قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء المتقاعد فايز الدويري إن فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أعادت تنظيم صفوفها ورتبت أوراقها من جديد، وهي تنفذ الآن عمليات مركزة في عمق تشكيلات جيش الاحتلال الإسرائيلي، في ظل اتساع هامش المناورة لديها وتبدّل طبيعة المناطق التي تشهد المواجهات.

وأشار الدويري -في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة- إلى أن العمليات المتكررة في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة تمثل نمطا متقدما من القتال، تتسم بالاحتكاك المباشر والتسلل إلى عمق التشكيلات الإسرائيلية، باستخدام تكتيكات تستند إلى كمائن مُعدة سلفا وتفجيرات هندسية داخل المنازل المستهدفة.

وتأتي هذه التصريحات في ظل إعلان وسائل إعلام إسرائيلية عن "حدث أمني" جديد في حي الشجاعية، تزامن مع هبوط مروحية عسكرية إسرائيلية في مستشفى "شاعري تصيدق" في القدس المحتلة، وسط تقديرات بنقل جرحى من ساحة العمليات.

وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أعلنت في وقت سابق تنفيذ عملية من نقطة صفر أجهزت فيها على جنديين إسرائيليين في الشارع ذاته.

وأوضح الدويري أن المقاومة استفادت من إخلاء السكان قسريا في المناطق الحمراء، مما أطلق يدها وأعطاها مساحة أكبر للحركة، وسمح لها بتكثيف عملياتها خلف خطوط التمركز الأمامية لقوات الاحتلال، وليس بالضرورة خلف الجبهة بكاملها، ما يعكس مرونة وتطورا واضحا في الأداء الميداني.

إعلان

وأضاف أن هذه الكتائب باتت تستدرج الجنود الإسرائيليين إلى مناطق "تقتيل"، تستخدم فيها العبوات الناسفة والتفجيرات المؤجلة داخل المنازل، بالإضافة إلى أسلحة مثل قذائف "الياسين 105" و"الثاقبة" وقناصة "الغول"، وهو ما يشير إلى حزمة متكاملة من التكتيكات التي يتم تفعيلها بدقة في الميدان.

استنزاف الاحتلال

وأشار إلى أن المقاومة -من شمال القطاع إلى جنوبه- نجحت في الحفاظ على وتيرة عملياتها رغم تلقيها ضربات قاسية، مؤكدا أن المقاتلين ما زالوا قادرين على استنزاف الاحتلال، "حيث لا يكاد يمر يوم دون تسجيل قتلى أو جرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي".

وأكد الدويري أن تأثير الخسائر البشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي اليوم يختلف عما كان عليه في الأشهر الأولى للحرب، حيث باتت تحمَّل مسؤولية كل قتيل للحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو، وسط إدراك متزايد بأن "ضريبة الدم" أصبحت ثمنا لبقاء هذا الائتلاف في الحكم.

وفي معرض تقييمه لأداء الجيش الإسرائيلي، استشهد الدويري بما كتبه إسحاق بريك في صحيفة "معاريف"، إذ قال إن الجيش الإسرائيلي "هُزم أمام حماس"، محذرا من التورط في حرب استنزاف طويلة قد تؤدي إلى انهيار البنية التنظيمية والأمنية للجيش، وخسائر اقتصادية باهظة.

وتابع اللواء المتقاعد أن المقاومة ليست فقط بعيدة عن الانهيار، بل استعادت أنفاسها وأعادت تشكيل بنيتها التنظيمية، رغم فقدان معظم قادة الصف الأول والثاني، حيث شهدت صفوفها إعادة بناء في البعدين البشري والعسكري، وهو ما يفسر استمرارها في القتال بهذا الزخم.

الهندسة العكسية

وقال إن سؤال "من أين للمقاومة القدرة على مواصلة تصنيع الأسلحة رغم الحصار؟" يمكن الإجابة عليه من خلال فهم آليات "الهندسة العكسية" التي تعتمد عليها الفصائل، عبر تفكيك القذائف غير المنفجرة -التي تُقدّر بـ15 إلى 20% من إجمالي القنابل المسقطة على القطاع- وإعادة تدوير موادها المتفجرة لاستخدامها في عبوات ناسفة.

