حرب غزة| حصار إسرائيلي مُتواصل على القطاع وظروف معيشية صعبة
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
تخضع "غزة" حاليًا لسيطرة حركة حماس بعد أن تعرضت العلاقة بينها وبين السلطة الفلسطينية لانقسام شديد رفضت بعده التبعية للسلطة في 2007، ويبلغ طول القطاع، الذي يُقدر عدد سكانه بحوالي 2.2 مليون نسمة، 41 كيلومترًا وعرضه عشرة كيلومترات، وهو جيب مُحاط بالبحر الأبيض المتوسط ومصر و إسرائيل.
ومُنذ ذلك الحين، وضعت "مصر وإسرائيل" قيودًا صارمة وشدية على حركة السلع والأشخاص من وإلى القطاع وذلك لـ"أسباب أمنية" حسبما يقوله الطرفان، وكانت مصر تسيطر على القطاع حتى احتلته إسرائيل بعد حرب 1967.
وخاضت حماس عدة حروب ضد إسرائيل مُنذ استيلائها على السلطة في غزة.
ما الذي أجج المُوجة الأحدث من العُنف بين الجانبين؟في السابع من أكتوبر الماضي، شن المئات من مقاتلي حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل، ما أدى إلى مقتل 1300 شخص، وأخذ منفذو الهجوم من أعضاء الحركة الفلسطينية عشرات الرهائن الإسرائيليين إلى القطاع.
في المقابل، نفذت إسرائيل موجات من الضربات الجوية وهجمات المدفعية ضد غزة ردا على هجوم حماس، والتي أسفرت عن مقتل 2215 في حين تحتشد القوات الإسرائيلية وسط حديث عن عملية عسكرية برية محتملة.
وتعهد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين بهزيمة حماس في الحرب و"تغيير الشرق الأوسط".
وأدت هذه التحركات إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية التي كانت تشهد تدهورا كبيرا بالفعل في غزة، إذ كان 80 في المئة من سكان القطاع يحتاجون إلى مساعدات دولية قبل اندلاع هذه الحرب.
وتوقفت محطة الطاقة الوحيدة في غزة بعد أن نفذ ما لديها من وقود في 11 أكتوب، وهو ما اضطر المستشفيات التي تعج بالمصابين للاعتماد على مولدات الطاقة الاحتياطية. وقد ينفذ الوقود اللازم لتشغيل مولدات الطوارئ من بعض المستشفيات التي ليس لديها مخزون كافي منه.
كما يُعاني حوالي 600 ألف شخص من نقص حاد في إمدادات مياه الشرب جراء القرار بقطع المياه. كما تحتاج مضخات المياه المحلية وشبكات الصرف الصحي للوقود من أجل تشغيلها.
كما يُؤدي إغلاق معبر كرم أبو سالم للسلع مع إسرائيل إلى نضوب المخزونات في المتاجر، وهو ما يتضح في التقارير التي تشير إلى أن ثلثي المتاجر في القطاع تعاني من نقص السلع. وتقول الأمم المتحدة أن أغلب المتاجر لديها مواد غذائية تكفي لأسبوعين.
وتسببت الحرب في فرار أكثر من 200 ألف شخص من منازلهم خوفا على حياتهم أو بسبب انهيار تلك المنازل جراء الضربات الجوية. ويقيم أغلب الفارين في مراكز إيواء في المدارس التابعة للأمم المتحدة.
وحتى قبل تجدد الصراع هذه المرة، كان انقطاع التيار الكهربائي من الأحداث العادية في الحياة اليومية، إذ يتم توفير الكهرباء للأسر لمدة 13 ساعة يوميا، وفقا للأمم المتحدة.
وكانت غزة تشتري ثلثي إمدادات الكهرباء من إسرائيل بينما تعتمد في الثلث الباقي على المحطة الوحيدة في القطاع. رغم ذلك، كان إجمالي إمدادات الطاقة تكفي فقط لأقل من نصف الطلب في القطاع.
وكانت الأسر وموردي الطاقة الكهربائية يعتمدون على مولدات الطوارئ في التكيف مع انقطاع الكهرباء، لكن هذه المولدات لا يمكن الاعتماد عليها بشكل أساسي لندرة الوقود وقطع الغيار التي تعتمد عليها للتشغيل نظرا لخضوعها لنفس القيود التي تفرضها إسرائيل على الواردات التي تدخل إلى القطاع لأن إسرائيل تصنفها على أنها سلع "ذات استخدام مزدوج"؛ أي لها استخدامات مدنية وعسكرية.
