كشف الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن أشراط يوم القيامة.

وقال إن العلماء قسموا علامات الساعة إلى علامات صغرى وعلامات كبرى، فالصغرى مظاهر تطرأ على المجتمعات الإسلامية، بل والمجتمعات العالمية.

علامات الساعة الصغرى

وأوضح أن العلامات الصغرى التى ذكرت في الأحاديث النبوية تزيد على سبعين علامة يدور أغلبها حول: ظهور الفساد، وترك الدين، وقلة العقل، وقلة العلم، وشيوع ذلك بين الناس، وأن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان، وإسناد الأمر إلى غير أهله، وقلة العلم، وظهور الجهل، وكثرة القتل، وشرب الخمور وتسميتها بغير اسمها، وكثرة الزنا والخنا، ولبس الرجال الحرير، وائتمان الخائن وتقريبه، وتخوين الأمين، وظهور الفحش والتفحش، واتخاذ المساجد طرقًا، ويظهر الموت فجأة، وظهور الفتن وعموم شرها، وكثرة الزلازل، وكثرة القتل، وتداعي الأمم وتكالبها على أمة الإسلام كما تتكالب الأكلة على قصعتها، والتماس العلم عند الأصاغر، وظهور النساء الكاسيات العاريات، وظهور أقوام معهم أسواط كأذناب البقر يضربون الناس بها، وتصدُّر السفهاء وتكلمهم في الأمور العامة للناس.

صلاة الضحى.. اعرف متى ينتهى وقتها ولا تتكاسل عن أدائهاأذكار الصباح كاملة.. أفضل ما تبدأ به يومك ردد كلمات مباركة الآنعلي جمعة: اصبر على طلب الحق وتمسك به ولو كنت وحدكهل تسقط الصلوات المتروكة عمدًا أو نسيانًا بالتوبة أم يجب القضاء؟.. الإفتاء توضح

وأضاف أن من العلامات الصغرى أيضًا عدم تحري الرزق الحلال، وتقارب الأسواق دلالة على كثرة التجارة وفشوها، وتباهي الناس في المساجد وتفاخرهم بها وبأثاثها وزخرفتها، وتمني رؤية النبي ﷺ وذلك عند عموم الفتن وغربة الدين، ويلقى الشح وينتشر بين الناس فيبخل كل بما في يده - صاحب المال بماله والعالم بعلمه والصانع بصناعته وخبرته - وقتل الناس بعضهم بعضاً بغير ما هدف، ويُكرَم الرجل مخافة شره لا لفضله وكرامته، وعقوق الأم وطاعة الزوجة في غير طاعة الله، وعقوق الوالد، وطاعة الصديق في غير طاعة الله، وارتفاع الأصوات في المساجد، وتكثر الشرطة وذلك لزيادة الفساد، وتقديم الرجل لإمامة الناس في الصلاة لجمال صوته وإن كان أقل القوم فقهاً وفضلاً، وبيع الحكم - أي: تُنال المناصب بالرشوة - والاستخفاف بالدم.

وتابع: "ومنها فشو القلم وكثرة التصانيف والتأليف، وأن يكون الولد غيظاً - وذلك لكثرة عقوقه لوالديه وجلب المشاكل لهما فيغيظهما في كل وقت - ويكون المطر قيظاً – أي: أنه يكون عذاباً بدلا من أن يكون خيراً ورحمة - ويتعلم لغير الدين – أي: ابتغاء منصب أو وظيفة أو مال يكتسبه - وظهور التَّرف وحياة الدعة في الأمة الإسلامية.

واستطرد: “ومنها: تمني الموت لكثرة الفتن، ويقال للرجل ما أجلده وما أظرفه وما أعقله وما في قلبه حبة خردل من إيمان، ويحاصر العراق ويمنع عنه الطعام والمساعدات، وتحاصر الشام، والموت الجماعي بالأوبئة والطواعي وغيرها - كطاعون عمواس في زمن عمر - والحروب العالمية، فتح بيت المقدس، وبعثة النبي ﷺ، وموته ﷺ، واتباع طرق اليهود والنصارى بغير وعي”.

