تابعت حملة المرشح الرئاسي المحتمل فريد زهران أمس مؤتمر رئيس الجمهورية الذي أطلق عليه "حكاية وطن" والذي كان بمثابة مؤتمر انتخابي وترويجي لسياسات الحكومة والسلطة القائمة، وهو ما نرجو أن تحدد الهيئة الوطنية للانتخابات فترة الدعاية والمسموح للمرشحين قبل وأثناء هذه الفترة من عدمها حرصًا على تساوي الفرص بين الجميع.

أما من حيث المضمون فإن هناك كثيرًا من الأرقام التي تم إعلانها نرى أنها دعائية وترويجية وليست واقعية، كما تذكر الدولة نفسها في بيانات رسمية، وهو ما تكرر في حديث رئيس الحكومة عن إنجازات حكومته في ملفات الصحة والتعليم والزراعة والإصلاح الإداري وكثير من القضايا الأخرى، والتي سوف نفندها ونرد على حقيقتها في برنامجنا الانتخابي بالتفصيل، وهو ما يجعلنا نعيد التذكير بأهمية صدور قانون يتيح حرية تداول المعلومات وإجراءات وضمانات تتيح لوسائل الإعلام مزيدًا من التحقيق والمتابعة للبيانات الرسمية، حتى لا يعرض أمام المواطنين أرقام غير دقيقة لا تعترف بها الحكومة في وثائقها وبياناتها الرسمية.

أما عن الحديث المرتبط بالتنمية فإنها جوهر الخلاف والتناقض مع سياسات الحكم الحالي، فالتنمية لا تكون أبدًا عبر البناء والتشييد وفقط، وإنما التنمية الحقيقية هي التي تقوم بتحسين حياة البشر وتقليل الفجوات الاجتماعية وتعزيز تكافؤ الفرص والشعور بالعدل الاجتماعي، وبالتالي لايوجد مطلقًا في قاموس التنمية الشاملة أن تكون البنية الأساسية نقيضًا وبديلًا عن مكافحة الفقر والجوع وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين.

وإذا سلمنا بضرورة المشروعات القومية لدفع الاقتصاد القومي نحو الإنتاج فإن حديث الرئيس نفسه منذ عام حول فشل مشروعات قومية مثل مدينة دمياط للأثاث يؤكد أن حتى مشروعات التنمية والبنية الأساسية التي يخصص لها المليارات بدلًا عن ضخها في بناء المدارس وتحسين أوضاع المستشفيات، قد تذهب هباءً إذا لم تدرس بشكل كافٍ ويتاح للخبراء مناقشتها ويتمكن البرلمان من الرقابة عليها، وهو جوهر الأزمة الاقتصادية التي كشفت عنها الحرب الروسية الأوكرانية وليست بمعزل عنها، وهو التناقض الذي نقدم أنفسنا كبديل له يحترم العلم ويتيح المعلومات والنقاش، ولايتجاوز رأي ممثلي الشعب ونوابه في مناقشة السياسات العامة وطرح بدائل لها وتقويمها وتصويبها ومراجعتها.

إن هذا المؤتمر يؤكد على الأسباب التي نطرح أنفسنا من أجلها، وهي أن سياسات التنمية وإدارة الاقتصاد الوطني تحتاج لرؤية مختلفة، تبدأ من الاعتراف بأن السياسات السائدة هي الجزء الأكبر من الأزمة، وتؤمن بأن الإصلاح الاقتصادي يرتبط بإصلاح سياسي وديمقراطي مباشر، وهو ما نقدمه في حملتنا من خلال برنامج موجه للشعب المصري العظيم الذي يستحق الكثير من الديمقراطية والحرية والتنمية واحترام حقوقه وكرامته دون مقايضات عفى عنها الزمن.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: فريد زهران المرشح الرئاسي انتخابات حكاية وطن وهو ما

إقرأ أيضاً:

هل بقي للحياة من طَعم؟

بقلم : د. مظهر محمد صالح ..

سؤال يتردّد في خاطري، لكنّه يخفت فجأة، حين تصِلني رسالة تهنئة مفاجئة بعيد الأضحى من أقدم صديقٍ لي… صداقة تمتدّ إلى قرابة أربعة وسبعين عامًا، منذ كنا في “مدرسة الروضة”، نَحمل براءة الطفولة ونقف في الصفّ الخلفي، أنا وهو، بسبب طول قامتينا المميّزة عن بقية التلاميذ الأقصر والمتوسطي القامة.

أتذكّر “فالح” — الطفل الطويل، الهادئ، بجلده الذي كان يميل إلى بياض لامعٍ تحت شمس العراق. كنا معًا في عام 1953، أيام الحقبة الأخيرة من المملكة العراقية، عندما كانت “الروضة” إحدى ثمار نوايا تشكيلات مجلس الإعمار، وقد بُنيت بطابوق رافدين العراق، صلبةً جميلةً كما حدثتنا ذاكرتنا عنها.

لم يُحزنّي شيء كما حزنتُ حين علمت قبل سنوات، وأنا أبحث عنها، أن لا أثر لها بقي.
والأكثر إيلامًا، أن أحدهم أخبرني أن الأرض التي كانت تحتضنها، تحوّلت إلى مساحة صمّاء خاوية، بعد أن رحل عنها طلابها — او من بقي منهم على قيد الحياة.

كأنها تبكي سنوات المجد، بعد أن فَقَدت أركانها الثلاثة:

آلة الأسطوانات التي كانت تطربنا بألحان الزمن الجميل في وقت الظهيرة. معلمتنا الراقية السيدة عليه الشواف، التي كانت تزرع فينا الذوق واللغة ورعاية براءة الطفولة ، وفراش المدرسة، الرجل الطيب، واسمه محل، الذي ما زلت أذكر ابتسامته كل صباح.

انقضت العهود، وجاءت أزمنة، وماتت الأسماء… والأشياء.

لكنني، رغم كل شيء، أحتفظ بأجمل بطاقة معايدة صباح عيدنا هذا من الشيخ فالح — ذاك الطفل الصادق الطيب، الذي ما زال في قلبه مكان لي.
اقتربنا نحن الاثنان عتبة الثمانين، وما زلنا نحمل تلك الذكرى، كأنها خبز الصباح. ليت الزمن يعيد روضتنا، على تلك الأرض التي حفظت خطواتنا الأولى، و
عسى أن تُعاد روضتنا على ذكريات الأرض نفسها،
لكي نرى كيف دارت عجلةُ الحياة طوال العقود السبعة الماضية،
ومن بقي من حكاية روضتنا وقصة طفولتنا شاهداً على الجمال الذي كانت فيه
ونحن بين فضاء الدنيا وظلال تلك الروضة.
أزمنةٌ غادرتنا ولم تَعُد،
لكنّ سجل الذكريات لن يغادرنا… إلى الأبد.!!!

د.مظهر محمد صالح

مقالات مشابهة

  • العليمي يشيد بمأرب وقبائلها الأصلية والنهضة التي تشهدها المحافظة والعرادة يؤكد جاهزية القوات لإفشال أي محاولة حوثية لاختراق الجبهة الداخلية
  • محمد أبو الحسن.. حكاية فنان أحبّه الجميع وغاب دون ضجيج
  • المؤتمر: الحوار المجتمعي لتغير المناخ يعكس وعي الدولة بأهمية العمل البيئي المشترك
  • محاولة اغتيال المرشح الرئاسي الكولومبي ميغيل أوريبي
  • حاصباني يؤكد: الحكومة تتأخر في السير بالإصلاحات الأساسية!
  • هل بقي للحياة من طَعم؟
  • حكاية عِبره.. تعليق مثير من أحمد موسى على صفقة انتقال زيزو للأهلي
  • إسرائيل.. أحزاب “الحريديم” تواصل التهديد بحل الكنيست وإسقاط الحكومة
  • العليمي يكرر وعوده لليمنيين ويجدد الالتزام بتوفير الخدمات والمرتبات وتحسين الأوضاع المعيشية
  • في مؤتمر دولي… مدير عام الآثار والمتاحف يؤكد ضرورة التضامن الدولي لحماية الآثار والتراث السوري