حكم اختصار الصلاة والسلام على سيدنا النبي عند الكتابة
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
قالت دار الإقتاء المصرية، إنه لا ينبغي للمسلم أن يستبدل الإشارة بحرف (ص) أو لفظ (صلعم) أو غيرهما بالصلاة والسلام على سيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يَحْسُنُ به فعل ذلك؛ فهو أمرٌ منهيٌّ عنه كما قرره العلماء.
أضافت الإفتاء، أن فاعل ذلك يُخشى عليه أن يكون ممن حُرِمَ من فضل الله تعالى ورحمته؛ لما في ذلك من التكاسل عن تحصيل الثواب العظيم والأجر الجزيل، ولما فيه أيضًا من سوء الأدب والجفاء والتهاون مع جنابه الرفيع صلى الله عليه وآله وسلم.
وأوضحت أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل القربات عند الله تعالى؛ لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]؛ قال الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" قولَ سهل بن عبد الله: [الصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم أفضل العبادات؛ لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته، ثم أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليس كذلك].
وبينت أنه تتأكد هذه العبادة الجليلة عند ذكر اسمه المنيف صلى الله عليه وآله وسلم؛ حتى إن مَن يتراخى عنها عند ذكر الاسم الطاهر يُتَوَجه إليه الذم واللوم؛ لسوء صنعه؛ قال العلامة الصالحي الشامي في "سبل الهدى والرشاد": [ينبغي أن تكون الصلاة عليه مُعْقَبَةً بِذِكْرِهِ عنده؛ حتّى لو تراخى عن ذلك ذُمَّ عليه].
وكلُّ الأعمال بين القبول والرد إلَّا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنها مقبولة قولًا واحدًا.
قال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار": [مطلب في أنَّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل ترد أم لا؟ قال الفاسي في "شرحه": ومن تمام كلام أبي سليمان عند بعضهم: وكل الأعمال فيها المقبول والمردود إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنها مقبولة غير مردودة، وروى الباجي عن ابن عباس: إذا دعوت الله عزَّ وجلَّ فاجعل في دعائك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنَّ الصلاة عليه مقبولة، والله سبحانه أكرم من أن يقبل بعضًا ويرد بعضًا، ثم ذكر نحوه عن الشيخ أبي طالب المكي وحجة الإسلام الغزالي.. والذي يظهر من ذلك أن المراد بقبولها قطعًا أنها لا ترد أصلًا مع أن كلمة الشهادة قد ترد فلذا استشكله السنوسي وغيره.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الصلاة على النبی صلى الله علیه وآله وسلم الله تعالى
إقرأ أيضاً:
حكم ترك صلاة الجمعة بسبب البرد الشديد والمطر.. مفتي الجمهورية يوضح
ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول مضمونه: ما حكم ترك صلاة الجمعة بسبب البرد والمطر الشديد؟ ففي بعض أيام الشتاء يكون البرد شديدًا، وأحيانًا تنزل الأمطار بكثرة، بحيث تمتلئ الشوارع بالوحلِ والطين الكثير. فهل يجوز مع هذه الظروف ترك الجمعة؟
وأجاب الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية عن السؤال قائلا: يجوز ترك صلاة الجمعة بسبب المطر الذي يحدث وحلًا ويصعب معه حضور الجمعة في المسجد، أو خوف البرد الشديد الذي لا يتحمل، فهي أعذار معتبرة شرعًا، فقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أذَّن بالصلاة في ليلة ذات بردٍ وريح، ثم قال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات بردٍ ومطرٍ، يقول: «ألا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ» متفقٌ عليه.
وعلى المكلف حينئذٍ صلاة الظهر أربع ركعات.
حكم صلاة الجمعة وحكم تركها بغير عذر شرعي
صلاة الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام، وهي واجبة على كلِّ مسلمٍ حرٍّ بالغٍ عاقلٍ مقيم صحيحٍ ليس به علة، ولا يجوز تركها أو التَّخلف عنها إلَّا لعذرٍ شرعي، ومن تخلَّف عنها لغير عذر كان آثمًا.
