غزة- "أطفالنا بحاجة إلى الفرحة في ظل الظروف الصعبة والحروب المؤلمة"، بهذه الكلمات عبّر الأهالي عن حاجة أطفالهم لفعاليات تساهم في الترويح عن أنفسهم وكسر حالة الحزن الصعبة التي خلفتها الحرب الأخيرة على غزة والتي كانت حصيلتها استشهاد 6 أطفال وإصابة العشرات منهم.

واستجابة لذلك جاءت فعالية "موكب السعادة" التي أشرف عليها نشطاء من مواقع التواصل الاجتماعي بمساعدة شركات اقتصادية في غزة لتوفير ألعاب للأطفال، واستمرت الفعالية أكثر من 6 ساعات بشكل متواصل وجابت الشوارع من شمال قطاع غزة إلى جنوبه مرورا بالمخيمات على طول ساحل بحر غزة.

المئات من الأطفال تجمعوا في مختلف المناطق في غزة ينتظرون وصول المهرجين والهدايا لكي يعيشوا لحظات من الفرح والرقص على أغاني الأطفال التي كانت تصدح مع الموكب طوال ساعات التنقل في الشوارع.

المهرج محمد حسان يتفاعل مع الأطفال (الجزيرة) انتظار الأطفال المبهج

يقول عبد الله أبو لبن -وهو أحد القائمين على هذا الموكب- للجزيرة نت "لقد حضرت الكثير من الفعاليات في السابق وشاركت الناس فرحتهم بنجاحاتهم المختلفة في غزة، لكن هذه الفعالية كانت مختلفة جدا، فقد جمعت بين فرحة الإجازة الصيفية وعيد الأضحى المبارك، عندما اقترح الأصدقاء أن تكون فعالية للأطفال حاولت أن أفكر بطريقة تسعد الجميع من شمال إلى جنوب قطاع غزة دون استثناء لهذا اخترت موكب السعادة لكي يتنقل معنا ويجول كافة المناطق في غزة".

تنقّل الموكب من شمال قطاع غزة إلى جنوبه على طول الساحل (الجزيرة)

ويضيف أبو لبن "عندما شاركت على مواقع التواصل الاجتماعي حول هذه الفعالية وجدت تشجيعا وإقبالا من جميع الأهالي لهذه الفكرة واقتراحا للمناطق التي نزورها، شعرت بأن الأهالي يبحثون عن طريقة لإسعاد أطفالهم وينتظرون لحظة بلحظة لبدء جولة هذا الموكب، انتظار الأطفال على الشوارع وهتافهم عند رؤيتنا كان مشهدا مبهجا جدا".

وقال "آثار الحرب على الأطفال كانت سيئة للغاية، وتابعنا العديد من قصص الأطفال، بينهم من فقد منزله وآخرون فقدوا أصدقاءهم في المدرسة، لهذا لا أعتقد أن ما يعيشه أطفال غزة سهل أبدا، هم يحتاجون كل يوم فعالية لكي تجدد الطاقة لديهم وتبدد حالة الخوف والفقد الذي يشعرون به إلى حالة فرح لكي يكملوا طريقهم وحياتهم".

الحرب الأخيرة على غزة استهدفت الأطفال جسديا ونفسيا (الجزيرة) المهرج سفير السعادة

محمد حسان (25 عاما) يعمل مهرجا وكان له حضور لافت خلال فعالية موكب السعادة، ويقول للجزيرة نت "أينما وجدت طفلا أشعر بأنني على قيد الحياة والأمل، هذه هي رسالتي في الحياة والهدف الذي أستيقظ كل يوم لكي أحققه لهذا لم أتردد في المشاركة بفعالية موكب السعادة، وهي فعالية مختلفة لفائدة الأطفال من شمال قطاع غزة إلى جنوبه".

وأضاف أن "تجمّع الأطفال في الشوارع وانتظارنا لساعات للوصول إلى مناطقهم كان مبهجا جدا، وعند رؤيتهم لي أخرج من السيارة ملأت هتافاتهم المكان بهجة وكأنها تخبر العالم أن قلوبنا تستحق الفرح".

تصفيق الأطفال على أصوات الموسيقى في الفعالية (الجزيرة)

ويقول حسان "أنا أشعر بحزن شديد على الأطفال في غزة، لأنهم يعيشون ظروفا صعبة مع الحروب والأزمات الاقتصادية الخانقة وحرمانهم من التمتع بحياتهم مثل أطفال العالم، كيف لطفل ألا يستطيع الشعور بالأمان للحظة واحدة؟! لهذا طاقتي كلها أمنحها للأطفال، وهذه هي رسالتي".

