لجنة التنسيق اللبنانيّة-الأميركيّة: سيادة واستقلال وحرية ووحدة لبنان جزء من الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
إعتبرت لجنة التنسيق اللبنانية - الأميركية أن الأعتداء على مبنى السفارة الاميركية في عوكر يستحق الإدانة العميقة وهو "مؤشر إلى هشاشة أمنية خطيرة"، وشددت على "ضرورة استكمال التحقيق مع الفاعل حتى نهاياته وإعلانه للرأي العام". ورأت أن عدم تمكن مجلس النواب اللبناني من انتخاب رئيس الجمهورية "مرده إلى النهج التعطيلي الذي يمارسه فريق حزب الله وحلفاؤه، بمحاولة فرض مرشحهم، وبتعطيل النصاب، وابتداع موجب جلوس رؤساء الكتلِ النيابية إلى طاولة حوار بما لا يتناسب مع روحية ونصوص الدستور اللبناني".
جاء ذلك في البيان الذي أصدرته اللجنة وهنا نصه: لبنان بات يواجه خطرا وجوديا على هويته من ناحية، وخطر انهيار بفعل تفريغ مؤسساته الدستورية من ناحية أُخرى. منذ عام ونيف تقريبا لبنان يعاني شغورا في رئاسة الجمهورية، ليتولَى إدارته حكومة تصريف أعمال معروفة الارتباطات بالمحور الإيراني-السوري على المستوى السيادي الديبلوماسي، ومنظومة الفساد على مستوى الحوكمة والسياسات العامة، إلى هشاشة العمل التشريعي والرقابي في مجلس النواب بسببٍ من مسار التعطيل الذي انتهجه التحالف القائم بين المافيا التي عممت الفساد في لبنان، والميليشيا التي تأخذ شعبه رهينة.
إن لجنة التنسيق اللبنانية-الأميركية (LACC)، والتي تضم ثماني منظمات أميركية – لبنانية هي: المعهد الأميركي اللبناني للسياسات (ALPI-PAC)، التجمع من أجل لبنان (AFL)، شراكة النهضة اللبنانية – الأميركيّة(LARP) ، لبنانيون من أجل لبنان (LFLF)، المركز اللبناني للمعلومات (LIC)، لبناننا الجديد(ONL)، دروع لبنان الموحد (SOUL)، الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم (WLCU) ومعهم ملتقى التأثير المدني (CIH) بصفته المنظمة اللبنانية الإستشارية للجنة، تواكب عن كثب وبقلق عميق الإنهيار المتمادي الذي يواجهه لبنان على كل المستويات، وهي تؤكد إنطلاقا من المصلحة الأميركية العليا والمصلحة اللبنانية العليا، والمصلحة الأميركية-اللبنانية المشتركة على ما يلي:
1.إن تعرض مقر سفارة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان لإطلاق نار موضوع إدانة عميقة، وهو مؤشر إلى هشاشة أمنية خطيرة، ويستدعي من القوى الأمنية والعسكرية تشديد إجراءات حماية الشعب اللبناني وأصدقاء لبنان، وإن لجنة التنسيق اللبنانية-الأميركية إذ ترحب بإلقاء القوى الأمنية اللبنانية القبض على الفاعل، فهي تشدد على ضرورة استكمال التحقيق حتى نهاياته وإعلانه للرأي العام، بما يكشف خلفيات هذه الجريمة الموصوفة.
2.إن عدم تمكن مجلس النواب اللبناني من انتخاب رئيس/ة للجمهورية منذ أكثر من عام (أيلول 2022) مرده إلى النهجِ التعطيلي الذي يمارسه فريق حزب الله وحلفاؤه، تارة بمحاولة فرضِ مرشحهم، وطورا بتعطيل النصاب، ومؤخرا بابتداع موجب جلوس رؤساء الكتل النيابية إلى طاولة حوار بما لا يتناسب مع روحية ونصوص الدستور اللبناني الواضحة في أن انتخاب رئيس/ة للجمهورية يتم بالاقتراع في مجلس النواب ضمن مهلة دستورية مع واجب التزام رئاسة المجلس فتح دورات متتالية حتى إنجاز هذا الاستحقاق، من هنا أهمية إيقاف العمل الانقلابي على الدستور، والعودة إلى ثقافة الدولة بما يحمي أمن لبنان القومي وأمان شعبه الإنساني.
