تحلية مياه البحر .. حل باهظ التكلفة
تاريخ النشر: 1st, August 2025 GMT
صباح كل يوم يتطلع كريستوس بابابيترو إلى السماء، يقول بابابيترو رئيس اتحاد المزارعين في قبرص: "كلنا نفعل ذلك أملا في مجيء السحب وهطول المطر"، لكن مع دخول جزيرتهم سنة جفافها الثالثة على التوالي ليس هنالك ما يبشر بأيٍّ منهما.
هذا الصيف ولأول مرة في التاريخ القريب ستضطر قبرص إلى استيراد الطماطم والبطيخ والمنتجات الزراعية الأخرى؛ لأن المزارعين لا يمكنهم ريَّها.
مع تأثير التغير المناخي الذي جعل هطول الأمطار أقل انتظاما وأدى إلى تراجع مناسيب المياه الجوفية تسعى الحكومات حول العالم إلى الحفاظ على إمدادات المياه. وهذا ما يشكل "نعمة" لصناعة تحلية مياه البحر التي تنمو بوتيرة سريعة دفعت خبراء السوق إلى الاعتقاد بأنها ستتجاوز 20 بليون دولار في عام 2027. وكانت في عام 2024 تقدر بأقل من 15 بليون دولار.
في قبرص أوشك النظام المائي على الانهيار ويعود ذلك إلى سنوات من عدم كفاية الاستثمار في تطويره وتجزئة عملية صنع السياسات والاعتماد على هطول الأمطار. في أوائل يونيو بلغت نسبة كمية المياه في خزانات قبرص الرئيسية وعددها 18 خزانا 21.7% فقط من سعتها التخزينية. وقبل خمسة سنوات كانت تلك النسبة 97%.
تعزيز تحلية المياه وهي صناعة كثيفة الطاقة تعتبر الآن خيارًا مجديًا. لدى قبرص أربع محطات كبيرة لتحلية المياه يتم تشغيلها في فترة شح الماء. وجعلت ماريا بانايوتو وزيرة الزراعة القبرصية تحلية المياه "واسطة عقد" خطة طوارئ مائية من 28 بندا تهدف إلى الوفاء بكل احتياجات قبرص من مياه الشرب عبر التحلية وذلك خلال سنتين إلى ثلاث سنوات بتشغيل المحطات دون انقطاع.
إجهاد مائي
هذه الدولة التي تقع في جنوب أوروبا بلدٌ واحد فقط من بين بلدان عديدة في نطاق جغرافي يزداد اتساعا ويعاني من الإجهاد المائي. يحيط هذا النطاق بالعالم دون انتظام من الهند وإلى أمريكا الشمالية مع تأثر أجزاء من المحيط الهادي وإفريقيا الجنوبية أيضا. (الإجهاد المائي مصطلح يعني عدم كفاية أو عدم صلاحية المياه المتوافرة لمقابلة الطلب عليها- المترجم) ويُقدَّر أن شخصا واحدا من بين كل 10 أشخاص يعيش في بلدٍ تصنفه وكالات الأمم المتحدة ضمن البلدان التي تواجه إجهادا مائيا مرتفعا وحرجا"
مع نمو السكان والاقتصادات تزداد باطراد حاجة المجتمعات إلى الماء، بحسب كافح مدني مدير معهد جامعة الأمم المتحدة للمياه والبيئة والصحة. يقول مدني "لدينا إمدادات محدودة من المياه المتجددة وهي الآن أقل من السابق بسبب التغير المناخي."
تحسنت عملية التحلية بشكل كبير في العقود القليلة الماضية. فقد تخلصت أخيرا من الطريقة العتيقة التي تنطوي على تسخين مياه البحر واستبدلتها بتقنية "التناضح العكسي" الأكثر تقدما. تستخدم هذه التقنية مسامات دقيقة في أغشية خاصة لفصل الملح عن الماء.