إعلان

ولفت إلى أن حماس وسرايا القدس توظف هذه المتفجرات في بعدين: الأول عبر استخدام مباشر لبعض القذائف لتفجيرها في قوات الاحتلال، والثاني -وهو الأكثر شيوعا- من خلال استخراج المواد المتفجرة لاستخدامها في تجهيز العبوات والكمائن بدقة فنية عالية.

وشدد على أن هذه القدرات التي تُبديها المقاومة اليوم ليست محض مصادفة، بل نتيجة تراكم خبرات وتطوير تقنيات القتال تحت الحصار، بما يشمل تصنيع العبوات، واستخدام أساليب الرصد والتوثيق والتخفي، وتوظيف الأدوات البسيطة لإنشاء بنية قتالية فعالة ومنظمة.

وقال إن نمط القتال الذي تتبعه المقاومة بات يرتكز على تنفيذ كمائن محكمة، واستهداف الجنود عبر القنص أو تفجير المنازل أو الحشوات المتفجرة، مضيفا أن هذه الإستراتيجيات تعكس تغيرا نوعيا في أسلوب العمل المقاوم مقارنة ببداية الحرب.

ورأى الدويري أن استمرار المقاومة في تنفيذ عمليات نوعية رغم الجسر الجوي الأميركي الداعم لإسرائيل يمثل مفارقة لافتة، معتبرا أن حجم التسليح والدعم اللوجستي للجيش الإسرائيلي لا يُترجم إلى تفوق ميداني حقيقي، في مقابل أداء فصائل المقاومة التي وصفها بـ"الخارقة للعادة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج الجیش الإسرائیلی

إقرأ أيضاً:

الكشف عن تفاصيل كمين الجمعة: هكذا ضللت المقاومة قوة من جيش الاحتلال في خانيونس

#سواليف

أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت أن نتائج التحقيقات الأولية تشير إلى أن القوة العسكرية الإسرائيلية التي قُتلت صباح الجمعة في #خان_يونس دخلت مبنًى مفخخًا، رغم كونه مُدرجًا في خرائط الجيش كموقع مشبوه. وبحسب الصحيفة، فقد اتخذ الجنود إجراءات الحذر وتعرّفوا على جسم يُشبه البرميل، ظنًّا منهم أنه #العبوة_الناسفة، إلا أن #التفجير وقع من طابق أعلى، في ما يبدو كخدعة هندسية نفذتها #المقاومة لتضليل القوة المهاجمة.

وتضيف يديعوت أحرونوت أن القتلى الأربعة، وهم: الرقيب أول حِن غروس، العريف يوآف روفر، الرقيب توم روشتاين، والعريف أوري يهوناتان كوهين، سقطوا نتيجة هذا #الانفجار المدمر، ما يعكس حجم الفخاخ الهندسية التي تزرعها المقاومة الفلسطينية داخل البنية المدنية في القطاع. وتشير الصحيفة إلى أن حماس استغلت فترات التهدئة السابقة لتطوير #تكتيكات #التفخيخ، معتمدة على بقايا ذخيرة الاحتلال المنتشرة في أرجاء القطاع.

وفي سياق متصل، تكشف الصحيفة أن الحادثة أعادت إلى الأذهان انفجارًا سابقًا أدى لمقتل ثلاثة جنود من وحدة “جفعاتي” في منطقة ذات طابع لوجستي قرب خط الإمداد. التحقيق الذي أُجري حينها لم يؤكد إن كانت العبوة قد زُرعت مسبقًا أم لاحقًا، لكن ضباطًا رجّحوا أنها عبوة جديدة فجّرها عنصر من المقاومة خرج من نفق وعاد إليه فور التنفيذ.

مقالات ذات صلة والد ماسك يكشف ما حدث لابنه بسبب ترامب 2025/06/08

كما تنقل يديعوت أحرونوت مشاعر الإحباط والإرهاق المتزايدة في صفوف جنود الاحتياط، الذين يخوضون هذه الحرب منذ أكثر من 600 يوم بتناوب مرهق بين الجبهات والمنازل. وبحسب شهادة أحد الضباط، فإن الجيش بات أشبه بمؤسسة متآكلة، حيث تسود أجواء من الرتابة والخوف الدائم من العبوات، ما يزيد من احتمالية ارتكاب الأخطاء القاتلة تحت الضغط والتعب المزمن.

