عبيدلي العبيدلي **

مقدمة

تشكل العلاقة المتبادلة بين الاقتصاد البرتقالي والتحول الرقمي محركًا حاسمًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية في القرن الحادي والعشرين. ويُسرِّع التحول الرقمي نمو الصناعات الإبداعية ويدفعه الطلب الذي لا يشبع على الابتكار في الاقتصاد البرتقالي؛ مما يشكل طريقة عمل المجتمعات والتواصل والتعبير عن نفسها.

البُعد الاقتصادي

لقد عززت التقنيات الرقمية بشكل كبير الإمكانات الاقتصادية لاقتصاد أورانج من خلال تمكين نماذج أعمال ومنصات وأسواق جديدة. كانت اقتصادات أمريكا اللاتينية في المقدمة: فعلى سبيل المثال، خصصت كولومبيا ما يقرب من 2 مليون دولار للمبادرات الإبداعية الرقمية، مما أدى إلى دعم أكثر من 100 مشروع ريادي جديد وما لا يقل عن 70 فكرة تجارية مبتكرة في القطاع الثقافي منذ عام 2018. في اقتصادات الكاريبي والجزر الأوسع، ارتفعت إيرادات القطاعات الإبداعية المدعومة بتقنية المعلومات والاتصالات من 1.5 مليار دولار إلى 22.9 مليار دولار بين عامي 2004 و2016، بينما ارتفعت حصة القطاع من الناتج المحلي الإجمالي من 2.7٪ إلى 6.2٪. تعزز الاتجاهات العالمية هذا التحول المذهل؛ يساهم الاقتصاد الإبداعي بأكثر من 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ويولد مليارات الدولارات من الإيرادات السنوية.​

تسلط معدلات النمو السنوية التي تتجاوز 25٪ في القطاعات الإبداعية الرقمية الضوء على قدرة القطاع على التكيف والتوسع، حيث تحقق الشركات الناشئة وصناع المحتوى الرقمي وصولا عالميا تقريبا فورا. ومع رقمنة المنتجات والخدمات المبتكرة، تستفيد قطاعات مثل الفنون والموسيقى والألعاب والسينما من التوزيع غير المحدود ونمو جمهوري أسي، مما يثري الاقتصادات الوطنية ويجذب الاستثمارات الأجنبية.​

الشمول الاجتماعي والتمكين

يمتد التأثير التحويلي للرقمنة في الاقتصاد البرتقالي إلى الشمول الاجتماعي والتمكين. لقد أزالت المنصات الرقمية العديد من الحواجز التي واجهتها النساء والشباب والفئات المهمشة، واستبدلت الحراس التقليديين بقنوات مفتوحة الوصول وأدوار ناشئة مثل المؤثرين، ومديري المجتمعات، والفنانين الرقميين. في الأردن، يشكل الاقتصاد البرتقالي الآن 2.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي. توظف الشركة 3% من القوى العاملة، وهو دليل على كيف تشجع النظم البيئية الرقمية على مشاركة أكثر عدالة من خلال خفض عتبات الدخول وتوفير الوصول عن بعد للمهارات والعملاء والأسواق.​

غالبا ما تتماشى البرامج الرقمية التي تقودها المناطق والحكومة مع أهداف التنمية المستدامة، مما يعزز التنوع والمساواة بين الجنسين والمواهب المحلية. في أفريقيا والشرق الأوسط، على سبيل المثال، سهل التحول الرقمي التعاون عبر الثقافات وتدويل الصادرات الإبداعية، مما مكن أصواتا جديدة لتشكيل السرديات الثقافية وعزز الهويات الوطنية داخل الساحة الرقمية العالمية.​

التآزر التكنولوجي والابتكار

الاقتصاد البرتقالي لا يستفيد فقط من التكنولوجيا الرقمية؛ بل يلهم تطورها. الصناعات الإبداعية تطالب باستمرار بأدوات جديدة، مما يدفع حدود الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، والواقع الممتد (XR)، والبث، والتكنولوجيا المالية. يعكس الانتشار السريع للمدفوعات عبر الهاتف المحمول، وإدارة الحقوق الرقمية، والأسواق الرقمية العالمية تأثير القطاع الإبداعي في تشكيل التغير التكنولوجي الأوسع. على سبيل المثال، حصلت خوارزميات تنسيق المحتوى والتوصية المدعومة بالذكاء الذكاء الاصطناعي، والتي أصبحت الآن معيارية في العديد من الصناعات، في البداية على زخم داخل المنصات الإبداعية وخدمات الترفيه.​

تظهر مبادرات بناء القدرات مثل مبادرة أن الاستثمار في المهارات الرقمية والبنية التحتية والأطر التنظيمية يولد عوائد سريعة، مما يعزز النظم البيئية الإبداعية والرقمية على حد سواء. علاوة على ذلك، فإن التحول إلى تقنيات السحابة الأصلية والاتصال بجيل 5G يوسع الأساس التقني للقطاع الإبداعي، مما يتيح الإنتاج عن بعد في الوقت الحقيقي، وتجارب رقمية غامرة، وتآزر إبداعي عابر للحدود.​