ويقدر الأستاذ نضال هلال مدير مركز أبحاث المياه بجامعة نيويورك في أبو ظبي معدلَ التوسع في سعة تحلية المياه عالميا بما بين 6% الى 12% سنويا. لكن كلا التقنيتين الحرارية القديمة والجديدة لديهما نفس المشاكل. فهما تحتاجان إلى كميات كبيرة من الطاقة لتشغيل محطات التحلية. كما تنتج عملية التحلية في كلا الحالين تلوثا في شكل مياه فائقة الملوحة.
الآن مع ازدياد الطلب تضخ الشركات والحكومات من الشرق الأوسط وما وراءه البلايين لتطوير البنية التحتية المطلوبة لتحلية المياه في أجزاء من العالم هي الأشد حرارة والأكثر جفافا والتعامل في الأثناء مع الآثار الجانبية غير المستساغة لهذه التقنية. يقول مدني عن التحلية: إنها "تنتج كميات كبيرة من المحلول الملحي الذي يؤثر بقدر كبير على النظام البيئي".
مع ذلك بالنسبة لبعض البلدان تحلية المياه هي الإجابة الراهنة الوحيدة. يقول مدني " نحن الآن نفكر في تحلية ونقل الماء مثلا حتى لمسافة 800 كيلومتر. يبدو هذا جنونا. لكنه يصور مدى شدة حاجة الناس".
جهود خليجية
القوة المحركة لتحديث تقنية التحلية هي المجتمعات الخليجية والتي تعتمد حياتها على هذه العملية. فالكويت التي لا توجد بها أنهار دائمة الجريان اضطرت مرة إلى نقل المياه العذبة من العراق المجاور. وكانت الرائدة لهذه التقنية في الشرق الأوسط بتشييد أول محطة لها لتحلية المياه في عام 1951.
حذا جيرانها حذوها. فاليوم تشكل سعة تحلية المياه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حوالي 70% من الإجمالي العالمي، حسب مرصد الاقتصاد الأزرق بالاتحاد الأوروبي. وحاليا يمكن لمحطات التحلية في المنطقة إنتاج مياه تكفي لإمداد ما يزيد عن مليون نسمة.
تحت السطح المتموج لبحر العرب تنساب آلاف الأمتار المكعبة من المياه في أنابيب ضخمة بارتفاع يكفي لوقوف شخص في جوفها وتمتد لما يزيد عن كيلومتر نحو أكبر محطات تحلية المياه العمانية (بركا – المرحلة الرابعة) والتي تستخدم تقنية التناضح العكسي.
ضخ ماء البحر للمحطة عملية صعبة. فهي تنطوي على سحبه بلطف تجنبا للكائنات البحرية مع تصاعد فقاقيع الماء مشكلة جدارا عند فتحات الأنابيب لإبعاد اسماك قنديل البحر.
تصطبغ المياه المالحة التي تتدفق في الخزانات باللون الأخضر لاختلاطها بالطحالب التي يلزم دفعها إلى السطح باستخدام فقاقيع الهواء وتتشكل من ذلك طبقة لزجة يمكن التخلص منها قبل التنقية. ظاهرة ازدهار الطحالب في بحر العرب تهدد عند تكرارها تحلية المياه. فعدة هجمات منها تستطيع وقف عمل المحطة.
يلزم إكمال عملية "ما قبل المعالجة" هذه قبل دفع الماء تحت ضغط عال عبر الأغشية الرقيقة لفصله عن الملح. بعد ذلك تضاف المواد المعدنية إلى الماء الصافي. أما المحلول الشديد الملوحة والمتبقي بعد التحلية فيعاد إلى البحر مرة أخرى.
تحلية مياه البحر في الخليج العربي هي الأصعب بحسب الأستاذ نضال هلال مدير مركز أبحاث المياه بجامعة نيويورك في أبو ظبي. فمياه الخليج شبه المغلق باليابسة أكثر ملوحة من مياه البحار المفتوحة كالمحيط الأطلسي. يقول هلال: " كلما زاد تركيز الملح في الماء احتاجت تحليته الى المزيد من الطاقة." ويضيف: الوضع يزداد سوءا بالتعكر أو الكدر الشديد للماء بسبب حركة السفن ووجود مياه الصرف.
