إسرائيل تزج بإيران في حسابات الأردن
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
#إسرائيل تزج بإيران في #حسابات #الأردن – #ماهر_أبوطير
مرت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في عمّان دون أي تعليق رسمي، برغم أن هذه التصريحات تؤشر على الأردن على المستوى الأمني بشكل حساس جدا في هذا التوقيت.
يخرج وزير الدفاع الإسرائيلي ويقول في مؤتمر أمني دولي استضافته جامعة رايتشمان الإسرائيلية ونقلته وسائل إعلام إسرائيلية، ويعرض صورا جوية لما قال إنه مطار بنته إيران جنوب لبنان بهدف تحقيق أهداف عسكرية ضد إسرائيل، ويضيف ان هناك مسعى إيرانيا لصنع جبهة خطر أخرى على حدود إسرائيل مع الأردن الذي تربطه معاهدة سلام مع إسرائيل، عبر ميليشيات تعمل وتتمركز في العراق، اي ان الوزير يتحدث عن نوايا ايرانية لاختراق الاردن والوصول الى إسرائيل، وهذه مناحة إسرائيلية جديدة ترتبط مجددا بالأردن وحدوده الشرقية.
سبق هذا الكلام معلومات من مصادر متطابقة كلها تتحدث عن هلع إسرائيلي من عمليات تهريب السلاح من جنوب سورية، إلى الأردن، بهدف إعادة تهريبها إلى فلسطين، ومن أجل تنفيذ عمليات مسلحة ضد إسرائيل على يد تنظيمات فلسطينية في الضفة الغربية تحديدا، وأعلنت إسرائيل خلال 2023 عن أكثر من سبعة وعشرين عملية تهريب سلاح تم افشالها بعد أن حاول المهربون عبور الحدود الأردنية الفلسطينية، غير العمليات التي نجحت وتمت ولم يلق القبض على من قاموا بها، بما ثبت انه يوطئ لاقامة جدار على طول الحدود الأردنية الفلسطينية بذريعة عمليات تهريب السلاح إلى الضفة بتمويل إيراني عبر سورية، التي يضاف اليها اليوم المخاوف من #إيران واحتمال تهريب السلاح عبر الحدود مع العراق.
من الملاحظ هنا أن هناك اتهاما مباشرا للأردن بكونه ساحة لتهريب الاسلحة من سورية، وانه سيكون ساحة لتهريب الاسلحة من العراق، بالإضافة إلى عناصر مدربة ربما، وفي الحالتين توجه إسرائيل الاتهامات الضمنية للأردن بكونه مفتوح الحدود، ولا يمنع عمليات تهريب السلاح، وتصعد إسرائيل في لغتها الضمنية وكأنها تضغط على الأردن للدخول في مواجهة وجها لوجه نيابة عنها مع إيران، وسط إقليم متقلب، أصبحت فيه إيران دولة حاكمة على عدة دول أصلا.
لا تعرف ما الذي تريده إسرائيل تحديدا من كثرة الزج بثنائية الأردن وإيران في أمنها الداخلي، لان إسرائيل التي تتخوف من جنوب لبنان لاعتبارات تتعلق بوجود الصواريخ المدعومة من إيران، تريد اليوم شبك الأردن في ذات الجبهة، من خلال التأشير على سورية والعراق، ومخططات إيران في المنطقة، وتحديدا العبور إلى الأردن، هذا في الوقت الذي يحاول فيه الأردن جاهدا تحسين علاقاته مع سورية والعراق، لكن إسرائيل تريد اثارة المخاوف داخل الأردن بشأن المخططات الأمنية لإيران من خلال الجبهتين السابقتين، واعلاء الحسابات الأمنية، على الحسابات السياسية والاقتصادية المتعلقة بتحسين العلاقات بين الأردن والجارين.
يقوم الأردن بحماية حدوده من كل عمليات التسلل وتهريب المخدرات والسلاح، مثل أي دولة في العالم، وليس في اطار توصيف وظيفي لدور أمني نيابة عن إسرائيل، لكن من الواضح أن كثرة الكلام عن ملف الحدود مع سورية والعراق، ودور إيران في الأردن، له استهدافات استراتيجية من جانب إسرائيل، وكأن المطلوب ان يبني الأردن حول ذاته جدارا عازلا على الطريقة الإسرائيلية لحماية أمن إسرائيل على المدى الإستراتيجي.
تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي تستثمر في المخاوف الأمنية في المنطقة من مشروع التمدد الإيراني، هذا على الرغم من أن إسرائيل حتى الآن لم تتمكن من التعامل مع الأخطار المتدفقة من سورية ولبنان وإيران ومن داخل فلسطين ذاتها بخصوص امنها، وتجد تل ابيب للمفارقة وقتا لتوسيع دائرة المعركة لتشمل الأردن ايضا، باعتباره نقطة هشة في خريطة الشرق الأوسط.
حدود فلسطين مفتوحة من كل الجهات وتهريب الاسلحة أو صناعتها داخل فلسطين ليس بحاجة الى كل هذا التهويل، الذي يستهدف تجنيد كل المنطقة للدخول في معركة حماية أمن إسرائيل، وما يمكن أن يقال هنا ان تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، من جهة حول الحدود مع العراق، وضخ المعلومات حول عمليات تهريب السلاح من سورية إلى الأردن فالضفة الغربية، وتصريحات لمسؤولين إيرانيين عن نوايا بتهريب السلاح الى الضفة الغربية كلها تستهدف إعادة تشكيل المشهد الأمني في هذه المنطقة.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: إسرائيل حسابات الأردن إيران وزیر الدفاع الإسرائیلی إیران فی
إقرأ أيضاً:
غزة ومصر: ماذا تريد إسرائيل من مصر؟
منعطف تاريخي ولحظة فاصلة في إعادة الصراع
في ظل المشهد الإقليمي المشتعل، تعيش المنطقة لحظة مفصلية تحمل بين طياتها أبعادًا أمنية وجيوسياسية غاية في التعقيد.الحشود الغزّاوية المتزايدة على الحدود مع مصر جنوب قطاع غزة لم تعد مجرد ظاهرة مؤقتة أو تداعيات حرب مستمرة، بل أصبحت علامة إنذار أمام تحولات محتملة، تقف فيها مصر على مفترق طرق حاسم.
الحشود على بوابة رفح.. .إلى أين؟ما يجري جنوب قطاع غزة لا يمكن قراءته خارج سياق الضغط الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر، والذي لم يكتفِ باستهداف بنية المقاومة، بل تمدد ليطال المجتمع المدني والبنية التحتية، وصولًا إلى خنق القطاع من جميع الجهات. والآن، تتجه الأنظار نحو معبر رفح، حيث تتصاعد التوترات مع اقتراب آلاف الفلسطينيين من الحدود المصرية، في مشهد يثير أسئلة صريحة:
هل نحن أمام نكبة جديدة بنكهة "الترانسفير"؟ وهل ستُفرض على مصر معادلة الأمر الواقع، بحيث تتحمل وحدها عبء الأزمة الإنسانية في غزة؟
مصر بين شراك الجغرافيا وضغوط الجيوبوليتيكالم تكن مصر بعيدة يومًا عن القضية الفلسطينية، لا جغرافيًا ولا تاريخيًا. ولكن هذه المرة، يبدو أن إسرائيل تحاول تحميل القاهرة تبعات سياستها التوسعية والعنيفة تجاه القطاع. الرغبة الإسرائيلية في دفع غزة نحو سيناء ليست جديدة، بل هي مشروع استراتيجي قديم متجدد، يعود إلى وثائق أُعلنت قبل عقود، وها هو يُعاد إنتاجه تحت عباءة "الأمن القومي" و"القضاء على الإرهاب".
الموقف المصري الرسمي واضح في رفضه لهذا السيناريو، إذ يعتبر أي تهجير للفلسطينيين إلى الأراضي المصرية بمثابة إعلان حرب ناعمة ضد السيادة المصرية. ومع ذلك، فإن الضغوط تتعاظم، سواء من قبل تل أبيب أو من بعض القوى الدولية التي ترى في الحل الإنساني "الانتقالي" بوابة لتصفية القضية.
