يمانيون / مقال / خلود همدان
في موسم الحج، تتجه قلوب الملايين نحو مكة، تُرفع الأكف وتُسكب الدموع، وتعلو الأصوات بالتلبية: “لبيك اللهم لبيك”، حيث يتساوى الناس في الرداء، ويجتمعون على طاعة واحدة. مشهد تتجلى فيه عظمة الإسلام ووحدة الأمة، وكأن الأرواح تجتمع على صعيد الطهر وتُحلّق في سماء واحدة، متجردة من الأوطان واللغات والألوان.
لكن هناك في غزة، قلوبٌ ترتجف تحت القصف، وأكفٌ مرفوعة لا رجاء فيها إلا رحمة الله، حيث تتساقط القنابل بدل قطرات زمزم، وتُقطع نداءات التلبية بصراخ الأمهات ونحيب الثكالى. في اللحظة ذاتها التي يركع فيها الحاج طواعية أمام الله، تُجبر أجساد الغزيين على السجود تحت ركام منازلهم، لا فرق بين مُصلٍ وطفل نائم، كلهم أهداف في مرمى الظلم.
في خيام النزوح ومدارس الإيواء، يؤدّي أطفال غزة مناسك رمزية، يطوفون حول مجسم للكعبة من الورق والكرتون، يردّدون “لبيك اللهم لبيك” بأصوات لا تصل الحرم، لكن تصل السماء. لا يحملون سجادًا ولا مسبحة، فقط قلوبًا مكلومة، تتعلق بالله لأن الأرض خذلتهم، والناس انشغلوا عنهم باللباس الأبيض والماء المبارك.
مشهد الحج، الذي يفترض أن يكون تتويجًا للوحدة، يتحول في وجدان الغزّي إلى وجع مضاعف، حين يرى الأمة ترفع صوتها بالتكبير، لكنها تصمت حين تُدكّ منازل غزة وتُحاصر معابرها. كيف لتلبيةٍ لا يُستجاب فيها لنداء المسرى أن تكون صادقة؟ كيف تُعلن البراءة من الشرك، بينما نغرق في صمتنا عن شرك التخاذل؟
الحج ليس طقوسًا فحسب، بل هو مدرسة للتجرد من الذات والهوى، تجديدٌ للعهد مع الله ووعدٌ بأن نكون من أنصار المستضعفين. وما قيمة الحج إذا خرجنا منه دون أن نحمل همّ الأمة؟ دون أن نشعر أن طفل غزة هو طفلنا، وأن المسجى على تراب فلسطين هو أخ لنا في الدين والدم؟
لبيك يا الله نرددها في مكة، ويهمس بها أهل غزة في الظلام، وفي كل ركن من أركان الشقاء. فهل آن للعالم الإسلامي أن يدرك أن نداء الحرم لا يكتمل إلا بنداء القدس، وأن من يبتغي وجه الله عليه ألا يصم أذنه عن صرخات الجياع والمحاصرين؟
إن لبيك الحقيقية ليست نداءً موسميًا، بل التزامٌ دائم، مسؤولية تُترجم في المواقف لا فقط في الشعارات. مادامت القدس تئن، وغزة تُدمّر، فكل من صمت أو اكتفى بالبكاء، قد خذل التلبية.
وإن التاريخ لن سيسجّل كم صعدنا جبل عرفات، بل كم مرة نزلنا إلى ميادين الحق.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
لبيك اللهم لبيك.. ماذا يقول الله للملائكة في يوم عرفة؟ اغتنوا هذه المكاقآت
ماذا يقول الله في يوم عرفة؟ يوم عرفة كله عظيم ويبدأ من الفجر التاسع من ذي الحجة وينتهي يوم عرفة بغروب شمس اليوم التاسع من ذي الحجة، وذكر العلماء أن فضل يوم عرفة عظيم وأقسم الله -سبحانه- به مبيّناً فضل يوم عرفة وعلوّ منزلته، وإنّ أفضل لحظاته على الإطلاق هي عشيّة ذلك اليوم المبارك يوم عرفة ، إذ يتنزّل الله -تعالى- إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله وعلوّه، يقترب من عباده وينظر في سؤالهم وحاجاتهم، ويشهد تقرّبهم وتذلّلهم إليه، ويباهي بهم ملائكته، يقول -صلى الله عليه وسلم-: «وإنَّهُ ليدنو عزَّ وجلَّ، ثمَّ يباهي بِهِمُ الملائِكَةَ، فيقولُ: ما أرادَ هؤلاءِ».
أحاديث فضل يوم عرفةوردت أحادث عن فضائل يوم عرفة، وروى مسلم عَنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ (مسلم حديث: 1348).