التناضح العكسي
حاولت صناعة تحلية المياه خفض استهلاك الكهرباء بالتحول إلى تقنية التناضح العكسي كما في محطة بركاء المرحلة الرابعة. وهي تقنية أقل استهلاكا للطاقة إلى حد بعيد. يشرح هلال ذلك بقوله: إنها تستهلك "حوالي ربع أو حتى خُمس الطاقة اللازمة لتقنية التحلية الحرارية (تقنية تسخين الماء)". ويضيف قائلا عن تقنية الأغشية في التناضح العكسي: إنها تطورت كثيرا. ويعتقد إننا لا نزال في بداية تعاملنا معها.
خفض استهلاك الطاقة جعل إنتاج المياه المحلاة أقل تلويثا في جانب إطلاق انبعاثات الاحتباس الحراري. كما قلل التكلفة أيضا.
في إسرائيل يُسعَّر الماء الذي ينتج في محطة "سوريك - بـ" بحوالي 40 سنت لكل متر مكعب وهو ما يكفي للاستحمام 25 مرة حسب شركة " تايمز وواتر" البريطانية. وستحصل هيئة كهرباء ومياه دبي على سعر يبلغ 37 سنت للمتر المكعب من محطة "حصيان" لتحلية المياه. ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المحطة التي تملكها الهيئة في العام القادم.
تقول استيل براشليانوف الرئيسة التنفيذية لشركة الكهرباء والمياه فيوليا: "لقد قلصنا التكلفة إلى 20% في فترة ال 12 عاما الماضية".
شركة "فيوليا" الفرنسية وقيمتها 22.4 بليون يورو هي إحدى شركات المرافق العامة والهندسة المستفيدة من الأوضاع المائية التي تزداد هشاشة حول العالم. وتقول الشركة: إن 18% من طاقة التحلية العالمية قائمة على تقنيتها.
يركز الباحثون الأكاديميون على تحسين أغشية الفصل بالبحث عن المواد والأساليب التي تحول دون انسدادها بالبقايا المتخلفة عن التحلية والتي تقلل من فترة استخدامها.
هنالك آمال بإمكانية جعل تقنية التحلية بالتناضح العكسي أكثر كفاءة في استخدام الطاقة. في الولايات المتحدة يجري تجريب ما يسمى تحلية المياه في أعماق البحار باستخدام ضغط المحيط نفسه لدفع ماء البحر عبر أغشية التحلية.
تكلفة عالية
منافع التحلية الأرخص لا يتمتع بها الجميع. قبرص تستخدم التناضح العكسي لكنها تستورد الوقود الأحفوري لتزويده بالطاقة. وهو ما يعني أن كل متر مكعب من الماء يكلف 1.50 يورو لإنتاجه. وهذا يساوي تقريبا خمسة أضعاف تكلفته في محطة حصيان الجديدة في دبي. وتخطط الحكومة لتزويد محطات الضخ بألواح الطاقة الشمسية. لكن المساحة المتوافرة لذلك في جزيرة قبرص محدودة وتفتقر شبكة الكهرباء إلى السعة التخزينية الكافية لدعم امدادٍ منتظم. تقول باناجيوتا هادجيجورجيو الرئيسة السابقة لإدارة تطوير المياه: "تحلية المياه لا يمكن أن تتم بصورة متقطعة. فهي تحتاج الى إمداد منتظم من الطاقة."
لايزال الخليج معتمدا على التقنية القديمة والتي لديها عمر افتراضي أطول. تحصل دبي وهي ثاني أكبر مدينة خليجية من حيث عدد السكان بعد الرياض على 86% من المياه المحلاة عن طريق التقطير الحراري.