الأحاديث التى وردت فى علامات الساعة الصغرى

وبين أنه وردت أحاديث بكل هذه العلامات وهي: 

في حديث جبريل عليه السلام مع النبي ﷺ: (قال فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان) [رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم].

وقول النبي ﷺ: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) [رواه البخاري].

وقوله ﷺ: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العِلم، ويظهر الجهل، ويفشوا الزنى، وتشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيّم واحد) [رواه البخاري ومسلم].

وقوله ﷺ: (إن بين يدي الساعة لأياماً ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج والهرج القتل) [البخاري ومسلم].

ووردت أحاديث بكل هذه العلامات - الصغرى - هي:

في حديث جبريل عليه السلام مع النبي ﷺ: (قال فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان) [رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم].

وقول النبي ﷺ: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) [رواه البخاري].

وقوله ﷺ: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العِلم، ويظهر الجهل، ويفشوا الزنى، وتشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيّم واحد) [رواه البخاري ومسلم].

وقوله ﷺ: (إن بين يدي الساعة لأياماً ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج والهرج القتل) [البخاري ومسلم]…(يتبع)

وقوله ﷺ: (ليكونن في هذه الأمة خسف، وقذف، ومسخ، وذلك إذا شربوا الخمور، واتخذوا القينات، وضربوا بالمعازف) [رواه ابن أبي الدنيا]. وقوله ﷺ: (إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش، والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش، وقطيعة الرحم وسوء المجاورة ويخون الأمين ويؤتمن الخائن) [رواه الحاكم في المستدرك].

ومن تلك الآثار قول النبي (وأن تتخذ المساجد طرقًا، وأن يظهر موت الفجأة) [رواه الطبراني في الصغير]. وقوله ﷺ: (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وهو القتل) [رواه البخاري]

ومنها قوله ﷺ: (لتركبن سنن من كان قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو أن أحدهم دخل حجر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه) [رواه الحاكم في المستدرك]. وقوله ﷺ: (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر) [الطبراني في الأوسط].

وقوله ﷺ: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) [رواه مالك في الموطأ وابن حبان في صحيحه].

وقوله ﷺ: (يأتي على الناس سنوات جدعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيهم الرويبضة. قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما الرويبضة ؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة) [أحمد وابن ماجة والحاكم].

وقوله ﷺ: (ليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله) [متفق عليه].

وقوله ﷺ: (والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل فيما قَتَلَ ولا المقتول فيما قُتِلْ) [رواه مسلم].

طباعة شارك علامات الساعة علامات الساعة الصغرى أشراط الساعة يوم القيامة أشراط يوم القيامة علي جمعة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علامات الساعة علامات الساعة الصغرى يوم القيامة علي جمعة علامات الساعة الصغرى وقوله ﷺ النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

«التعصب ليس مرتبطا بالدين وحده».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 12 ديسمبر

كشفت وزارة الأوقاف عن تفاصيل وموضوع خطبة الجمعة الموافق 12 ديسمبر 2025، 21 جمادى الثانية 1447هـ، وهي بعنوان «التطرف ليس في التدين فقط»، والهدف من موضوع خطبة الجمعة، هو التوعية بخطورة التعصب بجميع أشكاله لا سيما التعصب الرياضي.

وتوفر «الأسبوع»، لزوارها ومتابعيها كل ما يخص خطبة الجمعة اليوم، وذلك من خلال خدمة إخبارية شاملة يقدمها الموقع على مدار اليوم من خلال السطور التالية:

نص موضوع خطبة الجمعة القادمة

الحمدُ للهِ الذي هدانا للإيمان، وأكرمنا بنور القرآن، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الداعي إلى مكارم الأخلاق، المربّي للنفوس على الحِلم والرحمة، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:

فليس التطرّف ظاهرةً مرتبطة بالدين وحده، بل هو سلوك إنساني قد يظهر في أي مجال يمارس فيه الإنسان انتماءه أو قناعته، فالتطرّف في جوهره ليس فكرة دينية بقدر ما هو حالة نفسية وفكرية تنشأ حين يختلُّ ميزان الاعتدال، وتختلط الأفكار بين ما ينبغي فعله وما لا ينبغي أن نفعله، سواء كان التطرف دينيًّا أو رياضيًّا أو ثقافيًّا.

