سلط الزميل غير المقيم في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، نارايانابا جاناردان، والمدير العام لمؤسسة بحوث في دبي، محمد باهارون، الضوء على انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة لمجموعة بريكس باعتبارها مؤشرا على تنامي اتجاه التعددية داخل التكتل الدولي الصاعد بقوة.

وذكر الباحثان، في تحليل نشراه بموقع المعهد وترجمه "الخليج الجديد"، أن الدعوة التي وجهتها بريكس لـ 6 دول، بينها 4 من الشرق الأوسط، للانضمام إليها مؤشر آخر على نفوذ الصين المتنامي وتحول الشرق الأوسط بعيداً عن الغرب، وخاصة الولايات المتحدة.

وأضاف أن انضمام الإمارات يأتي ضمن العملية المستمرة للتنويع الاقتصادي والدبلوماسي والأمني للدولة الخليجية، الذي يركز على الشرق في عالم متعدد الأقطاب والانحيازات على نحو متزايد.

وأعلن التجمع الاقتصادي الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا في جوهانسبرج في 24 أغسطس/آب أن الإمارات والسعودية وإيران ومصر وإثيوبيا والأرجنتين يمكن أن تنضم رسميًا إلى الكتلة الموسعة في يناير/كانون الثاني 2024.

ومن شأن التوسع في قائمة تضم 22 من المتقدمين الطموحين أن يؤدي إلى تنشيط بريكس بعد سنوات من الشكوك حول أهمية المجموعة وتأثيرها.

وإذا قبلت الدول الست دعواتها، فإن الكتلة ستمثل 46% من سكان العالم و36% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وفي حين أن انضمام الأعضاء الجدد إلى اقتصادات الأسواق الناشئة هذه، والتي تحث على مزيد من التمثيل لدول الجنوب العالمي في الشؤون العالمية، يناسب مصالح بريكس، إلا أنه يضيف قيمة كبيرة لدولة الإمارات، التي تعد قوة متوسطة في حد ذاتها بسبب قدراتها النفطية والمالية والتجارية.

استقلال استراتيجي

وهنا يشير الباحثان إلى أن انضمام الإمارات إلى بريكس يدل على ثقتها المتزايدة في اتخاذ قرارات جريئة ومستقلة، ويجسد السعي لتحقيق الاستقلال الاستراتيجي عن الولايات المتحدة.

ووفقاً لوزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، فإن انضمام الإمارات إلى بريكس "يشكل جزءاً من التزام الدولة بتعزيز الحوار البناء من خلال منصات نشطة تمثل الاقتصادات النامية والناشئة، وتركيز الدولة على الرخاء الاقتصادي على المدى الطويل والحفاظ على علاقات استراتيجية واقتصادية متوازنة - بما في ذلك مع المنظمات الدولية - في نظام عالمي دائم التطور".

وبينما تعد مجموعة السبع، بقيادة الولايات المتحدة، ناديا حصريا للديمقراطيات التي نشأت في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية والتي ازدهرت اقتصاداتها، سيكون من الصعب تصور ضم المجموعة لأي أعضاء إضافيين من خارج منظومتها القيمية.

اقرأ أيضاً

بريكس تتحدى الغرب نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب

أما بريكس، فقد وضعت الأيديولوجية جانبا وعرضت على الدول الأصغر مقعدا على الطاولة بين الدول المرشحة لأن تكون من أسرع الاقتصادات نموا في العالم.

وقالت جنوب أفريقيا، الدولة المضيفة للقمة، إن مجموعة بريكس "شاملة" وليست "معادية للغرب"، كما أعلنت البرازيل أن الدول المدعوة لبريكس تم اختيارها لأهميتها الجيوسياسية وليس الأيديولوجية.

وستساعد عضوية بريكس الإمارات على تعزيز استراتيجيتها متعددة التحالفات من خلال العمل مع الصين من ناحية ومع الولايات المتحدة كجزء من كتلة I2U2 (الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة) من ناحية أخرى.

بنك التنمية

ويساهم انضمام الإمارات إلى بنك التنمية الجديد الذي تروج له بريكس في سبتمبر/أيلول 2021، إلى جانب بنجلاديش ومصر وأوروغواي، في توفير "فرص للتمويل المشترك".

ويمكن لصناديق الثروة السيادية الغنية أن توفر "قدرة أكبر على الوصول إلى الأسواق لدول بريكس"، وخاصة في مشاريع البنية التحتية، ما يؤدي إلى زيادة الاتصال بينها.