وأضاف أن "المهرج هو ألطف شخص والأقرب لقلوب الأطفال، ولهذا اخترت أن أكون مهرجا، لا يهم التعب الذي أشعر به للعمل لساعات طويلة ولكن بهجتهم خلال مرور الموكب والتنقل من ميناء غزة إلى المخيمات والشوارع كانا أشبه بالحلم وتحقق".

بهجة الأطفال خلال الفعالية وتفاعلهم مع المهرج (الجزيرة) تشجيع الأهالي لهذه المبادرات

من جانبها، ثمنت ماجدة محمد المبادرة، وقالت للجزيرة نت "الأطفال يفرحون على أي شيء حتى لو لم تكن هناك هدايا، فقط يريدون رؤية المهرج واللعب معه والرقص، عندما أرى هذه المبادرات من الشباب من أجل الأطفال أشعر بالسعادة، لأن أطفالنا بحاجة إلى الفرحة والبعد عن أجواء الحروب والقصف".

وأضافت ماجدة أن "ما يعيشه أطفالنا لا يستطيع أن يتحمله أحد أبدا، عندما علم أطفالي بهذا الموكب ارتدوا ملابس العيد وخرجوا إلى الشارع مع الجيران لكي ينتظروا وصوله إلى منطقتنا، ولا أستطيع وصف فرحتهم عندما لعبوا مع المهرج، ووصفوا لي ما عاشوه خلال الدقائق المعدودة كأنهم قضوا ساعات طويلة معه".

وتقول "جميع الأمهات طالبن بأن يصل هذا الموكب إلى مناطق سكنهم لإسعاد الأطفال، لأن الأمهات يعشن ظروفا صعبة مع الحالة النفسية المتغيرة للأطفال بفعل الحروب والظروف الاقتصادية وعدم قدرة الأهل على تلبية طلباتهم كاملة، ويشعرون بالنقص والحزن ويريدون الخروج للتنزه كل يوم، وهذا لا يمكن للأب القيام به لعدم وجود دخل مادي كاف، لهذا فإن هذه المبادرات تخفف على الأطفال والأهل أيضا".

الطفلة ريتال صقر (11 عاما) تقول "انتظرت لساعات طويلة هنا مع بنات عمي وصديقاتي، وعندما جاء المهرج لعبنا ورقصنا كثيرا، ونحن نقول دائما إن صوت الموسيقى أجمل من صوت القصف".

تجمّع الأطفال حول المهرج واللعب معه (الجزيرة) حاجة الأطفال للدعم النفسي

وبخصوص هذه المبادرة، قال المتخصص في علم النفس الدكتور درداح الشاعر للجزيرة نت المبادرات التي تنطلق في قطاع غزة من أجل دعم الأطفال نفسيا هي جهود جميلة لاحتواء الآثار النفسية السيئة الواقعة على الأطفال جراء الحروب الإسرائيلية.

وأشار درداح إلى أن الأطفال عانوا من حالات هلع رسخت في أذهانهم جراء سماع دوي الانفجارات الضخمة وتعرض منازل المدنيين للاستهداف المباغت بالصواريخ الإسرائيلية.

وأضاف أن الأهالي يشتكون من أوضاع نفسية يتعرض لها أبناؤهم أثرت على مستوى التعليم لديهم، ومن أبرز الأعراض التي باتت مشتركة بنسبة كبيرة من الأطفال قلة النوم والقلق والتبول اللاإرادي، فضلا عن الميل إلى ملازمة أولياء أمورهم وتحاشي الخروج في الأماكن المفتوحة، والخوف عند سماع أصوات الطائرات التي تحلق في سماء قطاع غزة، ورفضهم الدراسة بسبب التشتت الذهني الذي يتعرضون له.

وأكد درداح أن بعض الحالات إما تتم معالجتها خلال يوم، وهناك أخرى تحتاج إلى جلسات متواصلة من أجل التوصل إلى علاج لها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: على الأطفال للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

طناجر فارغة وانتظار طويل.. كيف يرى المغردون مأساة التجويع في غزة؟

وكشفت هذه المشاهد التي انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي عن واقع مرير يعيشه سكان قطاع غزة، حيث أصبح البحث عن الطعام مغامرة محفوفة بالمخاطر تتراوح بين القصف الإسرائيلي ورصاص جنود الاحتلال والحروق الناتجة عن التدافع والزحام.