ومن يتأمل الواقع يدرك أن أنماط التطرّف تتشابه في جذورها، مهما اختلفت مظاهرها، فالتعصّب لفريقٍ رياضي قد يحمِل السماتِ نفسَها التي يظهر بها التشنُّج لمذهب أو حزب أو رأي أو جماعة، وما ذاك إلا لأن المشكلة ليست في الميادين ذاتها، بل في الذهنيّة المتشدّدة التي تحوّل الاختلاف إلى تهديد، والرأي المخالف إلى خصم يجب إسقاطه.

ولم تُغْفِل تعاليم الإسلام بما حملته من أخلاق رفيعة وآداب سامية، التحذيرَ من خطورة الانزلاق خلف مسارات التطرّف بأشكاله المختلفة، إذ جاءت نصوصه واضحة في الدعوة إلى الوسطية، وصيانة المجتمع من كل غلوّ يفسد العقول، أو تعصّب يهدّد وحدة الصف، أو اندفاع يجرف الإنسان بعيدًا عن جادّة الاعتدال، فالإسلام في مبادئه المقاصدية وأحكامه التربوية يرسّخ ميزانًا دقيقًا يحفظ للإنسان توازنه، ويجنِّبه مغبَّة الانجرار وراء الغلو الذي يبدِّد الطاقات ويُضعف بناء المجتمع.

وإليك طرفًا من هذه التعاليم:

إياكم والغلو

يضع النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة تشريعية وأخلاقية واسعة تُحذِّر من كل تجاوز للحدِّ، أيًّا كان مجالُه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ». [رواه البخاري].

وإذا وضعنا في الاعتبار المفهوم الحقيقي للدين، وأنه: “وضع إلهي سائق لذوي العقول السليمة باختيارهم المحمود إلى ما هو خير لهم بالذات” [تحفة المريد على جوهرة التوحيد للباجوري]، أدركنا أن كل غلو يندرج تحت التحذير النبوي، فإذا كان النهي في مفهومه الأوليِّ عن مجال العبادات، فإنه يشمل كذلك كل غلو من شأنه أن يُخِلَّ بالدين، ومنه كل تعصُّب رياضيٍّ أو انفعال كُرويٍّ يخرج بالإنسان عن حد الاعتدال، ويحوّل التنافس الشريف إلى خصومة، أو التشجيع إلى إيذاء، أو الانتماء إلى تعصّب، فالغلوُّ سبب هلاك الأمم، ومن هنا كان التحذير منه ضرورة لحفظ الأخلاق، وصون المجتمع، وجعل الرياضة مجالًا للارتقاء لا للانقسام.

خيرُ الأمور أوساطُها

التوسط في كل شيء أمر محمود، وبهذا جاء الشرع الشريف ونطق الكتاب القويم، وكأنه يَلفِتُ أنظارنا إلى التزام هذا النهج، قيل للحسين بن الفضل: إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن، فهل تجد في كتاب الله «خير الأمور أوساطها»؟ قال: نعم في أربعة مواضع: قوله تعالى: ﴿لَا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٨]، وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: ٦٧]، وقوله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء: ٢٩]، وقوله تعالى: ﴿وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً﴾ [الإسراء: ١١٠]. [الأمثال الكامنة في القرآن الكريم].

وهذا الأثر “خيرُ الأمورِ أوساطُها” [رواه ابن السمعاني في ذيل تاريخ بغداد مرفوعا، ورواه البيهقي من كلام مُطَرِّفِ بن عَبدِ اللَّهِ وَيَزِيدَ بن مُرَّةَ الْجُعفِيِّ] دليل على هذا.

