يبدو أن "قمة سلامة الذكاء الاصطناعي"، التي استضافتها المملكة المتحدة على مدى يومين الأسبوع الماضي في "بلتشلي بارك" ستدخل التاريخ، كونها المرة الأولى التي يجتمع فيها قادة العالم، لمناقشة الجهود المبذولة لكيفية كبح جماح تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي ستغير العالم. وقد تضمن جدول أعمال القمة، مناقشات حول مخاطر الذكاء الاصطناعي على سلامة المجتمع العالمي، واحتمال إساءة استخدام هذه التكنولوجيا من قبل الإرهابيين، لبناء أسلحة بيولوجية.


بالإضافة إلى ذلك، تم البحث بإمكانات تفوّق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على البشر، وفقدان السيطرة عليها، وكيفية التخفيف من مخاطر هذا الأمر، مع التركيز على الأدوار التي يمكن أن يلعبها المجتمع العلمي وصناع السياسات.

وحضر "قمة سلامة الذكاء الاصطناعي" أكثر من 100 شخص، من ضمنهم قادة سياسيون من بريطانيا وأميركا والصين، ورؤساء أهم شركات الذكاء الاصطناعي وخبراء الأبحاث، ومجموعات من المجتمع المدني.
ومن الشخصيات البارزة التي حضرت القمة، رئيس الوزراء البريطاني ريتشي سوناك، نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، نائب وزير التكنولوجيا الصيني وتشاو هوي، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الرئيس التنفيذي لشركة X إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI سام ألتمان والمديرون التنفيذيون من شركات الذكاء الاصطناعي الأخرى، بما في ذلك Meta وAnthropic وDeepmind التابعة لشركة Google.

الكشف عن "إعلان بلتشلي"
شهدت قمة "سلامة الذكاء الاصطناعي"، قيام 28 حكومة بينها الولايات المتحدة والصين، إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي، بالتوقيع على ما يسمى بـ "إعلان بلتشلي" الذي يعترف بالحاجة إلى التعاون الدولي لتحقيق الشفافية والمساءلة في تطوير الذكاء الاصطناعي، وتخفيف المخاطر التي تشكلها هذه التقنية.

وينص "إعلان بلتشلي" على أنه من أجل تحقيق الخير للجميع، ينبغي إنشاء الذكاء الاصطناعي وتطويره ونشره، واستخدامه بطريقة آمنة، بشكل يجعله جديراً بالثقة ويحمّل مشغليه المسؤولية.
وفي الوقت نفسه، أشار الإعلان إلى مخاطر تطوير الذكاء الاصطناعي، من خلال الاعتراف بسلبيات استخدامه بطريقة مؤذية متعمّدة أو عن غير قصد.

وأقر الموقعون على الإعلان بوجوب البحث عن فرص، لاستخدام الذكاء الاصطناعي من أجل الخير ولصالح الجميع، بطريقة شاملة على مستوى العالم.
كما شهدت القمة إعلان الصين وعلى لسان وو تشاو هوي، نائب وزير العلوم والتكنولوجيا الصيني، أن بلاده مستعدة لتعزيز الحوار، والتواصل في مجال سلامة الذكاء الاصطناعي مع جميع الأطراف في العالم، وذلك رغم صدامها التكنولوجي مع الولايات المتحدة.
وكشف وو تشاو هوي، أن الصين ستساهم في وضع آلية دولية، بشأن الذكاء الاصطناعي، لتحقيق فوائد للبشرية.
وتأتي التصريحات الصينية التي تخلق أرضية مشتركة، بشأن المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على البشرية، في وقت تخوض فيه بكين نزاعاً تكنولوجياً مع الولايات المتحدة، ما دفعها للعمل على تطبيق قواعدها الخاصة، للتحكم بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي.


القوة الأكثر تدميراً في التاريخ
واختتمت "قمة سلامة الذكاء الاصطناعي" بمناقشة "مثيرة" بين رئيس الوزراء البريطاني ريتشي سوناك ورئيس شركة X إيلون ماسك، الذي أعلن أن الذكاء الاصطناعي، لديه القدرة على أن يصبح "القوة الأكثر تدميراً في التاريخ".
وبحسب ماسك فإن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى حرمان جميع البشر من وظائفهم، حيث أنه ولأول مرة سيكون لدى العالم شيء سيتفوق على ذكاء البشر.

