الدولة الحديثة في الغالب دولة لها دستور يُحدّد شكلها ونظام الحُكم فيها ويُبيّن السلطات العامة واختصاصاتها وعلاقاتها ببعض، ويُقرر ما للأفراد من حقوق وحريات عامة تجاه الدولة.. هذا الدستور أو «النظام الأساسي» يتربّع على قمة النظام القانوني في الدولة ويتمتع بالسمو على كافة القواعد القانونية الأخرى، حيث يمنح الدستور كل سلطة من السلطات اختصاصها المستقل بحيث إنّ تلك السلطات إذا تعدت حدود الاختصاص الممنوح لها في الدستور انقلبت من سلطة قانونية تستند إلى الدستور إلى سلطة فعلية لا سند لها إلاّ القوة المادية، ولا تستطيع أي سلطة أن تنقل جزءًا من اختصاصها لسلطة أخرى إلا بسند من الدستور وإلا عُدّ هذا التفويض باطلا.
وحيث إنّ الدستور وحده لا يكفي لسد حاجة البشر لجموده «يحتاج إلى إجراءات خاصة لتعديله» واحتوائه على مواد وأحكام عامة لا تستجيب لتغيرات واحتياجات الحياة بسهولة، فكان لا بد من سن القوانين واللوائح التي تُفصّل مواد الدستور وتفصل فقراته، لتواكب المتغيرات والمستجدات الكثيرة التي تواجه المجتمع، ومن ثمّ زادت القوانين وتنوعت التشريعات وتعددت اللوائح والأوامر الإدارية التي تنظم تلك العلاقات لتحقيق الهدف الأسمى وهو العدالة وحفظ الحقوق على جميع المستويات، ونتيجة لتداخل عمل السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية وما قد يسببه ذلك من تجاوزات ومخالفات وتعارض مع نصوص الدستور في بعض الأحيان استُحدث مبدأ الفصل بين هذه السلطات لكي تمارس كل سلطة عملها باستقلالٍ وحرية تحت ظل الدستور الذي ينظم هذه العلاقات، دون أن تفقد ميزة التعاون مع السلطات الأخرى.
ويبدو أنّ هذا لم يكن كافيًا أيضًا، فكان لا بد من وجود نظام للرقابة على دستورية القوانين يتم استخدامه لفحص مدى مخالفة أو موافقة القوانين واللوائح والأوامر الإدارية للقانون الأعلى وهو الدستور أو النظام الأساسي للدولة، لذا أنشئت في أغلب الدول جهة للرقابة على دستورية القوانين، سواء كانت هذه الجهة مستقلة كالمحكمة الدستورية العليا في الكويت عام 1973م، وفي مصر عام 1979م وفي الأردن عام 2011م على سبيل الذكر، أو تكون هذه الجهة ضمن الجهاز القضائي للدولة كالمحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية التي أنشئت عام 1789م وتختص فيما تختص بمراجعة الإجراءات الحكومية والنظر في مدى تطابق القوانين والتشريعات مع المبادئ الدستورية الأساسية، وتمارس هذا الاختصاص باقي المحاكم في الولايات الأمريكية حيث توجد أكثر من 25 محكمة تمارس الرقابة على دستورية القوانين بين محاكم استئناف ومحاكم مقاطعات إضافة للمحكمة العليا.
ومنح الدستور في سلطنة عُمان (النظام الأساسي للدولة) اختصاص الرقابة على دستورية القوانين للمحكمة العليا التي أنشئت طبقًا لقانون السلطة القضائية 90/99، الذي جاء في المادة 10 منه تشكل بالمحكمة العليا -عند الحاجة- هيئة تتألف من كذا وكذا من القضاة وسمّاهم بمناصبهم، وفي المادة 11 «وتكون هذه الهيئة هي الجهة القضائية المختصة بالفصل في المنازعات المتعلقة بمدى تطابق القوانين واللوائح مع النظام الأساسي للدولة وعدم مخالفتها لأحكامه».
