لجريدة عمان:
2025-07-30@14:11:08 GMT

لا «جدال» في الوطن

تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT

لا «جدال» في الوطن

تُبنى الدول الناجحة على «جدل» الأفكار لا على «الجدال» حولها، وتنهض المجتمعات الحرة على تنوع الآراء والحوار المسؤول. لكن ما لا يُقال كثيرا هو أن الخلاف، حين يتجاوز حدوده، يمكن أن يصبح خطرا على ما هو أعمق من أي فكرة أخرى، وهو المشترَك الوطني ذاته.

في خطبة عيد الأضحى في جامع السلطان قابوس بنزوى الجمعة الماضية برزت عبارة قصيرة ولكنها تستحق أن تُؤطَّر في نقاش عالمي أوسع: «لا جدال في الوطن».

لا تحمل هذه العبارة دعوة لإنهاء النقاش العام في مجتمعاتنا ولكنها تؤطره وتذكرنا بأن النقاش المفتوح، إن لم يُضبط، قد يتحوّل إلى معارك لا تهدأ، تُستنزف فيها ثوابت الوطن وتُمزّق مشتركاته.

ما تعنيه العبارة، في جوهرها، هو أن النقاش البنّاء لا يُعادِ الأوطان ولكنه يصونها من النزاعات، أو من تحويل «الجدال» إلى مادة لكسر هيبة الأوطان وتقويض شرعياتها. ولا يخفى على أحد ما يحدث اليوم من استقطابات لم تسلم منها حتى أعرق الديمقراطيات في العالم.

لقد وضعت الخطبة معادلة دقيقة وفق رؤية إنسانية تتمثل في أن الأمان شرط مسبق لأي تنمية ممكنة. وفي الحقيقة فإن هذا الأمر ليس اكتشافا جديدا ولكنه خلاصة مئات الدراسات في علم الاقتصاد السياسي وهو، كذلك، نتاج تجارب مئات المجتمعات عبر التاريخ، حيث لا استثمار دون استقرار، ولا إصلاح دون ثقة، ولا إنتاج دون أرضية من السكينة.

لكن أكثر ما يميز هذه الرؤية هو أنها ترى في الولاء فعلا مستمرا يتجاوز مجرد الشعور العابر: فالنية تتحرك، واليد تبني، والجيل الواعي يؤمّن خلف قيادة واعية تملك بوصلة واضحة ومقنعة.. إنها منطقة التقاء واع على مشروع مشترك.

ومن المهم هنا التمييز بين «الجدل» و«الجدال»، فالجدل هو النقاش العقلي الرصين الذي يُبنى على الحجة والمعرفة ويهدف إلى توسيع الأفق وبناء الوعي. أما الجدال، فهو مراء عقيم يُغرق الحوار في التفاصيل، وينقله من النقاش إلى الخصومة. والمجتمعات التي لا تفرّق بين الاثنين، تُخاطر بأن تفقد المسافة الفاصلة بين النقد والمسؤولية، وبين الاختلاف والعداء.

من هنا، فإن الخطر الحقيقي لا يأتي من غياب النقد، بل من فوضى النقد، ومن الاعتقاد أن الفضاء العام يمكن أن يُدار بلا سقف، وبلا توقيت، وبلا وعي سياسي يتفادى تحويل الحوار إلى سلاح يهدم بدل أن يُصلح.

ولا بد من التأكيد أن هذا الطرح لا يدعو إلى الصمت على الإطلاق، بل يؤكد على أهمية قراءة اللحظة وفهم متغيرات العالم ودوافعه ومآلاته، وهناك الكثير من الأوطان التي انهارت أمام أعين العالم ليس بسبب ضيق الخيارات ولكن بسبب اتساع الفوضى.

«لا جدال في الوطن» ليس نفيا للحرية، بل صيانة لها؛ إذ يُعيد ضبط النقاش على أساس الجدل البنّاء لا الجدال الهدّام. وهو لا يعكس موقفا أيديولوجيا، بل يعبر عن جوهر الدولة: أن تقوم على أرضية لا تُعاد مناقشتها كل يوم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

محمد معيط: اتفاق مصر مع صندوق النقد ينتهي في نوفمبر 2026

أكد الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي وممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي، إن اتفاق مصر الحالي مع الصندوق سينتهي في نوفمبر 2026، إذ تتبقى شريحتان للعام المقبل، والشريحة الواحدة تكون في حدود 1.2 مليار دولار تقريبا.