إغلاق الحدودولا يزال الأمل ضعيفا في أن يتمكن المدنيون من مغادرة غزة هربا من الصراع، وأغلقت إسرائيل معبر إيريز شمال قطاع غزة في حين أُغلق معبر رفحلا الذي تسيطر عليه السلطات المصرية الواقع جنوب القطاع يومي التاسع والعاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية بالقرب من بوابة المعبر في الجانب الفلسطيني.
وقبل التصعيد الحالي، كان الفلسطينيون يمنعون من مغادرة قطاع غزة إلى إسرائيل إلا بعد الحصول على تصريح خروج من السلطات الإسرائيلية. وكانت تلك التصاريح مقتصرة على العمالة اليومية، ورجال الأعمال، والمرضى ومرافقيهم، وعمال الإغاثة.
وفي أغسطس/ آب الماضي، حصل 58 ألف فلسطيني بالمرور من معبر إيريز، وهو ما يتجاوز المتوسط الشهري لعدد من يسمح لهم بدخوا إسرائيل من القطاع بحوالي 65 في المئة، وفقا لإحصائيات أجرتها الأمم المتحدة في 2022.
من الجهة المقابلة، يجب على من يرغبون في مغادرة غزة إلى مصر عبر معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية قبل موعد الخروج بعدة أسابيع والتقدم بطلبات للسلطات المصرية التي تفرض قيودا صارمة على أعداد الراغبين في الدخول إضافة إلى فرضها قيود أمنية مشددة.
وسمحت السلطات في مصر بمرور 19600 فلسطينيا من معبر رفح في أغسطس/ آب الماضي، وهو أكبر عدد تسمح بدخوله من يوليو/ تموز 2012.
منازل مُتداعية ومُكتظة بالسكانتُعد غزة واحدة من أعلى المناطق من حيث كثافة السكان على مستوى العالم.
ويصل متوسط الكثافة السكانية في القطاع إلى 5700 نسمة في الكيلو متر المربع وهو رقم قريب من مستويات الكثافة السكانية في لندن لكن هذا الرقم يرتفع إلى 9000 نسمة في الكيلو متر المربع في مدينة غزة.
وتُشير إحصائيات حديثة إلى أن 75 في المئة من سكان غزة حوالي 1.7 مليون نسمة مسجلين لاجئين في الأمم المتحدة، من بينهم 500 ألف شخصا يعيشون في ثماني خيمات مزدحمة تقع في مناطق متفرقة من القطاع.
وتسبب الصراع بين إسرائيل وغزة، والوتيرة البطيئة لإعادة الإعمار، في عدم حصول الكثيرين على مسكن مناسب.
وقالت الأمم المتحدة في يناير/ كانون الثاني الماضي إن 13 ألف منزل دُمر منذ 2014 بينما ينتظر حوالي 2200 منزلا آخرا التمويل لإعادة البناء. وأكدت أيضا أن 77 ألف منزل أصيب بأضرار جزئية.
كما واجهت جهود إعادة البناء عقبات بسبب القيود المفروضة على مواد البناء والمعدات المتخصصة من قبل السلطات الإسرائيلية التي تصنف تلك المواد والمعدات على أنها "ذات استخدام مزدوج".
ويقول مسؤولون من الجانب الفلسطيني إن الضربات الجوية الإسرائيلية التي شهدها القطاع في إطار الصراع الحالي دمرت حوالي ألف منزل في حين أصيب 500 من المنازل بأضرار بالغة تجعلها غير مؤهلة للسُكنى.
منشآت الرعاية الصحية مُستهلكةتُعاني منشآت الصحة العامة في غزة من الإنهاك والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والعجز في الإمدادات والمعدات الطبية. كما لا توجد خدمات الرعاية الصحية والعلاجات المتخصصة في القطاع.
وقالت الأمم المتحدة إن الحصار الذي تفرضه إسرائيل ومصر على غزة، وتراجع الإنفاق على قطاع الصحة من جانب السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، والصراع السياسي الداخلي بين السلطة وحماس على المسؤولية عن قطاع الرعاية الصحية في الأراضي الفلسطينية تُعد أهم العوامل التي تقف وراء تدهور أوضاع الصحة في المنطقة.