وتعد الإمارات بالفعل مركزًا عالميًا مرموقًا، ويتوافق موقعها الاستراتيجي وشبكتها الجيدة من المطارات والموانئ والطرق، مع مساعي أعضاء بريكس للاستفادة من أجندة الاتصال العالمية، بما في ذلك مبادرة الحزام والطريق الصينية.

كما أن عضوية الإمارات في بنك التنمية الوطني تربط عضويتها في بنوك التنمية الأخرى متعددة الأطراف، ما يعزز خططها للتنويع الاقتصاد.

اقرأ أيضاً

فورين بوليسي: انضمام مصر لبريكس قد يساعد اقتصادها المريض

وتناقش كتلة بريكس، التي ستضم 7 أعضاء من مجموعة العشرين عند انضمام السعودية والأرجنتين، صك عملة مشتركة، ورغم أن تحقق ذلك قريبا غير مرجح إلا أن بعض دول الكتلة والدول المدعوة للانضمام إليها بدأت بالفعل في استخدام عملاتها المحلية لإجراء التجارة.

وفي منتصف أغسطس/آب، بدأت الهند والإمارات في تسوية الصفقات الثنائية، بما في ذلك معاملات النفط الخام، باستخدام عملتيهما المحليتين بدلاً من الدولار الأمريكي.

وقبل بضعة أسابيع، مع وجود احتياطيات قليلة من الدولار الأمريكي أو عدم وجودها على الإطلاق لسداد قروض صندوق النقد الدولي، قامت الأرجنتين بتسوية جزئية باستخدام اليوان الصيني.

مواجهة الدولرة

وفي حين يمكن النظر إلى هذه التحركات على أنها خطوات للحد من الدولرة، فقد شدد الخبراء الماليون على أنها تساعد في تبسيط المعاملات التجارية، وتقليل رسوم تحويل العملة، والمساعدة في التغلب على الصعوبات الناتجة عن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة.

علاوة على ذلك، توفر بريكس منصة أخرى للدول المتنافسة، بما في ذلك السعودية والإمارات وإيران، وهي أعضاء بالفعل في تكتل "أوبك"، لتعزيز مساعيها لخفض التصعيد.

وفي حين يبدو أن هذه التحركات تقوض الجهود الأمريكية لاحتواء إيران وتعزز أهمية الدول غير الغربية في المنطقة، فإنها توفر أيضًا نموذجًا للولايات المتحدة لتتبعه من خلال التركيز بشكل أقل على القضايا الأيديولوجية والسياسية، وتوجيه المزيد من الاهتمام إلى الدبلوماسية الاقتصادية.

ومع توسع بريكس، ستضم المجموعة 3 دول إقليمية قوية في أفريقيا ودولتين في أمريكا الجنوبية، ما يمكن الإمارات من تعزيز استراتيجياتها في القارتين، والتي اكتسبت زخما في السنوات الأخيرة.

ومن الممكن تحقيق هذه الأهداف عبر الكتلة التجارية لأمريكا الجنوبية، أو السوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور) ومنطقة التجارة الحرة الأفريقية.

وقبل أيام قليلة من قمة بريكس، بدا مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان غير منزعج من خطط توسع الكتلة، وقال إن إدارة الرئيس، جو بايدن، لا تتوقع أن يتطور التجمع إلى "منافس جيوسياسي للولايات المتحدة".

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تقيم علاقات "قوية وإيجابية" مع 3 دول أعضاء في مجموعة بريكس، هي: البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، وستستمر في "إدارة العلاقة مع الصين" و"صد العدوان الروسي".

ومن المرجح ألا يشكل توسع بريكس، في حسابات واشنطن، تحدياً خطيراً، ولعلها تشك في فعالية المنتدى متعدد الأطراف الذي يضم 11 عضواً، بأكثر من فعاليته في صورته "المصغرة" سابقا، المكونة من 5 أعضاء.

ولكن يتعين على واشنطن أن تضع في اعتبارها أن التوسع المستمر في النظم الاقتصادية البديلة يعكس تحولات متزايدة للقوى العالمية وسط فراغ بالقيادة العالمية.

ومن غير المرجح أن يكون النظام العالمي المتعدد الأقطاب مشروطاً بالقوى العظمى بل بالقوى المتوسطة والصغرى، التي تفضل تعدد الانحيازات.

ولذا سيكون من مصلحة الولايات المتحدة عدم النظر إلى الاستراتيجيات الجديدة لدولة الإمارات ودول الخليج العربية الأخرى من منظور المنافسة أو باعتبارها لعبة محصلتها صفر، بل كجسر بين الجنوب والشمال العالميين، خاصة عند التعامل مع تحديات النقاط الساخنة في الشرق الأوسط وبحر الصين الجنوبي وأوروبا.