3.إن تكريس استباحة سيادة الدولة اللبنانية بالانقلاب الذي يمارسه حزب الله وحلفاؤه على الدستور والشرعية، كما على القرارات 1559، 1680، 1701، 2650، مع ما واكب ذلك من محاولة الديبلوماسية اللبنانية في المرحلة الأخيرة الضغط باتجاه تعديل مهام اليونيفيل، مرورا بتمرير رسائل عسكرية وأمنية من مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، واستمرار التهريب على الحدود الشرقية مع سوريا، إلى تنظيم قوافل لاجئين سوريين يدخلون لبنان من المعابر غير الشرعية وإعاقة عودة اللاجئين لأهداف خبيثة، خلوصا إلى المعلومات التي أوردتها وسائل إعلام عن التوسع في تشييد بنى تحتية عسكرية لحزب الله وإيران على الأراضي اللبنانية بما يعرض لبنان وشعبه للخطر، وتصفية مناضلات ومناضِلين في سبيل سيادة وحرية واستقلال لبنان، كل هذا يستدعي رفع مستوى البحث في دعم مسار استرداد سيادة الدولة اللبنانية بقواها العسكرية والأَمنية الشرعية بدل التطبيع مع قوى الأَمر الواقع تحت شعار الحفاظ على الاستقرار وتجنب حرب أهلية.
4.إن تعميقِ الفجوة المالية وتكريس مسار الانهيار الاقتصادي-الاجتماعي الذي تمارسه منظومة تحالف المافيا-الميليشيا بإجهاضِ أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والاسترسال في تدمير الإدارة العامة يثبت صوابية أنه من المستحيل أن تقوم المنظومة الحالية بأي خطوة إصلاحية، بل هي ليست سوى غطاء لعزل لبنان عن شبكة الاقتصاد العربي والدولي الذي لطالما كان جزءا مؤسسا فيها ومبدعا، وبالتالي هذا يؤرُ إلى تهجير منظم للشعب اللبناني بكافة قواه الحية، ما يعني تغييرا مبرمجا لهوية لبنان الحضارية، وهذا يتطلّب تكثيفا للضغط على معرقلي الإصلاح في لبنان.
5.إن تفاقم أزمة اللاجئين الفلسطينيين على مدى 75 عاما، منذ عام 1948، وبعدها أَزمة اللاجئين السوريين منذ العالم 2011 تجتاح لبنان ديموغرافيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، ولما كنا نتطلع إلى حل أزمة اللاجئين الفلسطينيين بما يتناسب مع قرارات الأُمم المتحدة والدستور اللبناني، فإن أزمة اللاجئين السوريين تقتضي مقاربة أبعد من تلك الإنسانية البحتة لصالح الضغط على قوى الأَمر الواقع في سوريا، من النظام إلى إيران وميليشياتها وروسيا لتوفير عودة آمنة وطوعية لهؤلاء بالتنسيق مع الأمم المتحدة، خصوصا وأن ثمة خطر لتغيير ديموغرافي بات يلوح في أُفق لبنان ويهدد كيانه، وهذا يتطلب نقاشا هادئا مع الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية نعول أن تدعمه الولايات المتحدة الأميركية.
6.إن الأجهزة العسكرية والأمنية الشرعية اللّبنانية، وفي مقدمها الجيش اللّبناني وقوى الأمن الداخلي باتت خط الدفاع الأَخير عن ثقافة الدولة في لبنان، وهي إذ تبقى مدعوة إلى أداء مهامها في الدفاع عن لبنان والشعب اللبناني، أرضا وشعبا من أي اعتداء خارجي أو داخلي لا شرعي، خصوصا بعد كثرة التعديات على المواطنات والمواطنين اللبنانيين وممتلكاتهم، وتقاعس القوى العسكرية والأجهزة القضائية في الدفاع عنهم، وصون حقوقهم، ما قد ينذر بالانتقال إلى معادلة الدفاع الشخصي عن النفس، وأخذ الحق بالمباشر دون الدولة، فهي معنية أيضا بضبط المعابر الحدودية، ووقف التهريب، ومنع تدفّق اللاجئين السوريين، وحماية الحريات العامة والخاصة، فإن استمرار الولايات المتحدة الأميركية بدعمها وتوفير مقومات صمودها بنيوي في أي مسار استرداد السيادة وبناء الدولة.
7.إن ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في لبنان خطير، ويؤشر إلى ذلك عرقلَة التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت (04/08/2020) وامتناع الديبلوماسية اللبنانية عن متابعة قضية المعتقلين والمخطوفين والمخفيين في السجون السورية، ومنع ملاحقة مستبيحي المال العام والمتسببين بهدر ودائع الشعب اللبناني من مقيمين ومغتربين، من هنا من الملح دعم الولايات المتحدة الأميركية لطلب تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في جريمة تفجير مرفأ بيروت من خلال مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، كما السعي لضم قضية المعتقلين والمخطوفين والمخفيّن في السجون السورية إلى مهام لجنة الأمم المتحدة التي أنيط بها ذلك، خلوصا إلى استمرار الضغط على مرتكبِي الفساد في لبنان، كما معرقلي العملية الديموقراطية في التداول السلمي المنتظم للسلطة.
إن لجنة التنسيق اللبنانية-الأميركية معنية بِصون العلاقات اللبنانية-الأميركية بما يخدم مصالح الشعبين اللبناني والأميركي، وإذ هي تتابع عن كثب ختاما ما يتِم تسريبه من إمكانية ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، فهي معنية أيضا بأن يشمل الترسيم على أولويته الحدود اللبنانية-السورية بما يعزز سيادة واستقلال ووحدة لبنان، مع تأكيد الشكر العميق لما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية لدعم لبنان على كل المستويات.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمیرکیة اللبنانیة الأمیرکیة الأمم المتحدة مجلس النواب فی لبنان
إقرأ أيضاً:
إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025.. بداية نظام عالمي جديد
أعلنت الولايات المتحدة يوم 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن وثيقة إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025، وهي ليست مجرد وثيقة أمنية، بل إعلان اقتصادي شامل عن نهاية مرحلة كاملة من النظام العالمي الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة.
الوثيقة من أول صفحة حتى آخر سطر تعكس قناعة الإدارة الأميركية بأن العولمة بصيغتها القديمة لم تعد تخدم الاقتصاد الأميركي، وأن استمرار الالتزامات الأمنية الواسعة لم يعد ممكنا في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة.
من هنا، تأتي أهمية هذه الإستراتيجية الجديدة التي يمكن وصفها بأنها أول وثيقة أميركية منذ 40 عاما تعيد تعريف موقع الولايات المتحدة اقتصاديا في العالم، وتحدد معادلة مصالحها بصورة مباشرة وصريحة.
الاقتصاد أولا.. عودة الدولة الوطنية الأميركيةتعتمد الإستراتيجية على مبدأ أساسي مفاده أن "القوة الأميركية تبدأ من الداخل"، وهذه ليست عبارة سياسية، بل رؤية اقتصادية ترتكز على واقع جديد:
نمو الناتج المحلي الأميركي عاد إلى مستوى 2.3% رغم الركود العالمي. الاستثمارات الصناعية في الداخل ارتفعت إلى 78 مليار دولار في 2024 ضمن برامج إعادة التوطين. تم ضخ أكثر من 130 مليار دولار في القطاعات التكنولوجية العالية. الانكماش في العجز التجاري غير النفطي وصل إلى 11%.التزامات واشنطن التقليدية مثل حماية أمن إسرائيل أو ضمان أمن الممرات المائية لم تعد التزامات دائمة، بل "خطوط حمراء" تُدار بمرونة، وبأقل كلفة ممكنة
وهذه الأرقام ليست تفصيلا تقنيا، بل هي الأساس الذي بنيت عليه سياسة الأمن القومي الجديدة التي تتضمن اقتصادا محميا، وإنتاجا داخليا، وتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد العالمية.
من هذا المنطلق، تتبنى وثيقة 2025 ما يمكن تسميته "النسخة الحديثة من مبدأ مونرو"، لكن بصيغة اقتصادية صناعية واضحة تمنع أي قوة خارجية من اكتساب نفوذ في نصف الكرة الغربي أو السيطرة على أصول إستراتيجية قريبة من المجال الأميركي.
تحول عميق في نظرة واشنطن للشرق الأوسطعلى مدى 50 عاما كان الشرق الأوسط مركز السياسة الأميركية، بسبب النفط وصراع القوى الكبرى، لكن الوثيقة الجديدة تقول بوضوح إن هذه الديناميكيات لم تعد موجودة؛ فالولايات المتحدة تنتج اليوم 12.9 مليون برميل يوميا، وتقترب من الاكتفاء الذاتي، بينما يتجه الطلب العالمي على النفط إلى آسيا التي تستورد 70% من نفط الخليج.