تقول الشركات في المنطقة: إنها تريد تغيير ذلك. وتهدف شركة أبو ظبي الوطنية للطاقة "طاقة" التي تزود المدينة بمياه محلاة الى رفع سعة التحلية بواسطة تقنية التناضح العكسي الى 66% من 40% بحلول عام 2030. كما أضافت أيضا 70 ميجاواط من الطاقة الشمسية لمحطتها الضخمة "الطويلة" والتي تستخدم التناضح العكسي لتقليل استخدام الوقود الأحفوري.
يقول جاسم حسين ثابت الرئيس التنفيذي لشركة طاقة: "أولويتنا هي أن نكون أكثر كفاءة." لذلك تتوسع الشركة في استخدام التناضح العكسي وتتطلع الى تنفيذ مبادرات أخرى بما في ذلك إعادة استخدام المياه المستعملة والحد من الفقد من خلال تسريب الأنابيب، كما يقول ثابت، مؤكدا على أهمية استغلال أية "قطرة ماء."
صوفي بيرتراند نائبة مديرة التنسيق التجاري بشركة "سويس انترناشونال" والتي تقدم خدمات المياه ومعالجة مياه الصرف تحاجج بأن استخدام الطاقة المتجددة يقلل أيضا الأثر البيئي للتناضح العكسي.
وتقول "معظم العطاءات تشترط (التناضح العكسي) وسيتم إحلال محطات التقطير القديمة... في السنوات القادمة".
مشكلة التخلص من الملح
وفيما تنخفض الانبعاثات التي تنتج عن تحلية المياه هنالك مشكلة المحلول الملحي العويصة. وهي المادة الفائقة الملوحة التي تتخلف بعد استخلاص الماء النقي.
تنتج تحلية المياه على نطاق العالم 150 مليون متر مكعب من المحلول الملحي يوميا، حسب الأبحاث العلمية. هذا السائل الغليظ القوام والحليبي اللون يتم التخلص منه عموما بإعادته الى البحر.
لقد ربطت إحدى الدراسات المحلول الملحي الناتج عن تحلية مياه البحر بظاهرة ابيضاض الشعب المرجانية في خليج العقبة. ووجدت دراسات أخرى آثارا على الحياة البحرية في قاع البحر حول منافذ التخلص من البقايا الملحية للتحلية.
قبرص قلقة على وجه الخصوص من أثر السائل الملحي في البحر الأبيض المتوسط. تقول هادجيجورجيو: "مقابل كل متر مكعب من الماء العذب هنالك نصف متر مكعب من المحلول الملحي يتم التخلص منه".
تستخدم الجزيرة خطوط أنابيب وموزِّعات في البحر لنشر السائل الملحي على مسافة تصل حتى إلى كيلومترين من الساحل وبعيدا عن الأنظمة الأيكولوجية الحساسة. وتقول هادجيجورجيو: "ليس هنالك ما يدل على حدوث ضرر حتى الآن. لكن يجب أن نظل متيقظين".
في الخليج العربي الصغير والضحل والذي يغذي أكثر من 800 محطة تحلية مياه أثار إلقاء المحلول الملحي مخاوف من ارتفاع التركيز الملحي وأثر ذلك على الكائنات الحساسة. من جانبه يقر الرئيس التنفيذي لشركة طاقة بوجود تحديات تتعلق بالتخلص من المحلول الملحي. ويضيف قائلا: "ذلك لا يقتصر علينا. فهو مشكلة على نطاق صناعة تحلية المياه برمَّتها ويحتاج إلى عمل جماعي".