خبير: حركة تنقلات وزارة الداخلية 2025 تحديث شامل للأمن المصريمعيط: دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لصندوق النقد إجراء طبيعي وتقدير للظروف الاستثنائية

وأضاف «محمد معيط»، خلال حواره مع الإعلامي شادي شاش، ببرنامج «ستوديو إكسترا»، المُذاع عبر شاشة «إكسترا نيوز»: “ليس الهدف أن نستمر في البرامج مع صندوق النقد الدولي، فالبرنامج يحدد مستهدفاته ثم ينتهي، وأهم المستهدفات، هي إعادة الاستقرار للاقتصاد الكلي”.

وأوضح أن المواطن يلمس ذلك؛ بأن تكون الأسعار مستقرة في المحلات على فترات زمنية طويلة، وألا يحدث أبدا ما مررنا به في فترة عندما كانت تتغير الأسعار في اليوم الواحد، وهذا يعني السيطرة على التضخم.

وتابع محمد معيط، أن "المواطن يشعر بذلك أيضا؛ من خلال مرونة سعر الصرف، وتحقق هدفها، وأن تكون أسعار الفائدة تشجع على زيادة الإنتاج والاستثمار بعد خفض التضخم، وبالتالي يحدث تدفقا ماليا في شرايين الاقتصاد، وحتى يستطيع المستثمرون زيادة خطوط الإنتاج والحصول على احتياجاتها بتكلفة تمويل معقولة".

وواصل: "المواطن يشعر بذلك أيضا من خلال خفض الدين، مع العلم أن مصر تحقق فائضًا أوليًا للسنة السابعة على التوالي، وهو ما يعني أن إيراداتها أكثر من مصروفاتها، والمشكلة تكمن في أن التضخم رفع أسعار الفائدة، وبالتالي، التكلفة التي نحتاج إلى تخصيصها أصبحت- على سبيل المثال- تبلغ نحو 30% بعد أن كانت 9% أو 10% -مثلا- وهذا شيء صعب جدا لأي شخص يدير موازنة عامة للدولة.

واستطرد: ولكن عندما ينخفض التضخم ويعود لوضعه الطبيعي؛ فإنّ ما كان يوجه لتغطية التضخم وزيادة التكلفة؛ سيتم توجيهه إلى المصادر الطبيعية، وبالتالي، هذا يعدد استقرار الاقتصاد؛ لأن الضخ في الأولويات سيزيد، وستزيد الاستثمارات العامة فيها، مثل الصحة، والتعليم، وخلق فرص العمل، وما إلى ذلك، وكل ذلك يعني أن البرنامج الذي تطبقه أوصلك إلى ما تريد تحقيقه.

طباعة شارك محمد معيط النقد الدولي التضخم أسعار الفائدة

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته للنمو العالمي في السنة الحالية
  • صندوق النقد يرفع توقعاته للنمو العالمي إلى 3% عام 2025
  • صندوق النقد الدولي يكشف عن أسباب تغيير توقعاته لـ الاقتصاد في مصر
  • ثقة دولية في الاقتصاد التركي: صندوق النقد يرفع توقعات النمو!
  • جلسة مرتقبة لمجلس الوزراء.. وموضوع حصرية السلاح أحد أبرز بنود النقاش
  • صندوق النقد: الاقتصاد في مصر ينمو 4% العام الماضي وبنسبة 4.1% خلال 2026/2025
  • لاتزال قيد النقاش.. «الغرف السياحية» ينفي مزاعم إلغاء الحج البري
  • الجوع على مائدة النقاش بقمة الأمم المتحدة للغذاء بأديس أبابا
  • محمد معيط: اتفاق مصر مع صندوق النقد ينتهي في نوفمبر 2026
  • تقديس المدير