ويحتاج نقل الحالات الحرجة التي تحتاج إلى رعاية متقدمة في مستشفيات الضفة الغربية أو القدس إلى موافقة على طلبات الدخول من السلطة الفلسطينية ثم إلى موافقات للخروج من السلطات الإسرائيلية.
وعلى مدار الفترة من 2008 إلى 2022، تم الرد على طلبات أكثر من 70 ألف طلب لتصريح دخول مرضى من غزة بالتأجيل أو الرفض، كما توفي بعض المرضى أثناء انتظار الرد على طلباتهم.
نقص مياه الشرب: روتين يومييُعاني 90 في المئة من سكان غزة من نقص في إمدادات المياه النظيفة، ونظرًا للاستغلال الجائر لطبقة المياه الجوفية الساحلية، وتسرب مياه البحر والصرف الصحي، أصبحت مياه الصنبور في غزة عالية الملوحة وملوثة، مما يجعلها غير صالحة للشرب.
وتُقدر منظمة الصحة العالمية احتياجات الفرد اليومية من المياه بـمئة لتر لتغطية أغراض الشرب، والغسل، والطهي، والاغتسال. ويقدر استهلاك الفرد من المياه في غزة بحوالي 84 لترا، من بينها 27 لترا فقط صالحة للاستخدام الآدمي.
وحذرت الأمم المتحدة في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري من أن قرار إسرائيل بقطع إمدادات المياه، والكهرباء، والوقود عن قطاع غزة قد ينتج عنه عجز صارخ في مياه الشرب.
وأضافت أن السلطات المحلية كانت تحث السكان على توفير المياه للحفاظ على الخدمات الضرورية. كما توقفت محطات معالجة مياه الصرف الصحي هي الأخرى بسبب نفاذ الوقود.
ارتفاع مُعدل البطالة بين الشبابتتمتع غزة بتركيبة سكانية أغلبها من الشباب، إذ تبلغ نسبة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة بين سكان القطاع حوالي 60 في المئة، مما يجعلها من أعلى نسب الشباب بين السكان على مستوى العالم، وفقًا لمكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني.
وذلك مقارنة بالتركيبة السكانية في لندن التي يمثل فيها الشباب 20 في المئة من سكان العاصمة البريطانية، وفقا لتعداد السكان الذي شهدته البلاد عام 2021.
ويعيش أكثر من 80 في المئة من سكان غزة في فقر، إذ سجل معدل البطالة في القطاع 45 في المئة عام 2022، مما يشير إلى أحد أعلى المعدلات عالميا.
ويبلغ معدل البطالة بين شباب غزة 73.9 في المئة في المرحلة العمرية من 19 إلى 29 سنة الذين يحملون شهادات الثانوية العامة وشهادات جامعية.
استخدام المدارس مراكزا للإيواءيتلقى الكثير من أطفال غزة تعليمهم في مدارس تابعة للأمم المتحدة التي تحول الكثير منها إلى مراكز لإيواء عشرات الآلاف من السكان الذين فروا من منازلهم جراء الصراع الدائر في القطاع.
وتعمل 71 في المئة من مدارس الأمم المتحدة في غزة بنظام الفترتين؛ فترة دراسة صباحية وأخرى مسائية تبدأ في الظهيرة، وفقًا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا).
وبلغت كثافة غرفة الدراسة في مدارس الأمم المتحدة في القطاع 41 طالبا في غرفة الدراسة الواحدة سنة 2022، وارتفع عدد من يعرفون القراءة والكتابة في غزة في الفئة العمرية من 15 إلى 19 سنة عام 2021 حوالي 98 في المئة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غزة حركة حماس حماس مصر وإسرائيل بوابة الوفد الأمم المتحدة فی الضربات الجویة فی القطاع إسرائیل م فی غزة
إقرأ أيضاً:
حملة رقمية منظمة لغسل يد إسرائيل من تجويع غزة واتهام الأمم المتحدة
في قطاع غزة، حيث يتكئ أكثر من 2.4 مليون إنسان على حافة الموت جوعا، لا يهددهم الجوع وحده، بل أيضا الكذب المصور، والروايات الملفقة التي تنسج فوق أنقاضهم.
وبينما يتناقص الخبز والدواء والماء، أطلقت إسرائيل حملة إعلامية منسقة، لا لإغاثة الجوعى، بل لتغيير وجه المأساة، وتوجيه أصابع الاتهام نحو منظمات الإغاثة، والأمم المتحدة، وحركة حماس، بسرقة المساعدات الإنسانية وتخزينها في الأنفاق.