اقرأ أيضاً

البيت الأبيض: لا نرى في بريكس هيئة معادية للولايات المتحدة

المصدر | نارايانابا جاناردان ومحمد باهارون/معهد دول الخليج العربية بواشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الإمارات بريكس السعودية عبدالله بن زايد اليوان الدولرة الولایات المتحدة انضمام الإمارات بما فی ذلک

إقرأ أيضاً:

النفط يستعيد بعض مكاسبه بعد خسارته بفعل التوترات بين الولايات المتحدة والصين

ارتفعت أسعار النفط قليلا لتستعيد بعض مكاسبها اليوم الاثنين الموافق 13 أكتوبر، بعد أن سجلت أدنى مستوياتها في خمسة أشهر في الجلسة السابقة مع أمل المستثمرين في أن المحادثات المحتملة بين رئيسي الولايات المتحدة والصين قد تخفف التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم وأكبر مستهلكين للنفط.. حسبما ذكرت رويترز.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 87 سنتا بما يعادل 1.39% إلى 63.60 دولار للبرميل بحلول الساعة 0045 بتوقيت جرينتش بعد أن انخفضت 3.82 % عند التسوية يوم الجمعة إلى أدنى مستوى منذ السابع من مايو.

وسجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 59.77 دولار للبرميل، مرتفعا 87 سنتا أو 1.48 %، عقب خسارة 4.24% ليصل إلى أدنى مستوياته منذ السابع من مايو.

النفط.. تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين 

وتصاعدت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين الأسبوع الماضي بعد أن وسعت الصين نطاق ضوابط تصدير المعادن النادرة، مما استدعى ردا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على صادرات الصين المتجهة إلى الولايات المتحدة، إلى جانب ضوابط تصدير جديدة على "أي وكل البرامج الحرجة" بحلول الأول من نوفمبر.
وتأتي هذه الخطوات قبيل اجتماع محتمل بين ترامب وشي على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في كوريا الجنوبية، والذي قال الممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير إنه قد يحدث في وقت لاحق من هذا الشهر.
وقال محللون في جولدمان ساكس في مذكرة "السؤال الرئيسي للأسواق هو ما إذا كان سيتم تنفيذ هذه الإجراءات في نهاية المطاف، مع تأثيرات شديدة على سلاسل التوريد العالمية وخاصة الإنتاج عالي التقنية، أو ستظل مجرد جهود لكسب النفوذ التفاوضي قبل المحادثات الثنائية على هامش اجتماع منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في كوريا الجنوبية في أواخر هذا الشهر".
وقالوا إن السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن يتراجع الجانبان عن السياسات الأكثر عدوانية وأن تؤدي المحادثات إلى تمديد إضافي - وربما غير محدد - لوقف تصعيد الرسوم الجمركية الذي تم التوصل إليه في مايو، على الرغم من أن هناك خطر تصاعد التوترات التجارية مما قد يؤدي إلى فرض رسوم جمركية أعلى أو قيود تصدير أكثر خطورة، بشكل مؤقت على الأقل.
وانخفضت أسعار النفط في شهري مارس وأبريل خلال ذروة التوترات التجارية بين البلدين.

ترامب يعلن..حرب غزة انتهت

وفي الشرق الأوسط، أعلن ترامب يوم الأحد أن الحرب في غزة انتهت، بينما يتوجه إلى إسرائيل قبل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين المتوقع كجزء من وقف إطلاق النار الهش الذي توسط فيه.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع النفط مع تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • خطر يهدد الولايات المتحدة.. لماذا يختلف الأميركيون حول كل شيء؟
  • ترامب: الولايات المتحدة مع الرئيس المصري حتى النهاية
  • «سبيس 42» تطلق مركز تحليل البيانات الفضائية «GIQ» على متجر «مايكروسوفت أزور»
  • بعثة الأمم المتحدة: الانقسام السياسي في ليبيا يهدد الاستقرار والعملية الانتقالية
  • صناعة برامج التجسس.. تعاون تاريخي بين الولايات المتحدة وإسرائيل
  • النفط يستعيد بعض مكاسبه بعد خسارته بفعل التوترات بين الولايات المتحدة والصين
  • تحليل: "الأحمر" يخسر النتيجة لكنه يكسب الاحترام
  • مقتل 4 أشخاص بإطلاق نار في الولايات المتحدة
  • تحليل أمريكي: المقاومة الوطنية أثبتت كفاءة عالية في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية