يشغل ملف التغيرات المناخية الكثير من دول العالم لما لها من تاثيرات بالغة على الدول ، فيسعى العالم اجمع الى ايجاد الحلول في سبيل التغلب التأثيرات السلبية الناتجة عن التغير المناخي ، وبالتزامن مع "قمة المناخ الإفريقية" الذي تم انعقاده  في العاصمة الكينية نيروبي نجد ان هناك من تحدث عن البيئة والمناخ وعلاقة ذلك بالعمارة فللراحل حسن فتحي كتابة تحت عنوان " العمارة والبيئة  ناقش فيه كيف اختص الله سبحانه وتعالى الإنسان في تغيير الطبيعة وحده دون باقي المخلوقات بتغيير الطبيعة إلى حد كبير ووضع تكويناته المعمارية وتشكيلاته التخطيطة إلى جانب التكوينات التي هي من صنع الله، كما يجيب عن تأثير البيئة في الظروف المحيطة بها  وإلى التقرير.


 

القدماء راعوا الظروف البيئة في عمارة معابدهم 
ذكر المهندس المعماري الراحل حسن فتحي في كتابه " العمارة والبيئة " مفهوم البيئة قائلا: إن البيئة تعتبر هي الظروف المحيطة التي تؤثر في النمو والحياة ، وهناك بيئتين ، أما الأولى فهي البيئة الطبيعة التي هي من صنع الله وتشمل كل ما يقع على السطح الجغرافي ويكون المنظر الطبيعي من جبال وأدوية وأنهار وبحيرات ، وما عليه من نبات وحيوان ، كما تشمل أيضا الجو المحيط بالأرض من حيث المناخ البارد أو الحار والرطب أو الجاف وما وراء هذا الجو من الكون الكبير بنجومه وأبراجه  الفلكية الذي دخل في وعي الإنسان منذ القدم بأن له تأثيرات في الحياة على سطح الأرض مما جعلهم يراعونها في عمارة معابدهم، وبدأ يدخل في وعي الإنسان الحديث بتقدم علوم الفلك والطبيعة التي تكاملت في علم واحد يسمى " استروفيزيقا" ، وخاصة الطبيعة النووية وعلوم الحياة والنبات. 
وأضاف فتحي: إن البيئة الأخرى هي البيئة الحضرية التي من صنع الإنسان من منشآت في البيئة الطبيعية من مبان وعمارات ومنشأت وطرق وساحات وحدائق وأشجار وأدوات وإضاءة وعربات وعلامات مرور واعلانات والإنسان نفسه بملابسه ، وأزيائه المختلفة ، وبالإختصار كل ما تتكون منه المدينة وما تأويه من إنسان وحيوان ونبات.
أشار فتحي إلى أنه على المعماري أن يحترم البيئتين فيما يضعه فيهما من منشآت فإذا لم يحترم البيئة الأولى _ التي هي من صنع الله _ كانت خطيئة ، وإذا لم يحترم الثانية مكانت قلة إحترام لمن سبقوه؛ شريطة أن يكون من سبقه قد احترم البيئة الأولى. 
بيّن فتحي أن التغير هو من سنن الحياة التي تشمل كل ما في الكون وما يكون البيئة بمنا في ذلك الإنسان نفسه ، وهو الأمر الذي يحتم عليه أن يجتهد باستمرار في تشغيل ذكائه في تفاعله مع البيئة لمسايرة التغير والتحول الحادثين فيها وذلك فيما يقوم بعمله ؛ وإلا كان ذلك نشازا أو جمودا ، فالتغير نفسه محايد ، فإذا لم يكن للأحسن فسيكون للأسوأ بطبيعة الحال.
أوضح فتحي أن التغير في العمارة هو نوعين ، إما تطور في نفس الإتجاه والملامح على دورات متكاملة يمكن الإنسان تتبع حلقاتها وأن يربط ببينها كما هو الحال في تطور مختلف الطرز المعمارية ، وإما تغير كلي بلا رابط بين السابق واللاحق .
يشير فتحي أيضا إلى أننا إذا سرنا على هذا النمط الأخير في عمليات التغير إلى أقصى الحدود فسوف نصل إلى العماء ؛ لأنه لن يجد الإنسان حينئذ أي نقطة ثابتة يرجع إليها ليحدد مكانه في الزمن أو لكي يدرك أي معنى للتغير، وأن التغير أو التطور في نفس الإتجاه ييستلزم وجود بعض العناصر سواء من الأشكال المعمارية أو من مبادئ التصميم مما يعتبر من الثوابت أو الحتميات مع بعض التغيير تبعا لرؤية المجدد في موائمة الظروف المستجدة ، إما لاستكمال حلول لم تتبلور وتكتما حلقاتها بعد، وإما وجود تباديل وتوافيق لنفس الحلول مما يستحق الاخراج والتجربة ، مما يعتبر من التلقائيات ، ولكل دورة من دورات التطور بداية وذروة ونهاية ، فإن الحيوية والضمور ليكمنان كما يكمن السالب والموجب في كل الكائنات الحية بحسب معدلات ونسب تتقرر بما وضعه الخالق في مخلوقاته من حيوية منذ البداية ومنها الإنسان نفسه ثم ما يقوم به هذا الإنسان من نفسه من مختلف نواحي نشاطاته الثقافية ومنها العمارة .
وتابع فتحي : تتميز البداية دائما بالبساطة والقوة وتغلب نسبة الحيوية على الضمور وتتغير هذه النسبة شيئا فشيئا مع الزمن بشكل يمكن التعبير عنه بخط بياني على شكل منحنى قطع مكافئ، مما يطلق عليه علماء الرياضة " منحنى الاحتمال" الذي تخضع له كل دورات الحياة ، حيث تزداد معدلات التطور ونسبة الحخيوية من البداية حتى الذروة تقل وتنحدر إلى أن تصل إلى الضمور والفناء في النهاية ؛ وإننا لنرى ذلك ممثلا في تطور الطرز المعمارية التاريخية كالفرعونية والإغريقية. 
 

