سياسة القبضة الحديدية.. ماذا يخشى الاحتلال في القدس؟
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
القدس المحتلة- مع ساعات فجر الأربعاء، نفذ الاحتلال الإسرائيلي حملة تفتيش لمنازل الفلسطينيين في القدس استهدفت الأسرى والأسرى المحررين، ودُوهم خلالها 18 منزلا لأسرى وأسرى سابقين.
ووفقا لبيان شرطة الاحتلال فإن نحو 100 من أفرادها السريين وجنود حرس الحدود وعناصر من جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) ومندوبين عن وزارة الجيش داهموا هذه المنازل وضبطوا 214 ألف شيكل (نحو 52 ألف دولار) بالإضافة لمبالغ أقل من عملتي الدولار الأميركي والدينار الأردني، كما ضبطوا مصاغا ذهبيا وصادروا 13 مركبة بقيمة مئات آلاف الشواكل.
بالإضافة لذلك، صودرت أموال من الحسابات المصرفية لهؤلاء الأشخاص، وأكدت شرطة الاحتلال أنه سيتم مصادرة المزيد من الأموال والممتلكات من هؤلاء الأسرى.
وتأتي هذه الحملة ضمن عمليات مداهمة وتفتيش يومية منذ اندلاع الحرب على غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واستكمالا لحملة بدأت في فبراير/شباط الماضي بعد أن أعلن وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت قرار فرض عقوبات مالية على 87 أسيرا مقدسيا وعائلاتهم بذريعة "تلقيهم مخصصات من السلطة الفلسطينية".
ويتقاضى الأسرى والأسرى المحررون رواتب شهرية من السلطة الوطنية في رام الله لإعالة أسرهم وأطفالهم، وتعتبر إسرائيل ذلك مكافأة مقابل "عمل إرهابي" وفق تعبيرها.
#فيديو
اقتحام منزل الأسير #المقدسي المحرر أنس أبو ميالة وتفتيشه.. تدمير وتكسير وتخريب المحتويات وتمزيق المصحف ومصادرة مبلغ مالي pic.twitter.com/W4zC3kd2gz
— Silwanic (@Silwanic1) November 1, 2023
يد من حديدوحول اتباع سياسة التخريب والترهيب خلال مداهمة منازل المقدسيين مؤخرا، تحدث الكاتب والمحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات للجزيرة نت عن الأسباب والخلفيات والأهداف قائلا "الاستهداف غير المسبوق للمقدسيين وممتلكاتهم جاء بُعيد انطلاق معركة طوفان الأقصى".
وأضاف عبيدات أن تدخل الاحتلال لم يقتصر على المداهمة والاعتقال والتفتيش، بل تعدى ذلك إلى استهداف منازل نشطاء وأسرى محررين بالبلدة القديمة عبر اقتحامها وأخذ قياساتها تمهيدا لهدمها أو فرض مخالفات على أصحابها.
وبعد أيام من انطلاق الحرب، تركزت حملات اعتقال المقدسيين على خلفية تعبيرهم عن آرائهم بالمنصات الاجتماعية، واليوم تدخل الحملة مرحلة أخرى باستهداف الأسرى والمحررين وعائلاتهم حتى وصل عدد من اعتقلوا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى 350 مقدسيا ومقدسية، وفقا للمحلل ذاته.
وحول الهدف من سياسة القبضة الحديدية المتبعة حاليا في القدس، أكد الكاتب المقدسي أنها تريد إيصال رسالة لكل فلسطيني يعيش في المدينة المقدسة مفادها أن أي تحرك أو تضامن مع غزة سيكون مصيره السجن أو الطرد من القدس.
وأضاف عبيدات "تصاعد هذه الهجمة يأتي خوفا من انفجار الأوضاع بشكل أوسع في المدينة، وفتح جبهة جديدة بالإضافة للجبهات المفتوحة والمشتعلة".
تغطية صحفية: الاحتلال يجبر المقدسيين حمزة وداود فؤاد بكيرات على هدم منزليهما في بلدة صور باهر جنوب شرق القدس pic.twitter.com/W7US3mZsaP
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) October 28, 2023
تسخين أكثربدوره، قال مدير مركز القدس للدراسات المستقبلية أحمد رفيق عوض إن ما تقوم به إسرائيل في الضفة والقدس المحتلتين كفيل بتحويل هذه الجبهة من ساخنة إلى أسخن، لأنها استبقت الأمور وبادرت لحملة اعتقالات غير مسبوقة، وقتل عشوائي واقتحامات وأطلقت المستوطنين في الشوارع لمضايقة الفلسطينيين وإخافتهم ومنعهم من التحرك، وذهبت لإغلاق الطرق ومنعت الصلوات في الأقصى.