لجم الذكاء الاصطناعي
وتأتي "قمة سلامة الذكاء الاصطناعي" بعدما دخلت مفاوضات الاتحاد الأوروبي في بروكسل، مرحلة محورية في 25 أكتوبر 2023، حيث سعى المسؤولون إلى وضع اللمسات الأخيرة، على قانون الذكاء الاصطناعي المتوقع أن يقره الاتحاد، بحلول نهاية العام الحالي، والذي يسعى إلى لجم الذكاء الاصطناعي والسيطرة عليه من خلال قواعد ومعايير تنظم استخدامه.
كما أنه وفي الأيام التي سبقت القمة البريطانية، أصدر البيت الأبيض أمراً تنفيذياً يلزم مطوري الذكاء الاصطناعي، بإطلاع الحكومة الأميركية على نتائج إجراءات السلامة، ما يساهم في تعزيز مواصفات السلامة في هذا المجال.
ووسط هذا الزخم العالمي لتنظيم الذكاء الاصطناعي، تبقى المفارقة أن أحداً حتى الساعة في المجتمع الدولي، لا يعرف كيف يمكن السيطرة فعلياً على الذكاء الاصطناعي، وسط تضارب في الآراء بين جميع الأطراف، في وقت يشهد فيه هذا القطاع منافسة شرسة، ستكون السبب في تفلّت الأمور وخروجها عن السيطرة.

المصدر: السومرية العراقية

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يتنبأ بسكر الدم!

في خطوة رائدة نحو تحسين إدارة مرض السكري، أعلنت شركتا IBM وRoche عن تطوير حل ذكي مشترك يُعالج واحدة من أكثر التحديات الصحية تعقيدًا: العبء اليومي المستمر لمراقبة مستويات السكر في الدم.
جاءت النتيجة على شكل تطبيق مبتكر يحمل اسم Accu-Chek SmartGuide Predict، يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمستويات الجلوكوز قبل حدوث التغييرات المفاجئة، ما يمنح المستخدمين فرصة استباق الأحداث واتخاذ قرارات صحية مبنية على التوقع لا رد الفعل.

تنبؤ بسكر الدم... كما تتنبأ بالأحوال الجوية
يأخذ التطبيق مفهوم مراقبة السكري إلى بُعد جديد، إذ لا يكتفي بإظهار مستوى السكر الحالي، بل يرسم خريطة لتوجهاته المستقبلية. تمامًا كما تعتمد على نشرة الطقس لتخطط ليومك، يمكنك الآن الاعتماد على هذا التطبيق للتخطيط لمستويات سكر في الدم خلال الساعات المقبلة.
ويعمل التطبيق بالتكامل مع جهاز الاستشعار المستمر للجلوكوز من Roche، حيث يعالج البيانات لحظيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليمنح المستخدم رؤى دقيقة تساعده على تفادي التقلبات المفاجئة والخطيرة في مستويات الجلوكوز.

ثلاث ميزات رئيسية تحدث فرقًا حقيقيًا
يمتاز تطبيق SmartGuide Predict بثلاث وظائف رئيسية، كل منها يستهدف قلقًا شائعًا لدى مرضى السكري:
* Glucose Predict: ميزة تعرض تصورًا لمسار مستوى الجلوكوز خلال الساعتين المقبلتين، ما يمنح المستخدم وقتًا كافيًا لتعديل نظامه الغذائي أو أخذ جرعة إنسولين وقائية.
* Low Glucose Predict: بمثابة نظام إنذار مبكر، ينبّه المستخدم باحتمال حدوث انخفاض حاد في السكر قبل 30 دقيقة تقريبًا من وقوعه—وقت كافٍ لاتخاذ إجراء تصحيحي سريع.
* Night Low Predict: خاصية تُعد الأهم لكثير من المرضى، إذ تتنبأ بخطر انخفاض السكر أثناء النوم وهو أكثر الأوقات خطورة. التطبيق يقيم المخاطر قبل النوم ويقترح ما إذا كانت وجبة خفيفة ليلية ضرورية.
يقول موريتز هارتمان، رئيس قسم حلول المعلومات في شركة Roche: «من خلال تسخير قوة التكنولوجيا التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن لتطبيق Accu-Chek SmartGuide Predict أن يمنح مرضى السكري قدرة أكبر على اتخاذ قرارات استباقية لإدارة حالتهم الصحية بثقة ووعي».