إلاّ أنّ الفرق بين المحكمة العليا الأمريكية والمحكمة العليا العمانية أنّ الأولى لم يمنحها الدستور الاختصاص في الرقابة على دستورية القوانين إنّما انتزعته لنفسها وطبقته بعد ذلك بقيّة المحاكم الأمريكية، ولم تستطع أي مؤسسة أخرى في أمريكا سواء الكونجرس أو الحكومة أو هيئة الرئاسة أن تنكر على المحكمة العليا هذا الحق أو تُقلّل من قوته وتأثيره، في حين أنّ المحكمة العليا العُمانية على العكس تماما منحها النظام الأساسي للدولة الحق لهذا الاختصاص في المادة 70 والمادة 79 من النظام الأساسي لعام 1996 على ضرورة أن تتطابق القوانين والإجراءات التي لها قوة القانون مع أحكام النظام الأساسي للدولة، ثم جاء قانون السلطة القضائية بعد ثلاثة أعوام ليؤكد على هذا الحق، لكن المحكمة العليا في سلطنة عمان ورغم مرور أكثر من عشرين عاما على صدور هذا القانون لم تمارس حقها في الرقابة على دستورية القوانين، ولم تفعّل هذا النظام رغم أهميته.
وفي النظام الأساسي الجديد الصادر عام 2021م أكد على أهمية تطابق القوانين مع أحكام النظام الأساسي، حيث نص في المادة 96 بأنه (يجب أن تتطابق القوانين والإجراءات التي لها قوة القانون والمراسيم السلطانية واللوائح مع أحكام النظام الأساسي للدولة) ورمى بالرقابة على الدستورية في مضرب المحكمة العليا قانون السلطة القضائية.
تعودنا من الإرادة السياسية في عمان التدرج البنائي الذي يأتي كل عشرة أعوام مرحلة مرحلة، وهذا ما حصل للجانب التشريعي والنيابي حيث أُنشئ أول مجلس بلدي عام 1972م تبعه المجلس الاستشاري عام 1981م ثم مجلس الشورى عام 1991، ومع نضوج التجربة تسارعت الخُطى وصدر النظام الأساسي للدولة بعد خمس سنوات أي عام 1996م، وبعد ذلك بعام أنشئ مجلس عمان بالمرسوم السلطاني 86/ 97، الذي عُدّل في أكتوبر عام 2011م وتوسعت «نوعًا ما» بموجب هذا التعديل صلاحيات واختصاصات مجلسي الدولة والشورى، إلاّ أنّ الرقابة على دستورية القوانين ظلّت على حالتها لم تتطور.
وهنا أقترح على المحكمة العليا إن جاز لي أن اقترح كمتخصص في القانون الدستوري ما يلي:
1- الإسراع في تفعيل الهيئة القضائية المشار إليها في قانون السلطة القضائية المواد 10، و11 وتحريك الدعاوى الدستورية سواء بطريق التصدي أو الإحالة أو بطريق الدفع الفرعي وجميعها تبدو متاحة في النظام القضائي العماني، فقط بحاجة لقانون تنظيمي.
٢- تشكيل لجنة قانونية من ذوي الاختصاص الدقيق في القانون الدستوري من جهات معنية، لمراجعة القوانين واللوائح والأوامر الإدارية النافذة ومطابقتها بالنظام الأساسي للدولة، ورفع تقرير بشأن ما بها من مخالفات.
٣- المبادرة إلى تأهيل قانونيين دستوريين أكفاء لتولي القضاء الدستوري مستقبلًا، والتنسيق مع كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس من أجل وضع برامج تعليمية متخصصة في هذا المجال، كي لا تتفاجأ المحكمة العليا بالتوجه نحو تطبيق نظام الرقابة على دستورية القوانين وليس لديها الكادر الوطني المؤهل لتولي هذه المهمة، ونستعيد تجربة المحكمة نفسها عندما أُنشئت عام 1999م وتمت الاستعانة بقضاة شرعيين لعدم وجود عدد كافٍ من القضاة المتخصصين في مجال المحاكم العامة أو الجزائية وفق القانون.