يقول الإمام المجد ابن الأثير: «كل خصلة محمودة، فإن لها طرفين مذمومين، مثل أن السخاء وسط بين البخل والتبذير، والشجاعة وسط بين الجبن والتهور، والإنسان مأمور أن يتجنب كل وصف مذموم». [جامع الأصول]

ويقول العلامة أبو علي اليُوسي: «وهذا الكلام «خيرُ الأمورِ أوساطُها» يُروى حديثًا، وهو من جوامع كلمه التي أُعطيها صلى الله عليه وسلم، وهو متناول لأمور من الديانات والأخلاق والآداب والسياسات والمعاشرات والمعاملات، تعجز عقول الخلق عن إحصائها، وقد صنَّف ذوو البصائر من أهل العلم في تفاصيل ذلك دواوين، وهو بحر لا ساحل له، جُمع له صلى الله عليه وسلم في جملة واحدة، كما قال صلى الله عليه وسلم: أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا». [زهر الأكم في الأمثال والحكم]

الفارق بين الانتماء والتعصب الأعمى

لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يحبّون أوطانهم، ويأنسون لقبائلهم، ولا يجدون حرجًا في الانتساب إليها، فهذا أوسيٌّ، وذاك خزرجيٌّ، وثالث قرشيٌّ، ورابعٌ تغلبيٌّ … وهكذا، ثم شاء الله أن يجتمعوا في دار الهجرة، فانتسب هؤلاء إلى الهجرة، وهؤلاء إلى النُّصرة، فهذا مهاجري، وذاك أنصاري، ولم ينههم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من ذلك، ولم يعب عليهم ما كان من محبة الانتماء أو الاعتزاز به، بل كان صلى الله عليه وسلم يخاطبهم بأسمائهم الجماعية قائلًا: «يا معشر الأنصار»، و«يا معشر المهاجرين» في إقرارٍ واضح بأن الانتماء الطبيعي لا يُذَمّ، وأن الاعتزاز بالمجموعة أو الأرض أو القبيلة لا يضر طالما أن الرابط الأكبر هو الدين، وطالما أن هذا الانتماء لا يجر إلى مفسدة.

لكنه صلى الله عليه وسلم كان يغضب أشدَّ الغضب إذا رأى هذا الانتماء يتحوَّل إلى عصبية تُثير الفرقة، أو تُورِث الضغينة، أو تدعو إلى التنازع، فعن جُبيرِ بنِ مُطعِمِ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليسِ منَّا من دَعا إلى عصبيّةٍ، وليس مِنا من قاتل على عَصبيّةٍ، وليس منا من مات على عصبيّة» [رواه أبو داود]، لأن العصبية عكس ما أراده الله من خلقه، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣].

ويسجل لنا جَابِر بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا هذا الموقف النبوي الجليل الذي يحذر فيه أمته من دعوى الجاهلية «العصبية»، فيقول: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» [رواه البخاري ومسلم]. فكسع: أي ضربه من الخلف.

قال الإمام النووي: «وأما تسميته صلى الله عليه وسلم ذلك «دعوى الجاهلية»، فهو كراهة منه لذلك، فإنه مما كانت عليه الجاهلية من التعاضد بالقبائل في أمور الدنيا، ومتعلقاتها، وكانت الجاهلية تأخذ حقوقها بالعصبات والقبائل، فجاء الإسلام بإبطال ذلك، وفصل القضايا بالأحكام الشرعية، فإذا اعتدى إنسان على آخر حكم القاضي بينهما، وألزمه مقتضى عدوانه كما تقرر من قواعد الإسلام». [شرح النووي على صحيح مسلم].

وعن الزُّبَيْر بْن العَوَّامِ رضي الله عنه، قال: قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» [رواه الترمذي، وأحمد].

وقال تعالى: ﴿إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الفتح: ٢٦].

بين سبحانه ما كان عليه المشركون من جهالات وحماقات استولت على نفوسهم، فقال: ﴿إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾، والحمية: الأنفة والتكبر والغرور والتعالي بغير حق، يقال: حمي أنفه من الشيء -كرضي- إذا غضب منه، وأعرض عنه. [التفسير الوسيط].

فأجدر بنا أن نلتزم الهدي المحمدي إذا شعرنا أننا ننجرف إلى هذا التعصب الممقوت، وأن نستعين بالله في أن يبدل أخلاقنا وطباعنا إلى ما يحبه ويرضاه.

