جان دارك والضمير الحي
تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT
حمد الناصري
تُعد جان دارك، الفتاة الفرنسية ذات الستة عشر ربيعًا، بطلة قومية خالدة في الذاكرة الأوروبية. وُلدت في وسط فرنسا الفِلاحي عام 1412 ميلادية، وتنحدر من عائلة بسيطة، لكنها سرعان ما صعدت إلى صفحات التاريخ حين ادعت تلقيها وحيًا إلهيًا يأمرها بطرد الإنجليز من الأراضي الفرنسية. تمكنت جان دارك من قيادة فرنسا إلى سلسلة انتصارات خلال حرب المائة عام، ومهدت بذلك الطريق لتتويج شارل السابع ملكًا على فرنسا.
لكن الكنيسة الكاثوليكية أعادت النظر في قضيتها. ففي عام 1456م، أي بعد 25 عامًا من إعدامها، شكل البابا كاليستوس الثالث لجنة أعادت مُحاكمتها وخلصت إلى براءتها، مُعلنة إياها "شهيدة". وفي عام 1909، تم تطويبها رسميًا، وهي خطوة كنسية تسبق إعلان القداسة. ثم في عام 1920، أعلنت الكنيسة الكاثوليكية جان دارك قديسة، وجعلتها من شُفعاء فرنسا، إلى جانب القديس مارتن المعروف بتضحيته الإنسانية حين اقتسم معطفه مع فقير يرتجف بردًا.
ادعت جان دارك أنها رأت الله في رؤيا يأمرها بمساعدة الملك شارل السابع واستعادة فرنسا من الاحتلال الإنجليزي.. وبعد وفاتها، ألهمت شخصيتها كثيرًا من الكُتاب والفنانين، وظهرت في أعمال أدبية وسينمائية، حتى صارت رمزًا للبطولة والإيمان والتضحية.
إن موقف الإعلامي البريطاني بيرس مورغان، كان صدى حديث للضمير في عصرنا الحالي، فالضمير الحي يُؤدي إلى مشاعر النَّدم والحسرة والأسف عند ارتكاب سلوك يتعارض مع القِيَم أو فِعل يتنافىَ مع الأخلاق .. فقدرة الضمير الحي، على تحمل المسؤولية، تنعكس على الوعْي والثقة بالنفس وعلى الجد والمُثابرة والعزم.. وفي موقف المُتضامنين مع أهل غزة بإدانة الكيان الغاصب والمناصرين لقضية فلسطين، المحتل للأراضي الفلسطينية، والمؤمنين بحل الدولتين، يؤكدون بأنَّنا نحتاج إلى من يرفع الصوت في وجه الظُلم، لا سيما حين تكون المأساة أمام أعين الجميع، كما هو الحال في غزة.
وهنا يبرز الإعلامي البريطاني الشهير بيرس مورغان، الذي وقف وقفة جريئة ومُشرفة حين واجه سفيرة إسرائيل في بريطانيا، تسيبي هوتوفلي، بقوله: "إسرائيل تقتل الأطفال كل يوم، وتمنع دخول الصحفيين إلى غزة بحجة الخوف على سلامتهم... نحن لسنا أغبياء".
بهذا التصريح، عرى مورغان نوايا الاحتلال، وأحرج السفيرة التي تهربت من الرد.. كانت لحظة حاسمة في الإعلام الغربي، أثبت فيها أنَّ الكلمة الحرة ما زالت قادرة على إرباك منظومة الظُلم، مهما عظُمت قوتها الدعائية.
خلاصة القول.. إن ما يجمع بين جان دارك، الفتاة التي أنقذت فرنسا بروحها وعزيمتها، وبين أصوات حرة في عالم اليوم، كالإعلامي بيرس مورغان، هو الوقوف في وجه الظُلم مهما كان شكله أو مصدره.. جان دارك لم تكن فقط فتاة تقود الجيوش؛ بل ضمير أمة حي، والمواقف التي تتكرر اليوم في مواجهة العدوان، مهما اختلفت الأدوات، تؤكد أنَّ البطولة ليست محصورة بالسيف، بل قد تكون في الكلمة التي تُقال بوجه الطُغيان. فحين يسكت الجميع، تظل الحقيقة بحاجة إلى من يتجرأ على قولها.. وهذا ما فعله مورغان، حين تحدى الزيف الإعلامي، وانحاز إلى الحق الإنساني المجرد، تمامًا كما فعلت جان دارك منذ ستة قرون.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جوهرة مصرية في الأراضي الأوروبية.. هل يمثل هيثم حسن منتخب مصر؟
كشف تقارير صحفية، أن اللاعب الفرنسي ذا الأصول المصرية والتونسية هيثم حسن، أبدى رغبته في تمثيل منتخب مصر، مفضلاً الفراعنة على نسور قرطاج.
هيثم، البالغ من العمر 23 عامًا، وُلد في فرنسا لأب مصري وأم تونسية، ويحمل سجلاً مميزًا مع منتخبات الشباب الفرنسية حيث سبق له اللعب لمنتخبي تحت 17 و18 عامًا.
ورغم اهتمام الاتحاد التونسي بضم اللاعب إلى صفوف منتخب تونس، فإن المحادثات التي جرت مؤخرًا كشفت عن ميول اللاعب الوطنية، حيث أكد لمسؤولين تونسيين شعوره بالانتماء الأقوى لجذوره المصرية، ما دفع الجانب التونسي لإغلاق ملفه والتوجه للبحث عن بدائل أخرى.
وانطلقت مسيرة هيثم حسن الاحترافية من نادي شاتورو الفرنسي، قبل أن ينتقل إلى رديف نادي فياريال الإسباني خلال موسم 2020/2021.
وتخللت رحلته عدة محطات مع أندية إسبانية مثل ديبورتيفو ميرانديس وسبورتينج خيخون، قبل أن يستقر في صفوف ريال أوفيدو، أحد أندية دوري الدرجة الثانية في إسبانيا، خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية.
وفي الموسم الجاري، شارك اللاعب في 30 مباراة بقميص ريال أوفيدو، سجل خلالها 3 أهداف وصنع هدفين، مقدمًا أداءً لافتًا في مركز الجناح الأيمن والمهاجم.
رغبة هيثم في تمثيل منتخب مصر قد تفتح الباب أمام اتحاد الكرة المصري لضم موهبة جديدة تنشط في الملاعب الأوروبية، في ظل التوجه المتزايد للاستفادة من اللاعبين مزدوجي الجنسية.
وفي حال تم استدعاؤه رسميًا، سيكون انضمام هيثم حسن مكسبًا كبيرًا للمنتخب الوطني، لما يمتلكه من خبرات فنية وتكتيكية اكتسبها خلال مشواره في الليجا الإسبانية.