د. صالـح المسكري كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السلطة القضائیة المحکمة العلیا فی المادة
إقرأ أيضاً:
المجلس الدستوري يُثبّت قانون التمديد لضباط رتبة عميد وما فوق
قرر المجلس الدستوري بالأكثرية، قبول المراجعة المتعلقة بالقانون المطعون بدستوريته: رقم 331/2024 المنشور في ملحق العدد 49 من الجريدة الرسمية بتاريخ 5/12/2024، (يرمي الى تمديد الخدمة للضباط العامين من رتبة عميد وما فوق).
في الشكل، والمقدمة من النواب: فراس حمدان، ياسين ياسين، ميشال الدويهي، ابراهيم منيمنة، شربل مسعد، وضاح الصادق، بولا يعقوبيان، نجاة صليبا، مارك ضو، حليمة القعقور.
ورد المجلس المراجعة أساسا لعدم مخالفة القانون المطعون فيه للدستور".
وكان المجلس التأم في مقره اليوم برئاسة رئيسه القاضي طنوس مشلب وفي حضور الأعضاء القضاة: عوني رمضان، أكرم بعاصيري، ألبرت سرحان، رياض أبو غيدا، فوزات فرحات، ميشال طرزي، الياس مشرقاني وميراي نجم، وفي غياب نائب الرئيس القاضي عمر حمزة لدواع صحية.
وجاء في القرار:
بناءً على المادة 19 من الدستور،
بعد الإطلاع على ملف المراجعة وعلى تقرير العضو المقرّر المؤرّخ في 2/5/2025،
ولدى التدقيق والمذاكرة،
تبين أن النواب الواردة أسماؤهم أعلاه قدّموا بتاريخ 15/4/2025 مراجعة طعن بالقانون رقم 231/2024 (يرمي الى تمديد الخدمة للضباط العامين من رتبة عميد وما فوق)، سجّلت برقم 3/و/2025 وطلبوا قبولها شكلاً، وفي الأساس تعليق مفعول القانون المطعون فيه لحين إصدار القرار النهائي بإبطاله، لمخالفته أحكام الدستور والمبادئ العامة وأدلوا في الشكل بأنّ مراجعتهم وردت ضمن مهلة الخمسة عشر يوماً التي تلي التاريخ المحدّد لتعليق المهل لغاية 31/3/2025، بحسب القانون رقم 328/2024، مستوفيةً لسائر شروطها الشكلية، وفي الأساس بأنّ القانون المطعون فيه مستوجب الابطال لمخالفته أحكام الفقرة "ج" من مقدّمة الدستور والمادة 7 منه ومبدأ شمولية التشريع وتجرّده ومبدأ فصل السلطات المكرّس في الفقرة "ه" من مقدّمة الدستور كما ومخالفته أصول التشريع لا سيما المواد 18 و34 و36 من الدستور.
وفي 24/4/2025 تقرر عدم وقف المفعول.
بناء علي،
أولاً - في الشكل:
حيث إن القانون رقم 328 المنشور في ملحق عدد الجريدة الرسمية رقم 49 بتاريخ 5/12/2024 قد علق في مادته الأولى سريان جميع المهل القانونية والعقدية وذلك ما بين تاريخ 8/10/2023 و31/3/2025 ضمنا،
وحيث إن المادة الثانية من القانون ذاته حددت الإستثناءات الخارجة عن نطاق التعليق بدون أن تذكر في عدادها مهلة الطعن أمام المجلس الدستوري،
وحيث إنّ المراجعة وردت إلى المجلس الدستوري بتاريخ 15/4/2025 بعد تاريخ بدء سريان المهل في 1/4/2025، أي ضمن المهلة مستوفية سائر الئروط الشكلية فتقبل شكلاً.
ثانياً - في الاساس:
1- في السبب المبني على مخالفة أصول التشريع لا سيما المواد 18 و34 و36 من الدستور:
حيث إنّ المستدعين يدلون بأن القانون المطعون فيه تمّ تمريره في جلسة مجلس النواب دون أن يناقش أو يدرس بشكل جدي ومعمّق.
وحيث إنّ التذرّع بعدم مناقشة ودرس القانون بشكل جدّي ومعمّق بدون الإشارة إلى مواطن الخلل الدستوري لا سيما ما اعترى آلية التصويت المنصوص عليها في المادة 36 من الدستور، لا يكفي للقول بوجود مخالفة دستورية تؤدي إلى إبطال النص، خاصة أنّ مجلس النواب هو سيّد نفسه في تبنّي أي مشروع قانون بدون الحاجة لزاماً إلى إدخال أي تعديلات عليه أو إبداء ملاحظات بشأنه قبل التصويت عليه وإقراره ما يوجب رد هذا السبب.
فيكون هذا السبب مردوداً لعدم مخالفة القانون أحكام المواد 34 و18 و36 من الدستور.
2- في السبب المبني على مخالفة القانون المطعون فيه أحكام الفقرة "ج" من مقدّمة الدستور والمادة 7 منه ومبدأ شمولية التشريع وتجرّده:
حيث إن القانون المطعون فيه يتألف من مادة وحيدة تنص على ما يلي:
أولا- بصورة إستثنائية وخلافا لأي نص آخر:
1- يمدّد سنّ التقاعد للضباط العامين من رتبة عميد وما فوق، ولا يزالون في الخدمة الفعلية بتاريخ صدور هذا القانون، ومن مختلف الأسلاك العسكرية والأمنية والجمارك لمدة سنة واحدة.
2- يمكن لهذه الفئة من الضباط غير الراغبين الاستفادة من هذا القانون، أن يطلبوا إحالتهم على التقاعد عند بلوغهم السن القانونية المحددة في قانون الدفاع الوطني.
ثانياً- يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية."،
وحيث إنّ المستدعين يدلون بأنّ حصر التمديد بفئة الضباط العامين من هم برتبة عميد وما فوق دون غيرهم من موظفي الدولة والضباط، خصوصاً والضباط العامين على وجه أخص يخالف مبدأ المساواة أمام القانون بين جميع المواطنين الذين يعملون ضمن الحقل المهني الواحد بين من هم من فئة واحدة، أي فئة الضباط، ويخلّ بقاعدة التوازن في الأعباء ويستوجب الإبطال وفق اجتهاد المجلس الدستوري في قراريه 4/1996 و1/2000 الذي اعتبر مبدأ المساواة أمام القانون من المبادئ العامة ذات القيمة الدستورية، ومؤداه أن يكون واحداً في معاملته للجميع دون ما فرق أو تمييز، وأنّه يبقى بوسع المشترع أن يخرج عن هذا المبدأ ويميّز في المعاملة بين المواطنين إذا وجدوا في أوضاع قانونية مختلفة أو إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، شرط أن يكون هذا التمييز في المعاملة متوافقاً مع غاية القانون،
وحيث إنّ الموظف هو في وضع قانوني ونظامي، وهذا الوضع يبقى معرّضاً للتعديل أو التغيير في أي وقت، وهو يخضع بالتالي للأحكام القانونية والتنظيمية اللاحقة، دون أن يكون له الإدلاء بحق مكتسب في الإستفادة من الأحكام السابقة،
وحيث إنّ خرق مبدأ المساواة في المعاملة بين الموظفين يكون متوافراً، عندما يقيم القانون تمييزاً لا يمكن تبريره بسبب معقول بالنظر للحال الواقعية التي يعالجها المشترع، وبالتالي عندما يكون السبب معقولاً، يكون التمييز في المعاملة مبرراً،
وحيث إنّ القاضي الدستوري لا يمكنه أن يحلّ محل المشترع كما يمتنع عليه إعمال رقابته على المصلحة العليا التي استدعت التشريع، أي على ملاءمته إلاّ بحال وجود مخالفة لأحكام الدستور أو المبادئ ذات القيمة الدستورية، الأمر غير المتوافر في الحالة الراهنة،
وحيث إن المنتمين إلى فئة واحدة هي فئة الضباط العامين المحددة والمعرف عنها في الفقرة 3 من المادة 38 من قانون الدفاع الوطني يكونون في وضع قانوني مشابه، وليس ثمة مخالفة لمبدأ المساواة أو فرق أو تمييز بين المنتمين الى الفئة المذكورة ذاتها والذين هم في الموقع الوظيفي نفسه، ولا يستقيم القول بخرق مبدأ المساواة بين غير المتساوين أصلاً في الفئة والرتبة والأقدمية وغيرها من الاعتبارات المعتمدة في المؤسسات العسكرية.
وحيث إنّ القانون المطعون بدستوريته يتسم في هذه الحالة بالشمول والعمومية والتجرّد لتناوله فئة واسعة من الضبّاط محددة بمعيار موضوعي هو معيار الفئة والرتبة بدون استثناء أي من المنتمين الى فئة الضباط العامين أو من حملة الرتب الذين مدد سن تقاعدهم أو تخصيص أي من هؤلاء بامتياز معيّن دون سائر من يحملون الرتبة ذاتها، ويقتضي بالنتيجة رد هذا السبب.
1-ي مخالفة القانون المطعون فيه مبدأ فصل السلطات المكرّس في الفقرة "ه" من مقدّمة الدستور:
حيث يدلي المستدعون بمخالفة القانون المطعون فيه مبدأ فصل السلطات المكرس في الفقرة "ه" من مقدمة الدستور،
وحيث إنّ تمديد سنّ التقاعد لا يجوز إعتباره بمثابة تعيين جديد في المراكز التي يشغلها الممدّد لهم، ولا يشكل تعدياً من قبل السلطة التشريعية على صلاحيات السلطة التنفيذية، طالما انّ تمديد سن التقاعد ليس من شأنه تثبيت الممد لهم في الوظائف أو المراكز التي يشغلونها التي تبقى خاضعة للتعيينات والتشكيلات العامة أو الجزئية بحسب الآليات القانونية المرعية، المنوطة بمعظمها بالقيادة العسكرية ولا تدخل ضمن نطاق صلاحية السلطة التنفيذية.
فيكون هذا السبب مردوداً ايضاً لعدم مخالفة القانون المطعون فيه مبدأ فصل السلطات.
لهذه الأسباب، تقرر بالأكثرية:
أولاً: قبول المراجعة في الشكل.
ثانياً: ردّ المراجعة أساساً لعدم مخالفة القانون المطعون فيه للدستور.
ثالثاً: إبلاغ هذا القرار من رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب، رئيس مجلس الوزراء،
ونشره في الجريدة الرسمية.
قرارا صدر في الحدت بتاريخ 21/5/2025.
مخالفة للقرار
وقد خالف القرار الأكثري، عضو المجلس الدستوري ميراي نجم، مبررة قرارها. وفيه :
"إنني أخالف ما ذهبت اليه الأكثرية في القرار الصادر بنتيجة المراجعة رقم 3/و/2025 ورود 15/4/2025، طعناً بدستورية القانون رقم 331/2024 المنشور في ملحق عدد الجريدة الرسمية رقم 49 بتاريخ 5/12/2024، وذلك للأسباب التالية:
حيث إنّ مبدأ المساوة في الوظيفة العامة هو مبدأ دستوري نصّت عليه المادة 12 من الدستور، معطوفةً على المادة 7 منه والفقرة (ج) من مقدّمة الدستور، وعلى المادة 21 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948، والذي يعتبر مع المقدّمة جزءاً لا يتجزأ من الدستور،
وحيث إن المادة 12 من الدستور نصّت على أنّه: " لكل لبناني الحق في تولّي الوظائف العامة لا ميزة لاحد على الآخر إلا من حيث الاستحقاق والجدارة حسب الشروط التي ينصّ عليها القانون. وسيوضع نظام خاص يضمن حقوق الموظفين في الدوائر التي ينتمون إليها، فلا يتم التمييز بين مواطن وآخر في تولي الوظائف العمومية في الدولة الا وفق معايير موضوعية هما الاستحقاق والجدارة"،
وحيث إنّ المادة21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصّت على ما يلي:
1. لكلِّ شخص حقُّ المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، إمَّا مباشرةً وإمَّا بواسطة ممثِّلين يُختارون في حرِّية.
2. كلِّ شخص، بالتساوي مع الآخرين، حقُّ تقلُّد الوظائف العامَّة في بلده.
3. إرادةُ الشعب هي مناطُ سلطة الحكم، ويجب أن تتجلىَّ هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجرى دوريًّا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السرِّي أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرِّية التصويت "،
وحيث إنّ الفقرة (ج) من المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، والمتمّم للاعلان العالمي لعام 1948، نصّت على ما يلي:
" تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص:
[…]
(ج) تساوى الجميع في فرص الترقية، داخل عملهم، إلى مرتبة أعلى ملائمة، دون إخضاع ذلك إلا لاعتباري الأقدمية والكفاءة ".،
وحيث إنّ المادة 12 من الدستور والتي نصّت على المساواة في الوظيفة العامة وعلى ضمان حقوق الموظفين في الدوائر التي ينتمون اليها، لا تقتصر على المساواة بين المواطنين في تقلّد الوظيفة العامة، بل تنسحب أيضاً على كامل المسار المهني للموظف، ومن ضمن تلك الضمانات التي كفلها الدستور مبدأ تساوي الفرص في الترقية الذي كرسته المادة 7 من من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 المذكورة آنفاً،
وحيث إنّ المادة 42 من قانون الدفاع الوطني تنصّ في فقرتها الاولى على أنّه " يرقّى الضباط في حدود المراكز الشاغرة وضمن الاعتمادات المرصدة في الموازنة، شرط أن يكون قد أدرج اسم المرشح على جدول الترقية"، كما أنّها تنصّ في فقرتها الخامسة على انّه " تدرج أسماء المرشحين على جدول الترقية وفقاً لاقدميتهم في الرتبة وتجري الترقية وفقاً لترتيب هذا الجدول. غير انه يمكن اعطاء الافضلية عند ترتيب الاسماء على جدول الترقية لمن تميزوا بخدماتهم"،
وحيث إنّ المادة 42 المذكورة والمعنونة " ترقية الضباط"، وضعت الشروط العامة التي ترعى ترقية الضباط، وهي لم تميّز في مسألة الترقية بين مختلف فئات الضباط بل شملتهم جميعاً ضمن فئة واحدة، كما أنّها اعتمدت معايير موضوعية لترقيتهم وهي ادراج اسمهم على جدول الترقية وفقاً لاقدميتهم في الرتبة، إضافةً الى توفّر المراكز الشاغرة والاعتمادات المرصدة في الموازنة لهذه الترقية،
وحيث إذا كان بإمكان المشترع أن يخرج عن مبدأ المساواة ويميّز في المعاملة بين من هم في أوضاع قانونية مختلفة، أو بين من هم في أوضاع مماثلة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك شرط أن يكون التمييز متوافقاً مع غاية القانون، الا أنّ الأمر يختلف اذا كان التمييز غير مبرّر أو غير متناسب مع الغاية التي وضع من أجلها، أو إذا كان من شأنه إلحاق الضرر الأكيد او المحتمل بمن هم في أوضاع مماثلة أو بفئات أخرى من الموظفين إذ قد يشكّل ذلك خرقاً فاضحاً لمبدأ المساواة،
وحيث إنّ تمديد سنّ التقاعد لمن هم في رتبة عميد وما فوق، وبصرف النظر عن المراكز التي يتولّونها، يشكّل خرقاً لمبدأ المساواة في المعاملة بين المنتمين الى فئة الظباط كما لتكافؤ الفرص في الترقية في ما بينهم، لأن الترقية مرتبطة بالموازنة المرصدة وبالملاك المحدّد قانوناً لرتبة العمداء، ما قد يؤدي الى حجب فرص ترقية سائر الضباط من غير الممدّد لهم، أو إلى تأخير ترقيتهم، فينتج عن ذلك تفاوت وعدم توازن بين تلك الفئات،
وحيث فضلاً عمّا تقدّم، إنّ غاية القانون، كما يتبيّن من أسبابه الموجبة، هي "الحؤول دون حدوث أي فراغ في قيادات المؤسسات الأمنية والعسكرية في ظل الحرب الوحشية التي شنّها العدو الإسرائيلي، المترافق مع الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال وقرب حلول موعد انتهاء تمديد سنّ التقاعد لقائد الجيش وقادة الأجهزة"،
وحيث يقتضي الإشارة الى أنّ التمديد لم يحصر بمن يبلغون سن التقاعد خلال فترة محدّدة إنما كل حملة رتبة عميد ولو كان موعد إحالتهم على التقاعد قانوناً بعد عدّة سنوات، فضلاً عن أن الفقرة الثانية من القانون تتيح للضباط الذين لا يرغبون الاستفادة منه امكانية طلب إحالتهم على التقاعد عند بلوغهم السن القانونية، ما يتناقض مع غاية القانون وهي الحؤول دون حصول فراغ في تلك القيادات، أو أقلّه يجعل التمديد في الشكل الذي أقرّه القانون المطعون فيه غير متناسباً مع الغاية التي يبغي المشرّع تحقيقها،
وحيث إنّ جميع الأسباب الموجبة التي تمّ الارتكاز عليها لتبرير التمديد لم تعد موجودة إذ جرى انتخاب رئيس الجمهورية وتشكّلت حكومة ونالت ثقة مجلس النواب وقد جرت التعيينات في معظم المراكز القيادية العسكرية والأمنية،
وحيث أرى، تبعاً لكلّ ما تقدّم وخلافاً لما انتهت اليه الأكثرية، أنّه يقتضي ابطال القانون المطعون فيه لمخالفته مبدأ المساواة في الوظيفة العامة ذي القيمة الدستورية ومبدأ المساواة في فرص الترقية النابع منه، فضلاً عن زوال الأسباب الموجبة التي استند اليها القانون، وتناقضه مع الغاية التي أراد المشرع تحقيقها من خلاله. مواضيع ذات صلة 10 نواب قدموا مراجعة طعن في دستورية قانون تمديد خدمة الضباط العامين من رتبة عميد وما فوق Lebanon 24 10 نواب قدموا مراجعة طعن في دستورية قانون تمديد خدمة الضباط العامين من رتبة عميد وما فوق 21/05/2025 14:19:47 21/05/2025 14:19:47 Lebanon 24 Lebanon 24 محافظة دير الزور: الأمن العام يلقي القبض على ضابط برتبة عميد مقرب من ماهر الأسد Lebanon 24 محافظة دير الزور: الأمن العام يلقي القبض على ضابط برتبة عميد مقرب من ماهر الأسد 21/05/2025 14:19:47 21/05/2025 14:19:47 Lebanon 24 Lebanon 24 الانتخابات في موعدها ومغالطات في اقتراح قانون التمديد للمجالس البلدية Lebanon 24 الانتخابات في موعدها ومغالطات في اقتراح قانون التمديد للمجالس البلدية 21/05/2025 14:19:47 21/05/2025 14:19:47 Lebanon 24 Lebanon 24 المجلس الدستوري يقبل طعن الرئيس عون بقانون التعليم الخاص Lebanon 24 المجلس الدستوري يقبل طعن الرئيس عون بقانون التعليم الخاص 21/05/2025 14:19:47 21/05/2025 14:19:47 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً ميقاتي: على لبنان أن يكون في صلب الخارطة الجديدة في المنطقة لا على هامشها Lebanon 24 ميقاتي: على لبنان أن يكون في صلب الخارطة الجديدة في المنطقة لا على هامشها 06:54 | 2025-05-21 21/05/2025 06:54:28 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو... هكذا اغتالت إسرائيل حسين نزيه برجي في صور Lebanon 24 بالفيديو... هكذا اغتالت إسرائيل حسين نزيه برجي في صور 06:57 | 2025-05-21 21/05/2025 06:57:34 Lebanon 24 Lebanon 24 رسامني يطلق خطة وطنية شاملة لتأهيل الطرقات والجسور في لبنان Lebanon 24 رسامني يطلق خطة وطنية شاملة لتأهيل الطرقات والجسور في لبنان 06:57 | 2025-05-21 21/05/2025 06:57:17 Lebanon 24 Lebanon 24 جامعة بيروت العربية ستمنح الدكتوراه الفخرية للرئيس سلام Lebanon 24 جامعة بيروت العربية ستمنح الدكتوراه الفخرية للرئيس سلام 06:53 | 2025-05-21 21/05/2025 06:53:42 Lebanon 24 Lebanon 24 بالأرقام.. مؤشرات التضخم ترتفع مجددًا في معظم المحافظات اللبنانية Lebanon 24 بالأرقام.. مؤشرات التضخم ترتفع مجددًا في معظم المحافظات اللبنانية 06:47 | 2025-05-21 21/05/2025 06:47:52 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة فنانة شهيرة تتمنى أن "تموت محجبة".. من هي؟ Lebanon 24 فنانة شهيرة تتمنى أن "تموت محجبة".. من هي؟ 08:18 | 2025-05-20 20/05/2025 08:18:59 Lebanon 24 Lebanon 24 بفستان جريء ومفتوح… نسرين طافش تثير الجدل بإطلالتها اللافتة (صور) Lebanon 24 بفستان جريء ومفتوح… نسرين طافش تثير الجدل بإطلالتها اللافتة (صور) 13:40 | 2025-05-20 20/05/2025 01:40:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بيان يكشف.. هذا ما حصل مع طائرة لـ"الميدل إيست"! (فيديو) Lebanon 24 بيان يكشف.. هذا ما حصل مع طائرة لـ"الميدل إيست"! (فيديو) 08:23 | 2025-05-20 20/05/2025 08:23:13 Lebanon 24 Lebanon 24 مفاجأة جديدة عن "زواج وائل كفوري بالسرّ من شانا عبود" Lebanon 24 مفاجأة جديدة عن "زواج وائل كفوري بالسرّ من شانا عبود" 09:34 | 2025-05-20 20/05/2025 09:34:02 Lebanon 24 Lebanon 24 "اوّل سنتين كانوا كتير صعبين"... فنان لبنانيّ عن زوجته السابقة: "بعدني بحبها" Lebanon 24 "اوّل سنتين كانوا كتير صعبين"... فنان لبنانيّ عن زوجته السابقة: "بعدني بحبها" 08:14 | 2025-05-20 20/05/2025 08:14:30 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 06:54 | 2025-05-21 ميقاتي: على لبنان أن يكون في صلب الخارطة الجديدة في المنطقة لا على هامشها 06:57 | 2025-05-21 بالفيديو... هكذا اغتالت إسرائيل حسين نزيه برجي في صور 06:57 | 2025-05-21 رسامني يطلق خطة وطنية شاملة لتأهيل الطرقات والجسور في لبنان 06:53 | 2025-05-21 جامعة بيروت العربية ستمنح الدكتوراه الفخرية للرئيس سلام 06:47 | 2025-05-21 بالأرقام.. مؤشرات التضخم ترتفع مجددًا في معظم المحافظات اللبنانية 06:44 | 2025-05-21 تجميد مفعول تراخيص حمل الأسلحة في محافظتيّ الجنوب والنبطية فيديو سيارة فاخرة وذهب.. حسين الديك يتلقى هدية خيالية من معجب وهذا ما قاله عن سوريا (فيديو) Lebanon 24 سيارة فاخرة وذهب.. حسين الديك يتلقى هدية خيالية من معجب وهذا ما قاله عن سوريا (فيديو) 04:03 | 2025-05-21 21/05/2025 14:19:47 Lebanon 24 Lebanon 24 بفستان مكشوف.. ميريام فارس تُحيي حفل خطوبة ابنة رجل أعمال شهير (فيديو) Lebanon 24 بفستان مكشوف.. ميريام فارس تُحيي حفل خطوبة ابنة رجل أعمال شهير (فيديو) 02:50 | 2025-05-21 21/05/2025 14:19:47 Lebanon 24 Lebanon 24 أطلت وهي تبكي وتتوسل.. فنانة تركية تُناشد أردوغان وزوجته إليكم السبب (فيديو) Lebanon 24 أطلت وهي تبكي وتتوسل.. فنانة تركية تُناشد أردوغان وزوجته إليكم السبب (فيديو) 00:23 | 2025-05-19 21/05/2025 14:19:47 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24