يحاول الأكاديميون في السعودية وهي أكبر منتج للمياه المحلاَّة في العالم معالجة هذه المشكلة. تشيبينغ لاي أستاذ هندسة الكيمياء بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "يُعدِّن" المحلول الملحي لاستخلاص مواد قيمة كالليثيوم والبوتاسيوم والتي لها استخدامات تجارية. ونشر فريقه في دورية "ساينس" العلمية بحثا عن طريقة جديدة لاستخراج الليثيوم الذي يُستخدَم في البطاريات. كما أسس شركة ناشئة في محاولة للاستفادة منها تجاريا. يقول "نظريا يمكننا استخلاص الليثيوم من المحلول ويمكن أن يعزز ذلك الجدوى الاقتصادية لحل هذه المشكلة." وعلى الرغم من أن الليثيوم وُجِد بتركُّزات متدنية جدا في المحلول لكن الأستاذ لاي يقول: "المملكة على استعداد لبذل المزيد من الجهود لحل هذه المشكلة".
مشاريع التحلية
مع منح مثل هذه الأولوية القصوى لتحلية المياه في الخليج، تقول براشليانوف رئيسة شركة فيوليا: الحكومات هناك وجدت نماذج ناجحة للتعاقد على المشاريع وتمويلها. وتضيف أنها في العادة شراكات بين القطاعين الحكومي والخاص بتمويل محدد وعقود شراء تنص على استلام العميل للمنتج أو الدفع في حالة عدم استلامه.
وأشارت إلى الإمارات التي منحت ثلاث مشاريع لشركة فيوليا في السنوات الأخيرة وكلها عبر نماذج شراكة القطاعين العام والخاص. وتقول الشركة: إن سوق الشرق الأوسط كانت أسرع أسواقها نموها لمختلف خدماتها. وتقنيات المياه إحدى أسرع خدماتها نموا على نطاق العالم مع مبيعات تقارب 5 بليون يورو في العام الماضي.
وتقول براشليانوف: الشرق الأوسط كان يدرك دائما أن الماء بالغ الأهمية للصناعة. لذلك "لدينا محطات تحلية لخدمة المصافي في الشرق الأوسط وليس فقط السكان أو الصناعات." وتضيف قائلة أوروبا متأخرة في إدراك الحاجة الى الماء في كل شيء.
تنافس فيوليا الكثير من الشركات متعددة الجنسية. فشركة اكسيونا الاسبانية التي بلغت إيرادات قسمها الخاص بالمياه 1.2 بليون دولار في عام 2024 لديها تعاقدات تشغيل محطات تحلية من بيرث في استراليا وإلى قطر ورسملة سوقية بحوالي 9.3 بليون دولار. وشركة دوسان انربيليتي الكورية الجنوبية تتولى أيضا تشغيل منشآت تحلية في الخليج.
كما تتطلع شركات تشييد البنية التحتية الشرق أوسطية الى تصدير خبرتها في مجال تحلية المياه. فشركة "اكوا باور" المدرجة في الرياض، وهي أكبر مطور للطاقة الكهربائية والمياه في المنطقة، تقول: إنها تشرف على أكثر من ربع المياه المحلاة في السعودية والإمارات وسلطنة عمان والبحرين.
يقول ماركو ارتشيلي الرئيس التنفيذي للشركة: "نحن نتطلع الآن الى خارج الخليج. نحن نأمل في التوقيع قريبا على اتفاقيات في أذربيجان والسنغال. نحن نتطلع إلى مشاريع في الصين وفي ماليزيا والفلبين. بلدان كثيرة تتصل بنا. حتى بلدي إيطاليا أو بلدان جنوب أوروبا تسعى الى الاستفادة من خبرتنا في حل المشاكل في المستقبل".
تحلية المياه مربحة للشركات. لكن يحذر الخبراء من أنها أبعد من أن تكون الحل الوحيد لمشكلة النقص في إمدادات المياه. فالبلدان تستثمر أيضا في تحسين البنية التحتية. بنك الاستثمار الأوروبي على سبيل المثال أقرض 400 مليون يورو لمشاريع مياه في أسبانيا العام الماضي لتمويل ترميم أو تركيب أنابيب بطول ألفي كيلومتر. وفي الفترة بين عامي 2023 و2024 أنفقت ولاية كاليفورنيا الأمريكية والتي تأثرت بالجفاف حوالي 63 مليون دولار على مشروعات تدوير وتجميع وتخزين المياه. وقبل أيام أعلنت الحكومة اليونانية عن مشاريع مياه عاجلة لمعالجة تراجع مناسيب الماء في الخزانات بما في ذلك تنظيم حملة توعية وخطط لدمج المئات من الجهات المحلية المقدمة لإمدادات المياه لتحسين الإشراف والمرونة.
