ما لا تراه الرادارات.. قصة الطيارين داخل قمرة القيادة للقاذفة الشبح B-2
تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT
قبل الانطلاق في مهام جوية تمتد لأكثر من 40 ساعة على متن القاذفة الشبح B-2 Spirit التابعة لسلاح الجو الأميركي، يخضع الطيارون لتدريبات دقيقة تمتد لأسابيع، لا تقتصر فقط على خطط الطيران والمهام العسكرية، بل تشمل أيضًا دراسات النوم والتغذية، للحفاظ على اليقظة البدنية والذهنية خلال الرحلات العابرة للقارات اعلان
الطائرة التي تبلغ قيمتها نحو ملياري دولار والتي تُنتجها شركة "نورثروب غرومان"، لعبت دورًا محوريًا في الضربات الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، ويُطلب من طاقمها المكوَّن من شخصين تحمّل ظروف قاسية، يتصدرها عامل الزمن والجهد الذهني المتواصل.
الفريق المتقاعد ستيف باشام، الذي خدم على متن الـ B-2 لمدة تسع سنوات وتقاعد عام 2024 كنائب لقائد القيادة الأوروبية الأميركية، أوضح أن الطيارين يتلقون تدريبات على التغذية لفهم تأثير أنواع الطعام على النوم واليقظة، وهو أمر بالغ الأهمية في طائرة لا تحتوي إلا على مرحاض كيميائي واحد.
Relatedشاهد: بعد التهديد الإيراني القاذفة "الشبح" تصل قاعدة العديد في قطرهل تُضرب إيران؟ وكيف تفسَّر تصريحات مسؤولين إسرائيليين وتحليق القاذفة الأمريكية في المنطقة؟إعادة نشر القاذفة الأميركية "بي-1بي" في شبه الجزيرة الكورية لإجراء تدريبات جويةويقول باشام إن وجبته المفضلة خلال الرحلات كانت ساندويتشات الديك الرومي على خبز القمح دون جبن: "كلما كانت الوجبة أبسط، كان ذلك أفضل للهضم والراحة أثناء الطيران."
تمتاز الـB-2 بقدرتها على الطيران لمسافة تصل إلى 6,000 ميل بحري دون التزود بالوقود، إلا أن معظم المهمات تتطلب عدة عمليات تزويد أثناء التحليق، وهي عملية معقدة تُنفَّذ بدون أن يرى الطيارون ذراع التزود الممتد من الطائرة الناقلة خلفهم بـ16 قدمًا. ويعتمد الطيارون بدلًا من ذلك على إشارات ضوئية ونقاط مرجعية محفوظة، وهي مهمة تزداد خطورتها ليلاً، خاصة في الليالي المعتمة.
"قبل دخول المجال الجوي للعدو، كان الأدرينالين هو ما يدفعنا للاستمرار... لكن بعده، ينتهي الأدرينالين، وتبقى أمامك مهمة أخيرة للتزود بالوقود في وقت تكون فيه مرهقًا بالكامل"، يضيف باشام.
تتضمن قمرة القيادة مساحة صغيرة تتيح للطيارين الاستلقاء على سرير قابل للطي، بينما يعتمد البعض على بذور دوّار الشمس للمحافظة على اليقظة بين الوجبات. ورغم تصميمها الشبحي المتقدّم الذي يقلل من البصمات الحرارية والرادارية والصوتية، إلا أن أداء الطائرة يبقى مرهونًا بقدرات الطاقم البشري.
بخلاف القاذفات التقليدية مثل B-1B وB-52 التي تتطلب أطقمًا أكبر، تعتمد الـB-2 على فريق صغير، ما يزيد من الضغط والمسؤولية على كل فرد من الطاقم.
وبحسب باشام، فإن نظام القيادة الآلي للطائرة (fly-by-wire)، الذي يعتمد على أوامر الحاسوب بالكامل، شهد تطورات كبيرة منذ أول تحليق له عام 1989، إذ كانت الإصدارات الأولى تعاني من تأخر في الاستجابة ما كان يعقّد عمليات التزود بالوقود.
وخلال عملية "القوة المتحالفة" في عام 1999، نفذت طائرات B-2 رحلات استغرقت 31 ساعة من ميزوري إلى كوسوفو، وتمكنت من استهداف 33% من الأهداف خلال الأسابيع الثمانية الأولى. وفي العراق، ألقت الطائرة أكثر من 1.5 مليون رطل من الذخائر خلال 49 مهمة.
