في ذكرى وفاته.. سيرة طه مصطفى أبو كريشة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
نشر مركز الازهر للفتوى معلومات عن سيرة الأستاذ الدكتور طه مصطفى أبو كريشة عضو هيئة كبار العلماء في ذكرى وفاته التي توافق الأول من أكتوبر والتي نسردها في السطور التالية
▪️ولد الدكتور طه أبو كريشة في 8 مايو من عام 1937م، بمركز ديروط بمحافظة أسيوط.
▪️صَاحَبَهُ التفوق طوال مسيرته الدراسية، ففي عام 1957م حصد المركز الأول على مستوى الجمهورية في الثانوية الأزهرية.
▪️التحق بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة، وحصل على الإجازة العالية عام 1961م.
▪️ثم حصل على درجة الماجستير في الأدب والنقد عام 1970م، وكان موضوع رسالته حول: ميزان الشعر عند الأستاذ عباس محمود العقاد.
ثم درجة الدكتوراة عام 1973م بمرتبة الشرف الأولى، وكان عنوان رسالته: النقد العربي القديم بين المذاهب النقدية الحديثة.
حياته العلمية والعملية
▪️تَدَرَّج الدكتور أبو كريشة في العديد من المناصب داخل جامعة الأزهر الشريف وقطاعاته، فعُيِّن معيدًا بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة عام 1968م، ثم مدرسًا مساعدًا عام 1970م، وترقى في المناصب العلمية حتى عُيِّن وكيلًا لكلية اللغة العربية، ثم عميدًا لها عام 1994م.
▪️وفي عام 1996م عُيِّن نائبًا لرئيس جامعة الأزهر فرع البنات، ثم نائبًا لرئيس الجامعة لشئون الطلاب عام 1997م، ثم أستاذًا متفرغًا عام 2002م.
▪️اختير عضوًا بهيئة كبار العلماء بعد عودة نشاطها عام 2012م بعد تَوَلِّي فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مشيخة الأزهر الشريف.
دوره الوطني
▪️ظلَّ رحمه الله مجنَّدًا بالجيش المصري مُدَّةَ عشرِ سنواتٍ، شارك خلالها في حرب أكتوبر المجيدة، وما سبقها من مواجهاتٍ واستعداداتٍ لها؛ فكان له دور فعَّال في إشعال حماس الجنود من خلال خطبه التي كان يحدثهم فيها عن غزوات سيدنا رسول الله ﷺ، ويَحُثُّهم فيها على الجهاد، وقتال المحتلين والغاصبين؛ دفاعًا عن الدين والوطن.
▪️لم يشغله واجبه الوطني عن رسالته العلمية؛ فحصل خلال هذه السنوات على درجتي الماجستير والدكتوراة
تكريمات وأوسمة
▪️كَرَّمه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عام 1961م، في عيد العلم بعد حصوله على المركز الأول على الدفعة أثناء تخرجه في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر.
▪️كما كَرَّمه فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مرة ثانية عام 2015م / 1437هـ أثناء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وكان الدكتور أبو كريشة يعتزُّ بهذا التكريم كثيرًا؛ لما حمله من تقدير القيادة المصرية لما قدمه لدينه ووطنه، وتقدير دور العلماء في بناء الأوطان
سماته
اتسم دكتور أبو كريشة بالتواضع وحسن الخلق، وكان يُلَقَّبُ بين زملائه وطلابه بـ(الخلوق)، و(راعي المبدعين والمتميزين)؛ فكان يُشَجِّع تلامذته، ولا يبخل عليهم بالنصيحة، ويفتح لهم آفاقًا تتناسب مع ملكاتهم العلمية التي يتميزون بها.
مؤلفاته
▪️كان رحمه الله صاحب عقل مستنير، وفكر وسطي معتدل، وقلم بارع رشيق أثرى المكتبات العربية بالعديد من البحوث والمؤلفات في اللغة العربية والشعر والبلاغة والنقد؛ ومن مؤلفاته:
النقد الأدبي التطبيقي.
أصول النقد الأدبي.
من الشعر الجاهلي في ميزان النقد الأدبي.
من الشعر العباسي في ميزان النقد الأدبي.
من الشعر المملوكي في ميزان النقد الأدبي.
من الشعر الحديث في ميزان النقد الأدبي.
الخيال الشعري عند أبي الطيب المتنبي.
من الشعر الأندلسي في ميزان النقد الأدبي.
▪️إضافة إلى كتاباته في عدد من المجلات؛ منها: مجلة الأزهر، ومنارة الإسلام، وعدد من الصحف المصرية، وجريدة صوت الأزهر، التي كان ينشر له فيها مقالًا أسبوعيًّا، ويحرص دائمًا على تسليمه في موعده.
▪️كما أثرى الإذاعة المصرية بالعديد من التسجيلات، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية داخل مصر وخارجها، وأشرف أيضًا على العديد من الرسائل العلمية.
وفاته رحمه الله
بعد رحلة حافلة بالعطاء وطيب الأثر، وخدمة الإنسانية، رحل عن عالمنا الدكتور طه مصطفى أبو كريشة في الأول من أكتوبر عام 2018م، وقد بلغ من العمر 81 عامًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مركز الأزهر جامعة الأزهر اللغة العربیة جامعة الأزهر
إقرأ أيضاً:
تشكيل الهوية في العمل الأدبي
يونيو 7, 2025آخر تحديث: يونيو 7, 2025
إبراهيم أبو عواد
كاتب من الأردن
إنَّ الهُوِيَّةَ في العملِ الأدبيِّ تَتَشَكَّل مِنَ الأحلامِ الفَردية ، والطُّمُوحاتِ الجَماعية ، والتَّجَارِبِ الشَّخصية ، والإفرازاتِ الثقافيةِ ، والعواملِ النَّفْسِيَّة ، مِمَّا يُؤَدِّي إلى وَضْعِ العَملِ الأدبيِّ في أقْصَى مَدَاه ، وإعادةِ إنتاجِ السُّلطة المَعرفية مِنْ مَنظورٍ اجتماعيٍّ قادر على اكتشافِ دَوافع الشَّخصيات ، ودَلالةِ الألفاظ ، والأُطُرِ المَرجعية للمَعَاني والصُّوَرِ الفَنِّية .
والهُوِيَّةُ لَيْسَتْ بُنْيَةً ثابتةً ، أوْ نَسِيجًا خَطِّيًّا ، وإنَّما هِيَ شَبَكَة مُعَقَّدَة مِنَ السُّلوكياتِ والمَشاعرِ وأنماطِ التَّفكير ، وأساليبِ التَّعبيرِ . وهَذا يَنعكس بشكلٍ واضح على اللغةِ ، باعتبارها الحاضنة الاجتماعية للأفكارِ ، والرَّافعة الثقافية للشَّخصيات .
والعَمَلُ الأدبيُّ هُوَ أفضلُ تَعبيرٍ عَن الهُوِيَّة بِكُلِّ تَفَاصِيلِهَا الحَيَوِيَّة ، وَتَعْقِيدَاتِهَا الاجتماعيَّة ، وتَجَلِّيَاتِهَا المَعنويَّة ، وتَفْسِيرَاتِهَا المَادِيَّة . وفي وَاقِعِ الأمْرِ ، إنَّ الهُوِيَّةَ هُوِيَّاتٌ كثيرة ومُتَعَدِّدَة ، تَرْتَدِي أقنعةً كَثيرةً وَفْقَ طَبيعةِ الذِّكْرَيَاتِ ، ومَاهِيَّةِ الرَّغَبَاتِ ، وحَقيقةِ الأفكارِ .