أحاديث يوم عرفةثبت حديث صيام يوم عرفة أن صيامه يُكفّر الله به سنتَينِ، قال صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ» (أخرجه مسلم في صحيحه: 1162)
وهناك حديث روي عن فضائل يوم عرفة يؤكد أنه يوم عيد، ويوم أكمل الله فيه الدين، وأتمَّ النعمة، ورضِيَ لنا الإسلام دينًا، فعن طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِعُمَرَ: «إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً؛ لَوْ أُنْزِلَتْ فِينَا لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيداً! فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّى لأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْـ، وَأَىَّ يَوْمٍ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ أُنْزِلَتْ:أُنْزِلَتْ بِعَرَفَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ.قَالَ سُفْيَانُ: أَشُكُّ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ أَمْ لاَ. يَعْنِى «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى» (أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما).
أحاديث عن فضائل يوم عرفةومن فضائل يوم عرفة أنه اليوم المشهود الذي أقسم به الله تعالى في مطلع سورة البروج، ولا يُقسم الله تعالى إلا بعظيمٍ: عن أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ،وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ؛ وَمَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَلاَ غَرَبَتْ عَلَى يَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْهُ؛ فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يَدْعُو اللَّهَ بِخَيْرٍ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ، وَلاَ يَسْتَعِيذُ مِنْ شَرٍّ إِلاَّ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْهُ» (أخرجه الترمذي).
ومن فضائل يوم عرفة أنه يوم المباهاة: يُباهي اللهُ فيها الملائكةَ بالحجيج؛ ويهبط فيه إلى السماء الدنيا ويدنو؛ سبحانه وتعالى: قال صلى الله عليه وسلم: «وأما وقوفك عشية عرفة؛ فإن الله يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة ، يقول: عبادي جاؤني شعثا من كل فج عميق، يرجون جنتي، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل، أو كقطر المطر، أو كزبد البحر ؛ لغفرتها . أفيضوا عبادي مغفورًا لكم ، ولمَن شفعتم له» الراوي: عبدالله بن عمر، المصدر: صحيح الترغيب.
ومن فضائل يوم عرفة: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْداً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَة»، فعن السيدة عَائِشَة -رضي الله عنه- أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْداً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ». أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (1348)كشف عنها النبي .. معجزة إلهية تحدث بمكة اليوم في يوم عرفة 2025
أفضل سورة تقرأ في يوم عرفة 2025.. رددها الآن تفتح لك كنوز الدنيا والآخرة
4 فئات لا يقبل منهم صيام يوم عرفة .. احذروا وسارعوا في التوبة الآن
دعاء يوم عرفة .. أفضل 17 كلمة نبوية جامعة للخيرات و310 أدعية تحقق الأمنيات
3 ذنوب لا يكفرها صيام يوم عرفة .. هؤلاء لا يغفر الله لهم معاصي سنتين
مؤنسات الحرم المكي من هن وسبب التسمية.. ولماذا يتشح صحن الطواف بالسواد يوم عرفة؟
خير أيام الدنيا يوم عرفة، والله تعالى يباهي بالحجاج الملائكة عند وقوفهم بعرفات.
وروت السيدة عَائِشَةُ -رضي الله عنها- إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ اشْهَدُوا مَلاَئِكَتِي أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ». رواه مسلم (1348)، والنسائي وابن ماجه.
حكم التلبية الجماعيةأكد الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الأيام العشرة الأوائل من ذي الحجة هي أيام نفحات لحجاج بيت الله الحرام ولغيرهم، مشيرًا إلى أن مشاركة الحجاج بترديد التلبية هو ذكر مُحبب في هذه الأيام.
وأوضح «عويضة»، لـ«صدى البلد»، أن التلبية هي نوع من أنواع الذكر، سواء بترديد «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، أو بالتكبير ونحوه من صيغ الذكر الأخرى، هو أمر مطلوب في هذه الأيام المُشرفة.
وقال إن الذكر بكل صيغه وقراءة القرآن، مطلوب ومُحبب في كل وقت، خاصة في هذه الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، لأنها هي أيام ذكر وطاعة، وعلى المُسلم أن يغتنم فضلها ويُجرى ذكر الله والتكبير على لسانه.
معنى التلبيةوبيّن الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن هذه التلبية تعني "أستجيب لك يا رب"، فكأن القائم بالنُسُك يقول لله تعالى ها أنا ذا استجبت لك، وسميت هكذا لكي تعبر عن تكرار الاستجابة.
