عربي21:
2025-05-14@18:35:08 GMT

الكورونا خيار وغيرها فقوس*

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

أثبتت حملات مكافحة فيروس كوفيد 19 المسبب لمرض الكورونا، أن التضامن الأممي كفيل باجتثاث الكثير من العلل، فقد سطر بنو البشر على اختلاف أجناسهم وسحناتهم ومِللِهم ونِحلِهم، ملحمة بطولية دامت عامين، ونجحوا في تحجيم أخطر جائحة تعرضت لها مختلف الشعوب في التاريخ الحديث، وعلى غير العادة، مدت الدول الغنية يد العون السخية للبلدان الفقيرة، وزودتها بالأمصال الواقية من الفيروس، ولم يدفعها لذلك الحس الإنساني، بل إدراك أن الفيروس عابر للحدود برا وبحرا وجوا بدون فيزا، وطالما هو نشط في بقعة ما، ستظل باقي بقاع العالم مرشحة للاجتياح، وفوق هذا كله فقد أفادت الكثير من الدول الغنية من حملة مكافحة الكورونا.



بنهاية عام 2021 كانت شركة فايزر الأمريكية قد سيطرت على معظم سوق لقاح كورونا، الذي باعت الجرعة الواحدة منه بعشرة دولارات أمريكية، وارتفعت إيراداتها السنوية في تلك السنة إلى أكثر من 81 مليار دولار، منها 36.8 مليار دولار من لقاحات كورونا. ثم بلغت عائدات خزائنها من اللقاح وعقاقير علاج الكورونا في عام 2022 أكثر من خمسين مليار دولار، بينما جنت شركة استرا زينيكا البريطانية أكثر من 13 مليار دولار من مبيعات اللقاح.

بعد حملات دولية مكثفة قام بدور المنسق فيها هيئة الصحة العالمية، كاد فيروس كوفيد 19 أن يصبح نسيا منسيا، وصار ما بقي منه قيد التداول شديد الهشاشة، ولا يختلف كثيرا في أعراضه وعواقبه عن الأنفلونزا العادية، ولكن عللا لا تقل فتكا عن الكورونا لا تزال تجتاح أقساما كبيرة من أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، دون أن تأبه لها الدول الغنية، بل إن هذه الدول هي من تسبب في تفاقمها واتساع رقاعها.

بعد حملات دولية مكثفة قام بدور المنسق فيها هيئة الصحة العالمية، كاد فيروس كوفيد 19 أن يصبح نسيا منسيا، وصار ما بقي منه قيد التداول شديد الهشاشة، ولا يختلف كثيرا في أعراضه وعواقبه عن الأنفلونزا العادية، ولكن عللا لا تقل فتكا عن الكورونا لا تزال تجتاح أقساما كبيرة من أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، دون أن تأبه لها الدول الغنية..فالملاريا التي يتسبب فيها الناموس أصابت في عام 2021 وحده أكثر من 247 مليون شخص في المناطق المدارية، وفي أفريقيا وحدها يموت بضعة آلاف يوميا بسبب طفيل الملاريا، فنحو 95% من المجموع العالمي لحالات الإصابة بالملاريا، وما نسبته 96% من الوفيات الناجمة عنها تحدث في أفريقيا، حيث يمثّل الأطفال دون سن الخامسة نحو 80٪ من مجموع الوفيات الناجمة عن الملاريا، ومع هذا الوضع المأساوي لم تحرك شركات صنع الأدوية الغربية ساكنا للتوصل إلى مصل يقي من الملاريا، ولكنها لا تقصر في اختراع عقاقير تعالج المرض أو تخفف وطأته، وتعمل بهمة ودأب على رصد الطفرات التي تطرأ على الطفيل المسبب للملاريا، كي تواكب ذلك بإصدار العقاقير اللازمة لقمعه، وهكذا فان تفشي الملاريا يعود ب"الخير" على شركات تصنيع الأدوية، ولهذا ما إن تم التوصل إلى وسيلة لإصابة أنثى البعوض وهي الناقل للملاريا بالعقم، حتى أقامت تلك الشركات مأتما وعويلا على "البيئة".

