الجوع على مائدة النقاش بقمة الأمم المتحدة للغذاء بأديس أبابا
تاريخ النشر: 29th, July 2025 GMT
مراسيم الاستقبال في مطار بولي الدولي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا كانت لافتة حتى على الشارع الرئيس الذي يربط المطار بمقرات الإقامة واللجنة الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة.
وبين أعلام الدول والمنظمات كانت قمة الغذاء حاضرة لمكافحة الجوع الناتج بسبب الحروب والنزاعات والتغييرات المناخية.
غوتيريش يندد باستخدام الجوع كسلاحخلال مشاركته بكلمة افتراضية في قمة الأمم المتحدة لأنظمة الغذاء المنعقدة في أديس أبابا، ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بما وصفه بـ"استخدام الجوع كسلاح"، في إشارة مباشرة إلى ما تقوم به إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وسط مشاهد يومية تعكس معاناة شديدة من سوء التغذية والجفاف والموت تحت عدسات المصورين.
غوتيريش أشار إلى أن النزاعات المسلحة في غزة والسودان أدت إلى تفاقم الجوع على نطاق واسع، داعيًا إلى تعزيز الاستثمارات الزراعية كخطوة أساسية لمواجهة التحديات الغذائية المتفاقمة.
من جانبها، طالبت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف إطلاق النار، وضمان عودة المهجرين إلى ديارهم، وفتح الممرات الإنسانية في غزة والسودان، مؤكدة، في تصريحات للجزيرة، أن استمرار هذه الانتهاكات يُعد خرقًا للقوانين الدولية.
الفاو: غزة هي الأسوأالقمة التي تأتي بمشاركة دولية واسعة من رؤساء دول ومنظمات دولية هي الثانية من نوعها منذ العام 2021 حيث عقدت الأولى في نيويورك تحت شعار "بناء نظم غذائية مرنة ومستدامة للقضاء على الجوع".
وتنعقد هذه القمة في وقت يعاني فيه أكثر من مليار شخص حول العالم من الفقر المدقع بسبب البطالة والحروب والصراعات وارتفاع تكلفة المعيشة والكوارث الطبيعية خاصة في المناطق الريفية حيث يعيش أكثر من 80 في المئة من فقراء العالم.
إعلانفي حين يعاني 733 مليون شخص من الجوع حسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أي بمعدل واحد من كل 11 شخصا حول العالم.
ويعتبر قطاع غزة المثال الأسوأ في سجلات المنظمة الأممية وهو ما يشكل تحديا على المستوى العالمي لإيجاد حلول مستدامة من خلال التعاون بين الحكومات والمنظمات العاملة في المجال.
انتشار الجوع بأفريقياالقمة الأولى من نوعها في أفريقيا تهدف إلى مراجعة ما تحقق منذ انعقاد قمة النظم الغذائية العالمية في نيويورك عام 2021، وتقييم مسارات الإصلاح والتحول في السياسات الغذائية.
لكن هذه الأهداف قد لا تتحقق إلا إذا كانت "أفريقيا طرفًا فاعلا في التحولات الدولية المتعلقة بالأمن الغذائي" كما قالت رئيسة وزراء إيطاليا، جورجا ميلوني أمام القمة.
وشدّدت ميلوني على أهمية ضمان الوصول العادل للغذاء إلى الأسواق، وتعزيز الاكتفاء الذاتي وسيادة الغذاء، مؤكدة أن الأمن الغذائي لم يعد قضية إنسانية فحسب، بل بات محورًا سياسيًا واقتصاديًا رئيسيًا في ظل الأزمات العالمية المتلاحقة.
وأوضحت أن التحديات العالمية، كالتضخم والحرب في أوكرانيا، فاقمت الوضع بشكل حاد، مشيرة إلى أن "واحدًا من كل 5 أشخاص في أفريقيا يعاني من الجوع"، مما يستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا لتحقيق التنمية المستدامة واحتواء تداعيات الأزمات.
إصلاح شامل للنظم الغذائيةفي ظل تطلعات المشاركين بأن تُحدث القمة تحولًا جذريًا في النظام الغذائي العالمي، برزت الزراعة كمحور رئيسي في رسم مستقبل البشرية، ضمن خارطة طريق لإصلاح شامل يركز على دعم الإنتاج المحلي، وتشجيع الابتكار، وتنمية الأسواق، ومعالجة آثار النزاعات على حياة الشعوب.
وخلال الجلسة الافتتاحية، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى بناء مستقبل يخلو من الجوع، خاصة لدى الأطفال، مؤكدًا أن هذه القمة يجب أن تؤسس لانطلاقة فعلية في إصلاح النظم الغذائية، من خلال تدريب الأجيال الجديدة، ومكافحة الأمية، وتعزيز سياسات التوريد، وتمكين الاقتصاد القائم على التنوع وفق شروط ميسّرة.
كما سلط الضوء على "مبادرة سلة الغذاء الإثيوبية" التي ترتكز على التنوع الزراعي والثروة السمكية.
وفي السياق ذاته، أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى التحديات الكبرى التي تواجه العالم، وعلى رأسها التغيرات المناخية والنزاعات المسلحة، والتي باتت تُشكل عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق الأمن الغذائي والوصول العادل إلى الغذاء.
وأشاد بقدرة إثيوبيا على تحقيق نتائج ملموسة في الإنتاج المحلي للقمح، مما يسهم في خلق فرص عمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
المزارعون حجر الزاوية في التنميةأجمعت وفود الدول والمنظمات المشاركة في القمة على أن التغير المناخي، والصراعات الجيوسياسية، والاضطرابات الاقتصادية باتت تؤثر بشكل غير مسبوق على النظم الغذائية حول العالم، مما يستدعي استجابة جماعية عاجلة.
وفي هذا السياق، وصفت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني المزارعين بأنهم "حجر الزاوية" في التنمية الغذائية، مؤكدة أن الغذاء ليس مجرد وسيلة للبقاء، بل يمثل أحد عناصر الهوية والسيادة الوطنية، ويجب حمايته وتعزيزه من خلال المجتمعات المحلية.
إعلانواستعرضت جهود بلادها في نقل المعارف الزراعية إلى عدد من الدول الأفريقية، بينها السنغال والكونغو وغانا والجزائر وتونس.
من جانبه، دعا وزير الزراعة الإثيوبي جرما أمنتي إلى تسريع التعاون الدولي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، مطالبًا الدول التي أحرزت تقدمًا في هذا المجال بمواصلة العمل بوتيرة أسرع لدعم المسار العالمي نحو العدالة الغذائية والاستدامة.
إثيوبيا تحقق تحولا في الزراعةوشكّلت القمة منصة جدّية لتجديد الالتزامات المتعلقة بالتمويل والسياسات، بهدف بناء نظم غذائية أكثر عدالة ومرونة في مواجهة الأزمات العالمية.
وفي هذا السياق، عرضت إثيوبيا إنجازاتها في مجال "الإرث الأخضر"، حيث تمكنت من زراعة أكثر من 40 مليار شتلة، إلى جانب التحول الكبير الذي أحرزته في إنتاج القمح، خاصة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، مما يعكس قدرة البلاد على الاستفادة من التحديات لتحسين الأمن الغذائي المحلي.
ومن المرتقب أن تمهّد هذه القمة لتحولات عملية في ظل تصاعد الشكاوى من الجوع والفقر، وشيوع الإحساس العالمي بضرورة اتخاذ خطوات جريئة لمواجهة آثار تغيّر المناخ، والعمل الجاد على وقف الحروب والنزاعات التي تهدد مستقبل الشعوب والأجيال القادمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الأمین العام للأمم المتحدة قمة الأمم المتحدة أدیس أبابا من الجوع
إقرأ أيضاً:
أنقذونا نحن نموت.. المجاعة تجتاح غزة
قال موقع ميديا بارت إن أكثر من 100 فلسطيني، معظمهم من الأطفال، ماتوا جوعا في قطاع غزة منذ بداية الحرب هناك، في وقت تتهم فيه الأمم المتحدة الجيش الإسرائيلي بقتل أكثر من ألف شخص كانوا يبحثون عن غذاء، منذ نهاية مايو/أيار.
وانطلق الموقع -في تقرير مشترك بين رشيدة العزوزي ومارغو حسين وكلوتيلد مرافكو- من قصة الأخصائي الاجتماعي صهيب أبو سيف (30 عاما) الذي بقي شهرا يحاول شراء دقيق، قبل أن يحصل على كيلوغرام واحد بقرابة 40 دولارا، وقال عبر الهاتف "يكفينا يوما واحدا. لا يهمني الموت، لكنني لا أطيق رؤية طفلتي جائعة".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوتان: كفى وعودا فارغة ولا بد من مواجهة مسرح الموت في غزةlist 2 of 2صحف عالمية: على بريطانيا معاقبة إسرائيل وحماس تقود حربا نفسية فعالةend of listوأضاف الرجل أن اللحوم اختفت من الأكشاك، وكذلك الأسماك والبيض ولم يتبق شيء في غزة منذ فبراير/شباط، وإذا خرجت إلى الشارع يمكنك أن ترى في دقيقة واحدة، شخصين أو 3 ينهارون أمامك لأنهم لم يأكلوا منذ فترة طويلة".
وذكر الموقع بأن محمد أبو مغيصيب، المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية، قال لهم في نهاية مايو/أيار إنه يعيش على وجبة واحدة يوميا، أما الآن، كما يكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنه يأكل مرة كل يومين، ويقول "نعالج المرضى الجائعين ونحن أيضا نتضور جوعا. يتوقع منا إنقاذ الأرواح وأرواحنا تتدهور ببطء".