ودلَّ على وجوبها ومكانتها نصوص الكتاب والسنة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 9-10].
وجاء عن طارق بن شهاب رضي الله عنه مرفوعًا أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» أخرجه أبو داود في "سننه"، وقال: "طارقُ بن شهاب قد رأى النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم، ولم يسمع منه شيئًا .
وإسناد هذا الحديث صحيح على شرط البخاري ومسلم، وتصريح الإمام أبي داود بعدم سماع طارق بن شهاب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يقدح في صحته؛ لأنه إن ثبت ذلك يكون مرسلَ صحابي، ومرسلُ الصحابي حجة عند جميع العلماء إلا أبا إسحاق الإسفراييني؛ كما أفاد الإمام النووي في "المجموع" (4/ 483، ط. دار الفكر).
وقال الإمام البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (4/ 330، ط. جامعة الدراسات الإسلامية بكراتشي): [هذا هو المحفوظ، مرسلٌ، وهو مرسلٌ جيد، وله شواهد ذكرناها في كتاب "السنن"] اهـ.
وأخرج الحاكم في "مستدركه على الصحيحين"، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ»، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي في "التلخيص".
فأفاد هذا الحديث وجوب صلاة الجمعة وأنه لا يجوز لمن وجبت عليه أن يتخلف عنها إلا لعذر.
مدى اعتبار المطر والبرد الشديد من الأعذار المبيحة لترك الجمعة
قد اعتبر الشرع الشريف المطرَ الذي يصعب معه حضور الجمعة وكذا البردُ الشديدُ الذي لا يحتمل عذرًا يُترخص به في عدم حضور الجمعة، وقد تضافرت نصوص السنة المطهرة التي تدل على ذلك، فقد بوَّب الإمام البخاري لهذا في "صحيحه" تحت عنوان: (الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر ، وبوَّب له الإمام مسلم أيضًا في "صحيحه"، تحت عنوان: (باب جواز التخلف عن الجماعة لعذر المطر).
ومن جملة الأحاديث الواردة في هذا الباب: ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أذَّن بالصلاة في ليلة ذات بردٍ وريح، ثم قال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات بردٍ ومطرٍ، يقول: «ألا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ» متفقٌ عليه.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: "إذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: "صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ"، قال: فكأن الناس استنكروا ذاك، فقال: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا، قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الجُمْعَةَ عَزْمَةٌ وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالدَّحَضِ" متفقٌ عليه، واللفظ لمسلم.
وعن أبي المليح، عن أبيه رضي الله عنْهما، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم بالحديبية، فأصابنا مطرٌ، لم يبلَّ أسفل نعالنا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: «صَلُّوا فِي رِحَالِكُم». رواه أحمد وغيره، فدلَّت هذه النصوص على أن المطر والبرد الشديد مما يباح معه ترك صلاة الجمعة.
قال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (6/ 84، ط. مكتبة الغرباء الأثرية): [وأكثر أهل العلم عَلَى أن المطر والطين عذرٌ يباح مَعَهُ التخلف عَن حضور الجمعة والجماعات، ليلًا ونهارًا] اهـ.
وعلى ذلك نص فقهاء المذاهب الأربعة.فالشريعة الإسلامية قد جعلت كلًّا من البرد أو المطر الشديدين عُذرًا شرعيًّا مُبيحًا لترك صلاة الجمعة وصلاة الجماعة في المساجد؛ وذلك للحد من تعرض الناس للمخاطر ووقوعهم في الأذى أو المهالك، أو غير ذلك مما قصدت الشريعة حماية المكلفين من التعرض له، وقد تقرر أن: "المشقة تجلب التيسير".
الواجب على من ترك الجمعة لعذر من الأعذار المعتبرة شرعًا
إذا جاز ترك حضور الجمعة لعذر من الأعذار المعتبرة شرعًا، فإن الواجب على من تركها حينئذ أن يصلِّيَها ظهرًا أربع ركعات بالإجماع.