يحرص العُمانيون على التمسك بمظاهر العيد التي هي إرث عُماني يعزز الروابط الاجتماعية ويعمقها في نفوس النشء، ورغم التقدم التكنولوجي الهائل، إلا أن العادات والتقاليد في العيد لا تزال حاضرة في مختلف الولايات والمحافظات، وبالعودة إلى أرشيف جريدة "عمان" وتحديدا إلى عام 1980، حيث نرصد مظاهر عيد الأضحى المبارك، نتفق مع الكاتب والصحفي الكبير حمود السيابي، الذي رصد مظاهر العيد قبل 44 عاما على "أن العيد في سلطنة عُمان له مذاقه الخاص ونكهته المميزة، فهو إلى جانب ما تحمله المناسبة المباركة من عظات ومغازٍ اجتماعية وإنسانية نبيلة، فهو تظاهرة فنية رائعة، فيه يبرز الفلكلور الشعبي العُماني كفن أصيل يتحدث عن حضارات مزدهرة راقية"، ولا تزال الفنون الشعبية حاضرة في مختلف المحافظات وتعتبر جزءا مهما من مظاهر العيد وتعكس التراث الثقافي الأصيل وتضفي طابعا فريدا على العيد من خلال تعدد الفنون واختلافها من محافظة إلى أخرى.

"أسواق الحلقة"

يصف حمود السيابي أسواق الحلقة بأنها "امتداد للأسواق العربية القديمة كسوق "عكاظ" الشهير، إلا أن الظروف جردت السوق من بعض الظواهر المتوفرة قديما كالمصارعة والمساجلة الشعرية والندوات الأدبية وأبقت على بعضها الآخر بل واكتسبت ظواهر جديدة أيضا، وتعتبر الأسواق هذه ظاهرة تقليدية تمتاز بها عُمان دون سائر البلاد العربية، وتبدأ مع تباشير الصباح، حيث تخرج الأسر العُمانية وقد اتخذت كامل زينتها، وفي أسواق "الحلقة" يتحلق الصغار أمام باعة اللعب والحلويات، في حين تتجمع النساء لشراء حاجياتهن للعيد، في حين ينهمك الرجال في البحث عن غنمة أو بقرة أو جدي ليضحي به صبيحة العيد"، ولا تزال الهبطات حاضرة وتمثل باكورة احتفالات عيد الأضحى المبارك وكذلك عيد الفطر السعيد، وتقام حتى الآن على مساحات مفتوحة من الأراضي أو تحت ظلال أشجار النخيل والمانجو والغاف أو بالقرب من القلاع والحصون، وتشهد إقبالًا كبيرًا من مختلف فئات المجتمع العمرية، وتعد هبطات نزوى والرستاق وسناو وعبري، من أكبر الهبطات التي تشهد إقبالًا كبيرًا من عدة محافظات استعدادًا للعيد، وربما قديما كانت كافة مستلزمات العيد تصنع محليا وينتجها الصائغ والنساج والمزارع والفخار وحرفيّ المنتجات السعفية، وهو ما تفتقده الهبطات حاليا.

"سيدة الأطباق"

المطبخ العُماني غني بوجباته المعقدة التحضير في العيد، كما يصفه حمود السيابي، الذي أضاف: "يبيت الناس ليلتهم في الإعداد للطبق الأول للعيد وهو ما يطلق عليه اسم "العرسية" وهي تحضر من الرز واللحم، حيث يطبخ اللحم في طنجرة كبيرة إلى أن ينضج ثم يوضع عليه الرز والهيل وماء الورد ويستمر الغليان إلى أن تتداخل حبيبات الرز باللحم مكونة عجينة بيضاء وذلك بعد أن تعجن بعضا غليظة عدة مرات"، وتمثل "العرسية" سيدة الأطباق في أول أيام العيد، إذ تختلف طرق التحضير من محافظة إلى أخرى، كما يدخل السمك أو الدجاج عوضا عن اللحوم في وجبة العرسية.

جموع المصلين

لا تزال مواكب المصلين من العادات الحاضرة في العديد من الولايات صبيحة أول أيام العيد، ويقول عنها حمود السيابي قبل نحو 44 عاما: "الذهاب إلى الصلاة تتبع فيه مراسم خاصة، حيث يتوجه المصلون في موكب كبير يتقدمه وجهاء وأعيان المدن وشيوخها ويتولى أشخاص يحملون سيوفا مسلولة تنظيم صفوفهم، بينما ترتفع الأهازيج الشعبية المصحوبة بدقات الطبل وصيحات البرغوم، ولدى وصول المصلين الحصن في بعض الولايات تطلق طلقة مدفع ثم يصطحب الوالي المصلين إلى مكان الصلاة، وبانتهاء الصلاة يعود المصلون إلى منازلهم، حيث يقومون بنحر الذبائح"، ويلي ذلك تحضير المقلاي وهو طبق ثاني أيام العيد، ويخصص عصر ذلك لحضور "العزوة" وهو عبارة عن مهرجان فرح يشارك فيه الكبار والصغار، وهو من العادات التي لا تزال حاضرة في بعض الولايات وانقرضت من بعضها، مما يستدعي أهمية إحيائها للمحافظة على خصوصية العيد في سلطنة عُمان وتفردها عن غيرها من الدول بقيمها الأصيلة.

"وجبة الشواء"

يلاحظ القارئ أن مظاهر العيد في الثمانينيات تمر بتسلسل فريد في الأطباق حسب أيام العيد، بدءا بالعرسية في أول أيام العيد، ثم المقلاي في ثاني أيام العيد، يليه الشواء في ثالث أيام العيد، ثم المشاكيك في رابع أيام العيد، ورغم أن هذه الوجبات حاضرة إلى اليوم، إلا أن الاختلاف يكمن في الترتيب بين ولاية وأخرى.

ويصف حمود السيابي لحظات استخراج الشواء إذ يقول: "تصاحب افتتاح التنور مهرجانات وأهازيج، حيث يتحلق الصبية ويصرخون: (شوانا نضيج وشواكم نيّ) وذلك لإغاظة أصحب التنور المجاور ولإسماع الناس بضرورة التوجه لإحضار الشواء، ويؤكل الشواء مع الرز الأبيض، والسلطة ونادرا ما يحصل أن ظهر الشواء نيئا، وإذا حصل ذلك، فإن أصحاب ذلك التنور يكونون مدعاة للخجل والغضب والتعليقات الجارحة".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مظاهر العید أیام العید العید فی حاضرة فی

إقرأ أيضاً:

ميرتس: لا توجد مساعدات إضافية لأوكرانيا في عام 2026

قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إنه لا توجد مساعدات إضافية متوقعة لأوكرانيا لعام 2026 سوى مبلغ 15 مليار يورو المتفق عليه في الميزانية الألمانية وضمانات الأصول الروسية.

روسيا تحذّر أوروبا من "رد حازم" في حال مصادرة أصولها المجمدة روسيا تعتبر القوات البريطانية في أوكرانيا أهدافًا مشروعة..ما القصة ؟


وأضاف ميرتس، في مؤتمر صحفي مشترك مع أمين عام الناتو مارك روته: "الالتزامات التي قدمناها بالفعل في الميزانية الفيدرالية لعام 2026 لا تزال سارية المفعول - سندعم أوكرانيا العام المقبل بمبلغ يقارب 15 مليار يورو. لقد رصدنا أيضا مساعدات طارئة إضافية، ولكن كل هذا قد تمت الموافقة عليه بالفعل في ميزانية عام 2026. ولا يوجد أي مدفوعات إضافية من ألمانيا. الأمر الوحيد الذي يمكن تصوره هو الضمانات التي سيتوجب علينا تقديمها فيما يتعلق باستخدام الأصول الروسية".
وفي الوقت نفسه، أشار ميرتس إلى أن أوكرانيا تتلقى حاليا فقط التمويل للربع الأول من عام 2026، لذا ستكون هناك حاجة إلى أموال إضافية.
في الثالث من ديسمبر، أقر البرلمان الأوكراني ميزانية البلاد لعام 2026 بعجز قدره 1.9 تريليون هريفنيا (45 مليار دولار أمريكي). وكان النائب دميترو رازومكوف قد صرّح سابقاً بأن مسودة ميزانية أوكرانيا لعام 2026 لا تزال حبراً على ورق، وأن الأموال، بما فيها رواتب العسكريين والأسلحة، قد لا تكفي وتنفد بحلول فبرايرالمقبل.
 

مقالات مشابهة

  • تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. أمير الرياض يحضر الحفل الختامي للعرض الدولي الثامن لجمال الخيل العربية الأصيلة
  • تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. أمير منطقة الرياض يحضر الحفل الختامي للعرض الدولي الثامن لجمال الخيل العربية الأصيلة
  • غزة حاضرة في اجتماع الرئيس عباس مع رئيسة وزراء إيطاليا
  • ماراثون مصر الخير بالأقصر.. احتفالات العيد القومي تتجمل بروح التطوع
  • الدفاع الروسية: تدمير 17 مسيرة أوكرانية
  • ميرتس: لا توجد مساعدات إضافية لأوكرانيا في عام 2026
  • FP: جماعة الإخوان لا تزال غير إرهابية وحظرها سيعزز قمع أنظمة المنطقة
  • الدكتور محمد ورداني: الشخصية السوية لا تقوم على مظاهر سطحية
  • عاجل|المبعوث الأميركي توم براك: الولايات المتحدة لا تزال ترى دورا للجيش التركي على الأرض في غزة
  • الأمم المتحدة: غزة لا تزال مكانا للخوف والسودان بات مكاناً للعنف