عربي21:
2025-05-28@02:48:16 GMT

العلمانية التركية بين جمهوريتين

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

في الرابع والعشرين من شهر آب/ أغسطس الجاري قضى القضاء التركي برفض الدعوى التي رفعتها الأحزاب العلمانية ضد قرار تعيين أئمة في المدارس والجامعات كمرشدين معنويين للطلاب، ويقول إن هذا القرار لا يتعارض مع مبادئ العلمانية.. انتهى الخبر.

من بلدية إنيبولو على البحر الأسود قبل 98 عاماً من اليوم، أعلن مؤسس الدولة الجمهورية التركية مدنية جمهوريته، بما حمله الإعلان من انسلاخ الجمهورية من ظهيرها العربي الإسلامي ومن ثم منع كل مظاهر التدين والتحول المظهري للتغريب، من ارتداء السراويل والقمصان وربطات العنق والسترات والقبعات الغربية، ومنع لبس العمامة، كإعلان لحقبة جديدة ستعيشها دولة الخلافة بعد أن أصبحت جمهورية.



هذا الإعلان رُتب له لسنوات في كيان وعقل مؤسس الجمهورية، ولعل من كشف عن هذه النوايا رفيقه وصديق الكفاح، مظهر موفيت بك، في أرضروم ليلة 7/8 تموز/ يوليو 1919، حين أسر له بأن تركيا الجديدة لن يكون فيها خلافة وأنه سيمنع الحجاب، وسيرتدي فيها الرجال القبعة بدلا من الطربوش أو العمامة، وستكتب كلماتها باللاتينية، وسيتم "إصلاح" الدين!

وهذا ما حدث تدريجيا حتى قنن ما حلم به مصطفى كمال باشا وأصبحت مؤسسات الدولة تحمي الحلم بعد أن أصبح واقعاً. يحكي فخر الدين ألتاي في كتابه "10 سنوات من الحرب وما بعدها" أن الرئيس عصمت باشا عند عودته من إزمير في 22 تشرين الأول/ أكتوبر، سأل مستقبليه عن موقف المتعصبين من القبعات، وعندما أجابوا بأنهم خجولون ويقبلون بشكل لا إرادي، رد عصمت باشا: "إنه من الضروري الحفاظ على هذا الضيق حتى تتغير الأجيال".

هكذا كانت العلمانية الكمالية تفرض على الشعب التركي فرضاً، وهو ما ترك ندبة كبيرة في المجتمع التركي لا تزال واضحة وعميقة يضغط عليها من أراد تحريك المجتمع، ويلعب عليها طالبو العودة للماضي أو تهميش من يقودون الحاضر، فيبحثون في إمكانية إقصائهم مستندين على إرث يراد له أن تعاد صياغته وفهمه.

منذ وصول حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم وهو يأخذ على عاتقه التعليم كأولوية في مشروعه الحضاري لبناء جمهورية جديدة، إذ يرى الحزب أن التعليم هو المفتاح لتطوير الاقتصاد والمجتمع في تركيا، لذا فقد نفذ عدداً من البرامج والسياسات لتحسين الوصول إلى التعليم ورفع مستوى جودته. ويرى المعارضون للحزب أنه اتخذ التعليم وسيلة لتدمير المبادئ العلمانية التي رسخها أتاتورك في جمهوريته المؤسسة قبل مئة عام، فيما يرى أردوغان أن حزبه يقدم رؤية أخرى لعلمانية المؤسس أكثر تكاملية وتعايشا بين أفراد المجتمع المختلفة ميوله وتوجهاته.