وأس العلل العضوية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والأخلاقية هو الفقر، وجاء في تقرير للأمم المتحدة أن عامي 2020  و2021 شهدا، وبسبب متطلبات مكافحة الكورونا، دخول 165 مليون شخص في دائرة الفقر من مختلف دول العالم، حيث إن دخل الفرد منهم تدنى إلى ما دون الأربعة دولارات يوميا، ويعرِّف البنك الدولي الفقر على أنه حيث ينخفض دخل الفرد عن 600 دولار أمريكي سنوياً، ويقول إن هناك 45 دولة يتفشى فيها الفقر وبائيا معظمها في أفريقيا، منها 15 دولة يقل فيها متوسط دخل الفرد عن 300 دولار سنويا. وحتى في دولة غنية مثل الولايات المتحدة هناك 30 مليون فرد (أي 15% من السكـان) يعيشون تحـت خط الفقـر في الولايات المتحدة الأمريكية، أخذا في الاعتبار أن معايير الفقر في السودان مثلا تختلف عن معاييره عند الأمريكان.

ما يزيد حالات الفقر تفاقما وفق تقرير آخر للأمم المتحدة، هو أن 3.3 مليارات شخص، أي نحو نصف سكان العالم، يعيشون في بلدان تنفق في تسديد فوائد الدين مبالغ أكبر من تلك التي تنفقها على التعليم أو الصحة. ولم تجد المنظمة الدولية سبيلا لعون هذه الثلاثة مليارات ونيف من البشر، سوى نصح حكوماتها بتأجيل سداد ديونها الخارجية.

عندما استشرت متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) في الولايات المتحدة، وصار ضحاياها يتساقطون موتى، هرعت شركات الأدوية الأمريكية لاختراع عقاقير تمنع اشتداد وطأة المرض ونجحت في ذلك، وعندما كادت المتلازمة أن تتحول إلى وباء في جمهورية جنوب أفريقيا، اضطرت حكومتها إلى إعطاء شركات الأدوية المحلية تصريحا باستنساخ تلك العقاقير، في تحد لحقوق الاختراع لمنتجيها الأصليين الذين ارتفعت عقيرتهم بالاحتجاج، ولكن جنوب أفريقيا لم تأبه لهم وواصلت إنتاج عقاقير الأيدز محليا، وفعلت الأرجنتين أمرا مشابها في عام 2000 عندما تكاثرت عليها الديون، فامتنعت عن السداد تماما طوال خمس سنوات، حتى أرغمت الدائنين على إلغاء بعضها، وإعادة جدولة البعض الآخر.

****

*الفقوس نوعٌ من القثاء، يشبه الخيار شكلاً، إلا إن الناس ظلوا يفضلون الخيار عليه، وتستخدم عبارة "خيار وفقوس" للإشارة إلى أن هناك تفريقاً ما، غير منصف، بين شخصين أو جماعتين أو أمرين بتفضيل واحد على الآخر على ما في ذلك من ظلم للآخر الذي تم إهماله، وهكذا كانت الكورونا هي الخيار (بمعنى صنف الخضار، وبمعنى ما وقع عليه الاختيار)، الذي حظي بالاهتمام، وتم إهمال فقوس الملاريا والفقر والإيبولا وغيرها، لأنها علل الدول النامية وشبه النامية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العالم العالم مواقف رأي أوبئة مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة صحافة أفكار صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول الغنیة ملیار دولار أکثر من

إقرأ أيضاً:

مفاجأة.. إدارة ترامب تلغي قانون لانتشار الذكاء الاصطناعي

أعلنت وزارة التجارة الأمريكية، رسميا، إلغاء قانون انتشار الذكاء الاصطناعي، الذي أطلقته إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في يناير الماضي، الذي كان من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في 15 مايو. 