العمارة الأوربية لم تراعي العوامل البيئية المحيطة 
 

قال  المهندس حسن فتحي: إن مصر تعاقبت عليها عدة عصور معمارية هي الفرعونية والمسيحية الأولى والإسلامية وأخيرا العصر الحاضر ‘ إلا أن العمارة في العصور الثلاثة الأولى كانت مصرية صميمة حيث كانت الأشكال المعمارية نلبعة من وجدان المعماري وصاحب الحرفة المصريين في تفاعلات ذكائهما مع البيئة المصرية ، أما من حيث العمارة الفرعونية فإن هذه التفاعلات قد تعدت البيئة الجغرافية وأمتدت إلى البيئة الفلكية واستمرت في حركة تطورها الطبيعية إلى أن تغيرت العقيدة الدينية بدخول المسيحية.
وأضاف فتحي: دخلت العمارة الأوربية على يد إسماعيل باشا من طراز النهضة الإيطالية إلى البلاد مبتدئا بقصوره وبدور الجكومة ولجأ المعماريون الأجانب من فرنسيين وايطاليين لعمل التصميمات التي نفذها أهل الحرف المصريون في المعظم والغالب ، ولما كانت التحولات  لا تحدث طفرة واحدة فقد أصبحت العمارة المصرية خليطا من الطرز الأوربية التي فيها العلم البناء المصري بين الكرانيش الكلاسيكية والمقرنصات الإسلامية وقد امتزجت بذلك خطوط التحليل النفساني التي رسمها الأوروبيون من وحي وجدانهم والخطوط التي رسمتها مصر على مر الأجيال والقرون إلى أن زالت تلك الخطوط المصرية والأوربية على السواء بدخول العمارة الأوربية التي تدعى حديثة إلى البلاد منذ حوالي الأربعينات وشمول استعمالها للمباني العامة والخاصة في جميع أنحاء العالم من الجنوب إلى الشمال ، وفي الواحات دون مراعاة للعوامل الجوية والبيئية والطبيعية .
بيّن فتحي أنه من المشاهد المؤسفة عدم وجود ردود فعل سليمة وشعور بالألم من جراء عملية فقدان الشخصية في العمارة التي تعتبر من أهم أركان الثقافة ، وهي ظاهرة خطيرة بالنسبة لحيوية الأمة العربية الأمر الذي لا يمكن علاجه سواء بالنقد والبحث والدراسة وتطبيق آخر ما وصلت إليه من العلوم الطبيعية والإنسانية ، وبالنشر والتعريف بطبيعة المشكلات وحقيقة الأمور التي تؤخذ على علاتها على أوسع نطاق وعلى المستويات كافة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: تغير المناخ التغيرات المناخية التغيرات الطبيعية من صنع إلى أن

إقرأ أيضاً:

تنوع الطبيعة العمانية يجذب الآلاف من عشاق سياحة المغامرات

مسقط - العمانية

تشهد سياحة المغامرات في سلطنة عُمان إقبالًا دوليًّا متزايدًا لممارسة عدد من أنشطة هذا النوع من السياحة، للاستفادة والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والثقافية في تنمية القطاع السياحي والتراثي وبما يحقق أهداف التنوع الاقتصادي وبناء اقتصاد سياحي مستدام.

