حرب غزة.. وغاز المتوسط
باندلاع حرب غزة، حدثت تطورات خطيرة تهدد بتوسع الحرب لتشمل المنطقة بكاملها، خصوصاً بعد حشد كبير للأساطيل البحرية الأميركية والأوروبية.
مع تطورات حرب غزة، عاد الحديث لبنانيًا عن تنفيذ تهديد سابق بضرورة وقف العمل في حقل «كاريش» الإسرائيلي، مقابل وقف الحفر بحقل «قانا» اللبناني.
مصادر مواكبة لأعمال الحفر شككت بذرائع «هاليبرتون» الأميركية، مؤكدةً أن «هناك مَن يستخدم التنقيب عن النفط أداةً لابتزاز لبنان حاليا نتيجة تطور أحداث حرب غزة».
تلقت شركة «توتال» صدمة من «هاليبرتون» الأميركية بإعلانها وقف الحفر في بلوك رقم 9 بحقل «قانا» المحتمل (جنوب لبنان)، لانعدام كميات تجارية في البئر، وتفكيك منصة الحفر.
* * *
لم يتفاجأ المراقبون الذين يتابعون الموقف الأميركي منذ توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في أكتوبر 2022، والتي جعلت من واشنطن «وصيا مطلقا» على تنفيذها ومسيطرا على استثمار الغاز، بـ«الصدمة» التي أحدثتها شركة «هاليبرتون» الأميركية المتعهدة لدى شركة «توتال» بالحفر في البلوك رقم 9 في مكمن «قانا» المحتمل (جنوب لبنان)، بإعلانها وقف الحفر، لعدم وجود كميات تجارية في البئر، وبأنها ستفكك منصة الحفر وتنقلها إلى قبرص.
وهذا مع العلم بأن الرخصة الرسمية تعطي «توتال» الحق بالحفر في موقع آخر بموجب قرار صادر عن وزارة الطاقة اللبنانية في سبتمبر الماضي لأسباب فنية، ولتجنب الصخور التي اصطدمت بها الحفارة في الموقع الأول.
لكن مصادر مواكبة لأعمال الحفر شككت في ذرائع الشركة الأميركية، مؤكدةً أن «هناك مَن يريد أن يستخدم التنقيب عن النفط أداةً لابتزاز لبنان في الظروف الحالية نتيجة تطور أحداث الحرب بين غزة وإسرائيل».
وربط المراقبون بين قرار وقف الحفر والموقف الأميركي الذي سبق أن أعلنه الوسيط أموس هوكشتاين في زيارته الأخيرة للبنان بدعوة الأطراف السياسية إلى الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة قوية وكاملة الصلاحيات، تستطيع أن تؤمن الاستقرار السياسي والأمني، وأجواء جاذبة للاستثمار، ومشجعة للشركات الأميركية والعالمية، لتقديم عروضها للاشتراك في جولة التراخيص الثانية للتنقيب عن النفط والغاز، وأن تدير دولةً تحظى بثقة المجتمعين العربي والدولي.
ورغم ذلك بقي التفاؤل مسيطراً، لا سيما لدى الحكومة اللبنانية التي كانت تنتظر بفارغ الصبر تحقيق حلم تحوّل لبنان إلى بلد نفطي، ليحل كل مشاكله المالية والاقتصادية والاجتماعية.
ولتأكيد تفاؤله، تَقدم التحالف القائم بقيادة الشركة الفرنسية، والذي يضم شركتي «إيني» الإيطالية و«قطر للطاقة»، بطلب رسمي للمشاركة في جولة التراخيص الثانية، لاستثمار البلوكين 8 و9.
وبرز التفاؤل بشكل كبير لدى وزير الطاقة وليد فياض الذي أعلن قبل أيام من «صدمة توتال» بأن لبنان يشهد المرحلة الأخيرة في عملية الاستكشاف الحالية «وسندخل في تماس مع طبقات المكمن المحتمل، ونتوقع وجود صخور هيدروكاربونية ذات اعتبار، ننتقل بعدها إلى مرحلة الاستخراج التجريبي، بناءً على النتائج الأولية المتوقع صدورها أواخر أكتوبر الحالي».
ثم استدرك الوزير قائلاً: «في حال سارت الأمور من دون أي معوقات تقنية تتصل بواقع الأرض وطبيعة الطبقات الجوفية، نكون قد خطونا خطوة جبارة باتجاه حل أزماتنا الاقتصادية والاجتماعية».
لكن مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وغزة، حدثت تطورات خطيرة تهدد بتوسع الحرب لتشمل المنطقة بكاملها، خصوصاً بعد حشد كبير للأساطيل البحرية الأميركية والأوروبية.
وهو ما اضطر وزارة الطاقة الإسرائيلية إلى تعليق الإنتاج في حقل غاز «تمار» الذي يقع في البحر المتوسط قرب مدينة عسقلان، وتستثمره شركة «شيفرون» الأميركية التي أوقفت التصدير عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط (إي.إم.جي) مع مصر.
وكانت تدرس إقامة منشأة عائمة لمعالجة الغاز الطبيعي المسال، على أمل أن يفتح هذا الاستثمار الطريقَ أمام شركات الطاقة الدولية الكبرى للاستثمار. لكن بسبب القتال العنيف الدائر هناك، وهروب بعض الشركات الاستثمارية، فهي تتخوف من إبطاء وتيرة الاستثمار في حقول الغاز في المنطقة، الأمر الذي يعرقل تحقيق طموح إسرائيل بأن تصبح مركزاً لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا والعالم.
