الثورة نت:
2025-06-12@22:47:20 GMT

ماذا تقول “مادلين” للعرب؟

تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT

 

في زمن تكتنفه الأزمات والتحديات، تبرز سفينة “مادلين” كرمز للحقيقة المرة التي نرفض أحيانًا مواجهتها. ليست “مادلين” مجرد سفينة إنسانية تنقل مساعدات إلى غزة، بل هي رسالة صادمة للعرب وللعالم أجمع، رسالة تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، لتسائل الضمير العربي الحي أو الميت.

عندما أبحرت “مادلين” من إيطاليا متجهة إلى قطاع غزة، لم تكن تحمل فقط مواد غذائية ودوائية، بل حملت معها رمزية واضحة: رفض الحصار الإسرائيلي الظالم، والتمسك بالكرامة الإنسانية التي يُحاول الاحتلال إنكارها يوميًا، 12 ناشطًا من جنسيات متعددة كانوا على متن السفينة، يمثلون وجوهًا مختلفة من عالم يبحث عن العدالة، ولكنهم جميعًا اتحدوا في موقف واحد، موقف رفض الظلم المستمر الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة.

إن الرد الإسرائيلي السريع والمباشر على السفينة، بقيام قوات الاحتلال بالسيطرة عليها وقطع الاتصال بها، يكشف عن عمق الخوف من هذه المبادرات السلمية. إسرائيل لا تخشى مجرد سفينة محملة بمساعدات، بل تخشى أن تتحرك الضمائر، أن يُكشف الغطاء عن سياساتها القمعية، أن تظهر غزة للعالم كمعاناة إنسانية حقيقية وليس مجرد عنوان إخباري عابر.

لكن الأهم من رد الاحتلال، هو ما تقوله هذه الحادثة للعرب أنفسهم: أين الموقف العربي الرسمي؟ أين الأصوات التي تنادي بحق الشعب الفلسطيني؟ لماذا صار صوت ضحايا الحصار لا يسمعه سوى نشطاء من الخارج؟ لماذا أصبح الوقوف مع غزة مشهدًا تُقدّمه الأمم الأخرى للعالم بينما يزداد الصمت العربي عمقًا؟

“مادلين” كشفت لنا مرة أخرى هشاشة الموقف العربي، ليس فقط تجاه فلسطين، بل تجاه قضايا الحق والكرامة بشكل عام. في الوقت الذي يفرض فيه الاحتلال حصاره بحصار جغرافي وسياسي واقتصادي، يخيم على القضية حصار أخطر وأعمق: حصار التراخي والتجاهل العربي. هذا الحصار يصبغ الحكاية بألوان مختلفة، تجعل من معاناة غزة عنوانًا هامشيًا، ومن دعم القضية مجرد شعار يُرفع بلا فعل.

الأكثر إيلامًا هو أن تضطر غزة، قلب القضية، أن تنتظر من يمدّ لها يدًا من بعيد، من أوروبائيين وأجانب لا تربطهم بفلسطين روابط الدم أو الدين أو الجغرافيا، في حين يغيب الدعم الحقيقي من الأشقاء العرب. هذا الواقع يطرح سؤالًا بليغًا: إلى متى سيظل العرب مراقبين صامتين، متفرجين على مأساة لا تتوقف، وعلى شعب لا يزال يعاني رغم كل التضحيات؟

ليس الأمر مجرد نقد أو لوم، بل دعوة صريحة لكل عربي يمتلك حدًا من الوعي والضمير، لكي يراجع موقفه، ويتساءل عن دوره في دعم قضيته التي هي في جوهر هويته وكرامته، “مادلين” ليست فقط سفينة، بل هي مرآة صادقة تعكس حجم التخاذل والتراخي الذي نعانيه، لكنها في الوقت نفسه تذكرنا بأن هناك دائمًا أملاً في التغيير، وأن الكرامة يمكن أن تعبر البحار مهما كانت المسافات.

إن ما حدث مع “مادلين” هو اختبار حقيقي لمدى استعداد العرب لتحويل الكلمات إلى أفعال، ولإثبات أن فلسطين ليست مجرد قضية سياسية مؤجلة، بل قضية إنسانية وأخلاقية تتطلب التفاعل والوقوف بحزم. حين نجحت السفينة في اختراق صمت الرأي العام العالمي ولو لحظة، أعادت إشعال شعلة الواجب الأخلاقي تجاه غزة، وأظهرت أن المعركة ليست فقط على الأرض، بل في وجدان الشعوب.

ختامًا، تقول لنا “مادلين” عبر صمتها المسلوب وسفرتها المحاصرة، إن غزة بحاجة إلى أكثر من مساعدات تُرسل عبر البحر، إنها بحاجة إلى أمة تستعيد صوتها، أمة تتحرك بحزم، أمة تعيد الاعتبار لقضية فلسطينية تتخطى كل الحدود، فهل نحن مستعدون لسماع ما تقول؟ وهل نحن على استعداد لأن نكون جزءًا من الحل وليس المشكلة؟

 

 

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يحاكم 8 من ناشطي سفينة مادلين ويسمح بمغادرة 4 آخرين

كشف مركز حقوقي، اليوم الثلاثاء، أن الاحتلال الإسرائيلي بصدد محاكمة 8 من ناشطي سفينة "مادلين" الإنسانية، والتي كانت متوجهة إلى قطاع غزة قبل أن يتم اعتراضها واقتيادها إلى ميناء أسدود.

وذكر مركز "عدالة" الحقوقي العربي أن "8 من ناشطي السفينة ينتظرون العرض على المحكمة، لرفضهم التوقيع على أوامر ترحيل، فيما سيغادر 4 آخرين أو في طريقهم إلى مغادرة إسرائيل".

واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الاثنين، 12 ناشطا من عدة بلدان بعد الاستيلاء على السفينة "مادلين"، بينما كانت في المياه الدولية في طريقها إلى غزة وهي تحمل مساعدات إنسانية.

وذكر المركز في بيان: "غادر أو في طريقهم للمغادرة 3 نشطاء البلاد، إضافة إلى الصحفي عمر فياض من قناة "الجزيرة مباشر" بعد استكمال الإجراءات القانونية وتأكيد تذاكر سفرهم".

واستدرك: "رفض النشطاء الثمانية الآخرون التوقيع على أوامر الترحيل، ولذلك احتجزوا في البلاد وسيتم عرضهم على المحكمة خلال اليوم".

وأوضح أن "فريق المركز القانوني يرافق المحتجزين أمام المحكمة والسلطات الإسرائيلية، التي ستخوض اليوم في تفاصيل إذا كان قرار الترحيل قانونيًا أو لا".



وأكد المركز أن "احتجاز المتطوعين وترحيلهم القسري يشكّلان انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، لا سيّما في ظل الطبيعة السلمية والإنسانية للبعثة التي هدفت إلى كسر الحصار غير القانوني المفروض على غزة".

من جانبها، نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية على منصة "إكس" صور للناشطة السويدية غريتا ثونبرغ وهي على متن طائرة في طريقها إلى باريس نحو بلدها، بعد أن أبعدت قسريا.

وكان على متن السفينة "مادلين" طاقما يضم 12 ناشطا وناشطة، نصفهم من حاملي الجنسية الفرنسية هم: عضوة البرلمان الأوروبي ريما حسن، والناشط السياسي باسكال موريراس، والناشط البيئي ريفا فيارد، والصحفي في قناة الجزيرة مباشر عمر فياض، والطبيب والناشط بابتيست أندريه، والصحفي يانيس محمدي.

كما ضم الطاقم الناشطة السويدية في مجال المناخ غريتا ثونبرغ، والناشطة السياسية الألمانية من أصل تركي ياسمين أجار، والناشط السياسي البرازيلي تياغو أفيلا، والناشط السياسي التركي شعيب أوردو، والناشط السياسي الإسباني سيرجيو توريبيو، وطالب الهندسة البحرية الهولندي ماركو فان رين.

وجاءت قرصنة السفينة حين كانت تبحر في المياه الدولية، حيث حاصرتها زوارق إسرائيلية، وظهر الجنود في بث مباشر وهم يطالبون المتضامنين برفع أيديهم.

وتأتي عملية القرصنة بعد تحذيرات إسرائيلية باعتبار إبحار السفينة "محاولة غير قانونية" لكسر الحصار البحري المفروض على غزة، وفق بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية.

ويرتكب الاحتلال بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت أكثر من 181 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

مقالات مشابهة

  • دولة الاحتلال ترحل ستة ناشطين آخرين من سفينة مادلين
  • الناشط البرازيلي تياجو أفيلا يبدأ إضرابًا عن الطعام والماء احتجاجًا على اعتقاله بعد اعتراض سفينة “مادلين”
  • سفينة “مادلين” .. رسالة أمل وتضامن وصلت رغم المنع والاعتقال
  • ماذا تعرف عن محاولات كسر الحصار عن قطاع غزة..مادلين ليست الأولى؟
  • “التعاون الإسلامي” تدين قرصنة الاحتلال الإسرائيلي على سفينة كسر الحصار عن غزة
  • نشطاء سفينة مادلين يرفضون مشاهدة أفلام الاحتلال عن السابع من أكتوبر
  • واحد من أصل 6 نشطاء فرنسيين من فريق سفينة “مادلين” وافق على الترحيل من إسرائيل.. فما مصير الآخرين؟
  • الاحتلال يحاكم 8 من ناشطي سفينة مادلين ويسمح بمغادرة 4 آخرين
  • رصد سفينة المساعدات “مادلين” في ميناء أسدود الإسرائيلي (صور)