المحركات الأساسية لتسريع التآزر بين الاقتصاد البرتقالي والتحول الرقمي التجارب الحية

يشير هذا إلى المنطق وراء الاستثمار في السياسات والبنية التحتية والمبادرات التي تدعم تقاطع الصناعات الإبداعية والتحول الرقمي. نجاح التجارب الحية يجذر غرز تأثيرات قابلة للقياس مثل خلق الوظائف، وتجديد المدن، والعدالة الاجتماعية، والتنافسية العالمية. لقد أظهر الاقتصاد البرتقالي توافقا مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مما يجعله مجالا محوريا لاستراتيجيات التنمية وتوزيع الموارد.​

الحوافز

الحوافز هي أدوات سياسية، وآليات مالية، وأطر تنظيمية تم تقديمها لتسريع النمو والتفاعل. تشمل الأمثلة الإعفاءات الضريبية للشركات الناشئة في الاقتصاد البرتقالي، ومنح التمويل المباشر، ودعم المنصات الرقمية، وبرامج بناء القدرات. هذه الحوافز تقلل من الحواجز أمام دخول المبدعين ورواد الأعمال إلى الأسواق الرقمية والموارد، مما يعزز منظومة خصبة للابتكار.​

الدوافع

تشير الدوافع إلى العوامل الأساسية التي تحفز المؤسسات والحكومات والمواهب على المشاركة في تقاطع الاقتصاد البرتقالي مع التحول الرقمي. يمكن أن تشمل هذه التنويع الاقتصادي، تطوير المواهب، تمكين الشباب والنساء، والحفاظ على الثقافة. يقوم الجهات الفاعلة التحفيزية بإنشاء أنظمة بيئية مستدامة ويسعون لحلول- مثل البحث والتطوير، والبرامج التعليمية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص- تربط بين الإنتاج الإبداعي والتقدم التكنولوجي.​

** خبير إعلامي

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

زيادة الإيجار القديم في الإسكندرية بعد قرار المحافظ الجديد.. هتدفع كام؟

يبحث الكثيرون عن زيادة الإيجار القديم حيث أصدر الفريق أحمد خالد محافظ الإسكندرية القرار رقم 312 لسنة 2025 بشأن تقسيم المناطق التي تضم أماكن مؤجرة لغرض السكنى والخاضعة لأحكام القانون رقم 164 لسنة 2025، وذلك استنادًا لما انتهت إليه لجان الحصر التي تابعت بدقة أوضاع المناطق السكنية بالمحافظة وعملت على فرزها إلى ثلاث فئات رئيسية.

بعد انتهاء لجان الحصر من عملها .. ما مصير فروق زيادة الإيجارات القديمة؟زيادات الإيجار القديم.. و15% زيادة سنوية ثابتة حتى تحرير العلاقة بين المالك والمستأجرشريف الجعار: عدد كبير من سكان الإيجار القديم عجزوا عن التقديم للسكن البديلالبحيري: الغالبية العظمى من المستأجرين ملتزمون بقانون الإيجار القديم

و تشمل المناطق المتميزة والمتوسطة والاقتصادية بهدف ضبط العلاقة الإيجارية القديمة ووضع تعريفة عادلة تتناسب مع طبيعة كل منطقة.

تفاصيل التعريفة الجديدة للمناطق السكنية

وبموجب القانون الجديد للإيجار القديم رقم 164 لسنة 2025 جرى تحديد القيم الإيجارية وفق الفئات الثلاث، حيث جاءت المناطق المتميزة بتعريفة جديدة تعادل عشرين ضعف القيمة الحالية مع وضع حد أدنى للإيجار الشهري يبلغ ألف جنيه وزيادة سنوية بنسبة خمسة عشر بالمئة، فيما اعتمدت المناطق المتوسطة تعريفة تعادل عشرة أضعاف القيمة الحالية بحد أدنى يبلغ أربعمئة جنيه شهريًا وبزيادة سنوية مماثلة، بينما شملت المناطق الاقتصادية والشعبية تعريفة تعادل أيضًا عشرة أضعاف القيمة الحالية لكن بحد أدنى مئتين وخمسين جنيهًا شهريًا مع زيادة سنوية بنسبة خمسة عشر بالمئة.

نشر القرار رسميًا في الوقائع المصرية

وجاءت جريدة الوقائع المصرية بعددها رقم 278 تابع (ج) الصادر في العاشر من ديسمبر 2025 لتوثق القرار رقم 312 لسنة 2025 الصادر عن محافظة الإسكندرية، والذي تضمن تقسيم المناطق السكنية المؤجرة قديمًا إلى مناطق اقتصادية ومناطق متميزة ومناطق متوسطة، وذلك وفق نص المادة الأولى التي اعتمدت نتائج عمل لجان حصر المناطق السكنية التي قامت بمراجعة دقيقة لكامل الأحياء والمراكز والمدن داخل نطاق المحافظة.

