جدد رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية، لونج كونج، موقف بلاده الداعم للقضية الفلسطينية، مؤكدًا إيمان بلاده الراسخ بحل الدولتين، وضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود ما قبل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

وفي كلمته أمام مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، بحضور الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، ثمّن الرئيس الفيتنامي دور الجامعة في تعزيز الاستقرار والتضامن العربي، مشيرًا إلى أن شعوب فيتنام تكن احترامًا عميقًا للحضارة العربية وقيمها الإنسانية والثقافية النبيلة.

وأوضح لونج كونج أن زيارته إلى مصر تمثل رسالة واضحة لرغبة فيتنام في فتح صفحة جديدة من التعاون مع الدول العربية، تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، في ظل التحديات العالمية المتسارعة التي تؤثر على السلام والأمن الدوليين، من بينها النزاعات الإقليمية والتحديات غير التقليدية مثل التغير المناخي، وأمن الغذاء والمياه، والتحديات السيبرانية.

وأكد الرئيس الفيتنامي أن بلاده تدعو إلى نظام عالمي أكثر عدلاً وتوازنًا، يعزز التعددية ويستند إلى القانون الدولي، مشددًا على أن التضامن هو مصدر النجاح، ومذكّرًا بمقولة الزعيم هو تشي منه "قوتنا في وحدتنا".

وفي استعراضه لتجربة بلاده التنموية، أشار كونج إلى أن فيتنام تمكنت من التحول من بلد فقير إلى قوة اقتصادية ناشئة، ضمن أكبر 32 اقتصادًا عالميًا، بفضل سياسة "دو موي" للإصلاح والانفتاح، حيث أصبحت من أبرز مصدّري الأرز عالميًا، وتتمتع باستقرار سياسي واجتماعي، وتعايش سلمي بين 54 مجموعة عرقية.

وأوضح أن فيتنام تسعى لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي مع الدول العربية، خاصة في مجالات الصناعات الحلال، والتبادل الثقافي، والسياحة، مشيرًا إلى تسهيلات جديدة للحصول على تأشيرات للمواطنين العرب، ورغبة بلاده في استقبال مزيد من الطلاب العرب، وزيادة المنح الدراسية، خصوصًا لمن يدرسون اللغة العربية.

كما شدد كونج على أهمية تعزيز العلاقات بين الدول العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي تلعب دورًا متزايدًا في الشؤون الإقليمية والدولية، مؤكدًا استعداد فيتنام للعب دور الجسر في هذا التعاون، لا سيما في قضايا حفظ السلام وبناء نظام دولي عادل ومتوازن.

واختتم الرئيس الفيتنامي كلمته بالتأكيد على أن علاقات بلاده مع الدول العربية تستند إلى شراكة قوية قوامها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من التعاون المثمر لما فيه مصلحة الشعوب.

المصدر: قناة اليمن اليوم

كلمات دلالية: الدول العربیة

إقرأ أيضاً:

لماذا مؤتمر حل الدولتين مهم؟

قد يتساءل المرء، ما الفائدة من مؤتمر دولي حول حل الدولتين الذي احتضنته الأمم المتحدة برعاية كل من فرنسا والمملكة العربية السعودية في نهاية الشهر المنصرم، ما دامت الولايات المتحدة غائبة عنه، ومعارضة له، وما دامت إسرائيل قد أعلنت ضم الضفة الغربية، وما تزال متمادية بالتقتيل في غزة، عن طريق أبشع أنواع التنكيل؛ وهو التجويع، وما يصاحب ذلك من نزع إنسانية الإنسان؟

ما الجديد الذي قد يأتي به المؤتمر، والقاعدة الترابية في كل من الضفة الغربية مع سلسلة المستوطنات، تعتريها ثقوب مما يجعل قيام دولة غير قابلة للحياة، ومع التدمير شبه الكلي لغزة؟ ألا يكون المؤتمر تمرينا بلاغيا لرفع العتب؟ ثم ما فائدة البلاغات، أمام منطق القوة، والتمادي في الغطرسة؟

كلا. لأن المؤتمر يُقدم إجراءات عملية على مستوى الزمن الراهن، لوقف الحرب، وإدخال المساعدات عن طريق الأمم المتحدة، والصليب الأحمر، وإطلاق سراح الأسرى، وعلى المستوى المتوسط، يتبنى خطة الإعمار العربية الإسلامية، أما على مستوى الزمن الثالث، فيضع السكة لحل الدولتين.