ووفقا لتقارير فإن مراكز توزيع الطعام في غزة تشهد ندرة شديدة في الغذاء، وعندما تُفتح أبوابها أمام المجوعين، يندفعون نحوها هرولة ويتزاحمون بشدة لكونها أملهم الوحيد للحصول على وجبة غذاء صغيرة تبقيهم على قيد الحياة ليوم إضافي.

ويؤدي هذا الزحام الشديد إلى انسكاب الحساء المغلي على أجساد الأطفال، الذين يعودون إلى ذويهم بلا طعام وبحروق وندوب جديدة، وذلك من أجل طبق شوربة عدس أو معكرونة لا تتجاوز قيمته الغذائية 200 سعرة حرارية، وهي كمية لا تكفي طفلا للنجاة من المجاعة ولا تسد رمق جائع.

واتفق مغردون خلال حلقة (2025/7/30) من برنامج "شبكات" على أن هذه المشاهد تكشف عن وحشية الحصار المفروض على القطاع وتداعياته الكارثية على الأطفال والمدنيين، وإن تباينت طرق تعبيرهم عن هذا الواقع بين الاستعارات الأدبية والشهادات الميدانية المباشرة.

وفي هذا السياق، رأى الناشط خالد صافي أن "التكية في غزة لم تعد مجرد كلمة تشير إلى مكان يوزع فيه الطعام، بل أصبحت رمزا مركبا من التناقضات بين الحزن والأمل، والوجع والنجاة، والذل والحياة".

مشاهد مؤلمة

ومن جانبه، نقل الناشط مجدي شهادة شخصية مؤثرة عن "لقائه بطفلة وأخيها ومعهم طفلة ثالثة، وهم يجلسون في ظل أحد الجدران في حرارة الظهيرة، ويحمل كل واحد منهم طنجرة فارغة، وعندما سألهم عما إذا كان هناك تكية ينتظرونها، أجابوا بأنهم لا يعرفون وأحيانا قد تكون هناك تكية".

كما وصف صاحب الحساب راكان المشهد بأنه "يحطم القلب ويكشف وحشية الحصار، وأن الأطفال يتدافعون على التكية مع اشتداد المجاعة في غزة من أجل لقمة تعيشهم".

إعلان

بدورها، استخدمت المغردة هلا استعارة قوية لوصف المأساة، حيث ذكرت أن "الناجين من القصف ما زالوا يواجهون النار، ولكن هذه المرة في طوابير الطعام".

ومن جهتها، أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) أن الأطفال في قطاع غزة ينتظرون في طوابير طويلة تحت أشعة الشمس للحصول على الطعام والمياه، وأن أزمة الغذاء تتفاقم في القطاع بينما يراقب العالم بصمت.

هذا التأكيد الرسمي يتماشى مع ما وثقه المغردون من معاناة يومية يعيشها سكان القطاع.

كما أكدت منظمة العمل ضد الجوع العالمية أن 20 ألف طفل في قطاع غزة نُقلوا إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد، وهو رقم صادم يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي تشهدها غزة.

30/7/2025-|آخر تحديث: 21:30 (توقيت مكة)

مقالات مشابهة

  • طناجر فارغة وانتظار طويل.. كيف يرى المغردون مأساة التجويع في غزة؟
  • وصول 34 طفلا مع مرافقيهم من قطاع غزة للعلاج في الأردن
  • وزيرة التضامن تكشف حجم المساعدات التي قدمتها مصر لـ غزة خلال 4 أيام
  • برج الجدي... حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025 .. استغل كل فرصة
  • هدى المفتي تفجر تصريحات جريئة عن الحب والإشاعات وعلاقتها بويجز في صاحبة السعادة
  • ما المساعدات التي دخلت قطاع غزة؟ ومن المستفيد منها؟
  • المالية تحقق نتائج متميزة في مؤشر إسعاد المتعاملين بالنصف الأول
  • من هو فتى أحلام هدى المفتي؟ تصريحات جريئة مع «صاحبة السعادة»
  • جثمان زياد الرحباني يودّع الحمراء في موكب مهيب.. والدفن عصر اليوم
  • موكب مهيب .. توديع جثمان زياد الرحباني بالزغاريد والورود