بقلم السفير/ عادل إبراهيم مصطفي


أثار تكليف الدكتور كامل إدريس بمهام رئيس الوزراء في جمهورية السودان جدلاً واسعاً على مختلف المنصات الإعلامية. وتراوحت ردود الأفعال بين الترحيب والدعم لتعيينه استناداً إلى تأهيله الأكاديمي، ومكانته الدولية، وخبرته كمدير عام سابق للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، إذ رأى البعض أن هذه الخلفية تمنحه قدرة على إقامة علاقات مؤثرة يمكن توظيفها لخدمة السودان.


في السياق ذاته، شبّه البعض الدكتور إدريس بالدكتور عبد الله حمدوك، بوصفهما "تكنوقراطاً" قادمين من خلفيات في المنظمات الدولية، ما يمنحهما صورة الشخصيات المدنية المحايدة القابلة للقبول المرحلي، والمساعدة في تجاوز حالة الانقسام الراهنة.


غير أن هناك أصواتاً أخرى أكثر حذراً، من بينها الدكتور الفاتح إبراهيم حمد، وهو دبلوماسي ذو تجربة طويلة في أروقة الأمم المتحدة، حيث رأى أن التكوين المهني للدكتور كامل إدريس، المتأثر بثقافة الأمم المتحدة المتسمة بالحذر وتجنب الصدام، لا يؤهله لمواجهة التركيبة العسكرية التي تمسك بزمام السلطة في السودان.


أما المعارضون لتعيينه فقد شككوا في قدرته السياسية وخبرته في إدارة شؤون الدولة، كما أعاد كثيرون منهم التذكير باتهامات وُجهت إليه أثناء توليه منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، لا سيما تهمة تزوير تاريخ ميلاده بهدف تمديد فترة عمله، والتي انتهت بمثوله أمام لجنة تحقيق وموافقته لاحقاً على تقديم استقالته. واستناداً إلى ذلك، اعتبر هؤلاء أن الدكتور إدريس يفتقر إلى التأهيل الأخلاقي اللازم لتولي هذا المنصب الحساس.


ومع كامل التقدير لوجهات النظر المرحبة بتعيينه، تبقى القضية الأساسية – في تقديرنا – هي قضية الشرعية، التي يفتقدها نظام بورتسودان الانقلابي على كافة المستويات الداخلية والإقليمية والدولية. فالأزمة الراهنة ليست أزمة كفاءات، بل أزمة بنية حكم، وقبول الدكتور إدريس بالتكليف يعني، ضمنياً، القبول بلعب دور الواجهة لسلطة انقلابية تفتقر إلى الشرعية، وتتحالف مع قوى دينية متطرفة ومليشيات مسلحة، ومتهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بل وباستخدام أسلحة كيميائية محرّمة دولياً في مناطق النزاع.


وعليه، فإن الخطر الحقيقي الذي يواجه الدكتور إدريس لا يكمن في احتمالات النجاح أو الفشل، وإن كان الفشل هو المرجح في ظل هذه الظروف، وإنما في استغلال رمزيته كمسؤول دولي سابق لتجميل وجه نظام لا تقبل حقيقته أي مساحيق تجميل، خاصة في وقت يواجه فيه السودان حرباً دامية وانهياراً مؤسساتياً كان انقلاب 25 أكتوبر 2021 السبب المباشر فيه.


أما المقارنة بين الدكتور كامل إدريس والدكتور عبد الله حمدوك، فهي تتجاهل الفرق الجوهري بين الرجلين: فقد جاء حمدوك إلى رئاسة الوزراء بتفويض شعبي بعد ثورة سلمية أذهلت العالم، وأسقطت نظاماً دكتاتورياً حكم البلاد ثلاثين عاماً. فكان حمدوك تجسيداً لخيار مدني مدعوم بتوافق واسع من قوى الثورة. ولهذا، فإن المقارنة بين الرجلين ليست فقط مجحفة، بل تمثل تسويفاً سياسياً يساوي بين الشرعية الثورية والانقلاب العسكري المرفوض سياسياً وأخلاقياً.


أخيراً، لا يمكن فصل التأهيل المهني عن التأهيل الأخلاقي حين يتعلق الأمر بمن يطرح نفسه لإدارة الدولة، فالأخلاق السياسية تشكّل جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الحاكمة. فالكذب يفسد الوعود، والتزلف يعيق الإنصاف، والتزوير يفسد العدالة والتاريخ معاً.

 

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدکتور إدریس کامل إدریس

إقرأ أيضاً:

مستشفى الزمالك..أربعة لاعبين فى مرحلة التأهيل الثانيه

كشف الجهاز الطبي للفريق الأول لكرة القدم بنادي الزمالك عن تطورات موقف اللاعبين المصابين قبل مواجهة ديكيداها الصومالي في بطولة كأس الكونفدرالية الأفريقية.
وأكد الجهاز الطبي أن الفلسطيني عدي الدباغ يعاني من إصابة في العضلة الضامة، ويخضع للمرحلة الثانية من البرنامج التأهيلي.
وأضاف الجهاز الطبي أن ناصر منسي يعاني من إصابة في العضلة الخلفية ويخضع للمرحلة الثانية من برنامجه التأهيلي لتجهيزه للمشاركة في التدريبات الجماعية.
وفي نفس الوقت يعاني الفلسطيني آدم كايد من إصابة في عضلة السمانة ويواصل برنامجه التأهيلي.
وأوضح الجهاز الطبي أن محمد شحاتة يؤدي المرحلة الأخيرة من التأهيل بالكرة بعد إصابته في العضلة الخلفية، لتجهيزه للمشاركة في التدريبات الجماعية.
ويستعد الزمالك لمواجهة نظيره ديكيداها الصومالي في السادسة مساء يوم السبت الموافق 18 أكتوبر الجاري، على ستاد القاهرة الدولي، في ذهاب دور الـ32 لبطولة كأس الكونفدرالية الأفريقية.

من ناحيه أخرى انتظم أحمد شريف لاعب الفريق الأول لكرة القدم بنادي الزمالك في التدريبات الجماعية، التي أقيمت أمس الخميس على ستاد الكلية الحربية، في إطار الاستعداد لمباراة ديكيداها الصومالي في بطولة كأس الكونفدرالية.
وكان اللاعب تعرض لإصابة بشد في عضلة السمانة، خلال مباراة غزل المحلة الأخيرة في مسابقة الدوري، وخضع لبرنامج تأهيلي وعلاجي في الأيام القليلة الماضية، قبل أن ينتظم في مران اليوم بصورة طبيعية. 
ويلتقي الزمالك مع نظيره ديكيداها الصومالي في السادسة مساء يوم السبت الموافق 18 أكتوبر الجاري، على ستاد القاهرة الدولي، في ذهاب دور الـ32 لبطولة كأس الكونفدرالية الأفريقية.

مقالات مشابهة

  • حملة لإعادة تأهيل المجمع الرياضي بالخرطوم (2) وصالة هاشم ضيف الله
  • السودان يدين الصمت الدولي تجاه هجمات «الدعم السريع» في الفاشر
  • كامل إدريس.. حين يسقط رجل الدولة في فخّ الهتاف
  • ماذا بقي من اتفاق جوبا للسلام في السودان بعد خمس سنوات على توقيعه؟
  • مستشفى الزمالك..أربعة لاعبين فى مرحلة التأهيل الثانيه
  • كامل إدريس يعلن عن مشروعات مع إريتريا على البحر الأحمر
  • كامل إدريس يصف زيارة أسمرا: خطوة تاريخية ناجحة وشراكات إنتاجية واعدة قادمة في الطريق
  • كامل إدريس يعود إلى البلاد بعد زيارة خارجية مهمة
  • أفورقي يستقبل كامل إدريس.. السودان وإريتريا يرسمان استراتيجية جديدة مشتركة لتعزيز الاستقرار في المنطقة
  • وزير الداخلية يدفع بطلب عاجل إلى المجتمع الدولي