إعلانبالتالي، لم يعد للولايات المتحدة دافع اقتصادي يمنح المنطقة مركزية كما في السابق، وتصف الوثيقة الشرق الأوسط بأنه: "منطقة شراكة لا منطقة التزام عسكري طويل الأمد"، وهذه الجملة تختصر طبيعة المرحلة المقبلة، فواشنطن لن تهتم بشكل الأنظمة، ولا بطبيعة الحكم، ولا بالمؤسسات الديمقراطية، والمعيار الوحيد هو: هل تقدم هذه الدولة قيمة اقتصادية أو إستراتيجية ملموسة للولايات المتحدة؟
لذلك، فإن التزامات واشنطن التقليدية مثل حماية أمن إسرائيل أو ضمان أمن الممرات المائية لم تعد التزامات دائمة، بل "خطوط حمراء" تُدار بمرونة، وبأقل كلفة ممكنة.
أوروبا الخاسر الأكبر اقتصادياأوروبا التي استفادت طوال عقود من المظلة الأميركية تجد نفسها اليوم خارج الحسابات الجديدة.
فالوثيقة تعترف بأن مرحلة "الدعم الأميركي المفتوح" انتهت، وأن على أوروبا:
رفع الإنفاق الدفاعي إلى 2.5% من الناتج المحلي. تغيير سياسات الهجرة التي كلفت اقتصاداتها أكثر من 340 مليار دولار منذ 2015. إعادة بناء صناعاتها بعد فقدان الغاز الروسي الرخيص.بهذه المقاربة، تنتقل أوروبا من "شريك يحمى" إلى "شريك يجب أن يتحمل التكلفة"، وهو تحول اقتصادي كبير سيغير بنية التحالف الأطلسي خلال السنوات القادمة.
أوروبا التي استفادت طوال عقود من المظلة الأميركية تجد نفسها اليوم خارج الحسابات الجديدة
آسيا مركز الثقل الاقتصادي العالمي الجديدتعتبر الوثيقة أن مستقبل الاقتصاد العالمي موجود في آسيا التي تسهم اليوم بأكثر من 55% من النمو العالمي، وتستحوذ على 70% من الاستثمارات التكنولوجية المتقدمة.
لذلك تضع واشنطن اليابان وكوريا الجنوبية في مقدمة الحلفاء الرابحين، لأنهما الأكثر قدرة على:
استيعاب الاستثمارات الأميركية. تطوير الصناعات التكنولوجية المشتركة. مواجهة التفوق التصنيعي الصيني.في المقابل، تعتبر الهند من الخاسرين، لأنها تعتمد على منظومة العولمة القديمة التي تتجه واشنطن للتخلي عنها تدريجيا.
الصين وروسيا.. منافسة اقتصادية لا مواجهة عسكرية
أحد أهم ما جاء في الوثيقة هو الاعتراف بأن الصراع مع الصين هو صراع تكنولوجي وصناعي أكثر من كونه صراعا جغرافيا.
يعكس هذا الواقع الاقتصادي:
الصين تملك 31% من الإنتاج الصناعي العالمي. تسيطر على 42% من سلاسل الإمداد المتقدمة. استثماراتها في الذكاء الاصطناعي تجاوزت 70 مليار دولار العام الماضي.أما روسيا فهي المستفيد الأكبر من تخلّي واشنطن عن الالتزام العميق بأوروبا، إذ تحصل على مساحة أكبر للمناورة الاقتصادية والجيوسياسية.
روسيا هي المستفيد الأكبر من تخلّي واشنطن عن الالتزام العميق بأوروبا، إذ تحصل على مساحة أكبر للمناورة الاقتصادية والجيوسياسية
خلاصة الوثيقة.. العالم يدخل عصر ما بعد العولمةإستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025 هي وثيقة اقتصادية بامتياز، لأنها تعلن بوضوح:
نهاية العولمة بصيغتها القديمة. أولوية الاقتصاد الوطني على المصالح الخارجية. تقليص الالتزامات العسكرية. صعود آسيا كمحور جديد للنمو والاستثمار. اعتماد تحالفات تقاس بالمنافع الاقتصادية لا بالقيم السياسية.أما الشرق الأوسط فهو أمام واقع جديد، فالولايات المتحدة لن تعود إلى نمط التدخل السابق، ومن ينجح في بناء قيمة اقتصادية حقيقية هو الذي سيحجز مكانه في النظام العالمي الناشئ.
وتعكس الوثيقة تحوّلا تاريخيا سيعيد رسم خرائط النفوذ الاقتصادي العالمي خلال العقد القادم، ويجبر كل دول المنطقة على إعادة بناء سياساتها الاقتصادية وفق منطق المصلحة الوطنية والقدرة على خلق شراكات إستراتيجية حقيقية.
إعلان