وتخطط القوات الجوية الأميركية لإحالة طرازي B-2 وB-1 إلى التقاعد واستبدالهما بما لا يقل عن 100 طائرة من طراز B-21 Raider خلال العقود المقبلة. ووفق بيانات البنتاغون، تبلغ تكلفة تشغيل B-2 نحو 65 ألف دولار في الساعة، مقارنة بـ60 ألف دولار لطائرة B-1.
"طيارونا يجعلون المهمات تبدو سهلة، لكنها بعيدة كل البعد عن السهولة،" يقول باشام، مشددًا على أن نجاح المهام الجوية المعقدة لا يتحقق دون شبكة واسعة من المخططين على الأرض وفِرق الصيانة التي تضمن جاهزية الطائرات في كل لحظة.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل النزاع الإيراني الإسرائيلي غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إيران دونالد ترامب إسرائيل النزاع الإيراني الإسرائيلي غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إيران الوقود طائرة قاذفة قنابل دونالد ترامب إسرائيل النزاع الإيراني الإسرائيلي غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إيران البرنامج الايراني النووي حلف شمال الأطلسي الناتو حركة حماس حرائق لاهاي عمدة
إقرأ أيضاً:
السيارات ذاتية القيادة ستُغيِّر اقتصادات المدن
تعكس اقتصاداتُ المدن الكيفيةَ التي يتنقَّل بها سكانها. وقريبا سيبدأ ذلك في التغيُّر على نحو أكثر إثارة من أي وقت مَضَى منذ اختراع السيارة قبل أكثر من قرن. وقد تبدو سيارات الأجرة الروبوتية (تاكسيات الروبوت) التي تنقل الركاب الآن جيئة وذهابا حول منطقة خليج سان فرنسيسكو أو لوس انجلوس مثل السيارات العادية، فقط مع عدد قليل من أجهزة الاستشعار التي قد لا يبدو منظرها مريحا. لكن هذه السيارات مع انتشارها وتطورها ستعمل في ظل قيود مختلفة عن السيارات التي يقودها البشر وبالتالي ستعيد تشكيل المدن.
خلال العام القادم سيصبح من الصعب تجاهل سيارات الأجرة ذاتية القيادة. فشركة "وايمو" تخطط للتوسع في مدن تشمل ميامي وواشنطن بالولايات المتحدة. كما ستشهد لندن أول توسع عالمي للشركة. وسيضعها ذلك في منافسة مباشرة مع شركة أوبر التي تستعد هي أيضا لتدشين خدمة نقل ذاتية القيادة في المدينة.
توحي تجربة سان فرانسيسكو بأن مقاومة الناس واللوائح التنظيمية (وهي قوة جبارة في مدن عديدة) يمكن التغلب عليها. وكانت أغلبية بسيطة من سكانها قد عارضت التاكسيات الروبوتية في عام 2023 عندما ظهرت سيارات وايمو في الشوارع. أما الآن فثلاثة أرباعهم يحبذونها.
المدن الرائدة في استخدام هذه السيارات تقدم لمحة عن التحولات التي يمكن توقعها في مدن أخرى. من بين ذلك تحسين السلامة المرورية. فالحوادث الخطرة التي كانت سيارات "وايمو" طرفا فيها أقل بعشرة أضعاف من متوسط حوادث السيارات التي يقودها البشر. وحتى الآن على الأقل لم تشهد سان فرانسيسكو خسائر في الوظائف وسط سائقي سيارات الأجرة التقليدية أو تلك التي تعمل بنظام التطبيقات.
إلى ذلك، أجرة سيارات التاكسي الروبوتية أغلى في السوق. فالرحلة بسيارة وايمو تكلف تقريبا ما يزيد بحوالي الثلث عن الرحلة بسيارة الأجرة التقليدية في المتوسط. وهي زيادة تعكس استخدام الشركة لسيارات جاكوار الفخمة ونفقات الأبحاث التي يجب استردادها. وعلى الرغم من التكلفة المرتفعة للرحلة إلا أن الحصة السوقية للخدمة تزداد بسرعة. هذه هي البداية فقط. فسيارات الأجرة الروبوتية تخسر المال الآن لكن يلزم أن تصبح أرخص كثيرا.
الحقيقة الأكثر أهمية بشأنها هي أيضا الأكثر وضوحا. فلا يوجد سائق في المقوَد (عجلة القيادة). وهذا يجعل اقتصاداتها مختلفة تماما سواء عن سيارات الأجرة المرخصة أو الخاصة. فتكلفة الرحلة يمكن أن تكون منخفضة بعكس سيارات الأجرة التقليدية. ذلك لأن الراكب لن يدفع جزءا من الأجرة لتغطية راتب السائق بما أنها ذاتية القيادة.
على الرغم من أن سيارات الأجرة الروبوتية تحتاج الى شحنها بالكهرباء وصيانتها وتنظيفها إلا أن ذلك أرخص كثيرا. وهي خلافا لسيارات الأجرة التقليدية لا تتوقف عن العمل خلال معظم اليوم مما يعني أن تكلفتها الرئيسية (تكلفة تصنيعها) يمكن توزيعها على المزيد من الرحلات. كما أن مثل هذه التكلفة ستنخفض عندما يبدأ تصنيعها بكميات كبيرة. وسيكون بمقدور شركات صناعة السيارات تعديل شكلها إذ لن تكون بحاجة الى مقعد للسائق. وتحاول شركة إيلون ماسك "تيسلا" التوصل الى طريقة تمكنها من استخدام الكاميرات فقط بدلا عن مستشعرات "اللاَّدار" باهظة التكلفة.
المستقبل
هكذا ستتغيَّر اقتصادياتُ امتلاكِ السيارة بما في ذلك السيارة ذاتية القيادة. في الريف الذي ربما يفتقر الى الكثافة السكانية اللازمة لإنشاء شبكة سيارات أجرة روبوتية من المحتمل ألا يكون الوضع مختلفا كثيرا. مع ذلك قد يفقد امتلاك السيارة جاذبيته لدي العديد من ساكني المدن والضواحي.
تخصص العائلة الأمريكية العادية 15% من انفاقها لامتلاك السيارة. وسيكون الخفض الكبير لهذه التكلفة مغريا لكل أحد ليس مهووسا باقتناء سيارة.
عالم النقل الرخيص في المدن مُغرٍ. لكن من الممكن أن يسبب مشكلة حقيقية تتمثل في الاختناقات المرورية المخيفة. (يعني ذلك أن تكاثر أعداد ورحلات السيارات ذاتية القيادة على طرقات المدينة قد يفاقم الازدحام المروري- المترجم). في الواقع الازدحام في الطرقات يتضرر مِنه مَنْ لا يتسبب فيه. فتكدس السيارات الذي تسببه سيارة واحدة يؤثر على كل مستخدمي الطريق وليس ركابها فقط.
في الوقت الحاضر الحركة المرورية في المدن تحدّ أو تقلل منها حقيقة أن الانتقال بالسيارة يتطلب إما دفع مبلغ لسائق السيارة الناقلة (وهذه تكلفة) أو أن يقود الشخص السيارة بنفسه (وهذا غير مريح). وباختفاء مثل هذه القيود يمكن أن تكون النتيجة اختناق مروري شديد يلغي العديد من فوائد سيارات الأجرة الروبوتية.
الحل الذي يمكن أن يقترحه الخبير الاقتصادي لهذه المعضلة واضح ومباشر وهو فرض رسوم مرور. وعلى الرغم من أن رسوم الازدحام المروري ظلت ملمحا بارزا في الشوارع الأوروبية على مدى عقود إلا إنها غير مقبولة الى حد بعيد لدى الناس في الولايات المتحدة. لقد فرضت نيويورك مؤخرا هذه الرسوم لكن فقط بعد معركة مطولة. وقد تفرضها على السلطات المعنيّة أسرابُ سيارات الأجرة الروبوتية التي ستغزو الطرقات. فانتهاك السيارات ذاتية القيادة لقواعد المرور وبالتالي سدادها لغرامات المخالفات أقل احتمالا. وهو ما يعني ضرورة أن يكون هنالك شيء ما لِسَدِّ الفجوة في ميزانيات المدينة. وطرح تعرفة الازدحام المروري كضريبة روبوتية قد تجعلها أكثر قبولا.
لم تشهد سان فرنسيسكو حتى الآن فقدان للوظائف بسبب تشغيل سيارة الأجرة الروبوتية. لكن ذلك قد يتغير مع انخفاض التكاليف. فأمريكا يوجد بها مليون سائق تاكسي وحافلة الى جانب أكثر من 3 مليون سائق شاحنة. ويشكل هؤلاء معا 3% من السكان العاملين. أما الآخرون الذين يُحتمل أن يخسروا وظائفهم فأقل وضوحا. مثلا بدون حوادث السيارات سيكون هنالك طلب أقل على المحامين الذين يتولون قضايا التعويضات عن الإصابات الشخصية. وإذا توقف الناس عن شراء السيارات سيختفي تجارها وبائعو السيارات المستعملة. وقد تتنافس سيارات الأجرة الروبوتية مع طيران السفر الجوي للرحلات القصيرة. بل حتى مع الفنادق إذا زُوِّدَ بعضُها بأسِرَّة للنوم.
وعلى الرغم من أن وظائف جديدة ستظهر مثلا في إدارة أساطيل هذه السيارات أو الإشراف على محطاتها لكن من الصعب أن تعوِّض عن الخسارة. وفي الغالب سيقود ذلك الى توتر اجتماعي. في ذات الوقت سيشكل فقدان الوظائف فرصة. فالقوى العاملة في بلدان العالم الغني تتقلص مع تزايد شيخوخة السكان. وقد يكون تحويل الناس من هذا المجال ليعملوا في مجالات أخرى مفيدا جدا.
الى ذلك ستزداد الإنتاجية في صناعة النقل. كما ينبغي أن ينتعش باقي الاقتصاد أيضا.
ينفق الأمريكي العامل العادي أقل قليلا من ساعة في التنقل كل يوم مقابل ثماني ساعات في العمل. وتحويل جزء بسيط من هذا الوقت الى عمل يمكن أن يعزز الإنتاجية بقدر محمود، حسب ويل دَينْيَر المحلل بشركة الأبحاث جافيكل.
الرحلة بسيارة الأجرة الروبوتية أكثر سلاسة. ويمكنها مع استخدام أنظمة تعليق أفضل تيسير أداء العمل بداخلها. إلى ذلك، قلة الحوادث تعني ليس فقط مآسٍ بشرية أقل ولكن أيضا نفقات علاج وإعادة تأهيل أقل.
ثم نأتي الى أثر استخدام هذه السيارات على الأراضي الحضرية. المساحات المخصصة لمواقف السيارات تشكل ربع منطقة الوسط (داون تاون) في المدن الأمريكية العادية. ومن الممكن استخدام هذه المساحات بطريقة أفضل، ربما لمباني سكنية أو مكاتب. كما يمكن أن تتحول المواقف على جنبات الطرق الى أماكن لإنزال الركاب أو أرصفة مما يجعل التجول بالأقدام في المدينة أكثر متعة. وقد يتجه المزيد من سكان المدن الى استخدام الدراجات إذا انحسرت الحوادث المرورية. فمراكز المدن الأكثر كثافة سكانية والأفضل ربطا بوسائل النقل ينبغي أن تكون نعمة اقتصادية.
لكن خارج مراكز المدن ربما تقود سيارات الأجرة الروبوتية الى التمدد الحضري بما أن الرحلات الطويلة لن تكون مزعجة. ويمكن أن تجتذب السيارات الروبوتية الناس من وسائل النقل الأكثر كفاءة (بمعايير نقل الركاب واستخدام الطريق) كالحافلات والمترو والقطارات. وهذا من شأنه أن يتسبب في دوامة انهيار. فتراجع أعداد الزبائن يعني انخفاض الإيرادات وهذا يقود بدوره الى خدمة أسوأ وبالتالي مزيد من التراجع في أعداد الزبائن. وسيتوجب على واضعي السياسات زيادة التمويل واستخدام تقنية القيادة الذاتية لتحسين النقل العام (تحديدا الحافلات ذاتية القيادة.)
ستظهر معضلات أخرى لسياسة تنظيم النقل. فالطرق التي تهيمن عليها سيارات الأجرة الروبوتية قد تحتاج الى ضوابط أكثر صرامة. لقد شرع سائقو السيارات سلفا في "استغلال" حذر السيارات ذاتية القيادة والمبرمجة على تجنب المخاطر. فهي تفضل أن تقطع عليها سيارة مسرعة الطريق بدل الاصطدام بها. والسائقون البشر يعرفون ذلك (ويستغلونه). أيضا المشاة يمكنهم عبور الشوارع دون الشعور بقشعريرة الخوف التي تنتابهم عند القفز أمام سيارة يقودها سائق يمكن أن يخطئ. وقد تكون الجريمة مشكلة أخرى. فمن اليسير سرقة أشياء من سيارة بدون سائق، بل حتى تخريبها.
يصعب التنبؤ بالشكل النهائي الذي ستبدو عليه "مدينة" السيارات ذاتية القيادة. بعد اختراع السيارة مرّ ما يقارب القرن قبل أن تصل المدينة المُصمَّمة على أساس السيارة كوسيلة نقل الى كمالها في أماكن مثل اتلانتا ودالاس ولوس انجلوس بشبكة طرقها الرئيسية الواسعة ومواقف سياراتها الكبيرة جدا وضواحيها الممتدة.
حقبة السيارات ذاتية القيادة لها مخاطرها. لكنها أيضا تحمل وعودا كبيرة.