ويهدف هذا القانون إلى فرض قيود جديدة على تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي الأمريكية الصنع إلى عدد كبير من الدول، وهو ما كان سيشكل تحولا كبيرا في السياسة التجارية والتكنولوجية للولايات المتحدة.

أسرع من الهاكرز.. الذكاء الاصطناعي يهدد كلمات المرورذكاء اصطناعي بلا تركيز.. روبوتات المحادثة تفتقد الدقة عند الإيجاز

الوزارة أوضحت أنها وجهت موظفيها بعدم تطبيق هذا القانون، وأكدت أنها ستعمل لاحقا على إصدار بديل أكثر فاعلية. 

التوجه الجديد سيكون قائما على التفاوض المباشر مع الدول، بدلا من فرض قيود شاملة تنطبق على الجميع دون تمييز، وفقا لتقارير إعلامية.

يقسم القانون الملغى الدول إلى 3 فئات، بحيث يتم التعامل مع كل فئة بشكل مختلف من حيث قيود التصدير، دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية لم تكن ستتأثر، بينما دول أخرى مثل المكسيك والبرتغال كانت ستواجه قيودا لأول مرة، في حين أن الصين وروسيا كانتا ستخضعان لضوابط أكثر صرامة.

وبعد إلغاء القانون، أصدرت وزارة التجارة توجيهات عامة للصناعة تحذر من استخدام شرائح شركة هواوي الصينية في أي مكان حول العالم، ولفتت الانتباه إلى مخاطر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الأمريكية داخل الصين، ودعت الشركات إلى اتخاذ خطوات لحماية سلاسل الإمداد الخاصة بها.

من جهته، صرح مسؤول في إدارة ترامب القادمة، بأن الاستراتيجية المقبلة ستكون قائمة على بناء تحالفات تكنولوجية مع دول موثوقة، مع منع وصول تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى خصوم الولايات المتحدة، وانتقد محاولات إدارة بايدن لفرض سياسات وصفها بأنها غير مدروسة وضارة.
 

زيادة أسعار الأجهزة الذكية

أفادت تقديرات جديدة مؤخرا، بأن أسعار أجهزة الكمبيوتر المحمول والهواتف الذكية قد ترتفع بنحو 250 دولارا في الولايات المتحدة، في حال انتهاء فترة التجميد المؤقت للرسوم الجمركية "المتبادلة" التي فرضتها الحكومة الأمريكية، وإذا ما مضى الرئيس ترامب في تهديده بفرض رسوم جديدة على واردات تشمل أشباه الموصلات.

وحذرت جمعية تكنولوجيا المستهلك (CTA)، من أن استمرار فرض هذه الرسوم قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في تكلفة العديد من المنتجات الإلكترونية حول العالم، مما سينعكس على إنفاق المستهلكين الأمريكيين.

طباعة شارك الذكاء الاصطناعي وزارة التجارة الأمريكية جو بايدن

مقالات مشابهة

  • مفاجأة.. إدارة ترامب تلغي قانون لانتشار الذكاء الاصطناعي
  • النمو الاقتصادي يتسارع في أفريقيا رغم حالة عدم اليقين
  • موقع بريطاني: الولايات المتحدة أنفقت مليارات الدولارات في حرب هزمت فيها
  • “بمليار دولار”.. الإمارات تقتنص صفقة طاقة من قلب أفريقيا
  • يجب أن نطرد العرب.. رسالة بن غوريون لابنه وتأسيس الأونروا
  • من قاع الفقر إلى قمة الثراء: 10 قصص ملهمة لأشهر مليارديرات العالم
  • هات حَسَنَة وأنا سيدك!
  • أول دفعة من لاجئي جنوب أفريقيا البيض تصل الولايات المتحدة
  • أميركا في المراتب الأولى بين أكبر الدول التي تستثمر في السعودية
  • أفارقة بيض يغادرون جنوب أفريقيا إلى أمريكا بزعم “الاضطهاد العنصري” ضمن مبادرة لترامب