يقول كافح مدني المسئول بالأمم المتحدة: "لدينا النظام التجاري ولدينا الحكومات التي هي في أمَسِّ الحاجةِ على الجانب الآخر. لذلك زيادة الإمداد المائي أيسر كثيرا من خفض الاستهلاك.
يشير مدني أيضا إلى الأهمية البالغة لتقليل استخدام الماء والاستفادة من مياه الصرف. يقول "يمكن أن تلعب تحلية المياه دورا رئيسيا. وستلعب ذلك الدور... لكنها ليست الحل. ذلك يعني أن تشييد المحطة الأكبر لتحلية المياه في بلدك ليس بالضرورة شيئا يستوجب الاحتفاء به".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: لتحلیة المیاه فی تحلیة میاه البحر تحلیة المیاه فی التناضح العکسی الشرق الأوسط بلیون دولار متر مکعب من التخلص من من الطاقة فی الخلیج تحلیة فی میاه فی فی عام
إقرأ أيضاً:
الليلة التي خاف فيها ترامب.. تقرير عبري يكشف كيف أرعبت صنعاء حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان”؟
يمانيون |
في اعتراف لافت وغير مسبوق، كشف موقع “كالكاليست” العبري أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اضطر إلى إيقاف الحملة الجوية الأمريكية – البريطانية ضد اليمن في مايو الماضي، بعد صدمة عسكرية تلقاها البنتاغون إثر تعرض حاملة الطائرات “هاري ترومان” لهجوم صاروخي يمني دقيق كاد أن يغيّر مسار الحرب ويحرج واشنطن أمام العالم.
التقرير الذي أعدّه الصحفي الصهيوني نيتسان سادان، وصف تلك الليلة بأنها “الليلة التي خاف فيها ترامب”، إذ بيّن أن القرار الأميركي بوقف الضربات لم يكن نابعاً من التفاهمات أو القنوات السياسية، كما ادعت الإدارة الأمريكية حينها، بل بسبب ضربة صاروخية واحدة نفذتها قوات صنعاء بهجوم مركب أربك البحرية الأمريكية وفضح هشاشتها.
تفاصيل الهجوم الصادم: صاروخ يمني يُربك ترسانة البنتاغون
في ليلة 28 أبريل 2025، أطلقت قوات صنعاء صاروخًا باليستيًا عالي الدقة باتجاه حاملة الطائرات الأميركية “هاري ترومان”، وذلك بعد تتبع استخباراتي دقيق لموقعها البحري. وتزامن الهجوم مع موجات من الطائرات المسيّرة، في عملية وصفها التقرير بأنها “معقدة ومركّبة” أربكت الدفاعات الأميركية وجعلت عملية الاعتراض شبه مستحيلة.
ورغم عدم إصابة الصاروخ لهدفه بشكل مباشر، إلا أن الخطر كان حقيقيًا؛ حيث اضطرت الحاملة إلى تنفيذ مناورات مراوغة حادة بلغت زاوية ميلان 20 درجة، أدت إلى سقوط طائرة F-18 من سطحها إلى البحر، وهي طائرة تبلغ قيمتها أكثر من 70 مليون دولار.
ضابط في البحرية الأميركية صرّح بأن “الطائرة كانت مربوطة بحبال التثبيت، لكن قوة الميل والانحدار جعلتها تنفصل وتندفع نحو المياه”، ما يعكس مدى خطورة الموقف وحجم الذعر في طاقم الحاملة.