نحن أمام مرجعية، بحشد دولي، وغطاء الأمم المتحدة، تُقدم تصورا غير التصور الذي دأبت الولايات المتحدة على تقديمه منذ أوسلو 1993، أو ربما مع مخطط ريغان 1981 لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

لم تعد الولايات المتحدة تأخذ بمعادلة الأرض مقابل السلام، والوسيط النزيه، وإنما بعقد إذعان يناقض المقتضيَين السابقين. مدار خطاب الولايات المتحدة، ما تعبر عنه بشكل واضح وصريح، برفضها قيام دولة فلسطينية، والاصطفاف الكلي إلى جانب إسرائيل.

والمرجعية الناظمة لسياسة الولايات المتحدة، هو اتفاق أبراهام، من خلال تطبيع مع إسرائيل أولا وأخيرا. لا يفضي التطبيع، من منظور الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى حل القضية الفلسطينية، بل إلى الإجهاز عليها. لا تعارض الولايات ضم الضفة الغربية، وتتستر على إخلاء غزة.

إعلان

بيد أن تداعيات الحرب على غزة أصابت مرجعية اتفاق أبراهام بتصدع ملحوظ. فالعلاقات بين إسرائيل وبعض الأطراف الموقعة على الاتفاق تشهد فتورا واضحا، والمد الشعبي المناهض للتطبيع في عدد من البلدان لا يسمح لهذا المسار أن يبدو طبيعيا، فيما تؤكد أطراف محورية في المنطقة، مرارا، أن أي علاقة طبيعية مع إسرائيل لن تكون ممكنة إلا في إطار حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية مستقلة.

لذلك يكتسي المؤتمر الدولي حول حل الدولتين، أهمية كبرى؛ لأنه يضبط عقارب الساعة، إذ يجعل حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي شرطا أساسا لعلاقات طبيعية لإسرائيل مع محيطها، لا العكس، ويتبنى موقفا صريحا من التغيير القسري للبنية الديمغرافية، أي رفض التهجير.

سيكون من السذاجة الاعتقاد أن الإعلان الأممي عن حل الدولتين، يُعبّد الطريق إلى قيام دولة فلسطينية. المستوطنات التي أقامتها إسرائيل في الضفة، والتغييرات الديمغرافية في كل من الضفة والقدس الشرقية التي أجرتها، والخراب الذي أحدثته في غزة، تجعل قيام دولة تتوفر فيها شروط الحياة صعبا للغاية، هذا فضلا عن الفيتو الأميركي لقبول فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة.

لكن أهمية المؤتمر، هو أنه يُبقي القضية الفلسطينية حية، في الوقت الذي كانت الدبلوماسية الأميركية تسعى لأن تطمرها، وتختزلها في مجرد نزاع عقاري، وفي مواجهة دولة "متمدنة،" مع "تنظيم إرهابي"، وفي عرض ينبني على "النماء والازدهار"، مقابل خطاب الكراهية، وما إلى ذلك.

أسفرت الحرب على غزة عن حقيقة لا يمكن التستر عليها، وهي التقتيل والإمعان فيه، من قِبل إسرائيل، والتجويع، في أبشع فصل من فصول المواجهة، حتى إن مناصري إسرائيل لم يعودوا يتسترون على إطلاق مصطلح إبادة على ما تقوم به إسرائيل.