في الأيام الأخيرة، سمح لمؤثرين وناشطين أجانب، مؤيدين لإسرائيل، بالدخول إلى مواقع تكدست فيها المساعدات، لتصوير مشاهد معدة بعناية، تظهر الأمم المتحدة وكأنها ترفض توزيع الغذاء، بينما تبرئ الاحتلال من دماء الجوعى، وتبرزه كوسيط عطوف أعاقته البيروقراطية الدولية.
لم تكن الحملة مجرد دفاع إعلامي، بل اتهام مباشر، مدروس ومنظم، يستهدف تحميل المسؤولية الكاملة لطرف ثالث، بينما يختفي المحاصِر والمجوِّع من المشهد.
في هذا التقرير، تتبعت وكالة "سند" للرصد والتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة، خيوط الحملة: من فجوة التوقيت بين إعلان السماح بدخول المساعدات وتفجر الهجوم الإعلامي، إلى الشخصيات التي تبنت السردية، والمقاطع التي جرى ترويجها، والأسئلة التي وضعت عمدا خارج الإطار: من يمنع دخول المساعدات أصلا؟ ومن الذي يقرر من يأكل ومن ينتظر الموت على الحدود؟
نفي "مزاعم" التجويعفي 26 يوليو/تموز الجاري، أعلنت إسرائيل السماح بدخول مساعدات إنسانية إلى غزة، وتنفيذ إنزالات جوية بالتعاون مع منظمات دولية، وتحديد ممرات لقوافل الأمم المتحدة، في خطوة قالت إنها تهدف إلى "دحض المزاعم الكاذبة عن وجود تجويع متعمد".
#عاجل ???? بناء على توجيهات المستوى السياسي وفي ختام تقييم الوضع مساء اليوم بدأ جيش الدفاع سلسلة عمليات لتحسين الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة ودحض المزاعم الكاذبة عن تجويع متعمد في قطاع غزة.
⭕️في اطار ذلك سيتم تجديد إسقاط المساعدات الإنسانية من الجو هذه الليلة (السبت) في إطار… pic.twitter.com/7CXYhuBQi0
— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) July 26, 2025
لكن بعد ساعات من هذا الإعلان، رصدت "سند" تصاعدا مفاجئا وممنهجا في نشر محتوى مرئي منسق على منصات التواصل الاجتماعي، تضمن مقاطع فيديو لناشطين معروفين بمواقفهم المؤيدة لإسرائيل، يروّجون لرواية تحمل مسؤولية الكارثة في غزة لكل من "حماس ومنظمات الأمم المتحدة"، في محاولة واضحة لإقصاء إسرائيل من دائرة الاتهام.
الجيش يتحدث.. والبروباغندا تنتشرفي ذات السياق، تبنى ناطقو الجيش الإسرائيلي نفس السردية، مدعين أن إسرائيل لا تقيد دخول الشاحنات، وإنما المشكلة "في عدم استلام المنظمات الدولية للمساعدات وتوزيعها".
Before the world knew the UN wasn’t distributing aid:
Entire days with zero (!) trucks of aid collected by international organizations.
All the while Israel was being blamed for blocking aid.
After:
Over 480 trucks of aid have been collected by the UN since Monday. pic.twitter.com/N95im573hT
— LTC Nadav Shoshani (@LTC_Shoshani) July 25, 2025
???? WATCH: 950 trucks worth of aid, currently waiting in Gaza❗️for international organizations to pick up and distribute to Gazan civilians. This is after Israel facilitated the aid entry into Gaza. pic.twitter.com/aQTR7Sryhs
— LTC Nadav Shoshani (@LTC_Shoshani) July 22, 2025
وغردت ناطقة باسم جيش الاحتلال: "لا تفرض إسرائيل قيودا على عدد الشاحنات التي تدخل إلى قطاع غزة، لكن المشكلة تكمن في استلام المساعدات من المنظمات الإغاثية الدولية والوكالات التابعة للأمم المتحدة، وهو ما يعيق إيصالها المستمر إلى داخل غزة".
#عاجل ‼️ لا تفرض إسرائيل قيودًا على عدد الشاحنات التي تدخل إلى قطاع غزة، لكن المشكلة تكمن في استلام المساعدات، وهو ما يعيق إيصالها المستمر إلى داخل غزة."
