جريدة الوطن:
2025-05-12@18:08:20 GMT

شراع : صحوة إفريقية متأخرة.. ولكن

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

شراع : صحوة إفريقية متأخرة.. ولكن

على مدار التَّاريخ مثَّلت مناطق الثروات هدفًا رئيسًا للقوى الاستعماريَّة، وأيُّ بقعة في هذا العالَم مُرشَّحةٌ لأنْ تكُونَ هدفًا لجحافل هذه القوى بمجرَّد أنْ تفصحَ الاكتشافاتُ والتنقيباتُ عن ثروات جديدة أو مزيدٍ من الثروات التي يتواصل نهْبُها وتحديدًا في قارَّتَيْ إفريقيا وآسيا.
لذلك لا غَرْوَ أنْ يسيلَ لُعاب القوى الاستعماريَّة للثروات الهائلة التي تتمتَّع بها القارَّة السَّمراء التي توصفُ بأنَّها مَنْجَمُ العالَم، وأنْ تبقَى القارَّة بثرواتها وشعوبها مستعمَرَةً.

فالعقل الاستعماريُّ لَمْ يتورَّعْ عن قول الحقيقة بأنَّ قدرَ إفريقيا أنْ تبقَى هكذا، وإذا لَمْ تكُنْ كذلك فإنَّ أوروبا على وجْهِ التحديد لَنْ تكُونَ قوَّة اقتصاديَّة ولا قارَّة غنيَّة، سيغدو حالها حال دوَل العالَم الثالث الفقيرة، وهذا ما يُقرُّ به الأوروبيون على اختلاف مشاربهم من أكبر مسؤول إلى أصغر مسؤول، ومن أغنى مواطن أوروبي إلى أفقر مواطن.
ومَنْ يُتابعْ ردَّات الفعل الأوروبيَّة بوَجْهٍ عامٍّ، والفرنسيَّة بوَجْهٍ خاصٍّ، على خلفيَّة الانقلابات التي تشهدها إفريقيا في النيجر والجابون وقَبلها في مالي وبوركينا فاسو، يقفْ على حقيقة مفادها وهي أنَّ القارَّة العجوز ـ وخصوصًا دوَلَها الاستعماريَّة ـ تقبض على قَلْبها من أنْ يَمضيَ قطار الصحوة للشعوب الإفريقيَّة في سِكَّتِه فيأتي على كُلِّ دوَل القارَّة السَّمراء، فتتخلَّص من ربقة الاستعمار. وقَدْ بانَ ذلك على ألسنة تصريحات القادة الأوروبيِّين، حيث اعترف جوزيب بوريل مفوَّض الشؤون الخارجيَّة بالاتِّحاد الأوروبي بأنَّ ما يَحدُث في غرب إفريقيا يُشكِّل مشكلةً كبيرة لأوروبا، وأنَّ الوضْعَ محلُّ نقاش وزراء الدِّفاع والخارجيَّة الأوروبيِّين. أمَّا فرنسا، التي تجني ما اقترفته يَدُها الاستعماريَّة الآثمة، فقَدْ أعلنت على لسان رئيسة وزرائها إليزابيت بورن أنَّ فرنسا تتابع «باهتمامٍ شديد» الوضْعَ في الجابون، وأنَّ دبلوماسيَّة بلادها تُواجِه أزمات كثيرة، وهي تُتابعُ الوضْعَ في الجابون باهتمامٍ شديد، مع رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تنفيذ مطالب المجلس العسكري الذي يَقُودُ الانقلاب في النيجر بسَحْبِ السَّفير الفرنسيِّ الذي باتَ غيرَ مرغوبٍ فيه شَعبيًّا ولا رسميًّا، وكذلك سَحْبُ القاعدة الفرنسيَّة وإنهاء الوجود الاستعماريِّ من أراضي النيجر إلى غير رجعة. ولا يزال ماكرون يضغط على مجموعة «إيكواس» لقيادة عملٍ عسكريٍّ ضدَّ النيجر لإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم وإعادته إلى السُّلطة، مُمَنِّيًا النَّفْسَ بأنْ تبقَى النيجر مستعمَرَةً فرنسيَّةً تُواصلُ الشركات الفرنسيَّة نَهْبَ ثرواتها. اللافت للنَّظر والمُثير للسُّخرية في الوقت ذاته، هو أنَّ هذه الانقلابات أخذَتْ تصفُها باريس وعواصم الاتِّحاد الأوروبي بأنَّها انقلابٌ على الديمقراطيَّة، في حين أنَّ الإرثَ الاستعماريَّ وتاريخَ الأنظمة الحاكمة في الدوَل الإفريقيَّة التي تشهد انقلابات يؤكِّدان أنَّ المُستعمِرَ ـ سواء في إفريقيا أو آسيا أو غيرهما ـ لا يعترف بشيء اسمه ديمقراطيَّة؛ لأنَّه يعْلَمُ يقينًا أنَّ الديمقراطيَّة الحقَّة تَعْنِي زوالَه والقضاءَ على استعماره. ومَنْ يُتابع التَّاريخ الاستعماريَّ حتَّى الآن يَجِدْ أنَّ المستعمِرَ دائمًا ما يأتي بأنظمة تابعة له لِيضْمَنَ استمرارَه في نهْبِ الثروات.
صحيح أنَّ ما تشهده بعض دوَل القارَّة الإفريقيَّة هو صحوة شَعبيَّة ـ وإن جاءت متأخرة ـ أسهم في تَبَلْوُرِها وتكَوُّنِها التحوُّلاتُ التي يشهدها العالَم وصراع النفوذ بَيْنَ الدوَل الكبرى، وكذلك الصراع الجاري بَيْنَ روسيا الاتِّحاديَّة وحِلْفِ شَمال الأطلسيِّ «ناتو» على الأرض الأوكرانيَّة، وما يَجرُّه من استقطابات وبحْثٍ عن مكامن الضَّعف والقوَّة، ومحاولة تقويضها. وتُعدُّ هذه الانقلابات في القارَّة السَّمراء هي إحدى حلقات هذا الصراع الذي ـ كما يبدو ـ لَنْ ينتهيَ دُونَ أنْ يقذفَ بِكُرَاتِ نيرانِه قارَّات العالَم، لا سِيَّما الدوَل التي تُمثِّل مناطق نفوذ ومُستعمَرَات، وهي أيضًا فرصة لكثير من الدوَل والشعوب لِتنالَ استقلالَها الكاملَ وسيادتَها غير المنقوصة وتتمتَّعَ بثرواتها، وترسي بذلك مناخ السلم الاجتماعي والاستقرار المعيشي، وتَبْنِي اقتصاداتها وسياساتها على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخُّل في الشؤون الداخليَّة، وتبادل المصالح والتَّعاون على أساسٍ من العدالة والمساواة، وهذا ما تدعو إليه اليوم روسيا الاتِّحاديَّة ومَنْ معَها مِن الشُّركاء والحُلفاء مَنْ يُشاركها هذا التوجُّه؛ لكونِه أساسًا لبناء عالَمٍ جديد مُتعدِّد الأقطاب. فلولا النَّهب والهيمنة والعمالة والخيانة لَمَا تمكَّنت قوى الاستعمار ـ قديمه وجديده ـ من إفقار الشعوب والتحكُّم في أرزاقها ومصائرها.