وفي القدس، يرى عوض أن ذهاب الاحتلال لمصادرة أموال الأسرى والأسرى المحررين، والتضييق عليهم، يأتي لكونها "تتعامل مع المدينة من منطلق أنها تحت سيادتها، وبالتالي فإن العقوبات مشددة من أجل تحقيق السيطرة والإخضاع ومنع تكون حركات ذات طابع قومي ووطني، لأنها ترى أن القمع يوصلها للأمن والأمان والاستقرار".
وعما إذا كانت القبضة الحديدية في القدس ستحقق الأمن والاستقرار فعلا، أجاب عوض أن مشكلة أي محتل -وليس إسرائيل فقط- اعتقاده أنه يستطيع بقوته قطف الآمال والأحلام القومية والدينية، لكنه في الحقيقة يفشل في مقاومة الأفكار.
وأضاف المتحدث نفسه أن الاحتلال إذا قتل المقاوم فلن يستطيع قتل فكرة المقاومة، والمطالب الشعبية لا تنتهي بقتل قائد أو حركة بل سيبقى الشعب الفلسطيني يطالب بحقوقه دائما، وهذا ما نراه منذ عام 1948 من عدم قدرة إسرائيل على تجاوز الفلسطينيين ومقاومتهم ومطالبهم رغم أنها سجلت نجاحات هنا وهناك.
هكذا وثقت شرطة الاحتلال اقتحام قوات "اليمار" منازل أكثر من 25 أسيرا وأسيرا مقدسيا محررا فجر اليوم، ومصادرة أموالهم ومركباتهم ومصاغ نسائهم الذهبي وتغريمهم بمبالغ كبيرة.#القدس_البوصلة pic.twitter.com/JdlK0h46fQ
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) November 1, 2023
عقاب جماعيووفق عبيدات تندرج مداهمات الاحتلال تحت مظلة العقاب الجماعي للمقدسيين، لأنها لا تقتصر على اعتقال الشخص المطلوب، بل تتعدى ذلك لتحطيم الأثاث ومحتويات المنزل وحتى تكسير الجدران.
ووفق شهادات وصلت الجزيرة نت، تروع إجراءات الاحتلال السكان الآمنين في منازلهم، وتنشر حالة من الخوف والذعر، وتضاف إلى سلسلة عقوبات جماعية أخرى سُجلت منذ انطلاق الحرب على غزة وأبرزها: تقييد حركة المقدسيين، شلّ الاقتصاد والحركة التجارية بأسواق القدس، منع المقدسيين من الوصول إلى البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وتصاعد وتيرة هدم المنازل بالجرافات، أو إجبار أصحابها على هدمها بأيديهم.
وتحظر المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة بشكل صارم فرض العقوبات الجماعية وإجراءات التخويف ضد الأشخاص المحميين وممتلكاتهم لقاء "جريمة لم يقوموا بارتكابها بشكل شخصي".
وفي فبراير/شباط الماضي، استهدفت حملة على الحسابات البنكية ومصادرة الأموال 160 مقدسيا بينهم 24 أسيرا يقبعون خلف القضبان، و55 أسيرا محررا و81 من أفراد عائلات الأسرى.
وفي يونيو/حزيران الماضي، طالت حملة المداهمة 16 منزلا صودر منها مصاغ ذهبي ومبالغ مالية، وتطل اليوم من جديد لتشمل أسرى وأسرى محررين آخرين وعائلاتهم في ظل حالة الحرب التي تشهد فيها القدس وسكانها إجراءات استثنائية يقولون إنهم لم يعيشوها منذ احتلال شرقي المدينة المقدسة عام 1967.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
مركز: الاحتلال قتل 85 أسيراً منذ بدء حرب الإبادة على غزة
رام الله - صفا
قال مركز فلسطين لدراسات الأسرى، إن الاحتلال الإسرائيلي قتل 85 أسيرًا معلومة هوياتهم منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر للعام 2023.
وأضاف المركز الحقوقي، في بيان، الأربعاء، أن الاحتلال يواصل قتل الأسرى العُزَّل في سجونه بشكل متسارع ودون رادع، تحت سمع وبصر المجتمع الدولي "الظالم"، مشيرًا إلى أن المؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية لا تتدخل للحد من عمليات القتل المستمرة للأسرى بدم بارد خارج إطار القانون .
وأوضح مدير المركز الباحث رياض الأشقر، أن الاحتلال قتل هؤلاء الأسرى بعدة وسائل، أبرزها: التعذيب والإهمال الطبي المتعمد، حيث كان آخرهم الأسير الشاب عبد الرحمن سفيان السباتين (21 عاماً) من بيت لحم جنوب الضفة، بعد 6 شهور على اعتقاله.