حكم التلبيةونوه الشيخ أحمد ممدوح، بأن هناك خلافًا بين العلماء حول ما إذا كانت التلبية في الحج واجبة أم سُنة، فمنهم من رأي وجوبها وذهب الجمهور إلى أنها سُنة.
وألمح «ممدوح» إلى أنه إذا اكتفى القائم بالنُسُك بالنية القلبية، فهذا واف، فيما إذا ضم إليها التلبية فهذا أفضل، مشيرًا إلى أن عكس ذلك، أي أنه لبى ولم ينو، فلا ينعقد الإحرام بتلبية دون نية، لأن الإحرام قصد ونية، أما التلبية فهي أمر زائد مقدم على النية.
وأفاد الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأنه يستحب للمحرم أثناء الحج أن يلبي قائمًا وقاعدًا وراكبًا على جميع أحواله، مؤكدًا أن الحائض والجنب لا يمنعان من التلبية.
ولفت ممدوح إلى أن ألفاظ التلبية وردت في الذي روي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ».
وأبان بأن قول «لَبَّيْكَ» هُوَ لَفْظ مُثَنًّى عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَالَ يُونُس: "هُوَ اِسْم مُفْرَد وَأَلِفُهُ إِنَّمَا اِنْقَلَبَتْ يَاء لاتِّصَالِهَا بِالضَّمِيرِ كَلَدَيَّ وَعَلَيَّ. وَرُدَّ بِأَنَّهَا قُلِبَتْ يَاء مَعَ الْمُظْهَر. وَعَنْ الْفَرَّاء: هُوَ مَنْصُوب عَلَى الْمَصْدَر، وَأَصْله لَبًّا لَك فَثُنِّيَ عَلَى التَّأْكِيد أَيْ إِلْبَابًا بَعْدَ إِلْبَاب، وَهَذِهِ التَّثْنِيَة لَيْسَتْ حَقِيقِيَّة بَلْ هِيَ لِلتَّكْثِيرِ أَوْ الْمُبَالَغَة".
رفع الصوت بالتلبيةونبه الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، على أن أفضل أنواع الحج ما اشتمل على رفع الصوت بالتلبية وإراقة دماء الهدي.
واستدل «الجندي» بما روي عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سُئِلَ: أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: الْعَجُّ وَالثَّجُّ»، موضحًا أن المقصود بـ«العج»: هو رفع الصوت بالتلبية باعتدال، أما «الثج» فإسالة دماء الهدايا -الذبائح-، وقال تعالى: «وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا» أي سيالًا.
3 أخطاء في التلبيةكشف الدكتور محمد الشحات الجندي، عن أن هناك أخطاءً في التلبية يقع فيها الحاج، ومنها ترك التلبية، أو خفض الصوت بها، وهذا خلاف السنة، بل السنة أن يرفع الرجال أصواتهم، وتخفضها النساء؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية» رواه أبو داود.
وذكر أن بعض الحجاج يقول: «اللهم إني أريد العمرة -أو الحج- وهذا خطأ، والصواب أن يقول: لبيك حجًا وعمرة إذا كان قارنًا، أو يقول: لبيك عمرة إذا كان متمتعًا أو معتمرًا فحسب، أو يقول: ليبك حجًا إذا كان مفردًا».
وشدد على أن بعض الحجاج يقول التلبية بعدم التدبر في معناها، موضحًا: «فإنها تحمل معنى الاستجابة لأمر الله والانقياد له، والإقبال عليه رغبة ورهبة، فالواجب التفكر في معاني ألفاظها حتى تخرج خالصة من القلب».
خير الدعاء في ليلة عرفة، وأفضل ذكر يردده المسلم في هذه الليلة «لا إله إلا الله وحـده لا شـريك له له الـملك وله الحـمد وهـو على كل شـيء قـدير».
وروي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
وصوم يوم عرفة رفعة في الدرجات، وتكثير للحسنات، وتكفير للسيئات، مستشهدة بما رَوَى أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». أخرجه مسلم.
«40 كلمة» رددها النبي يوم عرفةقال الدكتور علي جمعة، مُفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إنه ورد في السُنة النبوية الشريفة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان له دعاء يُكثر منه يوم عرفة في الموقف.
واستند «جمعة» عبر موقع التواصل الاجتماعي، إلى ما روي عن عليّ رضى الله عنه قَالَ: أَكْثَرُ دعاءِ النبيّ يوم عَرَفَةَ فِي الْمَوْقِفِ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَالَّذِي نَقُولُ، وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ، اللَّهُمَّ لَكَ صَلاَتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتِي، وَإِلَيْكَ مَآلِي، وَلَكَ رَبِّ تُرَاثِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبر، وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ، وَشَتَاتِ الأَمر؛ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ».