هل سيدخل شعب غزة إلى مصر؟السؤال المؤرق الآن: هل نشهد قريبًا دخولًا قسريًا لغزّاويين إلى الأراضي المصرية.. .؟ وهل تتحول الحدود إلى جبهة جديدة، ليس فقط بين إسرائيل وغزة، بل بين مصر والمشروع الإسرائيلي.. .. ؟
الواقع أن أي محاولة اقتحام جماعي للحدود - سواء بدفع مباشر من الجيش الإسرائيلي أو نتيجة تفاقم الكارثة الإنسانية - قد تضع مصر أمام خيارين كلاهما مرّ:
1. التصدي بالقوة ومنع دخول اللاجئين، ما قد يُظهر القاهرة بمظهر غير الإنساني ويؤجج الرأي العام العربي.
2. الرضوخ للأمر الواقع واستقبال موجات لجوء جماعية، وهو ما سيعني فعليًا مشاركة مصر، ولو بشكل غير مباشر، في مشروع تفريغ غزة، ويهدد أمن سيناء وبنيتها الديموغرافية.
إسرائيل.. .مناورات بالنارما تريده إسرائيل واضح: تحويل غزة إلى عبء إقليمي لا تتحمله وحدها، ودفع سكانها نحو الهروب أو التهجير القسري. في هذا السياق، يشكل الضغط على مصر ورقة ضغط مزدوجة، تُستخدم كورقة تفاوض في أي تسوية مقبلة، وتُمارس كاستراتيجية طويلة المدى لتصفية القضية الفلسطينية.
لكن الأخطر من ذلك هو الرهان الإسرائيلي على خلخلة موقف مصر التقليدي، سواء من خلال أدوات سياسية أو ابتزاز اقتصادي أو حتى اللعب على أوتار أمنية عبر سيناء. فإسرائيل لا تريد فقط إضعاف غزة، بل تسعى لتوريط القاهرة في معادلة تجعلها شريكًا في الأزمة لا وسيطًا أو حائط صد.
لحظة فاصلة.. .بين الموقف والمصيرما يجري اليوم ليس مجرد أزمة حدودية، بل لحظة تاريخية فارقة تعيد تشكيل طبيعة الصراع في الإقليم. فإما أن تحافظ مصر على دورها التاريخي كمدافع عن جوهر القضية الفلسطينية، وإما أن تُزج قسرًا في لعبة دولية تهدف إلى إعادة رسم خريطة غزة وسيناء على السواء.
ليس أمام مصر سوى إعادة تفعيل أدواتها الاستراتيجية، من خلال:
- تعزيز وجودها الأمني على الحدود ورفض أي اختراق ميداني.
- التحرك دبلوماسيًا في المحافل الدولية للتحذير من عواقب التهجير القسري.
- التواصل مع الفصائل الفلسطينية والقيادة الموحدة للوقوف على رؤية وطنية لمواجهة مخطط التصفية.
ختامًا: لا وطن بديل.. .ولا سيناء ملعبًا خلفيًاما يحدث اليوم ليس مجرد أزمة إنسانية على الحدود، بل محاولة لإعادة تعريف الجغرافيا السياسية في المنطقة، على حساب حق شعبٍ في أرضه، وسيادة دولة على حدودها. إن مصر، التي لطالما شكّلت صمّام أمان للقضية الفلسطينية، تُستدرج اليوم إلى فخ استراتيجي لا يهدد فقط غزة، بل يطعن في صميم الأمن القومي المصري.
السكوت ليس خيارًا، والحياد لم يعد ممكنًا. فإما أن تُكتب هذه اللحظة كصمود تاريخي جديد، تُفشل فيه مصر مخطط التهجير القسري، أو تُسجّل كمنعطف انكسار، يُمهّد لتصفية ما تبقّى من عدالة في هذه القضية.
التاريخ يراقب.
والشعوب لن تنسى.
اقرأ أيضاًترامب: قريبون جدًا من التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة
عاجل.. ترامب: سنعلن تفاصيل اتفاق غزة اليوم أو غدًا
«حشد» تصدر ورقة حقائق بعنوان «الإبادة تقصّر من العمر البيولوجي لنساء غزة»