وأشار إلى أن الأسير السباتين، استشهد نتيجة ظروف الاعتقال القاسية والإهمال الطبي، حيث أصيب قبل عام من اعتقاله إصابة خطرة برصاص الاحتلال في البطن، ورغم أنه تعافى من الإصابة، إلا أن ظروف السجن المأساوية والتعذيب أدت لتراجع حالته بشكل كبير وارتقى شهيداً.
وأكد أن الاحتلال أمَّعن بشكل خطير منذ بدء الحرب في قتل الأسرى الفلسطينيين داخل سجونه بعدة وسائل أبرزها التعذيب والإهمال الطبي والتجويع والضرب وجرائم الاغتصاب.
وكشف الأشقر أن محققي الاحتلال يستخدمون وسائل تعذيب مميته بحق الأسرى، أبرزها معسكر اعتقال "سيديه تيمان"، وأقسام خاصة بأسرى غزة فى سجني عوفر والنقب"، منها الصعق بالكهرباء والضرب المبرح على كل أنحاء الجسد، وخاصة المناطق العلوية.
كما يجبر الاحتلال الأسرى على التعري في البرد لفترات طويلة، وإطلاق الكلاب البوليسية المتوحشة تنهش أجسادهم الضعيفة، وتعليق الأسرى من أيديهم لفترات طويلة، إضافة للجرائم الطبية التي مارسها بحق المرضى، الأمر الذي أدى لوفاة عدد منهم نتيجة عدم توفر العلاج والرعاية المناسبة.
وحذر الأشقر، من أن مسلسل قتل الأسرى لا يزال مستمرا ولن يتوقف عند هذا العدد، مع استمرار سياسات الاحتلال القمعية والعدوانية بحقهم.
وشدّد أن تلك الانتهاكات مستمرة في ظل إصرار حكومة الاحتلال على مواصلة جرائمها بحقهم، وتوفير الحماية لمرتكبي تلك الجرائم والدعم اللامحدود الذي يوفّره الوزير المتطرف إيتمار بن غفير للمسئولين عن السجون، والتي تمثّلت في زيارته المستمرة للسجون وتهديد الأسرى، وتحريض إدارات السجون على تشديد ظروف الاعتقال.
وأوضح الباحث الحقوقي، أن عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 ارتفع ليصل إلى 322 أسيراً شهيداً حتى الان، منهم 85 شهيداً من المعلومة هوياتهم منذ بدء حرب الإبادة، لا يزال الاحتلال يحتجز جثامين 82 منهم، ويرفض تسليمها لذويهم.
وبيّن أن مئات الشهداء من أسرى غزة، لا يزال الاحتلال يخفي أي معلومات عنهم ضمن سياسة الإخفاء القسري .
وعدَّ الاشقر سجون الاحتلال أرضية خصبة لقتل الأسرى حيث لا تتوفر فيها أدني متطلبات الحياة الدنيا، لافتًا إلى أن الاحتلال يحرم الأسرى من حقوقهم الأساسية كافة، إلى جانب اكتظاظ السجون بالأسرى الذين فاق عددهم 9500 أسير.
ووفق المركز الحقوقي، فإن الاحتلال يمارس سياسة التجويع بشكل مباشر حيث يصف الأسرى ما يجرى معهم "بالمجاعة" حيث يقدم لهم القليل من الطعام، وما يقدم لغرفة كاملة تضم 12 اسيراً لا يكاد يكفي طعام لأسير واحد فقط. حيث أصيبوا جميعا بالهزال وفقدان الوزن ونقص المناعة وبدأت الأمراض تغزو أجسادهم الضعيفة.
إضافة الى انتشار الأوبئة والامراض وخاصة مرض (سكابيوس) مع الحرمان من وسائل النظافة والعلاج بالوصفات الشعبية يرفض الاحتلال إدخالها للأسرى، وإبقاء الأسرى المرضى مع الأصحاء في غرفة واحدة بشكل متعمد؛ لنشر الأمراض بينهم، مما يراكم الأمراض في أجساد الأسرى، ويجعل الموت أقرب لهم من الحياة.
وحذّر الحقوقي من أن هذه الظروف مجتمعة، تنذر بارتقاء شهداء جدد من الأسرى خلال الفترة القريبة القادمة.
وجدد الاشقر مطالبته المجتمع الدولي ومؤسساته الانسانية والحقوقية القيام بمسئولياته والتدخل الفوري وتشكيل لجان تحقيق لتوثيق جرائم القتل والتعذيب بحق الأسرى، والضغط على الاحتلال لوقف تلك الجرائم، ومطالبة محكمة الجنايات الدولية بتقديم قادة الاحتلال لمحاكم مجرمي الحرب لمسؤوليتهم عما يجرى من جرائم حرب فاقت كل التصورات.