مخازن فارغةويتوسل محمد صقر، مدير التمريض في مستشفى ناصر في خان يونس في اتصال هاتفي "نحن على وشك تعليق خدمات الرعاية بسبب نقص الشاش والضمادات والمحاقن"، مضيفا "أنقذونا. نحن نموت جوعا. الجوع لا يرحم أحدا، فهو يطال جميع الطبقات الاجتماعية".
وتروي السفيرة الفلسطينية في فرنسا هالة أبو حصيرة، محادثة هاتفية مع عمها في غزة، الذي لم يأكل شيئا منذ 4 أيام، وتصرخ بسخط: "كيف نقبل أن شعبا بأكمله يتضور جوعا، وأن تستخدم إسرائيل المجاعة كسلاح حرب، مع إفلات تام من العقاب وفي صمت شبه تام؟".
إعلانوفي اليومين السابقين توفي 15 شخصا، بينهم 4 أطفال، جوعا، حسب وزارة الصحة الفلسطينية التي أحصت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، 101 فلسطيني ماتوا بسبب المجاعة، بينهم 80 طفلا، كما تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن 112 طفلا يدخلون المستشفيات يوميا لتلقي العلاج من سوء التغذية.
ومع ذلك، تقول تمارا الرفاعي، مديرة العلاقات الخارجية والاتصالات في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن "مخازن غزة فارغة منذ عدة أسابيع، رغم امتلاء مخازننا في مصر والأردن. لدينا ما يكفي من الغذاء والإمدادات الأخرى لمدة شهرين على الأقل لجميع السكان، لكنها محظورة من قِبل إسرائيل".
وكان صهيب أبو سيف في البداية يريد الذهاب إلى أحد مراكز توزيع الغذاء عبر مؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل التي ترعاها إسرائيل والولايات المتحدة لتجاوز المنظمات غير الحكومية الدولية والأمم المتحدة، ولكنه استسلم لحاله لأن الأمر كان خطيرا للغاية، كما يقول.
ولخص الأخصائي الاجتماعي الوضع قائلا "قد يعتقلك الجيش الإسرائيلي، أو تتعرض للقصف أو إطلاق النار"، وبالفعل قتل أكثر من ألف شخص منذ نهاية مايو/أيار، أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية، حسب أرقام الأمم المتحدة.
ألعاب الجوعوأشار الموقع إلى أن الجيش الإسرائيلي قتل ما لا يقل عن 99 مدنيا بعد إحدى عمليات التوزيع هذه التي يطلق الفلسطينيون عليها اسم "ألعاب الجوع"، وأفاد برنامج الغذاء العالمي أنه "مع اقتراب القافلة، تعرض الحشد لإطلاق نار من الدبابات والقناصة الإسرائيليين ونيران أخرى".
أنقذونا. نحن نموت جوعا. الجوع لا يرحم أحدا، فهو يطال جميع الطبقات الاجتماعية
بواسطة محمد صقر
من جانبه، أقر الجيش الإسرائيلي بأن الطلقات كانت "طلقات تحذيرية"، إلا أن جندي احتياط إسرائيليا صرح لصحيفة وول ستريت جورنال بأن قواعد الاشتباك متساهلة للغاية، "إذا كنت قلقا من اقترابهم كثيرا ورأيت أن ذلك قد يعرضك أنت وفريقك للخطر، فلا تخاطر".
وقبل يومين، دعت 25 دولة غربية من بينها فرنسا، إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، مشيرة إلى أن "معاناة المدنيين في غزة قد بلغت مستويات غير مسبوقة"، وقالت الدول الموقعة في بيانها "نحن مستعدون لاتخاذ خطوات إضافية لدعم وقف إطلاق نار فوري ومسار سياسي نحو الأمن والسلام للإسرائيليين والفلسطينيين والمنطقة بأسرها".
ولكن وزارة الخارجية الإسرائيلية ردت بأن هذه الدعوة "لا تعكس الواقع وترسل رسالة خاطئة إلى (حركة المقاومة الإسلامية) حماس"، وقال صهيب أبو سيف إن البديل أمام المدنيين هو "المنفى أو الموت، وهو أحلى بكثير مما يقاسونه اليوم".
ويسيطر الجوع على الناس ويغيرهم، وقد ظهر تجار الحرب في خضم الفوضى، يعيدون بيع الدقيق والمكرونة والزيت والسكر من الطرود الغذائية بأسعار باهظة، واحتج الناس، وأُغلقت الأسواق لفترة وجيزة، لكن الضغط كان له أثر عكسي، فعندما أُعيد فتح الأسواق ارتفعت الأسعار مرة أخرى.
إعلان