من يقف وراء عمليات الاغتيال في إدلب شمالي سوريا؟
تاريخ النشر: 13th, October 2025 GMT
إدلب – شهدت محافظة إدلب قبل يومين 3 عمليات اغتيال متتالية في 24 ساعة، أثارت مخاوف وتساؤلات حول مدى استقرار الوضع الأمني في المحافظة، التي باتت تضم ملايين السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد نهاية عام 2024.
وقعت الحادثة الأولى في مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي، حيث قتل صدام الحميدي المعروف بـ"الكابتن أبو عدي"، برصاص مجهولين بعد نجاته سابقا من محاولة اغتيال قرب منطقة السفيرة شرق حلب، وكان الحميدي يعمل كمدرب رياضي عسكري في وزارة الدفاع السورية.
أما الحادثة الثانية فاستهدفت هاني الجدعان، أحد عناصر الجيش السوري، الذي قتل برصاصة في الرأس إثر كمين قرب مفرق رجم القط شرق معرة النعمان.
وفي الحادثة الثالثة نجا أبو سعيد رأس الحصن، القيادي السابق في هيئة تحرير الشام الذي يعمل حاليا في وزارة الدفاع، من محاولة اغتيال على طريق سرمدا-رأس الحصن.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذه العمليات التي يرى مراقبون أنها تمثل مؤشرا على تصاعد التوترات الأمنية في إدلب.
وقال قيادي في قوات الأمن العام السورية بمحافظة إدلب -فضل عدم الكشف عن هويته- إن الفترة الأخيرة شهدت إعادة انتشار للعناصر الأمنية والجيش في مختلف المناطق بعد تشكيل وزارتي الدفاع والداخلية، وإزالة عشرات الحواجز داخل المحافظة، مشيرا إلى أن معدل الجرائم كان أدنى مقارنة بمناطق أخرى.
وأضاف للجزيرة نت أن الأجهزة الأمنية تعمل حاليا على تعزيز الحواجز وتكثيف الدوريات الأمنية لملاحقة منفذي الاغتيالات وكشف ملابساتها، مؤكدا أن قوى الأمن الداخلي "لن تسمح بمحاولات زعزعة الاستقرار أو استهداف الشخصيات العامة والعسكرية".
وأوضح القيادي أن الوزارة تعمل على "فرز عناصر إضافية لتغطية المخافر والنقاط الأمنية كافة، بهدف الحفاظ على أمن المواطنين وإغلاق الثغرات التي يمكن استغلالها".
منذ عام 2017، كانت إدلب خاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع الذي تولى رئاسة سوريا بعد سقوط النظام، وأدارت الهيئة المحافظة عبر "حكومة الإنقاذ" التي وفرت خدمات عامة وأمنا نسبيا.
إعلانفي عام 2020 أقامت تركيا قواعد عسكرية في إدلب لمنع تقدم قوات النظام المدعومة من روسيا، ثم أطلقت الهيئة وفصائل "فتح المبين" في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 عملية "ردع العدوان"، التي انتهت بعد 12 يوما بسقوط النظام وفرار بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، وتسلمت حكومة الإنقاذ إدارة البلاد من دمشق قبل أن تحل وتشكل حكومة تكنوقراط جديدة.
ووفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، سُجلت حوالي 52 عملية اغتيال في إدلب منذ بداية 2025 حتى اليوم، معظمها في يناير/كانون الثاني ومارس/آذار الماضيين.
اغتيال صدام أبو عدي — واحد من أبناء قرى الحص (قرية تلهو) — بالأمس في منطقة سرمدا على يد مجهولين يستقلّون دراجة نارية، حادثة خطيرة جداً وغير مسبوقة وتستدعي وقفة جدّية حوليها.
حاضنة الثورة #إدلب اللي المفروض تكون من أأمن المحافظات، والخالية من فلول النظام المجرم، صارت تشهد جرائم… pic.twitter.com/WUTfjf4NeC
— kareem (@ing_kareem) October 12, 2025
فراغ أمنيويرى الخبير الأمني والضابط المتقاعد أحمد الشيخ أن الاغتيالات الأخيرة تكشف "تحديات أمنية خطيرة تهدد استقرار سوريا الجديدة"، موضحا في حديثه للجزيرة نت أن هذه العمليات "مدروسة وتستهدف خلق فراغ أمني في معقل السلطة الجديدة".
وأشار الشيخ إلى أن طبيعة الكمائن السريعة واستخدام الأسلحة الخفيفة تدل على "ضعف التنسيق الأمني ونقص المعلومات الاستخباراتية"، موضحا أن إدلب تواجه "مرحلة انتقالية حساسة" نتيجة انتقال الفصائل إلى هياكل حكومية لم تكتمل بعد، فيما تتركز جهود السلطات على إعادة تنظيم العاصمة دمشق.