التعصب الرياضي والإيذاء

لا يخلو هذا التطرف الرياضي من أن يحمل صاحبه على ارتكاب أفعال هو منهي عن ارتكابها شرعًا، كالسخرية، والتنابز بالألقاب، وإطلاق عبارات السبِّ والشتم، والاحتقار، بالإضافة إلى أن هذه الأمور ربما تدفعه إلى ارتكاب ما هو أشد من ذلك، من اشتباك بالأيدي واعتداء على الآخر، فتتحول الرياضة من كونها وسيلة للتنافس الشريف إلى خصومة وصراع.

ولا يخفى على مسلم يؤمن بالله حقا، ما أودعه الله تعالى في كتابه من تحذير من ارتكاب مثل هذه الأفعال، ولا ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية المطهرة، وإليك طرفًا منها، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: ١١].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا … بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» [رواه مسلم].

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ» [رواه الترمذي، وأحمد].

وعن أنس رضي الله عنه، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه، ولا كان الحياء في شيء قط إلا زانه» [رواه أحمد].

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ» [رواه الترمذي].

ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم

شأنُ الإسلام دائمًا أن يرغِّب في كل ما يجمع القلوب ولا يفرّقها، ويُقيم الروابط ولا يهدمها، ويغرس في النفوس معاني الألفة والوئام بدل البغضاء والخصام، فالشريعة في جوهرها دعوة إلى البناء، بناء الإنسان، وبناء العلاقات، وبناء المجتمع، وما كان من شأنه أن يثير العداوة أو يقطع الأرحام أو يزرع الضغينة، فإن الإسلام يقف منه موقف التحذير والرفض، قال تعالى:﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٣].

قال قتادة عند قوله تعالى: ﴿وَلا تَفَرَّقُوا﴾: «إن الله قد كره لكم الفرقة، وقدَّم إليكم فيها، وحذركموها، ونهاكم عنها، ورضي لكم السمع والطاعة، والألفة والجماعة، فارضوا لأنفسكم ما رضي الله لكم إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله». [جامع البيان].

وقد حذرت الشريعة الغراء من عواقب الفرقة والتنازع، لما يترتب عليه من تبدد الطاقات، وانتزاع البركات، فقال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: ٤٦].

قال الطاهر بن عاشور: «ومن المقاصد المعلن عنها في الكتاب، التمسك بالوحدة، ومحاربة التفرُّق والانقسام، ومما يدل على هذا المقصد الجليل ورود آيات وأحاديث تدعو إلى الاتحاد، ليصبح لهم عنوانًا ومكرمة، منها قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: ٤٦]، وقوله: ﴿وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾[الأنفال: ١]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم يحرِّض معاذَ بنَ جبل وأبا موسى الأشعري على الوفاء: «وتطاوعا ولا تختلفا» [رواه البخاري]، والأمثلة على هذا المقصد وما يتفرَّع عنه متوافرة في الشريعة، لحرصها على حماية كل المصالح الأساسية الضرورية والحاجية والتحسينية” [مقاصد الشريعة الإسلامية].

وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» [رواه أبو داود والترمذي].

قال الإمام الطيبي: «هذا من الخطاب العام الذي لا يختص بسامع دون آخر تفخيماً للأمر، شبه من فارق الجماعة التي يد الله عليهم، ثم هلاكه في أودية الضلال المؤدية إلى النار بسبب تسويل الشيطان، بشاة منفردة عن القطيع، بعيدة عن النظر، ثم سلط الذئب عليها، وجعلها فريسة له» [شرح مِشْكاة المصابيح].

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالجماعةِ وإيَّاكم والفرقة» [رواه الترمذي].

ولا تتبع الهوى

يحذّرنا الشرع الشريف من الميل مع الأهواء على حساب الأوامر والنواهي، ويوجّهنا إلى ضبط ميول النفس مهما كانت محبَّبة، فإن كانت الرياضة تسليةً مباحة واهتمامًا مشروعًا، فإن محبتنا لها لا ينبغي أن تُخرجنا عن حدود الشريعة، ولا أن تُسقط عنّا واجبات الأخلاق وضوابط السلوك التي جاء بها الإسلام، قال تعالى: ﴿فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾ [النساء: ١٣٥]، وقال أيضًا ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ص: ٢٦]، وقال تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص: ٥٠].

