الاحتلال يطمس الحقائق ويسكت الشهود بقطع الإنترنت عن غزة
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
يمثل قطع الكهرباء والاتصالات عن قطاع غزة، معضلة جديدة للصحفيين، بعد قيام الاحتلال بتدمير مكاتب عملهم، واستهدافهم وعائلاتهم، لمنعهم من نقل صورة المجازر التي يرتكبتها بحق الفلسطينيين.
وأعلنت نقابة الصحفيين الفلسطينيين عن انقطاع الاتصال مع أكثر من ألف صحفي في غزة منذ ليلة الجمعة، مطالبة المؤسسات الدولية والاتحاد الدولي للصحفيين باتخاذ مواقف قوية وحازمة لإنقاذ حياة الصحفيين في غزة.
كيف يحصل الصحفيون في قطاع غزة على الانترنت؟
ونشر الصحفي حسن اصليح من غزة مقطعا مصورا، يوثق فيه التحديات التي تواجهه إلى جانب عدد من زملائه في استئناف عملهم وتغطية الأحداث الجارية في القطاع، حيث تجمع عدد منهم فوق أسطح المنازل المرتفعة في محاولة لالتقاط إشارة إنترنت لنقل الحدث.
ولم يتمكن أحدهم من تحميل و إرسال المواد الصحفية للمؤسسة التي يعمل بها، وكانت قد فقدت عشرات المؤسسات التواصل مع صحفييها نتيجة الانقطاع التام للإنترنت.
شاهد الحصول على انترنت في غزة pic.twitter.com/9tnzLcNuEn — حسن اصليح | Hassan (@hassaneslayeh) October 28, 2023
وتداول ناشطون وصحفيون فيديو يظهر مجموعة من الصحفيين في غزة يتنقلون عبر عربة للوصول للمكان المقصود في الوقت الذي تعرقل فيه إسرائيل عملهم وقدرتهم على الوصول لأماكن الحدث.
مجموعة من الصحفيين في #غزة يتنقلون عبر عربة يجرها حمار وصولا للمكان المقصود في الوقت الذي تشل فيه "إسرائيل" حياة الناس pic.twitter.com/twLUMKzc6e — Yasser (@Yasser_Gaza) October 28, 2023
لما قطع الأحتلال الانترنت عن الصحفيين ؟
وقال الصحفي الفلسطيني أحمد الحلايقة إن الاحتلال يسعى لإخفاء ما يحدث في قطاع غزة بحق المدنيين ويسعى لتضليل الإعلام، وقطع الإنترنت لكي لا تتمكن الطواقم الصحفية والمواطنين من إيصال الحقيقة ورصد انتهاكاته.
وأضاف أن: "انقطاع الانترنت جاء بالتزامن مع أشرس قصف شهده قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، وهذه يدل على نية مبيته للاحتلال بإخفاء حقيقة ما يجري في قطاع غزة، ولأن الإعلام يلعب دورا أساسيا في نقل الصورة".
وأكد أن انقطاع الأنترنت والاتصالات لا يؤثر على الصحفيين الذين توقف عملهم بنسبة 90 بالمئة، وإنما ويؤثر على جميع مناحي الحياة، والجهات الطبية في المقدمة، لأنها تعتمد بشكل رئيس على الإنترنت في تلقي النداءات من المواطنين المصابين نتيجة القصف.
وأشار إلى أن الاحتلال لا يريد أن يظهر للعالم حجم الدمار، بعد أن استطاع عشرات الصحفيين الفلسطينيين من إيصاله بشكل دقيق، أما اليوم فصورة المجازر وجرائم الاحتلال يجري حجبها بفعل قطع الاتصالات.
الصحفي وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين خالد القضاة، قال لـ" عربي21" إن إسرائيل تتعمد قطع كل الوسائل على الصحفيين لتعيق مهمتهم في إيصال الحقيقة، لكنها وجدت أن ما فعلته من استهداف مباشر للصحفيين، لم يكن كافيا، بعد أن تمكن المواطن العادي من إيصال الصورة عبر مواقع التواصل، لذلك قطع كل السبل.
وأضاف أن ما فعله الاحتلال هو طمس للحقائق وإسكات للشهود، خاصة أن الفضائع والجرائم كونت رأيا عاما أدى لتشقق التحالف الذي كان يناصره، ومن الممكن أن يدينه لاحقا أمام المحاكم الدولية.
