مجلة لها

يمكن أن يُظهر الذكاء الاصطناعي دورًا بارزًا في حياتنا اليومية، بدءًا من روبوتات الدردشة إلى المساعدين الافتراضيين، ومع ذلك، عندما نتحدث عن الذكاء الاصطناعي، قد تنشأ بعض المخاوف أحيانًا حول استبدال البشر ووظائفهم بواسطة المساعدين الافتراضيين في مجال الأعمال، وعلى الرغم من أن بعض الوظائف قد تصبح قديمة نتيجة تطور التكنولوجيا، إلا أن هذا ليس الجانب الكامل للقصة في الحقيقة، فإن فوائد الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل تتفوق بكثير على التهديدات المحتملة، وخاصة عندما نستخدم هذه التكنولوجيا بشكل إيجابي للحفاظ على التوازن بين العمل والحياة الشخصية.

لفهم دور الذكاء الاصطناعي في مستقبل العمل بشكل صحيح، يُشير تقرير حديث صادر عن شركة ماكينزي إلى أن حوالي نصف الأنشطة التي ينفذها عمال العالم حاليًا يمكن أتمتتها؛ ولكن المفهوم الأساسي هنا هو "الأنشطة"، وليس "الوظائف"، وعلى هذا النحو، يُتوقع الباحثون أن نحو 30% من الأنشطة في 60% من مجموع المهن يمكن أتمتتها بحلول عام 2030. كما يشير التقرير إلى أن "تأثير الأتمتة سيشمل جميع المهن تقريبًا، ولكن حوالي 5% فقط من المهن سيمكن أن تُتم أتمتتها بالكامل باستخدام التقنيات المُتاحة حالياً".

إلا أن بعض الصناعات في الواقع ستشهد تأثيرات سلبية أكبر من غيرها، حيث يكون هناك مجال أوسع لاستبدال المهام الروتينية التي تتم بشكل متكرر بواسطة الأتمتة، وتبقى الأدوار التي تتضمن إدارة العلاقات البينية مع الأفراد وتطوير الخبرات المتخصصة والتفاعل مع أصحاب المصلحة على مستوى متقدم لأقل عرضةً بنفس القدر للأتمتة، حيث تتعلق هذه المهارات "اللينة" في التعامل مع الآخرين بشكل خاص بمجالات تبقى محتفظة بدور الإنسان كمحور أساسي.

إذاً، كيف يمكننا تحقيق نجاحنا في المستقبل وضمان أننا نستفيد من إمكانيات الذكاء الاصطناعي بدلاً من الشعور بالتهديد منه؟

بهذا الصدد أصدرت شركة لايك ديجيتال وشركاؤها دراسة تفصيلية لتسلط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في سوق العمل والوظائف وهل سيستبدل البشر بالذكاء الاصطناعي مستقبلاً؟

توضح هذه الدراسة مجموعة من السبل التي يمكن أن تسهم في زيادة كفاءة وفعالية العمل من خلال استخدام الأدوات الرقمية، وبفضل هذه الأدوات، يمكن للأفراد تحرير أنفسهم لقضاء المزيد من الوقت في الأنشطة التفكيرية والتعاونية والإبداعية، مما ينتج عنه تحقيق توازن أكبر بين الحياة المهنية والشخصية.

أتمتة المهام الروتينية والمتكررة

الذكاء الاصطناعي يقدم ميزة بارزة وبعيدة المدى، وهي القدرة على أتمتة المهام اليومية المتكررة. حيث تتوفر هناك مجموعة من الأدوات المبنية على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتاحة في السوق بالفعل، والتي تسهم في تبسيط المهام الروتينية مثل إدخال البيانات، وتلخيص المقالات، وصياغة رسائل البريد الإلكتروني. هذا مما يساعد على زيادة الإنتاجية وتحرير المزيد من الوقت للقيام بأنشطة أكثر إرضاء.

أدوات إدارة المشاريع

بفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن لأدوات إدارة المشاريع تحسين سير الأعمال وتعزيز التعاون، سواء ان كان ذلك داخل المكتب أو بين أعضاء الفريق. مما ينتج عنه تقليل للأعباء الإدارية، ويتيح المجال لزيادة الإبداع وتنفيذ المهام الاضافية، بغض النظر عن مجال التطبيق، سواء من خلال تحسين ملاحظات الاجتماع أو توقع تكاليف المشروع واحتياجات الموارد، فان أدوات إدارة المشاريع المستندة إلى الذكاء الاصطناعي تقدم دعمًا شبه افتراضي، يعمل كفريق متكامل من مدراء المشاريع.

رعاية الصحة النفسية

يمكن لأصحاب الأعمال أن يلعبوا دورًا أساسيًا في تحسين أداء فِرَق العمل من خلال استفادتهم من أدوات الذكاء الاصطناعي المصممة خصيصًا لدعم الصحة العقلية والرفاهية في محيط العمل. تتضمن هذه الأدوات مجموعة متنوعة من الحلول، بدءًا من منصات تتعرف تلقائيًا على المشاعر واكتشاف علامات الإرهاق المبكرة، وصولًا إلى برامج تدريب افتراضية وبرامج دعم الموظفين المعتمدة على التكنولوجيا الذكية. حيث يمكن لأصحاب العمل استخدام هذه الأدوات بمختلف الطرق لتعزيز بيئة داعمة لفرق العمل.