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «ما ذكر الله عز وجل الهوى في كتابه إلا ذمَّه، وكذلك في السُّنَّة لم يجئ إلا مذمومًا، إلا ما جاء منه مُقيَّدًا، كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤْمِن أحدُكم حتى يكونَ هواهُ تبعًا لما جئتُ به» [رواه البيهقي في السنن الكبرى].

الشريعة الإسلامية وممارسة الرياضة

ممارسة الرياضة من الأمور المباحة شرعًا إذا كانت في ظل الضوابط المسموح بها، ولم تخرج عن المقصد الذى أنشئت من أجله، مثلها فى ذلك مثل «الرمي» الذى شجع عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ» قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟، قَالَ: «ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ» [رواه البخاري].

الرياضة تُسهم في تنمية العقول، وصقل مهارات التفكير، كما تحفظ للأبدان قوّتها وسلامتها، وهي كذلك بابٌ من أبواب الترويح المشروع، تُذهب عن النفوس ما يعتريها من مللٍ وكسل، وتعيد إليها نشاطها وهمَّتها، وهذا كله مما ندب إليه الشارع الحكيم، إذ وجَّه إلى كل ما يقوِّي الجسد، ويشرح الصدر، ويعين على أداء الواجبات الدينية والدنيوية على أكمل وجه، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَوِّحُوا الْقُلُوبَ سَاعَةً بِسَاعَةٍ» [رواه الشهاب القضاعي في مسنده].

الرياضة من كواشف الأخلاق

إنَّ الرياضةَ - ممارسةً كانت أو تشجيعاً - كاشفٌ دقيقٌ من كواشفِ الخُلُقِ الحقيقي للإنسان، فهي تُظهر ما تُخفيه النفوس، وتكشف عن معدِنِ صاحبها عند الفرح والغضب، وعند الفوز والخسارة، فمن الناس من تُهذّبه الرياضة فتزيده حلمًا ورجولة، ومنهم من تُظهر الرياضةُ ما فيه من طيشٍ واندفاع، فإذا اهتزّ المدرج أو ارتفع الـهُتاف، سقطت الأقنعة وبان الجوهر.

وهي في أصلها المفترض أنها تهذب الأخلاق وتدعو إلى التسامح، وهو ما حث عليه الإسلام من حسن الخلق وعدم التعصب، وجعل الفيصل بين الناس الأخلاق والتقوى، فقال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣].

وعَنْ أَبِي نَضْرَةَ قال: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟» [رواه أحمد].

أما التعصب الكروي: فمذموم شرعاً وعرفاً، لأنه يؤدي إلى إثارة الفُرقة والبغضاء بين الناس، ويحيد بالرياضة عن مقصدها السامي من المنافسة الشريفة، والتقارب، وإسعاد الخلق، فالتعصب خلق شيطاني بغيض حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم، فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» [رواه مسلم]، “التحريش”: الإغراء على الشيء بنوع من الخِداع، أي: إيقاع الفتنة، والعداوة، والخصومة.

وقد يؤدي التعصب الكروي إلى الاحتقان، وتوظيف حماسة الجماهير مما ينتج عنه أعمال شغب قد يستغلها البعض في تهديد أمن وسلامة الوطن.

إجراءات عملية لتهذيب الانفعال الرياضي:

- أن نعلم أن الغرضَ من الرياضة الترويحُ عن النفس، فهي (لهو مباح)، هذا إطارها الذي لا بدّ أن توضع فيه، ومِن ثَم فلا يصح: الموالاةُ والمعاداة عليها، أو انتشارُ الأحقاد والضغائن بسببها، أو تعطيلُ المصالح والضروريات من أجلها، أو جريانُ السباب والشتائم وفواحش الألفاظ والتنابز بالألقاب على اللسان في شأنها.

- لا تجعلها سببًا في تعاستك ونكدك، ومصدرًا من مصادر غمك وهمك، ومجلبةً للحزن والغضب، فمن أهم أسباب سعادة الإنسان في حياته أن يضع الأمور في نصابها، وأن يزنها بميزانها الذي لا يتجاوزها.