الباحث في شؤون الاتصال الصحفي حسين الصرايرة قال لـ"عربي21" إن عالم الاتصال اليوم ينظر إليه ليس على أنه أداة وإنما كمورد مثل الماء والكهرباء والحرمان منه يعني حرماناً من سلسلة حقوق أساسية أهمها الحق في الاتصال والمعرفة كحقين متلازمين في العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية في المادتين 19 و20 وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والشرعة الدولية.
وأضاف الصرايرة، أن الاتصال والإنترنت بصورة أساسية ضمانة لمنع الانتهاكات الواردة في القانون الدولي الإنساني وهذا ما يعتبر من القواعد الفقهية المحصنة للإطار القانوني، فبمجرد وقوع حجب لخدمة الانترنت يعني أن هناك انتهاكا يحدث في مكان ما، وإن لم يكن للاحتلال دور مباشر، فقطع الانترنت والاتصالات عن قطاع غزة يعني عدم قدرة المرضى من الاتصال بالاسعاف ولنفرض أنهم لم يمسهم القصف، كيف ستصلهم الخدمات الطبية؟.
وشدد على أن هذا يؤكد أن الاحتلال هدفه ليس القضاء على حماس كخصم سياسي أو عسكري، والهدف هو إبادة الفلسطينيين الغزيين لأن الاحتلال يدرك أن قطع الاتصالات يعني موتا بطيئا لهم، وإبادة جماعية أو تهجيرا قسريا وهذه انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، لأن المقاومة لا تستخدم الإنترنت، وإسرائيل تعلم بذلك، فإذا المستهدف هم المدنيين.
وأصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أ قرارا عام 2016 يدين بشكل لا لبس فيه التدابير الرامية إلى المنع المتعمد أو عرقلة نشر المعلومات والوصول إليها على شبكات الإنترنت، مما يعتبر انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، داعيا جميع الدول إلى وقف أي تدابير من هذا النوع والامتناع عنها.
ويرى الصرايرة أن قطع الانترنت يشكل انتهاكاً لقانون حقوق الإنسان وإن لم يرد نصاً وصراحة في القانون الدولي الإنساني إلا أن مبدأ الاتصال أساسي في الحماية من انتهاك الحقوق ويشكل الإنترنت وسيلة الاتصال الوحيدة في هذه الحالة.
و يعتبر القانون الدولي انقطاع الإنترنت عن المدنيين في مناطق النزاع أمرًا غير مقبول. الإنترنت هو وسيلة حيوية للتواصل والوصول إلى المعلومات، ويجب أن يُتاح للمدنيين الوصول إليها دون قيود غير مبررة.
كما ويعتبر الصحفيون مدنيين ويجب أن تحترم حقوقهم في التواصل ونقل الأخبار. وانقطاع الإنترنت عنهم يعيق قدرتهم على أداء واجبهم المهني بكفاءة ويشكل انتهاكًا لحرية الصحافة وحق المعلومات.
وأعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي أنها لا تستطيع ضمان سلامة الصحفيين في غزة، ويعلق الصرايرة على ذلك أن حماية حياة الصحفيين ضمانة تقع على عاتق الاحتلال، إذ يجب عدم استهدافهم بشكل مباشر وضمان سلامتهم خلال تغطيتهم للأحداث، ويتوجب على الأطراف المتحاربة احترام حرية الصحافة وعدم فرض قيود غير مبررة على تغطية الأحداث.
ووفق اتفاقية جنيف الثالثة المادة الرابعة، إلى جانب المادة 79 من البروتوكول الأول لها، خصوصاً وإن الصحفيين يتمتعون بالحماية العامة الممنوحة للمدنيين بصورة أساسية وفقًا لاتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 والبرتوكولين الإضافيين الملحقين بها لعام 1977، وتمثل هذه الاتفاقيات أفضل وسيلة عمومية لحماية الصحفيين الذين يعملون في مناطق الخطر، و بموجب نظام المحكمة الجنائية الدولية نظام روما الأساسي لسنة 1998 فإن استهداف الصحافيين يعد جريمة حرب.