وتقوم وزارة التراث والسياحة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة بمتابعة هذا التنامي وتوفير كل الخدمات الضرورية التي يتطلبها السائح لجعل سلطنة عُمان إحدى أهم الوجهات السياحية الآمنة في العالم وفقًا لمتطلبات جوانب الأمن والسلامة عند ممارسة أنشطة المغامرات.

وقال يوسف بن راشد الحراصي رئيس قسم تنمية المنتج بدائرة تطوير المنتج والتجارب السياحيّة بوزارة التراث والسياحة: إن تنويع المنتجات السياحية يعد أبرز أهم المنهجيات التي تسعى لها الوزارة نحو تحقيق زيادة نسبة التدفق السياحي وتعزيز التجربة السياحية وتنويعها في مجال أنشطة سياحة المغامرات العالمية التي تستقطب حركة سياحية نشطة يفضلها المغامرون بكافة أنحاء العالم.

وأضاف إن سلطنة عُمان تأتي ضمن مصاف الدول التي تستهوي العديد من المهتمين بسياحة المغامرات والمغامرين بكافة أنواعهم نظرًا لتفردها بتنوع طبيعي وجيولوجي انعكس على تنوع الأنشطة التي يفضلها المغامرون ويفضلها السائح المتشوق لممارسة سياحة المغامرات.

ووضح أن المواقع الطبيعية مثل جبال الحجر الشرقي والغربي هي الملاذ التي يفضلها المغامرون لتميزها بالعديد من التجارب في أنشطة المغامرات كممارسة نشاط المشي الجبلي والتنقل بين الأسلاك الحديدية المرتفعة والأسلاك الانزلاقية واكتشاف الكهوف والسباحة والمغامرة بالأودية وغيرها من الأنشطة المتعلقة والتي يمارسها المغامرون، إلى جانب بعض المواقع بمحافظتي ظفار ومسندم الوجهات المفضلة لممارسة أنشطة سياحة المغامرات.

وأشار إلى النمو الذي تشهده سياحة المغامرات بسلطنة عُمان من قبل هواة المغامرين الدوليين ومن السياحة المحلية لتعزيز تجربتهم من خلال الشركات السياحية التي تقوم حاليًّا بتنظيم رحلات وأنشطة سياحة المغامرات التي تم ترخيصها من قبل وزارة التراث والسياحة وتراعي كافة محاذير الأمن والسلامة عند ممارستها.

وقال إن وزارة التراث والسّياحة قامت بتوريد وتركيب عدد اللوحات المعلوماتية والتوجيهية للمسارات الجبلية التي بلغ عددها 73 لوحة توجيهية و30 لوحة معلوماتية بالمسارات الجبلية في سلطنة عُمان لا سيما في سلسلة جبال الحجر الشرقي والغربي ومحافظة مسقط من أجل تعظيم الاستفادة من هذا التنوع الطبيعي المتفرد والتعريف بالمحتوى الطبيعي والثقافي لهذه المسارات الجبلية ونطاقاتها وغرس مفاهيم الوعي بأهميتها في تعزيز التجربة السياحية وتوعيه المغامرين بأهمية الإلمام بمعايير الأمن والسلامة.

 

وبين يوسف بن راشد الحراصي أن جهود وزارة التراث والسياحة لتنظيم قطاع سياحة المغامرات جاءت بعد بحث ودراسة أفضل الممارسات العالمية التي يمكن الاستفادة منها وتطبيقها في سلطنة عُمان لتنظيم أنشطة سياحة المغامرات؛ إذ تم الاطلاع على التجربة والنموذج النيوزيلندي في تنظيم وإدارة نشاط سياحة المغامرات، أفضل النماذج سواء من ناحية تطبيق معايير الأمن والسلامة أو الجانب التشريعي فضلًا عن نجاح هذه المنظومة في سلطنة عُمان ما جعلها إحدى أهم الدول الرائدة في مجال تجارب سياحة المغامرات.

ووضح أن وزارة التراث والسياحة عملت أيضًا على إيجاد الإطار القانوني المنظم لجميع أنشطة المغامرات وفقًا للمعايير المتبعة لترخيصها وهي في طور وضع إطار تنظيمي لمنظمي رحلات ممارسة أنشطة المغامرات ومنفذي المشروعات المتعلقة بسياحة المغامرات، وإيجاد نظام التدقيق على إدارة المخاطر والسلامة للشركات المشغلة لتلك الأنشطة، كما تم توفير مراكز متخصّصة للتدريب والتعليم لممارسة أنشطة المغامرات بمختلف أنواعها وتحديد الوجهات والمواقع التي يمكن تطبيق وتشغيل تلك الأنشطة وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مشروعات سياحة المغامرات.