- عند مشاهدتها أو ممارستها يجب عليك اجتناب تلك المحاذير الناشئة عنها، حتى تكون بابا للسرور والانبساط، والترويح عن النفس.

- لا حرج من الممازحة (القفشات) مع مشجعي الفريق المنافس، ما دمنا محافظين على أواصر الأخوة، منضبطين بثوابت الشرع والخلُق الكريم، وأن نعلم أن الأمر في النهاية (ترويح عن النفس).

- تحويل الرياضة من صراع إلى أخلاق، الرياضة محبّبة بطبعها، والإسلام يرى فيها قوة ومتعة، لكن يربطها بالأدب، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ» [رواه مسلم]، والقوة هنا تشمل البدن والروح والخلق.

- احترام المنافس، فقد جعلت الشريعة الإسلامية العدل والاحترام ركيزتين في التعامل حتى مع الخصوم، فكيف بمن ينافسك في لعبة! قال تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ [المائدة: ٨]، أي: لا يحملكم بغض أو منافسة على تجاوز الحقّ، وهذا يشمل الخصومة الرياضية اليوم.

- صون اللسان … أهم علاج للتعصّب الرياضي، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» [رواه البخاري]، واللسان في مدرَّجات الرياضة هو أول ما ينفلت، فيكون الصمت أحيانًا عبادة.

- تعميق الوعي بمقاصد الرياضة، وذلك بربط الممارسة الرياضية بأهدافها الأصيلة، كتنمية الجسد، وتربية الروح على الانضباط، وتنمية روح الفريق، لا مجرد الفوز أو التشفي أو الغلبة، فكلما اتسعت دائرة المقاصد ضاق مجال الانفعال المذموم.

- نشر ثقافة الروح الرياضية، وأن نتعلم أن الفوز نعمة نشكر الله عليها، وأن الخسارة درسٌ نتعلّم منه، وأن الاحترام فوق كل نتيجة.

- وعيُ الآباء والمربين، بتوجيه الأبناء، وتعليمهم أن الرياضة وُجدت لتهذيب البدن والنفس، لا لزرع الكراهية.

- دور الإعلام، بأن يكون موجّهاً للتهدئة، لا شريكًا في تأجيج الفتن، فالكلمة مسئولية.

- ضبط التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي، كعدم التعليق فور الانفعال، والامتناع عن إعادة نشر الإساءات، وإلغاء متابعة الحسابات التي تبث السخرية أو تثير روح التعصب.

اللهم أصلح قلوبنا، واجعلها خالصةً لك، واطرد عنها التعصّب والجهل والفرقة، اللهم ألف بين قلوبنا، ووحّد صفوفنا، واجعلنا من الذين إن غضبوا حلموا، وإن خاصموا عدلوا، وإن رأوا الحق اتّبعوه، وصلّى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

اقرأ أيضاًنص موضوع خطبة الجمعة 12 ديسمبر 2025.. «التطرف ليس في التدين فقط»

الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة.. «التطرف ليس في التدين فقط»

فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

مقالات مشابهة

  • طقس غائم جزئيا مع هطول أمطار غدا
  • إلهام أبو الفتح تكتب: المناظرة الكبري
  • فتاوى وأحكام | أصلي سنة الفجر بالبيت أم المسجد؟.. هل كل إنسان له قرين؟.. هل تحدث علامات الساعة كلها في يوم واحد؟
  • هل تحدث علامات الساعة كلها في يوم واحد؟.. علي جمعة يرد بمفاجأة
  • كيف أبر زوجتى بعد موتها؟.. الإفتاء توضح الطريق
  • القيامة اقتربت.. أحمد كريمة: كثرة الخبث من علامات الساعة
  • أحمد كريمة: نحن في علامات الساعة الأخيرة
  • توقعات بسقوط أمطار غداً
  • «التعصب ليس مرتبطا بالدين وحده».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 12 ديسمبر
  • علي جمعة يوضح الفرق بين القلب والفؤاد..فتعرف عليه