ليندركينغ: نأمل بموقف إيجابي من إيران في اليمن وأمريكا تركز على أمن مضيق باب المندب
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
شدد المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ على توحيد جهود مجلس القيادة الرئاسي وتجاوز الخلافات كي يسمح له بالتفاوض بالقضايا المعقدة في سياق إنهاء الحرب في اليمن.
وأضاف ليندركينغ -في كلمة له خلال ندوة للمعهد الأمريكي للشرق الأوسط، وترجمها للعربية "الموقع بوست" أن "عملية السلام في اليمن مرهونة بمشاركة كافة أطراف الصراع في المفاوضات، واعتقد ان اليمنيين متعطشون للقيام بذلك، حتى لا يتمكن الغرباء من تحديد مستقبل بلادهم، ومواردهم من النفط والغاز، ونحن متحمسون للغاية لرؤية تلك اللحظة تتحقق".
وتابع "هناك لقاءات ونقاشات تمت مع مسؤولين يمنيين عن الوضع في اليمن ولكن ذلك لا يعني أن الحرب المدمرة انتهت".
وأردف ليندركينغ "مر 18 شهر منذ وقف التصعيد في اليمن نتيجة الهدنة الأممية التي وقعت في أبريل من العام 2022 لكنك لن تتمكن من التوصل إلى هدنة ما لم تكن الأطراف اليمنية مستعدة للقيام بذلك، مشيرا إلى أن الهدنة أدت لتخفيف الضغط على الشعب اليمني، وتحققت بعض الإنجازات وأعطت بصيص الأمل للناس، كالرحلات من مطار صنعاء، وتبادل الأسرى بين اليمنيين، وبين الحوثيين والسعودية".
وأكد أن التطور الرئيسي الذي حصل مؤخرا هو زيارة وفد حوثي إلى السعودية بعد زيارات سابقة، وهما الآن لا يتقاتلان بل يتحاوران، وهذا يمنحنا الأمل في إمكانية البناء على هذا، والتوصل لوقف دائم لإطلاق النار، وبدء محادثات سياسية يمنية التي نريد نحن والشعب اليمني رؤيتها".
انقسامات المجلس الرئاسي
وعن الموقف الأمريكي من دعوة الانتقالي لدولة مستقلة والذي يضع تعقيدا آخر للأزمة قال المبعوث الأمريكي "كان رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي وعضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي هما الشخصيات الرئيسية في الوفد اليمني الذي زار واشنطن مؤخرا، وتواجدهم معا في نيويورك يعطينا بعض الأمل والثقة في أن يتمكن المجلس الرئاسي على الرغم من الانقسامات العديدة الموجودة من التوحد حول أهداف مشتركة".
واستدرك "في نهاية المطاف يجب أن يكون مجلس القيادة الرئاسي الذي يمثل الحكومة اليمنية في وضع يسمح له بالتفاوض على هذه القضايا المعقدة، وجماعة الحوثي وهي جزء من هذا الخليط المعقد في اليمن نعتقد أنها يجب أن تجتمع معا كجزء من الحوار اليمني اليمني".
وقال إن اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن مع نظرائه السعودي والإماراتي تطرق لليمن، وكيفية العمل فيها بشكل مشترك، ودعم التقدم الذي تقوده الأمم المتحدة.
ولفت إلى بلينكن تحدث في عدة مناسبات مع نظيره السعودي والإماراتي والرئيس اليمني، وقال "لازلنا بحاجة لرؤية أكثر، وفي وسائل التواصل الاجتماعي بإمكانك أن تلمح كيف أن السعوديين والحوثيين كانوا متفائلين بهذا الحوار بحذر، وقالوا إن هناك مناخا جيدا وأجواء جيدة في المملكة، ولم يتم الكشف عن مزيد من التفاصيل، ولكن كان عليهم أن يتحدثوا عن شيء ما لمدة خمسة أيام، وأعني انه من المهم بناء العلاقات وهذا سيساعد على بناء الثقة على المدى الطويل، ونأمل أن تؤدي هذه المحادثات إلى نتائج ملموسة تساعد في إنهاء الحرب باليمن، وليس الهدنة فقط، بل الوقف الدائم لإطلاق النار".
وأشار إلى أن هناك انفتاح على دور الولايات المتحدة في اليمن من جميع الأطراف اليمنية والكثير من الناس يرون إن الولايات المتحدة قوة يمكنها أن تؤثر في هذا الصراع الدائر في اليمن بطريقة إيجابية.
واستطرد المبعوث الأمريكي "تم إحراز تقدم في إزالة الحواجز بين الأطراف اليمنية مؤخرا كإطلاق الأسرى وإعلان الأمم المتحدة في مارس نقل النفط من ناقلة صافر في البحر الأحمر، ولم يكن هذا ليتم لولا التنسيق بين جماعة الحوثي التي تسيطر على مكان تواجد السفينة، مع الحكومة اليمنية التي تملك السفينة، والنفط الذي كان على متنها".
مسقط ودورها في عملية السلام
وزاد أن "السعودية والاتحاد الأوربي وقطر وسلطنة عمان والبحرين جميعهم يريدون رؤية السلام في اليمن، وقد تكون هناك اختلافات في النهج، ولكن الجميع يريد نهاية لهذا الصراع، وأعتقد انه يمكننا رؤية ذلك في الجهود التي تبذلها الرياض ومسقط على وجه الخصوص، لإنهاء هذا الصراع بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي".
يضيف "في سبيل إنهاء الصراع يجب أن نبني علاقات مع سلطنة عمان، فواشنطن تحاول قيادة إجماع دولي وإقليمي ونهج مشترك حتى يستعيد اليمن استقلاله، وقال "نرحب بأي دور إيجابي لإيران في اليمن، ونحن نعني هنا وضع حد لتهريب إيران للسلاح نحو اليمن والذي ينتهك قرارات مجلس الأمن، ويجلب ملايين الدولارات وعدد لا يحصى من المعدات والأسلحة الفتاكة إلى اليمن لاستخدامها في مهاجمة جيران اليمن".
وبشأن موقف ايران في عملية السلام باليمن يقول ليندركينغ "لم نرى أي مؤشرات لدعم إيران أي عملية سياسية أو وقف دائم لإطلاق النار في اليمن، ونحن حريصون على رؤيتها، وستكون موضع ترحيب من قبلنا".
يمضي المبعوث الأمريكي في حديثه بالقول "نحن وكثير من شركائنا الدوليين نرغب في أن تتصرف إيران بشكل لين في اليمن، والولايات المتحدة تركز بشكل كبير على أمن المضائق المائية كباب المندب في اليمن، وعدم وقوعه تحت سيطرة إيران، وذلك في إطار الأمن الملاحي البحري، ومعالجة التحدي الإيراني في اليمن يمكن في إظهار إيران إحراز بعض التقدم في اليمن".
وأوضح أن "الموظفين اليمنيين لم يتقاضوا رواتبهم طوال فترة الحرب، وسنوات القتال والدمار كان لها تأثير رهيب على اليمنيين، ودفع الرواتب هي أمر مشترك بين الحوثيين والحكومة، ولا يمكنك حل هذا الإشكال إذا لم يكن هناك تقارب بين الطرفين، وهي إحدى الأمور التي يجب حلها، وهذا جزء من المناقشات التي يجريها السعوديون والحوثيون حول كيفية التوصل إلى ترتيب معقول يجلب تلك الإيرادات إلى الاسر اليمنية بشكل صحيح".
وفي سياق حديثه عرج ليندركينغ إلى مسألة الإرهاب وقال "يحتفظ تنظيم القاعدة بوجوده في اليمن، ولايزال يشكل مصدر قلق لنا، ولكثير من الدول المجاورة لليمن، واعتقد أنه يتعين علينا أن نكون يقظين للغاية، والتنظيم واجه الكثير من الصعوبات في السنوات القليلة الماضية بين التجنيد والتسلل والتمويل، ولا نستطيع أن نرفع أعيننا في مواجهة هذا التنظيم على الإطلاق، وهو يشير مرة أخرى إلى الحاجة لحل الصراع في اليمن لمواجهته، فالقاعدة يزدهر من الصراع وغياب مؤسسات الدولة كالقضاء".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن المبعوث الأمريكي السعودية الحوثي مفاوضات المبعوث الأمریکی مجلس القیادة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
اليمن يحسم المعركة .. انكسار أمريكي وتصدّع صهيوني في وجه الصمود اليمني
يمانيون | تحليل خاص
في تطور لافت يعكس تحولات ميدانية واستراتيجية عميقة، باتت اليمن اليوم عنواناً لانكسار الهيبة الأمريكية وتصدّع المشروع الصهيوني في المنطقة. فالمقالات والتقارير التي نشرتها مؤخراً كبرى الصحف العالمية كـ”ذا هيل”، و”هآرتس”، و”الغارديان”، تكشف عن اعتراف غير مسبوق بحجم الفشل الذي مُني به العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن، وتؤكد أن صنعاء لم تكتفِ بالصمود بل تحولت إلى قوة فاعلة قادرة على فرض المعادلات الإقليمية.
هروب أمريكي تحت وقع الصواريخ اليمنية
صحيفة “ذا هيل” الأمريكية، المعروفة بقربها من دوائر صنع القرار في واشنطن، وصفت الاتفاق الأخير لوقف العدوان الأمريكي على اليمن بأنه “تراجع مُغلّف بالتفاخر”، مشيرة إلى أن واشنطن، وتحديداً إدارة ترامب، وجدت نفسها مضطرة للانسحاب من معركة لم تحقق فيها سوى الخسائر. فالطائرات الأمريكية المسيّرة سقطت، والطائرات المقاتلة فُقدت، والمليارات تبخرت دون مكاسب، فيما بَقيت القوة اليمنية أكثر رسوخاً وتماسكاً.
الكاتب “عمران خالد” اعتبر في مقاله بـ”ذا هيل” أن ترامب، الذي بدأ عهده بتهديد اليمنيين بـ”السحق”، اختتمه بوصفهم بـ”الشجعان”، في انعطافة تكشف اعترافاً كاملاً بالهزيمة. ولعل الأكثر أهمية هو ما خلص إليه المقال: أن الولايات المتحدة تخلّت عن الكيان الصهيوني وتركته وحيداً في ساحة المواجهة، ما زعزع ثقة “إسرائيل” وحلفائها العرب بالدور الأمريكي التقليدي كحامٍ وحليف.
اليمن كابوس تل أبيب: الاعتراف الإسرائيلي بالهزيمة
اللافت أن صحيفة “هآرتس” الصهيونية بدورها أطلقت تحذيراً مباشراً: “لا يوجد أي دولة نجحت في إخضاع اليمنيين، فلماذا تستمر إسرائيل في المحاولة؟”. هذا التساؤل لا يحمل فقط نبرة عجز، بل يكشف عن قناعة متزايدة داخل أروقة الكيان بأن الأدوات التي كانت تُستخدم لإخضاع شعوب المنطقة – كالاغتيالات والقصف المركز – لا تنجح مع شعبٍ يرى في معركته قضية وجود لا مساومة فيها.
الصحيفة نفسها أكدت أن الاغتيالات لن تُجدي نفعاً، وأن العدوان على الحديدة لن يُخضع اليمنيين، بل يزيدهم عزماً، مشيرة إلى أن هذه الحرب لم تكشف فقط صلابة اليمنيين، بل عرّت أيضًا محدودية خيارات تل أبيب، التي باتت عاجزة عن مواجهة تهديد يتجاوز حدود غزة والضفة.
وفي سياق متصل، نقلت وكالة “رويترز” أن دوي صفارات الإنذار عاد ليتردد في مستوطنات “نير عام” والضفة المحتلة، بفعل صواريخ انطلقت من اليمن، لتُضيف اليمن إلى قائمة الجبهات التي باتت تشكّل خطراً مباشراً على “العمق الإسرائيلي”.
الغارديان: اليمن يُعيد تشكيل الجغرافيا السياسية
أما صحيفة “الغارديان” البريطانية، فقد ذهبت إلى ما هو أبعد من تسجيل الفشل العسكري، لتؤكد أن العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن أسهم – من حيث لا يحتسب منفذوه – في تعزيز الحضور السياسي والعسكري الإقليمي لصنعاء. فبدلاً من تحجيم اليمن، عزز العدوان من استقلالية القرار اليمني، وعمّق صلته بالقضية الفلسطينية، ووسّع دائرة تأثيره في البحر الأحمر.
تقول الصحيفة إن استراتيجية “القصف الجوي” التي انتهجتها واشنطن وتل أبيب أثبتت عجزها، لأن الخصم اليمني – كما وصفته – يمتلك قدرة عالية على التكيّف، وعلى خوض “حرب استنزاف ذكية” تعتمد الصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو ما كسر قواعد الاشتباك التقليدية، وفرض على الخصوم التفكير بطرق جديدة قد تكون أثمانها أعلى.
مفارقة الميدان والسياسة: صنعاء تمسك بزمام المبادرة
رغم الحصار، ورغم القصف المستمر، تؤكد التقارير الغربية الثلاثة أن صنعاء لا تزال صاحبة اليد العليا ميدانياً. فالقدرة على الاستمرار في إطلاق الصواريخ، وتسيير المسيّرات، وضرب الأهداف الحيوية في البحر الأحمر والمحيط الإقليمي، لم تتأثر بأي ضربة جوية، ما يشي بأن اليمن نجح في بناء منظومة دفاع وهجوم مرنة وغير تقليدية.
والأهم من كل ذلك، أن حضور صنعاء لم يعد يقتصر على الميدان العسكري، بل بدأ يتمدد إلى المشهد السياسي الإقليمي، كقوة تُحسب لها الحسابات، لا سيّما بعد أن أصبحت لاعباً أساسياً في معادلة الدفاع عن غزة وفلسطين، وبات صوتها يُسمع في أروقة القرار السياسي العربي والدولي.
تحولات جذرية في العلاقة الأمريكية الصهيونية
ما كشفته “ذا هيل” من “استثناء إسرائيل” من اتفاق وقف إطلاق النار بين اليمن وأمريكا، يكشف تصدعاً في المحور التقليدي (الأمريكي – الصهيوني). فلم تعد المصالح متطابقة، بل أصبحت متضادة في بعض اللحظات، وهذا ما يُقلق تل أبيب التي تشعر بأن واشنطن قد تنسحب فجأة، كما انسحبت من أفغانستان، وها هي تفعل في اليمن.
من جهتها، تتساءل “هآرتس”: هل يدفع ترامب نتنياهو لعقد صفقة مع اليمنيين كما فعل هو؟ في إشارة واضحة إلى أن تل أبيب باتت تفكر بعقلية المضطر لا المنتصر، وبأنها قد تجد نفسها مدفوعة للحوار مع قوة كانت حتى الأمس القريب تُصنفها كـ”عدو هامشي” أو مجرد وكيل إقليمي.
اليمن الجديد: من الضحية إلى صانع التحولات
ما يجري اليوم هو تحوّل عميق في موقع اليمن ضمن الخارطة الجيوسياسية للمنطقة. لم تعد صنعاء مجرد عاصمة تُقصف، بل باتت منصة لإطلاق الرسائل الصاروخية والسياسية على السواء. وهي اليوم تتحدث بلغة المنتصر، فيما يتحدث خصومها بلغة الدفاع والتبرير والخسائر.
هذا التحوّل لم يكن ليحدث لولا استراتيجية الردع المتصاعدة، والصمود الشعبي والسياسي، والقدرة على المزاوجة بين القوة والموقف الأخلاقي الداعم لقضايا الأمة، وعلى رأسها فلسطين.
ويمكن القول إن ما شهده العالم في الأشهر الماضية لم يكن مجرد معركة عابرة، بل محطة فاصلة في تاريخ الصراع الإقليمي. اليمن، الذي اعتقدت واشنطن وتل أبيب أنه الحلقة الأضعف، تحوّل إلى ساحة كسر هيبة. واليوم، تقف أمريكا و”إسرائيل” أمام واقع جديد: لا يمكن كسر اليمن بالقوة، ولا يمكن عزل صنعاء عن محيطها العربي والإسلامي.
لقد أصبحت صنعاء رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه، وربما سيشهد التاريخ هذه المرحلة بأنها اللحظة التي بدأ فيها الانهيار الحقيقي لهيبة الإمبراطورية الأمريكية والصهيونية في قلب المنطقة.