خميس بن حبيب التوبي
khamisaltobi@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العال م الدو ل التی ت

إقرأ أيضاً:

برلماني: زيارة الرئيس السيسي لروسيا تؤكد نجاح سياسة مصر الخارجية المتوازنة

أشاد النائب الصافي عبد العال عضو مجلس النواب، بلقاء القمة الذي جمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة موسكو، مؤكدًا أنه يعكس نجاح مصر في بناء سياسة خارجية رشيدة ومتوازنة تقوم على تعزيز المصالح المشتركة والشراكات الاستراتيجية مع القوى الدولية الكبرى.

القضية الفلسطينية وتطورات الأوضاع في غزة

أوضح عبد العال، في تصريح صحفي له اليوم، أن الرئيس السيسي حرص خلال القمة على طرح رؤية مصر المتكاملة تجاه مختلف الملفات الإقليمية والدولية، لا سيما القضية الفلسطينية وتطورات الأوضاع في غزة، حيث جدّد دعوته لوقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية، والتوصل إلى حل دائم يضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن تأكيد الرئيسين على دعم التعاون الاقتصادي والصناعي بين مصر وروسيا، وخاصة في مشروعات كبرى مثل المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد، ومحطة الضبعة النووية؛ يعكس رؤية الدولة المصرية لجذب الاستثمارات وتعزيز التبادل التجاري والتصنيع المشترك.

ملف السياحة الروسية

نوّه "عبد العال" بأن ملف السياحة الروسية إلى مصر كان حاضرًا في القمة، وهو ما يدل على اهتمام الدولة بدعم هذا القطاع الحيوي، مشيرًا إلى أن التوافق بين الرئيسين على الترويج لوجهات مصرية جديدة في السوق الروسي خطوة مهمة لتعزيز تدفقات السياح خلال المرحلة المقبلة.

وزير الخارجية: مشاركة الرئيس السيسي باحتفالات النصر تجسيد لعمق العلاقات مع روسياالعامة للعاملين بالمالية تعدد مكاسب قمة الرئيسين السيسي وبوتين

وشدد النائب الصافي عبد العال، على أن اللقاء يعكس مكانة مصر المحورية في محيطها الإقليمي والدولي، مؤكدًا أن القيادة السياسية تمضي بخطى ثابتة نحو تعظيم الاستفادة من العلاقات الدولية بما يخدم التنمية والاستقرار داخليًا وإقليميًا.

طباعة شارك السيسي الرئيس السيسي النواب مجلس النواب الصافي عبد العال

مقالات مشابهة

  • نيجيريا تعبر السنغال وتتأهل للمربع الذهبي الإفريقي ومونديال الشباب
  • سيعود المغيبين من أبناء تلك القبائل للبحث عن العلاج في دولة 56 ولكن بعد فوات الأوان
  • مفاجأة.. الأهلي لم يتلقى عروضًا رسميًا لضم ديانج.. ولكن
  • انطلاق ملتقى أفريقيا للاستثمار والتجارة بالجزائر
  • سداد مستحقات متأخرة لشركات النفط الأجنبية على مصر بقيمة 1.2 مليار دولار
  • مشاريع النقل متأخرة عن الخطة الاستراتيجية.. والإنجاز لا يتجاوز 11%
  • برلماني: زيارة الرئيس السيسي لروسيا تؤكد نجاح سياسة مصر الخارجية المتوازنة
  • حزب التجمع: نحتفل بمرور 50 عاما دون انقسام أو انحراف عن المبادئ
  • «رئيس حزب التجمع»: يكشف عن تباين مواقف اليسار تجاه «الإخوان الإرهابية».. فيديو
  • سيد عبدالعال: التهديدات الخارجية تستدعي أكبر تحالف شعبي خلف القيادة السياسية