وأضاف أن بعض الهجمات قد تحمل "رسائل تحذيرية من فلول النظام السابق أو جهات إيرانية تسعى لإرباك الحكومة الجديدة وزعزعة الثقة فيها"، محذرا في الوقت نفسه من "محاولات إثارة توترات طائفية أو إقليمية تهدف إلى عرقلة مشاريع الإعمار والاستقرار".
ورجح الشيخ أن تكون "إيران أو روسيا وراء محاولات إبقاء إدلب في حالة اضطراب بهدف منع إعادة الإعمار أو تبرير تدخلات مستقبلية"، مشيرا إلى أن "مجموعات متشددة وعصابات إجرامية داخلية تستغل ضعف الأجهزة الأمنية لفرض نفوذها في بعض المناطق".
واقترح إنشاء مراكز تنسيق أمني مشتركة في إدلب مدعومة بشبكات استخبارات محلية، مع الاستفادة من برامج تدريب دولية لتأهيل الكوادر الأمنية، مؤكدا أن "استقرار إدلب هو مفتاح استقرار سوريا الجديدة ويتطلب يقظة أمنية متواصلة لتثبيت مكاسب الثورة".
تحديات مستمرة
أما المحلل السياسي أحمد مظهر سعدو، فيرى أن إدلب "تتمتع بتنسيق أمني متوازن نسبيا"، لكنه يعزو تكرار الاغتيالات إلى "بطء تنفيذ العدالة الانتقالية"، مشيرا إلى أن "وجود عناصر سابقة من النظام ارتكبت جرائم بحق المدنيين يدفع لعمليات ثأر فردية تهدد السلم الأهلي".
ودعا سعدو في حديثه للجزيرة نت إلى "تسريع عمل هيئات العدالة الانتقالية لمعالجة جذور هذه الظاهرة"، موضحا أن "العديد من الاغتيالات ترتبط بمحاولات القصاص من فلول النظام السابق، بينما تستغل جماعات متشددة هذا الفراغ الأمني لإعادة التموضع".
إعلانوأكد أن إدلب "تظل أولوية لدى القيادة السورية الجديدة رغم انشغالها بإعادة ترتيب المؤسسات في دمشق"، مشددا على أن "استقرار المحافظة ضرورة لاستقرار البلاد، لما تمثله من رمزية الثورة واحتضانها لملايين النازحين بعد سقوط النظام".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات فی إدلب إلى أن
إقرأ أيضاً:
نجاة صحفي بارز من محاولة اغتيال في عدن
الجديد برس| خاص|
نجا الصحفي والباحث البارز صالح بوعوذل، اليوم، من محاولة اغتيال في العاصمة المؤقتة عدن، التي تخضع لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، في حادثة جديدة تسلّط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في المدينة.
ووفق مصادر محلية، فقد جرت المحاولة في أحد شوارع عدن، دون أن تتضح حتى الآن هوية المنفذين أو الجهة التي تقف وراء الهجوم.
اللافت أن بوعوذل كان قد أشاد في تصريحات سابقة بدور المجلس الانتقالي في حفظ الأمن والاستقرار، قبل أن يتعرض اليوم لمحاولة اغتيال في ذات المدينة التي كان يدافع عن مؤسساتها.
وسجّل مراقبون صمتاً تاماً من وسائل الإعلام التابعة للمجلس الانتقالي تجاه الحادثة، ما أثار الشكوك حول وجود محاولة متعمدة للتعتيم الإعلامي.
وتساءلت أوساط سياسية وصحافية عن الجهات المستفيدة من استهداف بوعوذل، خاصة أنه من الأصوات المعروفة والمقربة من بعض دوائر السلطة المحلية.
وتأتي هذه الحادثة في ظل تصاعد موجة الاغتيالات والانفلات الأمني في عدن، وسط عجز السلطات التابعة للمجلس الانتقالي وحكومة عدن عن كبح الجرائم اليومية من قتل واختطاف وتصفية حسابات بين فصائل التحالف.
وطالبت أوساط حقوقية وصحافية بفتح تحقيق عاجل وشفاف لكشف ملابسات محاولة الاغتيال، وتقديم الجناة للعدالة، إلى جانب توفير حماية فعلية للصحفيين والناشطين الذين باتوا عرضة للاستهداف المستمر.
ويُذكر أن محافظة عدن تشهد منذ أشهر تصاعداً خطيراً في الانتهاكات الأمنية، وسط تزايد الصراع بين الفصائل الموالية للتحالف، ما خلق حالة من الخوف والقلق بين السكان.