يمكن لإسرائيل أن تُروّج لما تشاء، في خطابها ودعايتها، ويمكن للإدارة الأميركية أن تأخذ بما تشاء، من رواية إسرائيل، ولما تريد أن تراه، ولكنها لا تستطيع أن تحجب الحقيقة، من صور الدمار التي لم توفر مسجدا ولا كنسية ولا مستشفى، والتقتيل الذي استهدف الأطفال والنساء والشيوخ، خاصة، وصور الأجسام المنهكة بالجوع والهياكل النخرة للموتى أو لمن هو على وشك الموت. كلها صور تحدث عن نفسها، وتنضح بالحقيقة، وهي الصور التي تسكن وجدان العالم، ولن تستطيع الدعاية الإسرائيلية أن تطمسها.

يأتي المؤتمر الدولي في ظل هذا الواقع المروع، إذ سبق المؤتمر مبادرات عدة عن حل الدولتين، ومنها المبادرة العربية التي تم تبنيها في القمة العربية المنعقدة في بيروت 2002، لكن أهمية المبادرة الأخيرة، تأتي في ظل سياق حرب لم يسبق لها مثيل، مع حشد دولي غير مسبوق.

وتأتي أهمية المؤتمر، مثلما ورد في البيان الختامي، من كونه يطلق دينامية دبلوماسية. ومن دون دينامية، يصبح المؤتمر مجرد محطة من محطات البيانات التي تُعنى بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ولا تغير شيئا.

أولى المحطات التي ينبغي أن تكون مجالا للدينامية الدبلوماسية هي الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة، لحصد مزيد من الحشد لمبادرة حل الدولتين، والتذكير بالفظائع المرتكبة في حق ساكنة غزة… والثانية تفعيل أشغال اللجان المنبثقة عن المؤتمر.

إعلان

لا يعني ذلك أن حشد الدعم سيفضي آجلا لقيام دولة فلسطينية، ولكنه سيبقي القضية متوهجة، لأن القضية الفلسطينية، منذ الحرب على غزة- وبالأخص منذ فصلها المُروع الأخير، من حصار وتجويع وقنص الجوعى- أصبحت فكرة تسائل الضمير العالمي.

بيد أن الدينامية لا ينبغي أن تقتصر على الجانب الدبلوماسي، أو حتى القانوني، إذ ينبغي أن تنصرف إلى الجانب الأخلاقي، من خلال فعاليات المجتمع المدني، عبر العالم، في الجامعات وعلى أعمدة الصحف، ومراكز البحث.

ما عرفته غزة من تقتيل ممنهج، وتقتير في توزيع المساعدات والتضييق على الأمم المتحدة وعلى الصليب الأحمر، واستهداف من يهبُّون للالتقاط المساعدات، حوّل طبيعة النزاع إلى قضية أخلاقية… الجانب الأخلاقي هو الجزء الثاني من الدينامية المنشودة. وهو تحوُّل من شأنه أن يُقوّض السردية الصهيونية التي قامت على ريع المظلومية.

إعلان حل الدولتين من قبل الأمم المتحدة، هو محطة جديدة لسردية غير تلك التي هيمنت على الوجدان العالمي، منذ المحرقة، وهو مؤشر على تغيير الفاعلين الدوليين، وإعادة ضبط قواعد التعامل الدولي بالاصطفاف للقانون والمبادئ، عوض القوة والصفقات.

وقد يكون ترميم قواعد المنتظم الدولي، من بوابة مؤتمر حل الدولتين. ومن يدري، فلعل رفع حل الدولتين أن يكون المدخل لحل الدولة الواحدة؛ أي دولة ديمقراطية لا تقيم تمايزا بين مواطنيها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • رئيس فيتنام يدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة أمام مجلس الجامعة العربية
  • رئيس فيتنام يؤكد دعم بلاده إقامة دولة فلسطينية مستقلة
  • أبو الغيط يستقبل لوونج كوونج رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية
  • فلسطينيو الخارج يدعو ليوم غضب عالمي الجمعة المقبلة دفاعا عن الأقصى
  • مؤتمر «حلّ الدولتين» مكسب ولكن..
  • لماذا مؤتمر حل الدولتين مهم؟
  • مؤتمر نيويورك وحل الدولتين
  • تعاون استثماري مشترك بين سلطنة عُمان وهونج كونج
  • "حماس": لا يمكن التخلي عن السلاح قبل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس