يمشي على النار ولا يشعر بألم.. ما السر وراء الشاب الباكستاني؟
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
ستيفان بيتس هو طالب جامعي باكستاني يبلغ من العمر 21 عاما، يستطيع المشي على النار ووضع السكاكين في جسمه بدون الشعور بأي ألم نهائيًا، ما السر وراء ذلك؟
ساحر أم خارق؟ظن البعض أنه ساحر أو يمتلك قوة خارقة وبدأوا في مطالبته بخوض الكثير من التحديات القوية التي كان يؤديها بدون أي خدع، وهو الأمر الذي جعله يستطيع جمع ثروة طائلة الأموال في وقت وجيز.
انتشر هذا الأمر عالميًا إلى الحد الذي جعله يلفت نظر الجانب العلمي، حيث قررت طبيبة ألمانية تسمى إنغو كورث أخذ عينات دم منه لإجراء بعض الفحوصات الطبية عليه في معهد علم الوراثة البشرية بمدينة أخن الألمانية، واكتشاف سبب عدم إحساسه بالألم.
مرض وراثي نادراكتشفت الطبيبة أن الشاب الباكستاني (ستيفان بيتس) يعاني من اضطراب وراثي نادر يسمى متلازمة فقد الألم الخلقي "CIPA" أو مرض عدم الإحساس بالألم، وهو مرض لا يصيب الكثيرين من الأشخاص، إلا أنه يجعل المصاب لا يشعر بأي ألم نهائيًا، حيث بإمكانه إجراء عملية جراحية بدون مخدر!
وبحسب موقع BBC العربية، يقول "بيتس": "الجميع يعتقدون أن عدم الشعور بالألم أمر جيد كما أنه يجعلك شخصًا خارقًا، لكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مرض عدم الإحساس الخلقي بالألم فالأمر عكس ذلك تمامًا، فنحن نريد معرفة ما يعنيه الألم وكيف يمكننا أن نشعر به".
وفاة مؤسفةاستخدم ستيفان بيتس قدرته على عدم الشعور بالألم في إيهام المحيطين به بأنه شخص خارق حتى طلب منه القفز من فوق منزل عالٍ.
قبل بيتس التحدي وصعد فوق منزل يتكون من 6 أدوار وسط تجمع حشد كبير من الأشخاص، إلا أنه توفى بسبب السقوط.
يقول أبوان بيتس إنهم خلال طفولته كانوا يعتقدون أنه متخلف عقليًا، ويوضح والده أن ابنه كان يصطدم بالأشياء ويعاني من عدد كبير من الجروح والكدمات دون إبداء الشعور بالألم.
كما أن والدي بيتس وأشقاءه لا يعانون من هذا المرض.
يؤدي إلى الموتويقول جيف وودز، الذي يجري أبحاث عن الألم في معهد كامبريدج للأبحاث الطبية ببريطانيا، إن أشخاصًا ممن يعانون من مرض عدم الإحساس الخلقي بالألم الذين عمل معهم في بريطانيا قد قتلوا أنفسهم في أواخر العشرينيات من العمر عن طريق قيامهم بأمور خطيرة للغاية نتيجة عدم شعورهم بالألم، كما انتحر بعضهم وأصاب بعضهم الآخر مفاصلهم بأضرار بالغة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
بعصر كاميرات المراقبة وبرامج التتبع.. دراسة: شعور الإنسان أنه مراقب يغيّر نمط التفكير
في عام 1785 ابتكر الفيلسوف الإنجليزي جيرمي بنثام ما أطلق عليه اسم "السجن المثالي"، وهو عبارة عن مجموعة من الزنازين المشيدة بشكل دائري حول برج في المنتصف داخله حارس مستتر يستطيع أن يراقب حركة المساجين دون أن يرونه، بحيث يفترض السجين طوال الوقت أن الحارس ربما يراقبه، وهو ما يضطره إلى التصرف والتعامل من هذا المنطلق بشكل دائم.
وبالمثل، يشعر الكثيرون في العصر الحالي أن طرفا ثالثا مجهولا يراقبهم باستمرار، فملايين الكاميرات التي تعمل بأنظمة الدوائر التلفزيونية المغلقة تتابعك بشكل دائم، في حين تسير وتقود سيارتك وتشتري احتياجاتك، بل إن معادلات خوارزمية تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي تتابع نشاطك على الإنترنت ومواقع التواصل وتتعرف على اهتماماتك على مدار الساعة، ولا سيما أن بعض التطبيقات الحديثة تستطيع تحديد هويتك بمجرد الاطلاع على ملامح وجهك.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وزير العدل التشيكي يستقيل بسبب هدية بيتكوين بـ45 مليون دولارlist 2 of 2غوغل تستأنف قرارا بشأن مكافحة احتكار البحث عبر الإنترنتend of listويقول اختصاصي علم النفس في جامعة كليرمونت أفيرن في فرنسا كليمنت بيليتير إن تأثير الشعور بالمراقبة يعتبر من القضايا الرئيسية التي يهتم بها علم النفس، وقد أثبت عالم النفس نورمان تربليت عام 1898 أن الدراجين يبذلون جهدا أكبر في التسابق بحضور المتفرجين.
وفي سبعينيات القرن الماضي أكدت الدراسات أن الإنسان يغير سلوكياته عندما يشعر بأنه مراقب، حفاظا على وضعه وشكله الاجتماعي.
إعلانوكشفت أبحاث أجريت على مدار عشرات السنين أن الشعور بالمراقبة لا يغير السلوكيات فحسب، بل يتسلل إلى داخل العقل ويغير طريقة التفكير أيضا، ويؤكد باحثون أن هذه النتائج تثير مخاوف بشأن الصحة النفسية للبشر عموما.
وأثبتت التجارب أن الإنسان يستشعر بشكل فوري أن شخصا ما ينظر إليه ويراقبه، حتى في الأماكن المزدحمة، وأن هذه الخاصية تظهر في مرحلة مبكرة من العمر.
عدم ارتياحوتشير المتخصصة في الإدراك المعرفي الاجتماعي بجامعة ووترلو في كندا كلارا كولومباتو إلى شعور بعدم الارتياح ينتاب الشخص عندما يشعر بأنه مراقب، وينعكس هذا الشعور الداخلي في بعض المؤشرات الخارجية مثل التعرق على سبيل المثال.
وأضافت كولومباتو -في حديث للموقع الإلكتروني العلمي "ساينتفك أميركان"- أنه على مستوى الوعي يتصرف الإنسان بشكل مختلف عندما يكون تحت المراقبة، حيث تصبح سلوكياته متماشية بشكل أفضل مع أعراف المجتمع، حيث تتراجع احتمالات أن يقوم الإنسان بالغش أو إلقاء النفايات في الشارع مثلا عندما يكون مراقبا.
وتعزز مثل هذه النظريات فكرة أن المراقبة تعود بالفائدة على المجتمع لمنع بعض السلوكيات الضارة مثل الجريمة، وهو ما يتفق مع بنثام بشأن "السجن المثالي".
لكن في السنوات الأخيرة وجد بعض الباحثين في علم النفس أن الشعور بالمراقبة يؤثر على الوظائف المعرفية للإنسان، مثل الذاكرة والقدرة على التركيز.
ووجدت تجربة أن المتطوعين الذين يؤدون عملا يتطلب مهارة معرفية أو استدعاء معلومات من الذاكرة يكون أداؤهم أسوأ عندما توضع أمامهم صور فوتوغرافية لأشخاص ينظرون إليهم.
واستخلص الباحثون من هذه التجربة أن النظر بشكل مباشر إلى شخص ما يؤدي إلى تشتيت تركيزه ويضعف قدرته على الأداء.
وخلصت تجارب أخرى إلى أن وظائف عقلية أخرى -مثل الإدراك المكاني أو قدرات المعالجة اللغوية- تتأثر سلبا أيضا عندما يشعر الشخص بأنه تحت المراقبة.
وتقول الباحثة كايلي سيمور من جامعة العلوم التكنولوجية في سيدني بأستراليا إن الشعور بالمراقبة يؤدي إلى تسريع آليات معالجة المعطيات الاجتماعية لدى الإنسان لأقصى درجة، وتنشيط غريزة حب البقاء التي تعرف باسم "قاتل أو اهرب"، وهذه الآلية لها تأثير على القدرات العقلية.
إعلانوأوضحت سيمور -في تصريحات للموقع الإلكتروني "ساينتفك أميركان"- أن "العيون الإلكترونية" التي تنظر إلينا تؤثر على الصحة العقلية، ولها تأثير أسوأ على مرضى بعض الأمراض العقلية مثل الفصام، وقد تؤدي إلى القلق الاجتماعي، بل والشعور بالتوتر.
وأضافت "الشعور بالمراقبة الدائمة في العصر الحديث يجعلنا منتبهين إلى البيئة الاجتماعية التي نعيش فيها بشكل دائم، ومتأهبين للتفاعل".
ويسلط الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكا الضوء مجددا على نظرية "السجن المثالي" التي طرحها جيرمي بنثام، قائلا إن شعور المرء أنه تحت المراقبة أصبح متجذرا داخل الإنسان نفسه، بمعنى أنه على غرار السجين داخل الزنزانة أصبح الرجل العصري يشعر باستمرار بأنه يخضع لمراقبة خوارزميات الذكاء الاصطناعي وبرمجيات التواصل الاجتماعي وتطبيقات فك الشفرات، دون أن يعرف من الذي يراقبه على وجه التحديد.
ويرى عالم النفس كليمنت بيليتير أن الشعور الدائم بالمراقبة يؤثر على الإدراك المعرفي بطريقة لا نفهمها تماما حتى الآن.
ويوضح أن "القدرات العقلية التي تتأثر سلبا بالمراقبة هي نفس القدرات التي تجعلنا نركز وننتبه ونسترجع الذكريات"، وبالتالي عندما تجهد هذه القدرات تحت تأثير المراقبة تتراجع قدرة الإنسان على التركيز مثلا.
وأثبتت مجموعة من الدراسات أن شعور الموظف أنه يخضع للمراقبة في بيئة العمل تقلل الانتاجية، وأن الطلاب الذين يخضعون لاختبارات أمام كاميرات المراقبة يحققون درجات أقل.
وتختتم الباحثة كلارا كولومباتو حديثها قائلة "قبل 50 عاما لم يكن لدينا مثل هذا القدر من المراقبة والوصلات الاجتماعية، فنحن نعيش في سياق اجتماعي جديد لم نألفه حتى الآن، وبالتالي من المهم أن نفكر في تأثير ذلك على قدراتنا المعرفية، بما في ذلك في إطار اللاوعي لدى الإنسان".