اتجاهات مستقبلية

 

في خطوة عدّها كثيرون مهمة نحو إنهاء الحرب في غزة وإحلال السلام في المنطقة، عُقد بعد ظهر يوم الإثنين الموافق 13 أكتوبر 2025 اجتماع دولي بمدينة شرم الشيخ المصرية، باسم “قمة شرم الشيخ للسلام”، برئاسة مشتركة مصرية أمريكية، وبمشاركة قادة أكثر من عشرين دولة، بهدف إنهاء الحرب في قطاع غزة، التي خلفت أكثر من 67 ألف قتيل فلسطيني، ثلثهم من الأطفال، وأكثر من 1665 قتيلًا إسرائيليًّا وأجنبيًّا، إلى جانب آلاف الجرحى والمهجّرين، وتكلفة إعادة إعمار متوقعة للقطاع تقدر بنحو 52 مليار دولار، وهدفت القمة أيضًا إلى تعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمي.

وقد شهدت القمة حضورًا عالميًّا، واعتذارًا إيرانيًّا لرفضها التعامل مع من هاجموا الشعب الإيراني، ويواصلون “التهديد بفرض العقوبات” وذلك وفقًا لما جاء بمنشور لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على منصة “إكس”.

ولعل هذه القمة وملابساتها دفعت كثيرين للتعويل عليها لتضمن تحقيق المراحل التالية من اتفاق غزة في سبيل استدامة وقف إطلاق النار، ومن ثم محاولة بناء سلام مستدام، وليس فقط ضمان تحقيق مرحلته الأولى المتصلة بتبادل الأسرى ونفاد المساعدات الإنسانية.

وانطلاقًا من ذلك يُثار التساؤل عن أهمية دعم السلام المستدام في المنطقة، وكُلفته، خاصة في ظل عدم الحسم الجلي لاتفاق غزة، في عدد من القضايا التي تهدد استدامة أي مقترحات للسلام في المنطقة، ما يُصيب مثل تلك الجهود والمقترحات بالهشاشة؛ إذ لم تعالج بعمق أسباب تهديد السلام والأمن في الإقليم.

لقد ظل السلام في الشرق الأوسط حلمًا معلقًا ومكررًا في خطابات القادة ومشروعات التنمية، بيد أنه لم يتحقق بشكل دائم ومستدام حتى تاريخه؛ لأن الجميع يريدون السلام دون أن يدفع ثمنه الحقيقي، فالسلام المستدام ليس إعلانًا سياسيًّا أو اتفاقًا شكليًّا، بل عملية مستمرة تتطلب تنازلات وشجاعة ومسؤولية جماعية، وليست حلولًا منفردة أو عرضية لمسببات التهديد. إذ لا تتوقف كُلفة السلام عند حدوده المادية أو المباشرة فقط، بل تتطلب تحولات فكرية ومؤسسية عميقة، تتجاوز منطق الهيمنة والثأر والإقصاء والإرهاب، كما تتطلب إعادة صياغة السياسات التعليمية والإعلامية والدينية لتأسيس ثقافة قبول الآخر. فكل محاولة لفرض النفوذ عبر الإرهاب أو التخويف، سواء من دولة أو جماعة، أو تنظيم، تُعيد المنطقة برمتها إلى نقطة الصفر، فالتوازن القائم على الخوف لا يصنع سلامًا، بل هدنة مؤقتة بانتظار انفجار جديد أشد وطأة من سابقه.

في النهاية إن السلام الحقيقي يجب أن يتحمل فيه الجميع نصيبه من التكلفة، سواء بالتنازل عن خطاب الكراهية، أو المشاركة في الحوار، أو بدعم التنمية بدل التحريض والتهديد. فاستدامة السلام في الشرق الأوسط إنما هو ثمرة شجاعة جماعية، واستثمار طويل المدى في بناء الثقة والمصالح المشتركة والتفاهم والتعايش الجماعي، فكما أن الحرب لها ثمن، فإن السلام أيضًا له ثمن، بيد أنه الثمن الوحيد الذي يستحق الدفع.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

برلماني: قمة شرم الشيخ حدث تاريخي فارق نحو السلام.. ومصر هي قلب المنطقة النابض

أكد النائب محمد البديوي، عضو مجلس الشيوخ، أن قمة شرم الشيخ للسلام التي عقدت بمشاركة أكثر من 30 من قادة وزعماء العالم، تمثل حدثًا تاريخيًا فارقًا في مسار الشرق الأوسط، وتؤكد من جديد أن مصر هي قلب المنطقة النابض ومحور استقرارها، وصاحبة الكلمة المسموعة في صياغة مستقبلها.

وقال “البديوي” إن اجتماع هذا العدد غير المسبوق من القادة على أرض مصر رسالة واضحة على الدور المحوري للدولة المصرية في قيادة التحولات الإقليمية الكبرى، وترسيخ مفهوم الأمن القائم على الحوار والعقلانية بعد سنوات من الصراعات.

وأضاف أن مصر اليوم  أصبحت المنصة التي ينطلق منها صوت الاستقرار في العالم كله، مشيرًا إلى أن السياسة المصرية تسير بخطوات واثقة ومتزنة تُعيد رسم ملامح المنطقة بما يحقق مصالح الشعوب ويحافظ على كرامتها.

وأكد أن قمة شرم الشيخ تمثل بداية مرحلة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط، عنوانها “السلام الذي يُبنى على الندية والاحترام لا على التبعية والانكسار”، وأن القيادة المصرية تواصل دورها التاريخي في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدلًا، مستندة إلى وعي سياسي عميق، وإيمان راسخ بدور مصر الإقليمي والدولي.

طباعة شارك النواب مجلس النواب البرلمان الشيوخ نواب

مقالات مشابهة

  • برلماني: قمة شرم الشيخ حدث تاريخي فارق نحو السلام.. ومصر هي قلب المنطقة النابض
  • ولي عهد البحرين: اتفاق إنهاء الحرب في غزة خلال "قمة شرم الشيخ" يمثل يومًا للسلام في الشرق الأوسط والعالم
  • حاتم باشات: قمة شرم الشيخ ووثيقة إنهاء الحرب ستسجلان في التاريخ كنقطة تحول في الشرق الأوسط
  • بالصور: قمة شرم الشيخ - قادة أميركا ومصر وتركيا وقطر يوقعون وثيقة إنهاء حرب غزة
  • الرئيس الأمريكي: أخيرا حققنا السلام في الشرق الاوسط
  • السيسي: اتفاق إنهاء الحرب بغزة يغلق صفحة أليمة في تاريخ البشرية
  • برلماني: قمة شرم الشيخ تعيد الزخم لجهود إنهاء الصراع وإحلال الاستقرار في الشرق الأوسط
  • رئيس وزراء اليونان: قمة شرم الشيخ قد تكون نقطة تحول نحو إنهاء الصراع بالشرق الأوسط
  • قمة ''شرم الشيخ للسلام'' تنطلق غداً في مصر بمشاركة قادة أكثر من 20 دولة