صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «بناء الرواية.. دراسات في الراوي والنوع» من تأليف الدكتور عايدي علي جمعة. 


يقع الكتاب في خمسة فصول، جاء الفصل الأول منه تحت عنوان: «الرَّاوِي العليم في رواية الحرام»، وهي رواية شهيرة جدًّا للروائي المصري يوسف إدريس دخلتُ إلى عالمها من خلال الكشف تقنية الراوي فيها، وكان التوقف أمام الراوي يحمل قناعة بأهميته الكبيرة في الأعمال الروائية خاصة؛ لأنه لا توجد رواية بغير راو يرويها، وقد كان الراوي العليم الذي يمسك بكل خيوط السَّرد هو النَّسَق المعتمد في رواية الحرام ليوسف إدريس، فتوقفتُ أمام طبيعته ووظائفه وما بَنَّه في سرده من دلالات تتفاعل بوضوح مع السياق الاجتماعي الذي تم إنتاج الرواية فيه.

«الراوي المشارك في واحة الغروب»


أما الفصل الثاني فقد جاء بعنوان: «الراوي المشارك في واحة الغروب»، وهي رواية شهيرة للروائي المصري بهاء طاهر، وقد حصلت على جائزة البوكر في نسختها العربية الأولى، وتمتلك رواية واحة الغروب تميّزا واضحا في تقنية الراوي، حيث خرجت على النسق التقليدي المهيمن في استغلال هذه التقنية. 


وكان هناك الراوي الرجل والراوي المرأة والراوي المصري والراوي الأجنبي والراوي الحقيقة والراوي الشبح والراوي المتحضر والراوي البدوي، ولكن كانت المراوحة السردية الكبرى بين راويين فقط: الراوي الرجل متمثلًا في محمود الذي ينتمي إلى مصر، والراوي/ المرأة متمثلا في كاثرين زوجته الأوروبية.

 

أما الفصل الثالث، فقد رصد تقنيةً ذات أهمية بالغة في الرواية الحديثة وهي تقنية تيار الوعي، وهي تقنية لها تعلّقها الكبير بتقنية الراوي.

 «تاج الهدهد» للروائي المصري ناصر عراق


وقد توقفت الدراسة أمام روايتين معاصرتين؛ الرواية الأولى هي رواية «تاج الهدهد» للروائي المصري ناصر عراق، والرواية الثانية هي رواية بياض ساخن للروائية المصرية سهير المصادفة.


وقد كان زمن إنتاج هاتين الروايتين متقاربًا حيث ظهرت الأولى بعد ثورة يناير المصرية ۲۰۱۱، وظهرت الثانية بعد ثورة ٣٠ يونيه المصرية ۲۰۱۳، فكشفت تقنية تيار الوعي عن مدى الضغوط الهائلة التي حدثت في الواقع الاجتماعي المصري، ومدى الانفجار النفسي الذي تجلى من خلال هذه التقنية.


ومن الملاحظ أن هاتين الروايتين قد اعتمدنا كثيرًا على أطروحات ونظريات علم النفس، وما كشف عنه هذا العلم من فكرة اللاشعور.


أما الفصل الرابع، فقد جاء تحت عنوان أمام العرش وتداخل الأنواع والتداخل بين الأنواع يظهر من خلال التعامل الخاص مع تقنية الراوي من أيضًا، وأمام العرش رواية شهيرة للأديب المصري العالمي نجيب محفوظ الذي حصل على جائزة نوبل في الآداب عام ۱۹۸۸.