فتمكين النساء المحجبات في كل مؤسسات الدولة للوصول لخدماتهن أو الالتحاق ككادر في دولاب عملها إنما هو حق أصيل لمواطن اختار هويته التي لا تخالف المبادئ العلمانية المبنية على الحرية والانفتاح، واختيار الأب لابنه نظاماً تعليمياً خاصاً فهو من صلب العلمانية التي تنادي بالحرية، وممارسة الشعائر الدينية في العلن لا يضر العلمانية من وجهة نظر العدالة والتنمية. ففي مقابلة له في برنامج "المقابلة" مع الإعلامي علي الظفيري على قناة الجزيرة في عام 2016، عرّف الرئيس التركي ومؤسس حزب العدالة والتنمية؛ العلمانية من وجهة نظر حزبه على أنها "معيشة كل المجموعات الدينية والفكرية بالطريقة التي يريدونها، والتعبير عن أفكارهم كما يؤمنون بها، وقيام الدولة بتأمين كل المعتقدات".

وفيما يبدو أن أردوغان وحزبه حققا نجاحاً كبيراً في تغيير هذه النظرة التفسيرية الأحادية البعد، والتي أُسس لها على مدى مئة عام، وحمتها الدولة بمؤسساتها الناعمة كالإعلام والتعليم، أو الخشنة كالشرطة والجيش، بأن تقضي المحكمة في حكم تاريخي بأحقية الدولة تعيين أئمة في المدارس والجامعات كمرشدين معنويين للطلاب، ما يعني إعلانا حقيقيا للجمهورية الثانية التي عمل عليها العدالة والتنمية في الأعوام الواحد والعشرين الماضية وانتصرت لها مؤسسات الدولة من غير إجبار ولا تخويف ولا تضييق، بل من الضروري أن تزيد مساحة الحرية لا الضيق، كما قال عصمت باشا، حتى تتغير الأجيال.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العلمانية تركيا العدالة والتنمية التعليم أردوغان تركيا أردوغان العدالة والتنمية العلمانية التعليم مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدالة والتنمیة

إقرأ أيضاً:

الدبيبة: حكومتي تولي اهتماما كبيرا لتحقيق العدالة الاجتماعية

التقى عبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، اليوم الأحد، بديوان رئاسة الوزراء في طرابلس، وفدًا من أعيان ومشايخ الأمازيغ، لمناقشة عدد من الملفات السياسية والخدمية والاجتماعية.

وبحسب بيان حكومة الوحدة، فإن الدبيبة رحب بالوفد الأمازيغي، مشيدًا بدورهم الوطني من أجل الحفاظ على النسيج الاجتماعي الليبي، وتأكيده الدائم على وحدة ليبيا وأمنها واستقرارها، ودعم مسار بناء الدولة.

وأكد الدبيبة، أن التنوع الثقافي واللغوي يشكل مصدر قوة وغنى للمجتمع الليبي، داعيًا إلى ضرورة صون حقوق جميع المكونات وضمان مشاركتها الفاعلة في بناء الدولة، علي حد تعبيره.

وأوضح أن الحكومة تولي اهتماما كبيرا من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية بما يكفل حقوق جميع الليبيين، وفقا لقوله.

 

مقالات مشابهة

  • وفاة أحمد الحضراتي باشا أمزميز السابق بعد صراع مع المرض
  • مستقبل وطن: موافقة البرلمان على زيادات الأجور خطوة جديدة نحو العدالة الاجتماعية
  • متحدث العدالة والتنمية: إعادة انتخاب أردوغان أولويتنا القصوى
  • هل بدأت الاستعدادات لما بعد أردوغان داخل العدالة والتنمية؟
  • هل هذه هي الفترة الرئاسية الأخيرة لأردوغان؟.. تصريح لافت من حزب العدالة والتنمية
  • صحفية: تغيير استراتيجي في خطط حزب العدالة والتنمية!
  • داود أوغلو يثير الجدل: حزب العدالة والتنمية خسر بغيابي عنه
  • حزب العدالة والتنمية التركي يأمل في إعادة انتخاب أردوغان لولاية رئاسية جديدة
  • الدبيبة: حكومتي تولي اهتماما كبيرا لتحقيق العدالة الاجتماعية
  • إمام أوغلو يطالب بالإفراج عن الشباب المعتقلين قبيل عيد الأضحى