وتنص قواعد الحرب على ضرورة احترام حقوق الإنسان والقوانين الإنسانية أثناء النزاعات المسلحة و منع استهداف المدنيين والممتلكات المدنية بدون تمييز و حماية المرافق الإنسانية والممتلكات الثقافية والدينية و تقديم العناية الإنسانية للجرحى والمرضى ومنع استخدام الأسرى كرهائن وضمان معاملتهم بإنسانية.
دفع 34 صحفيا فلسطينيا حياتهم ثمنا لنقل الصورة في غزة وهم على الخطوط الأولى في الحرب، وخسر آخرون عائلاتهم وفق استهداف مباشر، أما من بقي منهم اليوم وبعد انقطاع الإنترنت فقدوا موردا أساسيا ويشكل وسيلة وحيدة لنقل جرائم الاحتلال الممنهجة ضد المدنيين والصحفيين في قطاع غزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الاحتلال الصحفيين غزة الاحتلال الصحفيين عدوان سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حقوق الإنسان الصحفیین فی فی قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
تصاعد التنديد الدولي بعد اعتراض الاحتلال سفينة مادلين الإنسانية
توالت ردود الأفعال الدولية الغاضبة، عقب قيام بحرية الاحتلال الإسرائيلي، فجر الاثنين، باعتراض سفينة الإغاثة الإنسانية "مادلين" في المياه الدولية أثناء توجهها نحو قطاع غزة المحاصر، ما أثار موجة إدانات رسمية وحقوقية واتهامات بانتهاك القانون الدولي.
مدريد تستدعي القائم بالأعمال الإسرائيلي
وفي أول رد أوروبي رسمي، استدعت وزارة الخارجية الإسبانية القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد، دان بوراز، احتجاجاً على اعتراض السفينة.
The Government of Spain strongly condemns the assassination attempt against the Colombian senator and presidential pre-candidate Miguel Uribe.
????https://t.co/nzghRxvdZy pic.twitter.com/TRP6mNR061 — Spain MFA (@SpainMFA) June 8, 2025
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن الاستدعاء جاء على خلفية "الاعتداء على سفينة مساعدات مدنية كانت متجهة إلى غزة".
ولم يصدر أي رد رسمي إسرائيلي على الخطوة الإسبانية حتى لحظة إعداد التقرير.
برلين وباريس تطالبان بإطلاق سراح مواطنيهما
من جهته، أعلن السفير الألماني في تل أبيب، ستيفن سيبرت، في منشور على منصة "إكس"، أن حكومته على تواصل مع السلطات الإسرائيلية بشأن مصير الركاب، مشيراً إلى أنه "تم التأكد من سلامة المواطنين، وطُلب منهم مغادرة البلاد"، مضيفاً أن بلاده عرضت المساعدة القنصلية لمواطن ألماني كان على متن السفينة.
We are in touch with the Israeli authorities about the “Madleen“. All passengers are brought to Israel by the Navy who assure us that they are all unharmed. They have been ordered to leave the country. We have offered consular assistance for one German citizen. — Steffen Seibert (@GerAmbTLV) June 9, 2025
أما فرنسا، فقد دعت عبر وزارة خارجيتها إلى "توفير الحماية القنصلية" لمواطنيها الستة الذين كانوا ضمن طاقم السفينة، مطالبة الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق سراحهم فوراً.
كما أصدر قصر الإليزيه بياناً شدد فيه الرئيس إيمانويل ماكرون على ضرورة إعادة الفرنسيين المحتجزين، رغم أن الحكومة كانت قد حذّرتهم مسبقاً من المشاركة في الرحلة.
تركيا وقبرص تدينان بشدة
وفي أنقرة، وصف نائب الرئيس التركي جودت يلماز هجوم الاحتلال الإسرائيلي بـ"جريمة جديدة تضاف إلى سجل حكومة نتنياهو"، مضيفاً أن ما جرى "يستدعي رداً حازماً من المجتمع الدولي".
وأكد استمرار تركيا في دعم الشعب الفلسطيني، قائلاً: "الشعب الفلسطيني وقيمه الإنسانية سينتصران، أما سياسات القمع والإبادة فمصيرها الفشل".
كذلك، أدان رئيس جمهورية شمال قبرص التركية أرسين تتار الهجوم واعتبره "عملاً إرهابياً وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان". وأعرب عن أمله في الإفراج العاجل عن طاقم السفينة.