وتنقل الصحيفة عن ضابط آخر قوله إن الجنود باتوا يؤدون مهامهم “كموظفين بنظام الطوارئ”، لكنهم يدفعون الثمن بأرواحهم. وأضاف أن نقص القوى البشرية يدفع بعض الجنود للبقاء رغم ظروف صحية صعبة، لأن لا أحد يحلّ مكانهم. ويؤكد أن ما يُفترض أن يكون “تعبئة وطنية” تحول إلى حالة من الاستنزاف المزمن، مع فشل الحكومة في توسيع قاعدة المجندين.

وفي السياق نفسه، تشير الصحيفة إلى أن الجيش بدأ يغيّر من تكتيكاته في قطاع غزة. ليس بسبب تغيّر الأهداف، بل نتيجة واقع الاستنزاف والخسائر. رئيس أركان جيش الاحتلال أصدر تعليماته بأن يكون التقدم بطيئًا ومحسوبًا لتقليل الإصابات، ولتجنّب تعريض الأسرى المحتملين للخطر، كما أن هذا الإيقاع البطيء يتيح هامشًا للتفاوض، ويحول دون اندفاع الوزراء نحو تصعيد غير محسوب.

ومن جانب آخر، تكشف يديعوت أحرونوت أن التقديرات العسكرية تشير إلى أن الوصول للأهداف المحددة يتطلب شهورًا، وأن الدخول إلى مناطق مكتظة مثل مدينة غزة سيحتاج قرارًا سياسيًا جديدًا. الصحيفة نقلت عن مصدر أمني تحذيره من أن اجتياح مناطق الأسرى قد يؤدي إلى مقتلهم، وهو ما يُناقض بشكل صارخ التصريحات الرسمية التي روّجت لهجوم حاسم وقريب.

وفيما يتعلق بوضع حركة حماس، أوضحت يديعوت أحرونوت أن مصادر عسكرية تؤكد أن الحركة ما زالت تعمل بنظام وتماسك، رغم اغتيال عدد من قادتها وتراجع قدرتها على دفع الرواتب. وبحسب الصحيفة، فإن الحركة تستفيد معنويًا من ردود الفعل الدولية، وتستمر في تنفيذ هجمات تؤكد قدرتها على المبادرة، ما ينفي مزاعم انهيارها أو تفككها إلى فصائل.

وفي نهاية التقرير، تنقل يديعوت أحرونوت عن مسؤول أمني بارز قوله إن حماس ليست في حالة جيدة، لكنها بعيدة عن الانهيار. ورغم الضغوط الاقتصادية والنفسية، لا توجد مؤشرات على انهيار تنظيمي داخلي، بل إن وتيرة العمليات المنفذة ضد قوات الاحتلال تدل على استمرار الفعالية والانضباط. كما أكد المصدر أن التحولات الميدانية قد تحدث بسرعة، لكنها حتى الآن تتطلب مزيدًا من الوقت والصبر.

مقالات مشابهة

  • الكشف عن تفاصيل كمين الجمعة: هكذا ضللت المقاومة قوة من جيش الاحتلال في خانيونس
  • اشتباكات عنيفة بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة في حي الشجاعية
  • الدويري: المقاومة بغزة تقود حرب استنزاف تختلف عن تلك التي قادتها الجيوش العربية
  • ابو زيد: المقاومة تستعيد زمام المبادرة وتُربك الاحتلال ميدانيًا وسياسيًا
  • غزة واليمن ومعادلات حزيران
  • ما هي القنابل الارتجاجية التي قصف بها الاحتلال الضاحية الجنوبية؟
  • جيش الاحتلال: تحققنا من خلو المبنى قبل مقتل 4 جنود في خانيونس
  • جيش الاحتلال: رئيس الأركان صدق على خطط عملياتية لمواصلة القتال في غزة
  • كيف قضت المقاومة على قوة نخبة إسرائيلية في كمين خان يونس؟