الجزيرة:
2025-06-12@22:34:56 GMT

أربعة أسباب موجبة للحذر من عصابة أبو شباب

تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT

أربعة أسباب موجبة للحذر من عصابة أبو شباب

سيطرت أخبار "عصابة أبو شباب" على المشهد السياسي الغزّي طيلة الأسبوعين الفائتين، وامتد الاهتمام بهذه الظاهرة، إلى الداخلين: الفلسطيني والإسرائيلي، لا سيما بعد أن تكشفت رسميًا، فصول العلاقة بين الحكومة والمنظومة الأمنية الإسرائيلية من جهة، وهذه "العصابة الإجرامية" من جهة ثانية، قبل أن تتكشف بعض خيوط علاقة تربطها برام الله، ومقربين من الرئاسة الفلسطينية، وصولًا إلى "دولة إقليمية" أشير إلى أنها تتولى بعض مهام الرعاية من تدريب وتمويل.

لكأن الحجاب قد كُشِفَ عن تصورٍ إسرائيلي، ظلّ مُلتبسًا، لأسئلة ما يُسمي بـ"اليوم التالي"، إذ يبدو من وجهة نظر حكومة اليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفًا- التي نجحت في سدّ الأبواب أمام أي حلول ومبادرات سياسية لإنهاء هذه الحرب- أنها تريد لقطاع غزة، أن يُدار بعصابات مافيوية وإجرامية، ينعقد الرهان على "تدعيمها" عشائريًا من جهة، و"تعويمها" بالاستثمار في "المعاناة القصوى" لأهل القطاع من جهة ثانية، لا سيما بعد أن فشلت محاولات سابقة بذلتها حكومة نتنياهو لتخليق قيادة محلية بديلة، من رموز عشائرية ورجال أعمال، وبقايا أجهزة أمنية فلسطينية، تحت غطاء حماية المساعدات الإنسانية ومواكبتها وضمان توزيعها.

إعلان

والحقيقة أن الانشغال الإسرائيلي الكثيف بعصابة أبو شباب، يَشفُّ عن مستوى عميق من الإفلاس السياسي لحكومة نتنياهو وأجهزتها الأمنية، حتى وهي في ذروة تبجحها بالإنجازات الميدانية والعسكرية "الإستراتيجية"، التي حققتها على أرض القطاع وفي ساحات "الإسناد".. فإن كان "أبو شباب" هو عنوان "اليوم التالي" ورمزه، فتلكم "إمارة" دالّة على حجم التخبط وانعدام الرؤية الأبعد، للمستوى السياسي في إسرائيل، الذي يخوض الحرب منذ عامين، ويضبط إيقاعها صعودًا وهبوطًا، على وقع الحسابات الأكثر ضيقًا، لنتنياهو وائتلافه الفاشي، وهذا ما يكاد يردُ نصًا في تعليقات صحف وكتَّاب وسياسيين إسرائيليين، أخذتهم "الدهشة" بعد أن كشف أفيغدور ليبرمان عن الأمر لأول مرة.

الأرجح، أن نتنياهو الذي انبرى مدافعًا عن قراره اعتماد "أبو شباب" وكيلًا أمنيًا له في القطاع، ومدّه بالمال والسلاح، إنما فعل ذلك لواحدٍ من سببين أو كليهما: الأول؛ يأسه من فرص النجاح في "تخليق" قيادة محلية "وازنة" تتساوق مع مشروعه لغزة، ولا ترتبط بحماس أو بالسلطة بعد إخفاق متكرر لمحاولات سابقة، إذ لم يبقَ لديه سوى تجريب حظه مع عصابات التهريب والمخدرات، من ذوي الارتباطات السابقة بتنظيم الدولة وأخواته.. والثاني؛ رهانه على أن هذه المحاولة إن أخفقت في "توليد" البديل، فقد تنجح في إغراق حماس وأجهزتها السلطوية، في صراعات مسلحة، مع عصابات ومافيات، تخصصت في السطو على المساعدات ونهبها.. في كلتا الحالتين، يعتقد نتنياهو أنه سيخرج رابحًا بالمحصلة النهائية.

بخلاف كثرة من حلفائه، يبدو نتنياهو شخصيًا، الأكثر حماسة لخوض غمار هذه التجربة، سموتريتش تنصل من "القرار" ونفى علمه المسبق به، وأعرب عن معارضته له، وإن كان تعهد بعدم تحويل الخلاف إلى أزمة داخل الحكومة والائتلاف من منطلق تغليب حسابات الحرب وضروراتها كما قال بنفسه.