البحر لم يعد آمناً: صنعاء تفرض معادلة ردع جديدة
الموقع العبري أكد أن الصاروخ المستخدم من قبل اليمنيين في تلك العملية ليس مجرد سلاح تقليدي، بل سلاح “استثنائي” مصمم للتحليق بسرعات تفوق الصوت، ويُحلق في مسار انحداري حاد يجعل اعتراضه شبه مستحيل.
يبلغ مدى هذا الصاروخ أقل من 300 كم، لكنه يحمل رأسًا حربيًا بوزن 650 كجم، ويُصنّف الآن ضمن “جوكر الردع” لدى قوات صنعاء، حسب تعبير التقرير.
ورغم أن الحاملة لم تُصب مباشرة، فإن الرسالة وصلت: أي اقتراب أميركي من الممرات البحرية اليمنية يعني مغامرة خطيرة، وقد يؤدي إلى كارثة بحرية تُجبر أمريكا على خيارات ميدانية مكلفة، أبرزها الغزو البري الذي لم تكن واشنطن مستعدة له.
ترامب خاف على صورته أكثر من جنوده
وبحسب التقرير العبري، فإن ترامب الذي يسوّق نفسه على أنه “الرئيس الحديدي”، شعر بالذعر من احتمال تصوير حاملة طائرات أميركية مشتعلة أو معطوبة تُسحب في البحر، وهو مشهد كان كفيلاً بتدمير صورته داخليًا في موسم انتخابي حساس، وفضح العجز الأميركي أمام خصم يُصنّف على أنه “غير نظامي”.
وعلى ضوء هذه التقديرات، اجتمع فريق الأمن القومي مع الرئيس، وأوصى بوقف العملية فورًا. وفي 5 مايو، أعلنت الإدارة الأمريكية “تعليق الحملة الجوية” بذريعة أن “الحوثيين طلبوا تهدئة”، بينما كانت الحقيقة، كما وصفها “كالكاليست”: الخوف من ردّ صاروخي يمني جديد لا يمكن تحمّل تبعاته.
الإعلام العبري يعترف: صنعاء لم تعد كما كانت
اعترف التقرير بأن واشنطن وتل أبيب لم تعدا قادرتين على التحكم بميدان البحر، وأن الصواريخ اليمنية تواصل تهديد السفن رغم التوقف المؤقت عن استهداف السفن الأمريكية. وأوضح التقرير أن العمليات ضد السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني ما تزال مستمرة وفي تصاعد، ما يؤكد أن اليمن يقاتل ضمن استراتيجية إقليمية منسقة.
وفي اعتراف فاضح بقوة صنعاء، ختم التقرير بعبارة لافتة:
“الحوثيون حُفاة.. لكنهم أذكياء، جعلوا العالم يبدو مرتبكاً أمامهم”.
وأضاف أن واشنطن فشلت في فهم طبيعة هذا الخصم، إذ ظنّت أنها تواجه “جماعة بسيطة”، لكنها وجدت نفسها أمام جيش محترف يُهدد أعظم قطعها البحرية.
اليمن يفرض معادلة البحر.. ويعيد رسم خرائط الردع
إن ما كشفه الإعلام العبري لا يُعد مجرّد تسريب، بل إقرار استراتيجي بأن ما قبل 28 أبريل ليس كما بعده.. فقد تمكنت اليمن، بصاروخ واحد، من كسر غطرسة البحرية الأمريكية، وفرض معادلة ردع بحرية جديدة على واشنطن ولندن وتل أبيب معًا.
وما يُخيف اليوم دوائر القرار العسكري الأميركي والإسرائيلي ليس فقط دقة الصواريخ، بل القدرة على المباغتة، والتكتيك المركب، والتماسك الميداني لصنعاء، رغم الحرب والحصار، وهو ما يعكس تحولًا جوهريًا في موازين القوى في البحر الأحمر وباب المندب.