???? على الرغم من الادعاءات بشأن فرض إسرائيل قيودًا على دخول المساعدات الإنسانية، فقد نشرت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق… pic.twitter.com/ODZ6G7pNcx
— كابتن إيلا Captain Ella (@CaptainElla1) July 25, 2025
صور أقمار صناعية تؤكد تكدس المساعداتوتظهر صور أقمار صناعية ملتقطة في تواريخ 4 و22 و26 يوليو/تموز الجاري استمرار تكدس شحنات المساعدات داخل صالات التفريغ في معبر كرم أبو سالم، من دون تسجيل تغييرات جوهرية في حجمها طوال تلك الفترة.
إعلانكما توضح الصور حدوث تناقص طفيف فقط في كمية المساعدات بين 22 و26 يوليو/تموز، وهو ما يتطابق مع المشاهد التي نُشرت ضمن الحملة الإعلامية، ويؤكد أن المساعدات بقيت في مكانها لفترة طويلة، في ظل عدم توزيعها أو إدخالها بشكل منتظم إلى داخل غزة.
وجوه قادت الرواية
الناشطة اليهودية، بيلامي بيلوتشي، ظهرت في عدة مقاطع مصورة من مواقع تكدست فيها المساعدات، زاعمة أن "المساعدات تركت حتى فسدت وتعفنت"، مدعية أن "حماس والأمم المتحدة متواطئتان في تكريس هذا الواقع"، وأن "هذه الكارثة ليست من صنع إسرائيل".
View this post on InstagramA post shared by bellamy bellucci שׁוֹשַׁנָּה עליה ????????????✡️ (@bellamybellucci)
View this post on InstagramA post shared by bellamy bellucci שׁוֹשַׁנָּה עליה ????????????✡️ (@bellamybellucci)
ووصف المتحدث السابق باسم الحكومة الإسرائيلية، إيلون ليفي، تكدس المساعدات بأنه "تقصير لا يغتفر"، وقال في مقطع مصور: "شاهدت جبالا من المعكرونة والعدس والحمص وزيت الطهي والسكر والدقيق، كلها تنتظر فقط أن تجمعها الأمم المتحدة"، واعتبر ليفي أن هذا المشهد يجسّد "الفشل الكارثي" لآلية الأمم المتحدة في إيصال المساعدات إلى غزة.
The failure of the UN aid mechanism in Gaza is truly catastrophic. 600 trucks’ worth of food the IDF is urging the UN to pick up. I saw mountains of pasta, lentils, hummus, cooking oil, sugar, and flour.
Just waiting for UN collection.
Unforgivable negligence. pic.twitter.com/m0WHEc12U1
— Eylon Levy (@EylonALevy) July 28, 2025
Hi Tom, here’s a mountain of baby food inside Gaza that UNICEF hasn’t picked up ???? https://t.co/d2MqomkDFs pic.twitter.com/p3JsVv6y8C
— Eylon Levy (@EylonALevy) July 29, 2025
Israel is delivering aid into Gaza faster than the UN can pick it up.
Since I saw mountains of uncollected aid, Israel let in 260 trucks and the UN only picked up 200.
✅You can do the maths.
❌The UN can’t do its job. pic.twitter.com/5UCcEYwgsb
— Eylon Levy (@EylonALevy) July 29, 2025
كما تهكم الكاتب، إيتان فيشبرجر، الذي خدم سابقا في الجيش الإسرائيلي، من معاناة الغزيين وغرد قائلا: "هناك كميات ضخمة من الطعام، وبحر لا نهاية له من زجاجات المياه بين المساعدات التي ترفض الأمم المتحدة توزيعها، رأيت حوالي 15 ألف زجاجة، كان الطقس في غزة اليوم 104°F، الناس كانوا بحاجة حقيقية لها".
View from the top of Mt. Aid in Gaza.
Food as far as the eye could see. Know what I couldn't see? The UN trying to distribute it. pic.twitter.com/t6QxJhVYkJ
— Eitan Fischberger (@EFischberger) July 28, 2025
وتكرر الأمر ذاته مع المحامي أرسين أوستروفسكي، الذي نشر صورا وفيديوهات زعم أنها توثق مساعدات تكفي 600 شاحنة، قائلا: "لا يمكن للأمم المتحدة أن تلوم إسرائيل بينما تسمح للطعام بالتعفن".
The int’l community has been claiming there is starvation in Gaza and Israel and IDF are not doing enough.
So, I went to Gaza to see for myself. What I found at Kerem Shalom crossing was indeed truly shocking.
Over 600 trucks worth of aid – flour, water, perishables – lying… pic.twitter.com/GLwvyXlLnG
— Arsen Ostrovsky ????️ (@Ostrov_A) July 27, 2025
You can see here by the date, the food was collected by Israel on 26th June, 2025. It has been waiting at Kerem Shalom crossing for over a month to be distributed by UN, while the WFP and int’l community accuse Israel of ‘starvation’ in Gaza. Inexcusable, unconscionable! pic.twitter.com/2wZ790jQZH
— Arsen Ostrovsky ????️ (@Ostrov_A) July 27, 2025
مؤسسة "غزة الإنسانية".. ذراع ميدانية في الحملةفي ذروة الحملة الإعلامية المنسقة التي شنتها إسرائيل على منظمات الأمم المتحدة، برز اسم "مؤسسة غزة الإنسانية" كأحد الأذرع الرئيسية التي ساهمت في تعزيز السردية الإسرائيلية، عبر منصاتها الرقمية وموظفيها على الأرض.
إعلانفمن خلال سلسلة منشورات وتسجيلات مصورة، كثفت المؤسسة من المقارنة بين أدائها في توزيع المساعدات، وما وصفته بـ"فشل" المنظمات الأممية، مروجة لفكرة أن المشكلة لا تكمن في القيود الإسرائيلية، بل في عجز الوكالات الدولية عن القيام بدورها.
في منتصف يونيو/حزيران الماضي، ظهر العقيد البريطاني المتقاعد ريتشارد كيمب، الذي يعمل مع المؤسسة، في مقطع دعائي أمام أحد مراكزها، مهاجما منظمات الأمم المتحدة بشكل مباشر.
Today I visited one of the Gaza Humanitarian Foundation Secure Distribution Sites inside Gaza. A remarkable & unprecedented operation. pic.twitter.com/4SOJsfKpAN
— Rɪᴄʜᴀʀᴅ Kᴇᴍᴘ ⋁ (@COLRICHARDKEMP) June 18, 2025
وكتب كيمب في تغريدة حصدت مليون مشاهدة على منصة إكس: "أحضرت إسرائيل صحفيين دوليين إلى غزة لمشاهدة المخزون الكبير من المساعدات التي فشلت الأمم المتحدة في توزيعها، بينما كانت تصرخ عن المجاعة، والآن بعد أن انكشف أمرهم، استأنفت الأمم المتحدة التوزيع".
Israel brought international journalists into Gaza to view the large stockpiles of aid that the UN failed to distribute, while screaming about famine. Now they have been exposed, UN have resumed distribution, with 270+ truckloads of aid delivered yesterday and today. pic.twitter.com/aQhRTNFosO
— Rɪᴄʜᴀʀᴅ Kᴇᴍᴘ ⋁ (@COLRICHARDKEMP) July 25, 2025
كما شارك المتحدث باسم مؤسسة غزة الإنسانية، شابين فاي، مقطعا قال فيه: "هذه ليست مشكلة في الوصول، بل مشكلة في التنفيذ، هناك طعام هنا، لكن الأمم المتحدة لا تملك القدرة على توزيعه، نحن نفعل ذلك، ولكنه ليس كافيا".
GHF’s Chapin Fay shows @UN trucks full of aid sitting idle inside Gaza, out of reach of the Palestinian people.
We've distributed over 92 million meals, but GHF was never meant to feed Gaza alone. We call on the UN and the international community to step up and help. The people… pic.twitter.com/StjqDLryZM
— Gaza Humanitarian Foundation (@GHFUpdates) July 25, 2025
دعم دولي للرواية الإسرائيليةلم تقتصر الحملة الدعائية على الحسابات المرتبطة بإسرائيل فقط، بل وجدت صداها لدى شخصيات غربية مؤثرة، من دبلوماسيين سابقين وصحفيين وكتاب، ساهموا في تعزيز السردية الإسرائيلية عبر منصات التواصل، مكرّسين خطابا يحمّل الأمم المتحدة مسؤولية المجاعة في غزة، ويبرئ الاحتلال من أي دور مباشر.