والأخطر من ذلك أنه في خضم تطور الأحداث الحربية، عاد الحديث في بيروت عن تنفيذ تهديد سابق بضرورة وقف العمل في حقل «كاريش» الإسرائيلي، مقابل وقف الحفر في حقل «قانا» اللبناني.
*عدنان كريمة كاتب لبناني متخصص في القضايا الاقتصادية
المصدر | الاتحادالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: لبنان إسرائيل حرب غزة غاز المتوسط حقل قانا شركة توتال وقف الحفر جنوب لبنان الحفر فی حرب غزة فی حقل
إقرأ أيضاً:
وزير الزراعة ومحافظ ذمار يدشّنان إنشاء خزانات حصاد مياه الأمطار لتغذية حوض ذمار
دشّن وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية الدكتور رضوان الرباعي، ومحافظ ذمار محمد البخيتي، ورئيس الهيئة العامة للموارد والمنشآت المائية، المهندس هادي قريعة، اليوم، مشروع إنشاء ثلاثة خزانات استراتيجية لحصاد مياه الأمطار والسيول، وذلك ضمن جهود تغذية حوض ذمار المائي.
وفي التدشين، بحضور عضو مجلس الشورى عبده العلوي، ووكيل المحافظة لقطاع التنمية علي عاطف، أكد الوزير الرباعي أن تدشين خزانات حصاد مياه الأمطار يأتي في إطار الجهود الرامية لتعويض أحواض المياه الجوفية وتأمين مصادر مياه مستدامة لخدمة النشاط الزراعي.
وأوضح أن هذا المشروع يُنفّذ بالشراكة مع السلطة المحلية والهيئة العامة للموارد والمنشآت المائية، وبمساهمة فاعلة من المجتمع المحلي.
وأشار الوزير الرباعي إلى أن هذا المشروع يُمثّل بارقة أمل لتعويض المخزون المائي الذي يتعرض للاستنزاف الجائر، والاستفادة من مياه الأمطار، لافتًا إلى أن تنفيذ هذه المشاريع يأتي ترجمة لتوجيهات قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي الأعلى، ووفقًا لبرنامج حكومة التغيير والبناء في الحد من استنزاف المياه الجوفية.
ونوه إلى أن الحفاظ على المياه مسؤولية مجتمعية تتطلب تضافر جهود كافة فئات المجتمع، مشيرًا إلى أن الحفاظ على المياه الجوفية يُعد حفاظًا على مستقبل الأجيال القادمة وتوفير احتياجاتها من المياه.
وأكد وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية أن الوزارة، بالتعاون مع هيئة الموارد والمنشآت المائية، ستواصل دعم مثل هذه المشاريع بكل الإمكانات المتاحة.
وثمّن جهود قيادة السلطة المحلية في ذمار، التي تُعد أول محافظة توقف الحفر العشوائي للآبار بشكل تام، داعيًا بقية المحافظات إلى الاستفادة من تجربة ذمار في هذا الجانب.
وذكر الوزير الرباعي أن للوزارة رؤية قيد الإعداد تهدف إلى ربط تراخيص الحفر الجديدة للآبار أو تعميقها بشرط تنفيذ تغذية للمياه الجوفية، الأمر الذي سيسهم في رفع منسوب المياه وتعزيز الأمن المائي الذي يُعد أساس الأمن الغذائي.
فيما أوضح محافظ ذمار أن المحافظة بدأت بتنفيذ خطة متكاملة لحماية المياه الجوفية وترشيد استخدامها، مؤكدا أن السلطة المحلية اتخذت قرارات ملزمة تمنع الحفر العشوائي للآبار لأغراض غير إنتاج الغذاء، وأن التوجه القادم يشمل فرض رسوم تنظيمية وتشجيع الزراعة بالتقنيات الحديثة.
وأفاد بأن هذه الجهود تأتي في إطار الحفاظ على الموارد المائية ومواجهة التحديات البيئية التي تهدد الأمن الغذائي والمائي، مشيدًا بدور هيئة الموارد والمنشآت المائية والوزارة في دعم هذه الجهود.
بدوره، أوضح رئيس هيئة الموارد والمنشآت المائية، أن المشروع يشمل ثلاثة خزانات بسعة إجمالية تصل إلى 185 ألف متر مكعب في كل من منطقتي تفاضل بمديرية جهران، ومنطقة سامة بمديرية عنس، بقيمة تصل إلى 165 مليون ريال ، لافتًا إلى أن الخطة المستقبلية للهيئة تركز على إنشاء 70 خزانًا لحصاد مياه الأمطار في مناطق أخرى بهدف تغذية حوض ذمار المائي.
من جهته استعرض مدير فرع الهيئة بذمار، المهندس هيثم الأشرم، الجهود المبذولة لمنع أعمال الحفر العشوائي، ومنح التراخيص فقط للآبار المستخدمة في الزراعة الغذائية.
وخلال الافتتاح، بحضور مستشاري هيئة الموارد الدكتور عامر الصبري، وفرع الهيئة بذمار الدكتور نبيل العريق، ومديري مديرية عنس أحمد المصقري، والزراعة الدكتور عادل عمر، والأشغال المهندس معاذ الشوكاني، وفرع الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني عبدالغني الديلمي، ومنسق المنطقة الوسطى بمؤسسة بناء للتنمية عبده الهارب، كرّم وزير الزراعة محافظ ذمار، تقديرًا لجهوده في حماية الموارد المائية، وإيقاف الحفر العشوائي في المحافظة.