لجريدة عمان:
2025-06-12@22:39:14 GMT

لا «جدال» في الوطن

تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT

لا «جدال» في الوطن

تُبنى الدول الناجحة على «جدل» الأفكار لا على «الجدال» حولها، وتنهض المجتمعات الحرة على تنوع الآراء والحوار المسؤول. لكن ما لا يُقال كثيرا هو أن الخلاف، حين يتجاوز حدوده، يمكن أن يصبح خطرا على ما هو أعمق من أي فكرة أخرى، وهو المشترَك الوطني ذاته.

في خطبة عيد الأضحى في جامع السلطان قابوس بنزوى الجمعة الماضية برزت عبارة قصيرة ولكنها تستحق أن تُؤطَّر في نقاش عالمي أوسع: «لا جدال في الوطن».

لا تحمل هذه العبارة دعوة لإنهاء النقاش العام في مجتمعاتنا ولكنها تؤطره وتذكرنا بأن النقاش المفتوح، إن لم يُضبط، قد يتحوّل إلى معارك لا تهدأ، تُستنزف فيها ثوابت الوطن وتُمزّق مشتركاته.

ما تعنيه العبارة، في جوهرها، هو أن النقاش البنّاء لا يُعادِ الأوطان ولكنه يصونها من النزاعات، أو من تحويل «الجدال» إلى مادة لكسر هيبة الأوطان وتقويض شرعياتها. ولا يخفى على أحد ما يحدث اليوم من استقطابات لم تسلم منها حتى أعرق الديمقراطيات في العالم.

لقد وضعت الخطبة معادلة دقيقة وفق رؤية إنسانية تتمثل في أن الأمان شرط مسبق لأي تنمية ممكنة. وفي الحقيقة فإن هذا الأمر ليس اكتشافا جديدا ولكنه خلاصة مئات الدراسات في علم الاقتصاد السياسي وهو، كذلك، نتاج تجارب مئات المجتمعات عبر التاريخ، حيث لا استثمار دون استقرار، ولا إصلاح دون ثقة، ولا إنتاج دون أرضية من السكينة.

لكن أكثر ما يميز هذه الرؤية هو أنها ترى في الولاء فعلا مستمرا يتجاوز مجرد الشعور العابر: فالنية تتحرك، واليد تبني، والجيل الواعي يؤمّن خلف قيادة واعية تملك بوصلة واضحة ومقنعة.. إنها منطقة التقاء واع على مشروع مشترك.

ومن المهم هنا التمييز بين «الجدل» و«الجدال»، فالجدل هو النقاش العقلي الرصين الذي يُبنى على الحجة والمعرفة ويهدف إلى توسيع الأفق وبناء الوعي. أما الجدال، فهو مراء عقيم يُغرق الحوار في التفاصيل، وينقله من النقاش إلى الخصومة. والمجتمعات التي لا تفرّق بين الاثنين، تُخاطر بأن تفقد المسافة الفاصلة بين النقد والمسؤولية، وبين الاختلاف والعداء.

من هنا، فإن الخطر الحقيقي لا يأتي من غياب النقد، بل من فوضى النقد، ومن الاعتقاد أن الفضاء العام يمكن أن يُدار بلا سقف، وبلا توقيت، وبلا وعي سياسي يتفادى تحويل الحوار إلى سلاح يهدم بدل أن يُصلح.

ولا بد من التأكيد أن هذا الطرح لا يدعو إلى الصمت على الإطلاق، بل يؤكد على أهمية قراءة اللحظة وفهم متغيرات العالم ودوافعه ومآلاته، وهناك الكثير من الأوطان التي انهارت أمام أعين العالم ليس بسبب ضيق الخيارات ولكن بسبب اتساع الفوضى.