إعلان

ويبدو كذلك، أن رئيس الحكومة هو الأقل "قلقًا" و"خشية" من مغبّة ارتداد السلاح إلى صدور الإسرائيليين أو ظهورهم – لا فرق –  لا سيما بعد أن تكون "العصابة" قد أوغلت في لعبة التآمر والخيانة، تمامًا مثلما فعلت كيانات عملية سابقة، في جنوب لبنان، ظلت وفيّة لمشغليها برغم تخليهم عنها وخذلانهم لها.

وأحسب أنه في النقطة الأخيرة، يبدو محقًا تمامًا، فمن استسهل السطو على المساعدات في زمن الحرب، ومن ارتضى إشهار السلاح في وجه المقاومة في ذروة المعارك، ومن نشأ في كنف "جيوب" الاحتلال في القطاع، بحمايته وتحت رعايته، وبتوجيه وإدارة منه، لا يمكن أن يكون في يوم من الأيام، في موقع الصدام مع مُشغليه، لا سيما أنه يدرك أن "الحبل السري" الذي يربطه بالاحتلال، هو مصدره الوحيد للغذاء والأكسجين.

أربعة أسباب للحذر

لا يعني ذلك كله، أنه يتعين على أهل غزة ومقاومتها، التقليل من خطورة هذه الظاهرة (وأحسب أنهم لا يفعلون)، فثمة ظروف ومعطيات محيطة بتشكلها، تسمح بالاعتقاد بأنها قد تتحول إلى "تحدٍ" مثير للقلق، الآن وفي اليوم التالي للحرب.. وثمة أسباب أربعة، تقودنا إلى إطلاق هذا التحذير:

الأول؛ أن معاناة المواطنين في غزة، بلغت حدًا تنوء به الجبال، وفي تجارب عديدة سابقة، في أزمنة مختلفة وأماكن متعددة، تعلّقت شرائح من الناس، بحبال الأمل والرجاء، مهما كانت واهية، وحتى إن كان على الطرف الآخر منها، أعداء وجهات لا يمكن الوثوق بها أو احترامها، هنا قد تنتصر "غريزة البقاء" على كثيرٍ من الحسابات والاعتبارات، أقله لبعض الوقت. والثاني؛ أن ثمة في رام الله، على ما يبدو، من هو على أتم الاستعداد لمدّ يد العون لهذه العصابة، وثمة من يتحدث عن دورٍ مباشر في تشكيلها وتمويلها، بل والطلب من بقايا وفلول أجهزة أمنية سلطوية، الالتحاق بها.. صحيح أن السلطة تنصلت رسميًا من أي علاقة لها بالعصابة، ولكن مع ذلك، ثمة قنوات وخطوط خلفية، تديرها جهات أمنية ومسؤولون من ذوي خلفيات إسلامية (ارتدوا عليها)، لا يمكن التقليل من شأنها، وفي كل الأحوال، فإن زعيم العصابة ذاتها، كشف بنفسه عن تنسيق وتعاون مع أجهزة أمنية فلسطينية. إعلان

ولست أستبعد أبدًا، أن يكون في رام الله من هو على استعداد لإعلان هذه "العصابة" جهازًا أمنيًا جديدًا، أو فرعًا لجهاز قديم، أو إدارة جديدة من إدارتها، إذا ما قُدّر لها أن "تبقى وتتمدد"، فتكون بذلك، حصان طروادة الجديد، بعد أن أخفقت رهانات سابقة على قدرة الأجهزة المخابراتية على اختراق غزة، تحت جنح المساعدات وعلى متن شاحناتها، وبتنسيق وتعاون تامين مع الشاباك، إن كان الحال كذلك، وإن كانت هذه المخاوف في محلها، فإن خطر هذه العصابة، سيزداد تعاظمًا.