ما يستحب فعلهوأكد عضو هيئة كبار العلماء، أن الأذكار والدعوات المستحبّات بعرفات وردت في قول النبيّ (صلى الله عليه وسلم): «خَيْرُ الدُّعاءِ يَوْمَ عَرَفَة، وَخَيْرُ ما قُلْتُ أنا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ علىٰ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
ورغب المفتي السابق، في الإِكثارُ من هذا الذكر والدعاء، والاجتهاد في ذلك، مؤكدًا أن يوم عرفة أفضلُ أيام السنة للدعاء، وهو مُعظم الحج «وهو معظم الحج قال ابن علاّن: أي الوقوف بعَرَفَة معظم الحج؛ إذ بإدراكه يُدرك الحج، وبفواته يفوت، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «الحج عَرَفَة». قيل: وهو أفضل أركانه لتوقفه عليه، ولما فيه من الفضل العظيم والشرف العميم»، ومقصودُه والمعوّل عليه.
ونصح الدكتور علي جمعة، بأنه ينبغي أن يستفرغَ الإِنسانُ وُسعَه في الذكر والدعاء وفي قراءة القرآن، وأن يدعوَ بأنواع الأدعية، ويأتي بأنواع الأذكار، ويدعو لنفسه ويذكر في كلّ مكان، ويدعو منفردًا ومع جماعة، ويدعو لنفسه ووالديه، وأقاربه، ومشايخه، وأصحابه، وأصدقائه، وأحبابه، وسائر مَن أحسن إليه وجميع المسلمين.
وحذر من التقصير في ذلك كله، فإن هذا اليوم لا يمكن تداركه، بخلاف غيره. ولا يتكلَّفُ السجعَ في الدعاء، فإنّه يُشغل القلبَ ويُذهبُ الانكسار والخضوعَ والافتقار والمسكنة والذلّة والخشوع، ولا بأس بأن يدعو بدعواتٍ محفوظة معه له أو غيره مسجوعة إذا لم يشتغل بتكلّف ترتيبها ومراعاة إعرابها.
حكم رفع الصوت بالدعاءأفتى الدكتور علي جمعة، بأن السُّنّة أن يخفضَ صوته بالدعاء، ويكثر من الاستغفار والتلفّظ بالتوبة من جميع المخالفات مع الاعتقاد بالقلب ويلحّ في الدعاء ويكرّره، ولا يستبطئ الإِجابة، ويفتح دعاءه ويختمه بالحمد للّه تعالىٰ والثناء عليه سبحانه وتعالىٰ، والصلاة والتسليم علىٰ رسول اله (صلى الله عليه وسلم)، وليختمه بذلك وليحرص علىٰ أن يكون مستقبلا الكعبة وعلىٰ طهارة.
وشدد على أنه يُستحبّ الإِكثار من التلبية فيما بين ذلك، ومن الصَّلاة والسلام علىٰ رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأن يُكثِرَ من البكاء مع الذكر والدعاء، فهنالك تُسكبُ العَبَرات، وتُستقال العثرات، وترتجىٰ الطلبات، وإنه لموقفٌ عظيم ومَجمع جليل، يجتمعُ فيه خيار عباد اللّه المخلصين، وهو أعظم مجامع الدنيا.
أدعية مختارةوقدم الدكتور علي جمعة، أدعية مختارة ليوم عرفة منها: «اللَّهُمَّ آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذَابَ النَّارِ»، «اللَّهُمَّ إني ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أنْتَ، فاغْفرْ لي مَغْفِرَةً مِنْ عندِكَ، وَارْحَمْنِي إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ» «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي مَغْفِرَةً تُصْلِحْ بِها شأني فِي الدَّارَيْنِ، وارْحَمْنِي أسْعَدُ بِهَا في الدَّارَيْنِ، وَتُبْ عليَّ تَوْبَةً نَصُوحًا لا أنْكُثها أبَدًا، وألْزِمْنِي الاسْتِقَامَةِ لا أَزيغُ عَنْها أبَدًا».
"اللَّهُمَّ انْقُلْنِي مِنْ ذُلِّ المَعْصِيَةِ إلىٰ عِزَّ الطَّاعَةِ، وأغْنِنِي بحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِطاعَتِكَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّن سِوَاكَ"، "وَنَوِّرْ قَلْبِي وَقَبْرِي وأعِذْنِي مِنَ الشَّرَّ كُلِّهِ، واجْمَعْ لي الخَيْرَ كُلَّهُ".