من أبرز هذه الشخصيات، السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي، الذي نشر عبر حسابه على منصة "إكس" تغريدة قال فيها: "من المهم أن يرى العالم هذا. لقد انتقدت الأمم المتحدة كلا من أميركا وإسرائيل على الطعام الذي سلمتاه فعليا لسكان غزة، بينما هي -أي الأمم المتحدة- من تسببت في تعفن كميات هائلة من الطعام. نأمل أن تكشف الصحافة الحقيقة بشأن الأمم المتحدة".
This is important for the world to see. The UN has criticized the US & Israel for the food actually delivered, but it's the UN who has had massive amounts sitting on pallets rotting! Let's hope the press will tell the truth about the UN. https://t.co/60mWAX6SGh
— Ambassador Mike Huckabee (@GovMikeHuckabee) July 24, 2025
كما ظهر العسكري البريطاني السابق أندرو فوكس، الذي يعرف نفسه كمختص في شؤون الشرق الأوسط، في عدة منشورات داعمة للرواية الإسرائيلية، بعد زيارته لمعبر كرم أبو سالم، إذ وثق ما قال إنه "تكدّس متعمد للمساعدات بسبب تقاعس المنظمات الدولية".
My experience with @GHFUpdates in Rafah.
A little thread. pic.twitter.com/YVO6NpX6E8
— Andrew Fox (@Mr_Andrew_Fox) July 28, 2025
كما نشر المذيع البريطاني جوناثان ساكيردوتي، عدة مقاطع تظهر المساعدات المتراكمة، مع تعليقات تُحمّل الأمم المتحدة مسؤولية الأزمة.
Around 950 trucks worth of food is sitting in Gaza un-distributed. The American led Gaza Humanitarian Foundation (which has had a zero rate of looting) offered to distribute it, free of charge, for the UN before the food expires. The UN refused:
“Our door remains open. We are… pic.twitter.com/7yAeCNmNwD
— Jonathan Sacerdoti (@jonsac) July 24, 2025
إعلانأما الكاتب البريطاني بات كونديل، فذهب أبعد من ذلك، متهما الأمم المتحدة بـ"التواطؤ مع حماس" في تجويع سكان غزة، وكتب في تغريدة: "الأمم المتحدة منظمة فاسدة تتعاون مع حماس وتُلقي باللوم على إسرائيل. هناك كميات هائلة من الطعام تنتظر التوزيع، لكنهم يرفضون ذلك. يجب سحب تمويل الأمم المتحدة، وعلى الرئيس ترامب أن يطردها من نيويورك".
The UN is colluding with Hamas in starving the people of Gaza and blaming Israel. There is plenty of food waiting to be distributed, but they refuse to do it.
The UN is an evil corrupt organisation which should be defunded and disbanded. Trump should kick it out of New York.
— Pat Condell (@patcondell) July 24, 2025
التحليل الشبكي: بنية رقمية تقودها إسرائيل
أجرى فريق "سند" للرصد والتحقق تحليلا شبكيا لعينة مكونة من 7 آلاف تغريدة نشرت بين 24 و26 يوليو/تموز 2025، لرصد بنية الخطاب الرقمي الذي سعى إلى تحميل الأمم المتحدة مسؤولية الأزمة الإنسانية في غزة، وتبرئة إسرائيل من تداعيات الحصار.
شملت العينة 6046 حسابا و8057 تفاعلا (ما بين إعادة تغريد وردود)، وأظهرت النتائج تبلور شبكة رقمية منسقة، تتفرع من مراكز بث مركزية قادت السردية الإسرائيلية ووجهت تدفق المحتوى نحو المجتمعات الفرعية المشاركة.
يوضح تحليل الشبكة -المنجز باستخدام أداة "جيفي" (Gephi)- أن التفاعل الرقمي تركز حول عقدتين رئيسيتين مركزيتين، هما حساب وزارة الخارجية الإسرائيلية (@IsraelMFA) الذي تصدر قائمة الحسابات الأكثر تأثيرا، وقاد المجتمع الأخضر الذي شكل نحو 27.8% من إجمالي الشبكة. وقد لعب دورا محوريا في إنتاج وإعادة تدوير الرسائل الموجهة ضد الأمم المتحدة.