خلفية قرارات الحصر والتقسيم

القرار رقم 201 لسنة 2025 بمحافظة الإسكندرية نص على تشكيل لجان متخصصة لحصر المناطق السكنية المؤجرة قديمًا طبقًا للقانون 164 لسنة 2025 وقرار رئيس الوزراء 2789 لسنة 2025، حيث تولت هذه اللجان تقييم كل منطقة وفق معايير التميز العمراني وطبيعة الخدمات ومستوى البنية التحتية، مع وضع تصور متكامل للقيمة الإيجارية الجديدة بناءً على التصنيف النهائي، وقد تم تمديد فترة عمل تلك اللجان عدة مرات لضمان دقة الحصر والوصول إلى نتائج عادلة تراعي حقوق المالك والمستأجر على حد سواء.

نتائج لجان الحصر وتحديد القيم الإيجارية

خلصت اللجان إلى تحديد القيمة الإيجارية للمناطق الاقتصادية عند 250 جنيهًا كحد أدنى شهريًا مع توفير بدائل سكنية للمستحقين المتأثرين بالقرارات الجديدة، كما انتهت إلى تقسيم كامل مناطق الإسكندرية إلى ثلاث فئات تشمل مناطق متميزة ومناطق متوسطة ومناطق اقتصادية، وذلك تمهيدًا لبدء التطبيق الرسمي لمشروع تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في الإيجار القديم داخل المحافظة بما يتوافق مع التشريعات الجديدة.

بدء الإجراءات الرسمية لتنظيم الإيجار القديم

ويأتي هذا التقسيم في إطار استعداد محافظة الإسكندرية لبدء الإجراءات التنفيذية المتعلقة بملف الإيجار القديم، حيث تضمن القرارات الجديدة إعادة تنظيم هيكل الإيجارات وفق القانون الحالي بما يحقق توازنًا في العلاقة القانونية والمالية بين الطرفين، ويمنح للمحافظة الأساس القانوني لإعادة تقدير القيمة العادلة للإيجار القديم بما ينسجم مع طبيعة كل منطقة ومعايير تطورها العمراني.

تأثير القرارات على المواطنين والمالكين

تشير التوقعات إلى أن القرارات ستحدث تغييرات واسعة في السوق العقارية بالمحافظة، حيث ستؤدي إعادة تقييم الإيجارات إلى ضبط العلاقة بين المالك والمستأجر وتقليل النزاعات المرتبطة بالقيمة الإيجارية القديمة، كما ستسهم في تحديث الخريطة السكنية للمناطق وتقريب قيم الإيجارات من الواقع الفعلي للخدمات المقدمة داخل كل منطقة.

خريطة واضحة للمناطق السكنية

من خلال القرارات المنشورة أصبحت الإسكندرية الآن تمتلك خريطة واضحة ومحددة للمناطق السكنية وفق التصنيفات الثلاثة، مما يسهل عملية تطبيق القانون الجديد ويوفر مرجعية رسمية يمكن للمالكين والمستأجرين الاعتماد عليها في تحديد القيم الإيجارية المستقبلية دون تضارب أو اختلاف تقديرات.

خطوة في إطار إعادة تنظيم العلاقة الإيجارية

تعتبر هذه الخطوة جزءًا من خطة شاملة تتبناها الدولة لإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في الإيجار القديم بما يضمن حقوق الطرفين ويعالج المشكلات التي تراكمت على مدى عقود، كما تسهم في خلق بيئة عقارية أكثر استقرارًا وعدالة خصوصًا في المحافظات الكبرى مثل الإسكندرية.

تطبيق فعلي قريب للقرارات الجديدة

ومع الانتهاء من إجراءات التقسيم وإعلان القيم الإيجارية الجديدة باتت محافظة الإسكندرية جاهزة لبدء التطبيق الفعلي للقرارات، حيث ستشهد المرحلة المقبلة متابعة دقيقة من الجهات المختصة لضمان التزام جميع الأطراف بالتعريفة الجديدة وبنود القانون 164 لسنة 2025 الذي يمثل الإطار التشريعي الأوسع لهذه التغييرات.

طباعة شارك الإيجار القديم تعريفة الإيجار القديم الإسكندرية تعريفة الإيجار القديم في الإسكندرية الإيجار القديم في الإسكندرية

مقالات مشابهة

  • باسل رحمي: خدماتنا تهدف لتحويل أفكار الشباب الإبداعية إلى مشروعات ناجحة ومستدامة
  • وزير العمل في قمة المرأة 2025: «الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يعيدان تشكيل خريطة الوظائف»
  • وزير العمل: الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يعيدان تشكيل خريطة الوظائف بمصر
  • زيادة الإيجار القديم في الإسكندرية بعد قرار المحافظ الجديد.. هتدفع كام؟
  • علي جمعة: صلاح القلب مفتاح صلاح العمل وحسن العلاقة مع الله
  • عمرو أديب: أي طرف مُجبَر على إرضاء مصر دليل قوة لها لا يستهان بها
  • تطور جديد في أزمة صلاح مع سلوت.. وكواليس جلسة ليفربول للتهدئة
  • «أبوظبي للغة العربية» يكرّم المشاركين في «قلم للكتابة الإبداعية»
  • جامعة أسيوط تنظّم ورشة عمل حول الكتابة والصياغة الإبداعية للخطابات