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أبحاث السكري
تتجاوز فوائد التعاون بين IBM وRoche الجانب العلاجي، لتصل إلى مجال الأبحاث السريرية. فقد طوّرت الشركتان أداة ذكية مدعومة بمنصة watsonx من IBM، تعيد تعريف كيفية تحليل البيانات في التجارب السريرية.
بدلًا من العمليات اليدوية البطيئة، تقوم الأداة الجديدة برقمنة وتصنيف وترجمة البيانات السريرية المجهولة الهوية، وربطها تلقائيًا بمعلومات أجهزة مراقبة السكر ونمط حياة المشاركين في الدراسة.
والحصيلة؟ اكتشاف أنماط وارتباطات دقيقة في وقت قياسي ما يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في فهم المرض وتطوير أساليب العلاج، وربما يكون أكثر تأثيرًا على المدى البعيد من التطبيق ذاته. 

تحالف فريد بين التكنولوجيا والصحة
يجمع هذا التعاون بين قوتين من عالمين مختلفين: خبرة IBM التقنية والذكاء الاصطناعي من جهة، وخبرة Roche في علوم الحياة والرعاية الصحية من جهة أخرى. وهو نموذج ناجح لتكامل الصناعات لخدمة احتياجات صحية حقيقية.
يقول هارتمان: «شراكتنا طويلة الأمد مع IBM تعكس الإمكانات الكبيرة للابتكار بين الصناعات في تقديم حلول فعّالة لاحتياجات صحية غير ملبّاة، وتسريع الوصول إلى نتائج علاجية أفضل».
وأضاف كريستيان كيلر، المدير العام لـIBM في سويسرا: «التعاون مع Roche يُبرهن على قوة الذكاء الاصطناعي عندما يُستخدم لهدف واضح: دعم المرضى في إدارة حالاتهم بشكل أفضل. نحن نوفر بيئة تقنية موثوقة، آمنة، ومخصصة تُعزز الابتكار في مجال الرعاية الصحية». 

دلالات الابتكار لمستقبل التكنولوجيا الصحية؟
بعد سنوات من متابعة التكنولوجيا الصحية، يمكن القول إن هذه الشراكة مختلفة. فهي لا تقدم وعودًا فضفاضة، بل تركز على حل واضح وملموس لمشكلة تؤثر على أكثر من 590 مليون شخص حول العالم يعيشون مع مرض السكري.
إنّ التحول من الإدارة التفاعلية إلى الإدارة التنبؤية لا يُعد مجرد تحسين، بل تغيير في قواعد اللعبة. فبدلًا من انتظار المشكلة، أصبح بالإمكان توقعها ومنعها. الذكاء الاصطناعي هنا لا يستبدل الإنسان، بل يزوّده بالمعلومة في الوقت المناسب ليحسن اتخاذ القرار.
التطبيق متاح حاليًا فقط في سويسرا، وهي خطوة مدروسة لاختبار فعالية النظام قبل تعميمه عالميًا. ومن المتوقع أن يتابعه قطاع الرعاية الصحية عن كثب.
إذا أثبتت هذه التجربة نجاحها، فقد تفتح الباب أمام حلول مشابهة لأمراض مزمنة أخرى، مثل أمراض القلب، الربو، أو حتى اضطرابات الجهاز العصبي كمرض باركنسون.
وفي الوقت الراهن، يبقى الهدف الأساسي هو منح مرضى السكري القدرة على عيش حياة أكثر راحة واستقرارًا حتى أثناء نومهم. وهو هدف إنساني نبيل، يستحق أن يُسخّر له الذكاء الاصطناعي بكل إمكاناته.

أخبار ذات صلة تعليم نماذج الذكاء الاصطناعي ما لا تعرفه "واتساب" يختبر ميزة إنشاء مساعد مدعوم بالذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يتيح للأطباء الدردشة مع السجلات الطبية
  • هجوم حاد على راشد الماجد لاستخدامه الذكاء الاصطناعي في أغنيته الجديدة.. فيديو
  • لماذا تُعدّ تقنية الرقائق حاسمة في سباق الذكاء الاصطناعي بين أمريكا والصين؟
  • جامعة القاهرة تتصدّر أبحاث الذكاء الاصطناعي في مصر بـ2,191 بحثًا
  • «شرطة دبي» تنظم ورشة تعريفية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • خلال محاكمة.. الذكاء الاصطناعي يحيل إلى مرجع غير موجود
  • الذكاء الاصطناعي يتنبأ بسكر الدم!
  • تعليم نماذج الذكاء الاصطناعي ما لا تعرفه
  • نقابات العمال الأمريكية تبدأ معركتها ضد الذكاء الاصطناعي
  • احذر فخ الذكاء الاصطناعي: مشهد وهمي بتقنية Veo 3 يثير الجدل