الثالث؛ محاولة إسرائيل اللعب على وتر "الهويات الثانية" في القطاع، وتصوير العصابة، كما لو كانت ممثلة لعشائر وعائلات بعينها.. ولست أستبعد أن يجري تجنيد "امتدادات" و"مرجعيات" هذه العشائر والحمائل داخل الخط الأخضر، لتحريضها على الانقلاب على المقاومة وأجهزتها الحكومية، ولإسرائيل تجربة متراكمة في فعل ذلك، مع كيانات درزية في لبنان وسوريا، فلماذا لا تجرب حظها في قطاع غزة؟، وإن باللجوء إلى "مكونات" أخرى هذه المرة، ينخرط بعض أبنائها في الجيش والأجهزة و"المستعربين"، وليس ثمة ما يمنعها من محاولة إعادة إنتاج التجربة من جديد. الرابع؛ يبدو أن نتنياهو في مسعاه خلق بديل إجرامي لحماس والسلطة في غزة، يجد دعمًا من أطراف عربية ودولية.. الحديث عن دولة إقليمية ضالعة في الأمر مثير للقلق، والتصريحات الأميركية الداعمة لهذه الخطوة، وإن من مدخل "حماية المساعدات والعمل على توزيعها"، تثير بدورها، قدرًا من الحذر والتحسب.

تفسر هذه العوامل، نشأة هذه الظاهرة، وسرعة انتشارها، أو محاولة تعميمها، فلا تبقى محصورة في شرق رفح، كما أن الدعوات التي أطلقتها خلال الأيام القليلة الفائتة، لاستدعاء متطوعين في مختلف مجالات اختصاص "الحكم والإدارة"، تشي بأن المسألة "أبعد من أبو شباب"، وأن العبث الإسرائيلي خطير ومدجج بأبشع النوايا، وربما يكون مدعومًا بأطراف فلسطينية وعربية ودولية، وأن ما بدأته العصابة و"أبو شباب"، قد يتطور متجاوزًا تركيبتها الهزيلة الراهنة.

إعلان

يوجب ذلك، من ضمن ما يوجب، التصرف بحزم وشدة مع هذه العصابة، بهدف استئصالها قبل أن يشتد عودها، وهذا ما أوضحته فصائل المقاومة على أية حال، وهذا ما تقوم به بصورة جزئية الآن، بالنظر إلى الظروف الصعبة التي تحيط بها وبنشطائها، وهو أمر يتعين أن يكون مهمة الجميع، لا مهمة فصيل واحد.

والتصدي لهذه الظاهرة، لا يكون "أمنيًا" فحسب، مع أن هذا جزء أساسي من المعالجة، إذ يتعين الحرص على استنهاض حالة شعبية في مواجهتها، وضمان ألا تحظى بأي تأييد شعبي مهما كان متواضعًا في البداية، وفضح مراميها وأهدافها وشخوصها وارتباطاتها المشبوهة.. المعالجة الشاملة، متعددة المسارات والأدوات، هي المدخل لإسقاط مرامي وأهداف مشروع نتنياهو لـ"اليوم التالي"، وهي جزء لا يتجزأ من المعركة على راهن غزة ومستقبلها، بل وعلى المشروع الوطني الفلسطيني برمته.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الیوم التالی هذه الظاهرة أبو شباب لا سیما بعد أن من جهة

إقرأ أيضاً:

خبير أمني إسرائيلي: جميع الأنظمة الاستعمارية دعمت وسلحت عصابات مثل أبو شباب

قال الخبير الأمني والاستخباري الإسرائيلي يوسي ميلمان، إن الأنظمة الاستعمارية جميعها فعلت ما تفعله حكومة نتنياهو في غزة.

وأضاف في مقال بصحيفة هآرتس، أن "مشروع ميليشيات المنطقة الجنوبية التابعة لجهاز الأمن العام (الشاباك) في غزة يتلخص بتدريب عصابة من تجار المخدرات والأسلحة وسارقي الطعام، ويُسلحونها ويُموّلونها بالأسلحة والأموال المنهوبة، ويُكلّفونهم بمهمة تأمين قوافل المساعدات الإنسانية للجياع في غزة، بالإضافة إلى مهام أخرى غامضة. جميع الأنظمة الاستعمارية فعلت ذلك".

פרויקט המיליציות של מרחב הדרום של השב"כ בעזה. מאמנים כנופית סוחרי סמים, נשק ושודדי מזון, מחמשים ומממנים אותה בנשק וכספי שלל ומטילים עליה משימה של אבטחת שיירות הסיוע ההומניטרי למורעבים בעזה אך גם משימות נוספות מאופלות. כל המשטרים הקולוניאלים נהגו כך. מאמרי https://t.co/rHzMv6wsJ0 — Yossi Melman (@yossi_melman) June 10, 2025

والاثنين، ذكرت صحيفة معاريف العبرية، أن "الجهة التي تقف وراء تجنيد عصابة أبو الشباب الإجرامية هي جهاز الأمن العام (الشاباك)، فقد أوصى رئيس المنظمة، رونين بار، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالمضي قدمًا في تجنيد العصابة، وتزويدها ببنادق كلاشينكوف ومسدسات غُنِمت من حركتي حماس وحزب الله خلال حرب السيوف الحديدية، وهي الآن في مستودعات جيش الدفاع الإسرائيلي".

وبحسب تقرير آفي أشكنازي مراسل الصحيفة العسكري، فقد "قدّم رونين بار وجهاز الأمن العام (الشاباك) لرئيس الوزراء خطةً تجريبية ملخصها أن قطاع غزة يحتوي على كميات هائلة من الأسلحة المتنوعة - بنادق، وقاذفات قنابل، وصواريخ محمولة على الكتف، وغيرها ، وأن إدخال بعض البنادق والمسدسات بشكل مدروس ومُراقَب لن يُغيّر من سباق التسلح في غزة".


وذكرت الصحيفة، أن "عصابة أبو الشباب تضم عشرات العناصر، وهي مجموعة مكونة من عائلات عشائرية، ومعظم الشخصيات التي جندها جهاز الأمن العام (الشاباك) كعصابة مرتزقة لإسرائيل هم مجرمون غزيون يتاجرون في جرائم المخدرات والتهريب وجرائم الممتلكات ، وفق التقرير.

وكان أساس الفكرة العملياتية لجهاز الشاباك هو استخدام العصابة كقيادة عمليات، ودراسة إمكانية تشكيل حكومة بديلة لحماس في خلية صغيرة ومحدودة المساحة داخل رفح بحسب الصحيفة.



وقالت المؤسسة الأمنية إنها "لا تُحيط بهذه المجموعة بحواجز ضخمة لتكون بديلاً عن حماس، بل هي عبارة عن بضع عشرات إلى بضع مئات من الأعضاء. الهدف الأساسي هو دراسة إمكانية بناء عناصر محلية تحل محل أنشطة حكومة حماس في مناطق محددة جغرافيا".

وأقر مصدر أمني، "بأنه من غير الواضح إلى أي مدى يمكن لأعضاء أبو الشباب أن يكونوا قوة مؤثرة في المنطقة التي سيعملون فيها.هناك اختلافات في الآراء داخل المؤسسة الأمنية بشأن هذه الخطوة".

وأضاف، "بينما بادر جهاز الأمن العام (الشاباك) بهذه الخطوة وقادها، كان موقفه في مناقشات داخلية أنه حتى لو "استدار" أفراد العصابة وحاولوا توجيه أسلحتهم نحو إسرائيل، فإن هذه الكمية من البنادق ستكون ضئيلة مقارنةً بكمية الأسلحة المتوفرة المتداولة في القطاع".

وأوضح المصدر الأمني، "في الوقت الحالي، هذه خطوة صغيرة ومحدودة للغاية. إنها تجربة أولية، ومن غير الواضح كيف وأين ستتطور".

وأشارت الصحيفة، إلى دعم ترحيب الجيش الإسرائيلي بفكرة تجنيد عصابة إجرامية كحل طويل الأمد وخطوة استراتيجية.

وصرح مصدر عسكري: "ما دامت هذه خطوة تكتيكية محلية تُفيدنا في أمور إيجابية، فلا مشكلة لدينا. لكن هذه العصابات لا يمكن أن تكون بديلاً عن خطة استراتيجية طويلة الأمد. وكبديل لحماس، يجب بناء خطوة مع دول المنطقة تُنشئ هيكلاً حاكماً يحل محل حماس ".

مقالات مشابهة

  • مصادر إسرائيلية: وحدة “سهم” التابعة لحماس تعدم 12 فردا من “عصابة أبو شباب” (فيديو)
  • أربعة أسباب موجبة للحذر من “عصابة أبو شباب”
  • باحثة إسرائيلية: عصابة أبو شباب في غزة ظاهرة مؤقتة ولن تستمر
  • تقرير يكشف الملفات الجنائية لـ”عصابة أبو شباب” في غزة
  • ماذا نعرف عن عصابة "أبو شباب" في غزة.. ولماذا تحميها إسرائيل؟
  • الجزيرة نت تكشف الملفات الجنائية لـعصابة أبو شباب في غزة
  • خبير أمني إسرائيلي: جميع الأنظمة الاستعمارية دعمت وسلحت عصابات مثل أبو شباب
  • من يقف وراء “عصابة أبو شباب” في غزة؟
  • من جند أبو شباب وما المهمة الموكلة إليه؟.. تقرير إسرائيلي يجيب