وأما الفصل الخامس والأخير فإنه يذهب بعملية التداخل بين الأنواع إلى درجة أبعد كثيرًا، حيث يتم كسر مركزية النوع نفسه، وهذا الفصل جاء بعنوان کسر مركزية النوع في رواية كل من عليها خان، وهي رواية للأديب المصري السيد حافظ وقد بدا في هذه الرواية كسر مركزية النوع، وذلك من خلال التعددية النوعية، فهناك الرواية والمسرحية والقصة القصيرة جدا، وهناك النقل المسرحى للحكاية المركزية في هذه الرواية، وهناك القصائد القصيرة جدًّا التي جاءت عَرَضًا في الرواية، كما أن جانب السيرة الذاتية لا نعدمه في هذه الرواية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: إصدارات هيئة الكتاب الهيئة المصرية العامة للكتاب بناء الرواية دراسات في الراوي والنوع من خلال

إقرأ أيضاً:

فاز بجائزة بوليتزر.. مأساة فلسطين من خلال كتاب عن وفاة طفل

يروي الصحفي الأميركي نايثن ثرال كيف انتهى حادث حافلة بسيط بكارثة لعائلة الفلسطيني عابد سلامة ووفاة ابنها حرقا وهو حي، متتبعا المأساة وعواقبها على الوالدين وسكان قريتهم، مازجا بين قصة هذا الصبي الصغير الفريدة والتاريخ العظيم للشعب الفلسطيني، في سردية تقطع الأنفاس من الفصل العنصري في الحياة اليومية، مرت في صمت على وسائل الإعلام الفرنسية.

بهذه المقدمة يلخص موقع أوريان 21 كتاب "يوم في حياة عابد سلامة" الذي فاز كاتبه بجائزة بوليتزر في مايو/أيار 2024، في الفئة الأدبية المسماة "الواقعية".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفة روسية: لا بد أن ننتقم لمهاجمة أوكرانيا راداراتنا للإنذار المبكرصحيفة روسية: لا بد أن ننتقم لمهاجمة ...list 2 of 2صحيفة إسرائيلية: الحرب على غزة لن تنتهي قبل الإجابة عن هذه الأسئلةصحيفة إسرائيلية: الحرب على غزة لن تنتهي ...end of list

وهو كتاب إنساني مكتوب بكلمات بسيطة وجمل سهلة، تتألق بالرغبة في مشاركة المشاعر وفهم الحقائق التي تولدها، وهو يصف الدراما التي تعيشها عائلة عابد سلامة، الناشط الماركسي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

كتاب "يوم في حياة عابد سلامة" الذي فاز كاتبه ثرال بجائزة بوليتزر في مايو/أيار 2024 (الجزيرة) تجاهل

واستغرب الكاتب سيلفان سيبيل -قبل الدخول في عرض الكتاب- كيف تجاهلت الصحافة الفرنسية هذا الكتاب الذي صدر قبل عدة أشهر رغم أن أنه رائع، وحظي بشهرة كبيرة في الولايات المتحدة، متسائلا هل يعود ذلك إلى موضوعه، وهو الاحتلال الإسرائيلي الذي يفتك بالفلسطينيين منذ ثلاثة أرباع قرن؟ والذي يعتبر موضوعا "قديما عفا عليه الزمن"؟

تبدأ الأحداث في فبراير/شباط 2012، عندما ذهب ميلاد (5 سنوات) في رحلة مع صفه، من عند أسرته التي تعيش في عناتا، وهي قرية في القدس، يقسمها جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل لتطويق الضفة الغربية، وتعزيز "تقسيمها إلى كانتونات" وفصل المستوطنين اليهود عن السكان الأصليين، وهي على مرمى حجر من مستوطنة عناتوت الإسرائيلية.

ثرال يروي في كتابه حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة (مواقع التواصل) ظروف الحادثة

كان الطقس سيئا، وخلال العاصفة اصطدمت الحافلة على الطريق الوعر في الضفة الغربية بشاحنة يقودها فلسطيني، فانقلبت واشتعلت فيها النيران، وأنقذت المعلمة علا الجولاني بكل شجاعة، وقبلها الفلسطيني سالم العديد من الأطفال، ليموت شخص بالغ و6 أطفال، من بينهم ميلاد سلامة.

يروي الكتاب هذه الدراما التي لا تخلو من علاقة بالوضع الجغرافي والسياسي لقرية عناتا، ومدى تأثيرها على عابد سلامة وزوجته هيفاء.

كما يروي أيضا اضطرابات الحياة في المدينة الفلسطينية والتيارات السياسية والثقافية التي تمر بها، فضلا عن الحضور الدائم للمستوطنين والأجهزة الإسرائيلية الخاصة والجيش، وطريقتهم الغريبة أحيانا في الحياة والتفكير.

وهكذا يرسم ثرال صورة الأبطال، عائلة سلامة وأقاربهم وأصدقائهم وجيرانهم، وحياتهم كفلسطينيين يتعرضون للأساليب التي يستخدمها المحتل الإسرائيلي لتفكيك مجتمعهم، وتقسيمه إلى مجموعات مختلفة أو ربما متناحرة، تفرقهم بطاقات الهوية المتعددة الألوان التي تمنح كل شخص وضعا مختلفا، اعتمادا على حمله بطاقة صفراء أو خضراء، أو غيرها.

جدار الفصل العنصري

ويشير ثرال إلى أنه عندما قامت إسرائيل ببناء جدار الفصل العنصري، انتقل الجيب الذي يضم أحياء عناتا وشعفاط وكفر عقب فجأة إلى الجانب الآخر من الجدار، وبين عشية وضحاها، حُرم 100 ألف فلسطيني من الخدمات التي تقدمها بلدية القدس، كالإطفاء والشرطة وسيارات الإسعاف، فلم يدخل إلا الجيش.

يسلط ثرال الضوء أيضا على ثقل الماضي، الذي بدونه لا يمكننا فهم أي شيء، كالنكبة والتطهير العرقي عام 1948 في مدينة حيفا، موطن عائلة سلامة الأصلي، وغيرها من الأحداث مثل مذبحة مخيم تل الزعتر للاجئين في لبنان عام 1976، قبل صبرا وشاتيلا بـ6 سنوات.

كما يذكرنا بأوسلو، ذلك الاتفاق الذي كان يجب أن يتيح "السلام الإسرائيلي الفلسطيني"، والذي يفهم العديد من النشطاء الفلسطينيين قبل قادتهم، أن الإسرائيليين تحت ستار السلام، لا يعتزمون سوى التفاوض على "الأمن" ولا شيء غير ذلك.

طرق معقمة

وفي فترة يزداد فيها الاحتلال قوة، يذكر ثرال بقصة الطبيبة هدى التي تعمل لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي اعتقل ابنها واعترف بإلقاء الحجارة على الجنود، ليتم تعذيبه هو وأمه قبل أن تقترح عليها محامية الجيش تخفيف عقوبة ابنها إلى النصف، إذا توقفت عن تقديم شكوى بشأن التعذيب.

ويصف نايثن ثرال أيضا هذه المسارات التي تسمح للمستوطنين بالتحرك بأمان، ويطلق عليها الجيش اسم "الطرق المعقمة" أي الخالية من السكان الفلسطينيين، كما أطلق عليها البعض بعد ذلك "طرق الفصل العنصري".

وفي يوم المأساة -كما يروي ثرال- لم يسمح لعابد، ومعه بطاقة هويته الخضراء، بالذهاب بمفرده إلى مستشفى رام الله، حيث نقل ابنه، كما أن هيا -وهي أم فلسطينية لديها طفلان- في الحافلة اضطرت للانتظار ساعتين عند نقاط التفتيش لقطع مسافة 14 كيلومترا تفصلها عن المستشفى.

مقالات مشابهة

  • كرم جبر: الشركة المتحدة أحدثت فارقا كبيرا من خلال أحدث النظم في العالم
  • هيئة الكتاب تنعي والدة وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني
  • فاز بجائزة بوليتزر.. مأساة فلسطين من خلال كتاب عن وفاة طفل
  • افتتاح معرض الكتاب الأول بقصر الثقافة بمدينة الشلاتين
  • رواية اللاجئون تعود إلى مكتبة فنلندية بعد 84 عاما من استعارتها
  • رئيس مدينة الشلاتين يفتتح معرض الكتاب الأول (صور)
  • الرواية التاريخية «ترند» ولم تسحب البساط من المؤرخين
  • التجديد والنهضة في الفكر الإسلامي المعاصر
  • مجلس جامعة مطروح يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني
  • هيئة الأزياء تنظم لقاءً افتراضياً حول أحدث اتجاهات الموضة لربيع وصيف 2024