والثاني هو الحساب الرسمي لإسرائيل (@Israel) الذي تموضع في صلب المجتمع البنفسجي، وهو التكتل الأكبر بنسبة 32.3%، وارتبط مباشرة بمحور نقاشي استهدف منظمة الأمم المتحدة (UN)، من خلال محتوى يحمّلها مسؤولية تعفن المساعدات وتفاقم المجاعة.
كشفت الشبكة أيضا عن تكتلات فرعية ثانوية قادها مؤثرون داعمون للحملة مثل، "إيتان فيشبرجر" (Eitan Fischberger)، و"فرج ألكسندر" (Faraj Alexandre)، و"إيال ياكوبي" (Eyal Yakoby)، إذ لعبت هذه الحسابات دورا في إعادة تدوير الرسائل الأساسية وتضخيمها ضمن مجتمعاتها الخاصة، وهذا ساهم في توسيع انتشار الخطاب وتكريسه في الفضاء الرقمي.
نفي أمميوبينما كانت السردية الإسرائيلية تتنقل من منصة إلى أخرى، محملة باتهامات صريحة للأمم المتحدة، تواصلت "سند" مع مصادر داخل عدد من وكالات الأمم المتحدة للوقوف على حقيقة ما يروج.
كان الرد واضحا: الأونروا لم يسمح لها بإدخال أي مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد.
وفي تصريح خاص لوكالة "سند"، قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين:
"بينما تتهمنا إسرائيل بالتقصير، فإنها تفرض علينا قيودا مشددة تعيق قدرتنا على إيصال الغذاء والدواء والإمدادات الصحية، رغم أننا أكبر وكالة أممية عاملة على الأرض في غزة".
وبحسب الفريق الإعلامي للوكالة، فإن نحو 6 آلاف شاحنة مساعدات تنتظر الآن في مصر والأردن للحصول على موافقة للدخول إلى غزة، مؤكدة أن صلاحية محتوياتها أوشكت على الانتهاء.
الأونروا نفت أيضا أن تكون المساعدات المتراكمة عند المعبر تابعة لها، مشيرة إلى أن سلطات الاحتلال تتحكم بشكل كامل في معابر الدخول والخروج، بل وفي التنقلات الإنسانية داخل غزة نفسها.
وأضافت: "منذ ما يزيد على 22 شهرا، يتم رفض أو عرقلة كل محاولاتنا لتنسيق الحركات الإنسانية".
إسرائيل ترسم المشهدكما يظهر تتبع البيانات الأممية، كيف حاولت إسرائيل رسم المشهد الحالي طوال فترة الحرب، عبر استهداف العاملين الإنسانيين، وسيارات المساعدات، وإجبار الشاحنات على سلوك الطريق الذي تسيطر عليه عصابات مسلحة.
وحسب المفوض العام بالأونروا، فيليب لازاريني، فقد استمرت إسرائيل في استهداف العاملين الإنسانيين، وقتلت أكثر من 300 من العاملين مع الأونروا وحدها.
#Gaza: throughout this war, one of the most dreadful updates I regularly receive is the death toll on @UNRWA staff.
Today, that death toll has surpassed the gruesome milestone of 300.
The vast majority of staff were killed by the Israeli Army with their children & loved ones:…
— Philippe Lazzarini (@UNLazzarini) May 18, 2025
وفي تطور خطير يعكس حجم الكارثة، حذرت وكالات الأمم المتحدة أمس الثلاثاء من أن غزة لم تعد فقط على شفا المجاعة، بل تخطت عتبتها بالفعل، بعد أن وصلت مؤشرات استهلاك الغذاء والتغذية إلى أسوأ مستوياتها منذ اندلاع الحرب.
إعلانكما وجه توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، نداء عبر منصة "إكس"، وقال: "لدينا خطة، ولدينا الغذاء، ولدينا فرق العمل. كل ما نطلبه أن يُسمح لنا بالدخول. العالم كله يطالب بذلك، فدعونا فقط نؤدي عملنا".
According to the latest Integrated Food Security Phase Classification (IPC) Alert, 2 out of the 3 famine thresholds have now been breached in parts of #Gaza.
????Food consumption has plummeted.
????Acute malnutrition has risen, with malnutrition levels among children under five… pic.twitter.com/0DwV0UuwiD
— World Food Programme (@WFP) July 29, 2025
Another alarm call. We need to get masses of food in, through all crossings, urgently. We have a plan, and the world is demanding we be allowed to do our work. https://t.co/QL86oYy8Ko
— Tom Fletcher (@UNReliefChief) July 29, 2025