İsrail’in uluslararası sularda “Madleen” adlı gemiye dönük müdahalesini lanetliyoruz.
İnsani değerleri ve hukuku yok sayan, insani yardımları engelleyerek suçlarına yeni suçlar ekleyen Netanyahu yönetimi, uluslararası toplumdan gerekli karşılığı görmelidir.
Bir an önce… — Cevdet Yılmaz (@_cevdetyilmaz) June 9, 2025
فيما وصف رئيس برلمان قبرص التركية، ضياء أوزتوركلر، ما جرى بأنه "اعتداء سافر على القيم الإنسانية وخروج على القانون الدولي".
أيرلندا: المساعدات ليست رهناً بمبادرات مدنية
وفي موقف لافت، شددت نائبة رئيس الوزراء الأيرلندية على أن اعتراض السفينة "مادلين" يبرز الحاجة الملحة لإنهاء الحصار على قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات دون عوائق. وأكدت أن "ما حصل يعكس تقاعس العالم عن تحمل مسؤوليته"، مشيرة إلى أن الجوع في غزة "وصمة عار في جبين المجتمع الدولي".
My statement on the #Madleen.
The question we should be asking today is not the merits or otherwise of a flotilla but how the world is shamefully turning a blind eye to children starving in Gaza and to a humanitarian catastrophe pic.twitter.com/50LGCBqGO7 — Simon Harris TD (@SimonHarrisTD) June 9, 2025
ترحيل الناشطين إلى بلدانهم
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، فجر الاثنين، نيتها ترحيل 12 ناشطاً دولياً كانوا على متن "مادلين"، بعد اعتراضها ونقلها إلى ميناء أسدود جنوب البلاد.
وذكرت هيئة البث العبرية الرسمية أنه جرى احتجاز السفينة وطاقمها ونقلهم إلى سجن "جفعون" في مدينة الرملة، مع تجهيز زنازين منفصلة لهم.
وأصدر وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير تعليمات بمنع دخول وسائل الإعلام والاتصال إلى أماكن احتجازهم، في خطوة اعتبرها حقوقيون "انتهاكاً صارخاً لحقوق المعتقلين".
في السياق ذاته، وجه مركز "عدالة" الحقوقي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة رسالة عاجلة إلى السلطات، طالب فيها بالكشف عن أماكن احتجاز الناشطين، معتبراً أن اعتراض السفينة في المياه الدولية يشكل "خرقاً فاضحاً للقانون الدولي".
طائرات وزوارق وعنف مفرط
وكانت سفينة "مادلين"، التي كانت تقل 12 ناشطاً من جنسيات أوروبية مختلفة، من بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام، قد تعرضت لهجوم من البحرية الإسرائيلية في المياه الدولية.
وتضمنت العملية تحليق طائرات مسيرة وإلقاء مواد بيضاء غير معروفة على ظهر السفينة، بالتوازي مع محاصرتها بزوارق سريعة.
وقبل الاقتحام، بث المتضامنون تسجيلاً مباشراً أظهر جنود جيش الاحتلال وهم يطالبون الركاب برفع أيديهم، قبل أن تنقطع الإشارة بفعل التشويش.
مادلين ليست الأولى
يُشار إلى أن "مادلين" ليست أول سفينة تتعرض لاعتراض من البحرية الإسرائيلية، إذ سبقتها سفينة "الضمير" التابعة للجنة الدولية لكسر الحصار، التي تعرضت لهجوم بطائرة مسيرة في الثاني من أيار/مايو الماضي، ما أدى إلى ثقب في هيكلها واشتعال النيران في مقدمتها.
ويأتي هذا الحادث في سياق حرب إسرائيلية متواصلة ضد قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي وصفتها منظمات حقوقية وأممية بـ"الإبادة الجماعية"، حيث أسفرت حتى الآن عن أكثر من 181 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين.
وقد تسببت المجاعة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي في وفاة العديد من الأطفال، وسط دمار واسع طال كل مقومات الحياة.
ورغم أوامر محكمة العدل الدولية بوقف الانتهاكات، يواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياته بدعم مباشر من الولايات المتحدة، في وقت تتصاعد فيه الدعوات الدولية لرفع الحصار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط.