من خلقك وجعل لك السمع والبصر والقلب، فاجعل هذه الأعضاء تناجي خالقها وتتصل به وتتوسل إليه، وتدعوه وتسبحه وتحمده وتقدسه، وتطلب الهداية منه، وتتلو كلامه، وتنحني إليه وتتتذلل في انقياد تسليم مطلق، وتلصق جبهتك وهي أعلى وجهك بالأرض في أخفض مكان تستطيع أن تنزل فيه رأسك، ويغيب العالم من حولك لتكون صلتك به خالصة في خشوع يغلفه الخوف ويزينه الرجاء، ليكون لهذه الصلاة أثر تجده في ذاتك، وفي صفاء روحك، وفي انقياد نفسك، وفي تحبيب الإيمان إلى قلبك، وفي نفورك من الذنوب والمعاصي، فهذا الأثر الذي ستجده إذا جاهدت في استحضار كل ذلك أثناء الصلاة.
فمن استحضر كل هذه المعاني أثناء تأديته للصلاة وداوم عليها فإنه سيجد أثر ذلك في نفسه، فالله عز وجل يقول في سورة العنكبوت: " اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ" فمن ابتلي بمعصية أو عادة سيئة فإن صلاح صلاته كفيلة بأن تنهاه عن الفحشاء والمنكر، وهذا مقياس وضعه الله عز وجل، لمعرفة قبول الصلاة وعدم قبولها، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " من لن تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له"، فعلى الإنسان أن يراقب نفسه ويراقب عبادته وأثره عليها ليكون على بينة أمام نفسه قبل أن يقف أمام الله ويسأل عن صلاته هل هي فاسدة وبالتالي فإن عبادته كلها مرودة، أم هي صالحة ولذلك فإن عبادته وأعماله كلها مقبولة.
والصلاة إلى كونها عبادة فإنها أيضا أداة لضبط وقت المسلم، فهي أول عمل يؤديه بعد استيقاضه من النوم، بل هي التي توقضه، فمن اعتاد على صلاة الفجر فإنه سوف يصحو قبل الأذان حتى ولو لم يضع منبها يوقضه من نومه، وهذا أثر دارج في الثقافة المحلية، فالناس يقولون "الصلاة توقض صاحبها" فكل جارحة إذا عودها الإنسان على الاتصال بالله عز وجل، فإنها تشتاق إلى ذلك الاتصال، وتجد فيه لذة عجيبة، ولذلك فإنها تجعله يشعر بموعد الصلاة من غير منبه خارجي، وهذا ما يذكره كبار السن ومن ابتلاهم الله بالعمى، فإنه يعرفون وقت الأذان بدقة عجيبة تجار منها العقول.
وهذه أحد الدلائل على قبول الله لأعمالهم، وقد ورد في كتب الوعض والرقائق قصة جارية رومية عند عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب فيحكي عن نفسه فيقول: كانت لي جارية رومية وضيئة، وكنت بها معجباً، فكانت في بعض الليالي نائمة إلى جنبي، فانتبهت فالتمستها فلم أجدها، فقمت أطلبها فإذا هي ساجدة، وهي تقول: بحبك لي إلا ما غفرت لي ذنوبي، فقلت لها: لا تقولي: بحبك لي، ولكن قولي: بحبي لك، فقالت: لا يا مولاي، بحبه لي أخرجني من الشرك إلى الإسلام، وبحبه لي أيقظ عيني وكثير من خلقه نيام، فدليل محبة الله لك أن يقيمك في مواطن الطاعة، فإذا رأيت من نفسك إقبال على العبادة ونفورا من المعاصي فهذا دليل قبول الله لأعمالك.