«لا جدال في الوطن» ليس نفيا للحرية، بل صيانة لها؛ إذ يُعيد ضبط النقاش على أساس الجدل البنّاء لا الجدال الهدّام. وهو لا يعكس موقفا أيديولوجيا، بل يعبر عن جوهر الدولة: أن تقوم على أرضية لا تُعاد مناقشتها كل يوم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أول زيارة لبعثة صندوق النقد إلى سوريا منذ 2009

أجرت بعثة تابعة لصندوق النقد الدولي زيارة استمرت 5 أيام إلى سوريا، هي الأولى منذ عام 2009، بهدف "تقييم الظروف الاقتصادية والمالية" في البلاد عقب الإطاحة بالحكم السابق، وفق ما أعلنته المؤسسة مساء أمس الثلاثاء.

واستغل ممثلو الصندوق المناسبة للتشاور مع السلطات بشأن السياسات الواجب اتباعها وتحديد الإجراءات اللازمة لدعم الحكومة السورية في "صياغة سياساتها الاقتصادية وتنفيذها".

تحديات

ونقل بيان للبعثة عن رئيسها رون فان رودن قوله إن "سوريا تواجه تحديات هائلة بعد نزاع استمر سنوات وخلّف معاناة إنسانية كبيرة وقلّص اقتصادها إلى جزء صغير مما كان عليه سابقا.. الاحتياجات الإنسانية وتلك المتّصلة بإعادة الإعمار كبيرة جدا".

وأقر الصندوق بوجود رغبة لدى السلطات في "استعادة النمو الاقتصادي وتحسين الظروف المعيشية"، لكنه لفت إلى أن ذلك لن يكون ممكنا إلا من خلال "دعم دولي قوي لجهودهم".

وتابع فان رودن: "يتطلّب ذلك دعما ماليا بأفضل الشروط الممكنة ومساعدة كبيرة من أجل زيادة المساعدات الرامية إلى تعزيز المؤسسات الاقتصادية وتحسين الأنظمة والتكنولوجيات المتقادمة".

وسبق أن التقى ممثلون لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي السلطات السورية الجديدة على هامش اجتماعات الربيع التي عقدتها الهيئتان في نهاية مارس/آذار الماضي في واشنطن.

إعلان

وكان الصندوق أشار حينها إلى أنه يتطلع في المقام الأول إلى "إعادة بناء فهمه للاقتصاد السوري، بمساعدة السلطات وبالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية الأخرى".

والشهر الماضي، أعلن البنك الدولي استئناف برامح مساعدة سوريا، بعدما سدّدت السعودية وقطر ديونا مستحقة على الحكومة السورية بنحو 15.5 مليون دولار.

رفع العقوبات

جاء ذاك الإعلان في ختام جولة خليجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن خلالها رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا منذ عام 1979، والتي تم تشديدها على خلفية قمع التظاهرات المناهضة للسلطات اعتبارا منذ عام 2011.

وكان الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا خففوا العقوبات عن سوريا، وأعلن التكتل القاري رفع كل العقوبات الاقتصادية عن البلاد في مايو/أيار الماضي.

ويشمل رفع العقوبات، خصوصا عن النظام المصرفي السوري الذي كان مستبعدا من الأسواق الدولية، بجانب رفع التجميد عن أصول المصرف المركزي.

مقالات مشابهة

  • «الأوطان ليست حفنة من تراب».. موضوع خطبة الجمعة القادم لوزارة الأوقاف
  • نص خطبة الجمعة المقبلة 13 يونيو 2025 بعنوان: «الأوطان ليست حفنة من تراب»
  • ننشر موضوع خطبة الجمعة القادمة بعنوان الأوطان ليست حفنة من تراب
  • أول زيارة لبعثة صندوق النقد إلى سوريا منذ 2009
  • «الأوطان ليست حفنة من تراب».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 13 يونيو 2025
  • الجراح: المنتخب الوطني وتأهله إلى نهائيات كأس العالم… إنجاز أردني بامتياز بفضل القيادة الهاشمية
  • «الاوطان ليست حفنة من تراب».. خطبة الجمعة القادم 13 يونيو لـ وزارة الأوقاف
  • حقيقة لا جدال فيها.. الكرملين: مستعدون لتسليم جثث الأوكرانيين.. وكييف تماطل
  • الهلال.. بين تمثيل الوطن والقيود المجهولة