وَمِنَ الكُتَّابِ الذينَ اهْتَمُّوا بِمَسألةِ الهُوِيَّة، الرِّوائيُّ اللبناني الفرنسي أمين معلوف ( وُلِدَ في بيروت 1949 ، وانتقلَ نهاية السَّبْعينيات إلى فرنسا). في كِتابه ( الهُوِيَّات القاتلة / 1998 ) ، وهو مَجموعة مَقالات صَحَفِيَّة ، تَحليلٌ اجتماعيٌّ وتاريخيٌّ لِمَفهومِ الهُوِيَّة الفَرْدِيَّة والجَمَاعِيَّة ، والأهواءِ التي تُثيرها ، وانحرافاتِها القاتلة ، وكَيفيةِ تَحَوُّلِ بَعْضِ الجَمَاعَاتِ المُتعايشة مَعًا إلى مُتعادية تَعتمد على العُنْفِ والإقصاءِ . والكِتَابُ يَطْرَحُ أسئلةً عديدة : لماذا لا يَستطيع هؤلاء الناسُ تَقَبُّلَ انتماءاتهم المُتعددة ؟ ، لماذا يُجْبَرُونَ باستمرار على اختيار أحَدِهَا ؟ . يُحَاوِلُ مَعلوف الإجابةَ عَنْ هَذا السُّؤالِ : ” بسبب عادات التفكير والتعبير المُتجذرة فِينا جميعًا، وبسبب المفهوم الضَّيِّق ، والإقصائيِّ ، والمُتَعَصِّب ، والتَّبسيطي ، الذي يَختزِل كُلَّ هُوِيَّةٍ إلى انتماء واحد ” .
ويَعتبر مَعلوف أنَّ العَوْلَمَة إذا كانتْ تَهْدِف إلى دَعْم حضارة مُهَيْمِنَة ( غَرْبية )، فإنَّها سَتَقُود البشريةَ إلى مَصيرِها المَحتوم ، لذلك يَجِبُ ضَمَانُ ألا يَشْعُر أحَدٌ بالإقصاءِ مِنَ الحَضارةِ الإنسانية المُشتركة ، وأن يَتَمَكَّنَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ إيجادِ لُغَةِ هُوِيته الشَّخصية ، وَرُمُوز ثَقَافَتِه الخَاصَّة ، وأنْ يَتَمَاهَى _ وَلَوْ قَلِيلًا_ مَعَ مَا يَرَاه ناشئًا في العَالَمِ مِنْ حَوْلِه ، بَدَلًا مِنَ البَحْثِ عَنْ شرعية الحاضر المُؤلِم في الماضي المِثَالي . في الوَقْتِ نَفْسِه ، يَنْبغي أن يَقُوم الفَرْدُ بِتَضمين مَا يَعْتبره هُوِيَّتَه عُنْصَرًا جَدِيدًا ، وهَذا العُنْصُرُ سَيَزْداد أهميةً في القَرْنِ الحادي والعِشرين، وَهُوَ : الشُّعُور بالانتماء إلى المُغامرة الإنسانية بِمَفهومها الكُلِّي الشامل .
وبِمَا أنَّ الهُوِيَّة مُتَعَدِّدَة ومُتَشَظِّيَة ، فلا بُدَّ أن يَشْعُرَ البَعْضُ بِالضَّيَاعِ ، وأنَّهُ في مَتاهةٍ اجتماعية ، وهَذا مَا تُمثِّله أعمالُ الرِّوائي الفرنسي باتريك موديانو . وُلِدَ عام 1945 ، مِنْ أبٍ يهوديٍّ إيطاليٍّ وأُمٍّ بلجيكية . وَقَدْ نشأ موديانو بَيْنَ غِياب أبيه عنه وبين أسفار أُمِّه المُتعددة ، ولَمْ يَتمكن من إتمام دراسته الثانوية إلا بِعَوْنٍ مِنَ الحكومة .