ولفت إلى أن وزارة التراث والسياحة وضعت الأمن والسلامة أولوية أولى وهي بصدد التوقيع على اتفاقية تعاون بينها وبين وزارة الدفاع ممثلة في مركز تدريب المغامرة التابع للجيش السُّلطاني العُماني في مجال أعمال تدقيق معايير الالتزام باشتراطات الأمن والسّلامة والتدريب المتخصص في عدد من أنشطة سياحة المغامرات مع الاستفادة القصوى من الخبرة التي يحظى بها المركز لتقديم الدورات التدريبية للمرشدين السياحيين العُمانيين من موظفي الشركات السياحية المتخصصة في مجال سياحة المغامرات.

 

وقال إن هناك برنامج تنمية القدرات للإسعاف والإنقاذ الجبلي بالتعاون مع هيئة الدفاع المدني والاسعاف؛ إذ تم تنظيم ثماني دورات في تنمية القدرات للإسعاف والإنقاذ الجبلي، ويستهدف البرنامج الكوادر الوطنية من موظفي الشركات السياحية المتخصصة في سياحة المغامرات والأفراد العُمانيين المغامرين في المجال ذاته من أجل تنمية القدرات العُمانية في مهارات التعامل مع الحوادث المحتملة والإنقاذ الجبلي.

وذكر أن وزارة التراث والسياحة استضافت خلال شهر مايو الماضي وفدًا من الهيئة السعودية للسياحة ضم عددًا من ممثلي الشركات السياحية المتخصصة من المملكة العربية السعودية للاطلاع على تجربة سلطنة عُمان في تنظيم قطاع سياحة المغامرات في إطار تعزيز التعاون الثنائي وتبادل الخبرات في مجال تنظيم أنشطة سياحة المغامرات بين البلدين الشقيقين، موضحًا أنه تم خلال الزيارة استعراض الإجراءات التنظيمية المعتمدة من الوزارة لأنشطة سياحة المغامرات وآليات الترخيص لتنظيم الرحلات وخطوات التقديم للحصول على تراخيص الإرشاد التخصصي إضافة إلى التدقيق الفني للمشروعات ذات الصلة.

وأضاف رئيس قسم تنمية المنتج بدائرة تطوير المنتج والتجارب السياحية بوزارة التراث والسياحة إن الزيارة شهدت أيضًا تقديم عروض قدمتها شركات عُمانية مرخصة ومغامرون معتمدون ركزت على تجاربهم في تنظيم أنشطة المغامرات مع التركيز على معايير السلامة والأمن المتبعة إضافة إلى استعراض المعدات والأدوات المستخدمة في سياحة المغامرات وتبادل الخبرات والتجارب بين الشركات العُمانية ونظيراتها السعودية إلى جانب جولة ميدانية إلى ولاية الجبل الأخضر بمحافظة الداخلية للاطلاع على عدد من المشروعات والمواقع المرتبطة بأنشطة سياحة المغامرات من بينها قرية السوجرة وعدد من الوجهات السياحية الأخرى في المحافظة.

مقالات مشابهة

  • إفشاء الأسرار تهديد لكشف ستر الإنسان ..فلا تعبثوا بهذه الفضيلة أيها الكرام
  • البحوث الإسلامية: حماية البيئة واجب دِيني ومسئوليَّة أخلاقيَّة والتزام حضاري
  • "الاتصالات وعلاقتها بتسويق العلامات التجارية" رسالة ماجستير باحث في الإعلام
  • خبير بيئي: أمطار القاهرة نتيجة تلاقي كتلتين هوائيتين.. والمناخ بات أكثر تطرفًا
  • العربية لحماية الطبيعة تطلق تقريرها السنوي لعام 2024
  • حقيقة وجود حركة غريبة في البحر المتوسط وعلاقتها بحدوث الزلازل والتسونامي
  • تنوع الطبيعة العمانية يجذب الآلاف من عشاق سياحة المغامرات
  • باسم الفنان فتحي عبد الوهاب.. مهرجان قسم المسرح الدولي يُعلن تشكيل لجنته العليا للدورة الـ18
  • عمليات الإخماد مستمرة في جبال اللاذقية.. التضاريس الوعرة وتغير الرياح يصعبان المهام
  • «وزير المالية»: تعميق التعاون بين البريكس وإفريقيا في قضايا تمويل التنمية والمناخ ومبادلة الديون والأمن الغذائي