تَتَمَحْوَرُ كُتُبُه حَوْلَ البحث عن الأشخاص المفقودين والهاربين ، وأُولئك الذين يَخْتَفُون ، والمَحرومين من أوراق ثُبوتية ، وأصحاب الهُوِيَّات المَسروقة . وَجَمَعَ في أعمالِه الرِّوائية بَيْنَ مَسْألَتَيْن بارزتَيْن : البَحْث عَن الهُوِيَّة ، والبَحْث عَن الذات مقرونة بقضية عَصْرية ، وهي الشُّعُورُ الإنسانيُّ الفَرْدِيُّ بِضَعْفِ الإنسان .
حَصَلَ موديانو على جائزة نوبل للآداب عام 2014 ، حيث أعلنت الأكاديمية السويدية في بيان لها أن موديانو كُرِّمَ ” بفضل فَنِّ الذاكرة الذي عَالَجَ مِنْ خِلالِه المَصائرَ الإنسانية الأكثر عِصْيَانًا على الفهم ، وكَشَفَ عَالَمَ الاحتلالِ ” .
تَخُوضُ رِواياتُ موديانو في لُغْزِ الهُوِيَّة ، ومُحاولة تَتَبُّع الأدلة على وجودها من خلال آثار الماضي ، كما أنَّه هَاجَمَ فَترةَ الاضطرابِ وَالفَوْضَى أثناء الاحتلال النازيِّ لفرنسا ، وَهُوَ يَسْعَى جاهدًا إلى بِنَاءِ عَمَلٍ سَرْدِيٍّ مُتجانِس ، والاعتناءِ بالتفاصيلِ الدَّقيقةِ والأشياءِ الصَّغيرة ، التي هِيَ في النِّهَاية جُزْء مِنْ ذات الكاتب ، كما أنَّه يكتب باستمرار عن مدينة باريس ، واصفًا تَطَوُّر شوارعها وعاداتها وشعبها .
إنَّ موديانو يُمثِّل دِقَّةَ الذاكرةِ ، ومَفهومَ الهُوِيَّةِ المُعَقَّد ، حَيْثُ يَتَّضِح الشَّغَفُ بالماضي ، والبَحْثُ عَن الذكريات ، وتفاصيل الحياة القاسية في المُدن الخالية من المشاعر والأحاسيس . وَرَغْمَ كُلِّ هَذه المَعَاني ذات الزَّخْمِ الفِكري ، تَمتاز روايات موديانو بالهُدوءِ والتَّقَلُّبِ والرَّحْمَة .
وتَتَرَكَّز رِواياتُهُ مُنْذُ بَدْءِ مَشروعه الكِتابيِّ في نهاية السِّتينيات عَلى طُفولته الصَّعبة ، التي نَتَجَتْ عَنْ تَرْبيته في كَنَفِ وَالِدَيْنِ لَمْ يَعْتَنِيَا بِه ، ونَشْأته في ظِلِّ تداعيات الحرب العالميَّة الثانية، مِمَّا جَعَلَ النُّقَّادَ يُجْمِعُونَ عَلى أنَّه أفضلُ مَنْ كَتَبَ عَن هذه الفَترةِ الحالكةِ في تاريخ فرنسا، وعَن الأُبُوَّةِ المَفقودةِ، والهُوِيَّةِ الضائعة، والذاكرةِ المُتَشَظِّيَة، وانكسارِ المَعْنَى في الفِعْلِ الاجتماعيِّ .
وكِتَابَاتُهُ انعكاسٌ للمَشَاعرِ المَحفورةِ في أعماقِ نَفْسِه ، حَيْثُ الشُّعُور بالضَّيَاعِ ، والافتتان بِالتَّجْرِبَةِ الإنسانيَّةِ للحَرْبِ العالميَّةِ الثانية ، والهَوَس بالمَاضِي هُوِيَّةً وذاكرةً وسُلْطَةً ، والبَحْث عَن الأملِ في ظِلِّ تداعيات الأحداث المأساوية على مَصائر الأشخاص العاديين .