تعزيز عملية اتخاذ القرارات

يعتبر الوقت دائمًا محدودًا في حياتنا اليومية المزدحمة، مما يجعل من الصعب علينا تدقيق الكم الهائل من المعلومات المتاحة لنا. لهذا السبب، تأتي خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقديم حلاً يساعد المحترفين في اتخاذ قرارات أكثر استنارة من خلال تحليل سريع لتدفقات البيانات الكبيرة.

إدارة الوقت

حتى الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات تنظيم قوية يمكن أن يستفيدوا من تحسين إدارة الوقت لتحرير بعض الوقت الثمين الذي نحتاجه بشدة في حياتنا اليومية. حيث توفر أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل المساعدين الافتراضيين والتقاويم الذكية، القدرة على جدولة المهام بكفاءة أعلى، وتحديد أولويات مسؤوليات العمل بشكل أكثر فعالية، مما يمنحنا المزيد من الوقت للأمور الحقيقية والمهمة في حياتنا، مثل الأوقات مع العائلة والأصدقاء والاهتمام بالصحة.

تسهيل التواصل

يؤثر الذكاء الاصطناعي بشكل فعال على أنماط الكتابة، حيث نجد تحسينًا وفعالية أكبر في مجموعة من السياقات المثختلفة. غذ يمكننا رؤية هذا التأثير في توفير الوقت الكبير، حيث تتضمن الأمثلة مميزات توقع النصوص في الرسائل الهاتفية وأيضًا في ميزة مؤلف البريد الإلكتروني في جي ميل Gmail. بالإضافة إلى ذلك، بدأ العديد منا في الاستفادة من تطبيقات اللغة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل برنامج تشات جي بي تي GPT-3، والذي تستطيع الإجابة على الأسئلة الفنية وإنشاء جداول زمنية للوجبات الغذائية الأسبوعية، وتحويل المعلومات الشاملة إلى محتوى سهل الفهم، لذا عند استخدام هذه الأدوات وتخصيصها بشكل صحيح، يمكن أن تمثل توفيرًا كبيرًا في الوقت وزيادة كفاءة الاتصال.

تحسين عملية التشخيص

بينما يبرز الذكاء الاصطناعي في تطوير عمليات أتمتة المهام الروتينية، يعكس أيضًا ثورة في مجموعة متنوعة من المجالات بدقة ويوفر رؤى غير مسبوقة، بدءً من الطب إلى التطبيقات العسكرية. تتيح أدوات الذكاء الاصطناعي القدرة على تحليل وفهم البيانات بشكل دقيق حتى على المستوى الدقيق جدًا، مما يقلل من الخطأ البشري . مثلاً في مجال التشخيص الطبي، يُستخدم الذكاء الاصطناعي لفحص صور الأشعة السينية، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والأشعة المقطعية، والكشف المبكر عن التشوهات والأمراض. كما تُستخدم الخوارزميات لتقديم تشخيص دقيق وعلاج فعّال للمرضى، مما يساهم بشكل كبير في تحسين الصحة وزيادة مدى العمر، وهو جزء أساسي من تحقيق التوازن بين العمل والحياة.

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی هذه الأدوات فی حیاتنا من خلال یمکن أن

إقرأ أيضاً:

من العمل الفدرالي إلى طوابير الإعانة.. وجه آخر للجوع في أميركا

واشنطن- في صباح دافئ من أحد أيام السبت، يصطف العشرات بصمت في طابور طويل أمام أحد أكبر المتاجر في ضواحي العاصمة الأميركية واشنطن، ليس بسبب عروض خاصة أو فعالية ترويجية، بل للحصول على "كرتونة" من المساعدات الغذائية المجانية التي تضم مواد أساسية مثل الأرز والمعكرونة والمعلبات.

بين الواقفين موظفون ومتعاقدون سابقون مع مؤسسات حكومية، وجدوا أنفسهم -بعد سنوات أو حتى عقود من العمل الرسمي- عاجزين عن تأمين الغذاء لأسرهم، مستفيدين من مبادرة أسبوعية أطلقها "بنك طعام منطقة العاصمة" (Capital Area Food Bank)، وتستهدف المتضررين من قرارات تقليص الوظائف الفدرالية.

ومنذ بداية الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي، شرعت إدارته في تنفيذ حملة تقشف شاملة تضمنت تقليص آلاف الوظائف الفدرالية، لا سيما في وكالات مثل وزارة الزراعة، ووزارة العدل، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وشملت الإجراءات الموظفين الرسميين والمتعاقدين على حد سواء، مما أدى إلى فقدان مفاجئ للدخل لدى كثيرين، من دون إنذارات سابقة أو تعويضات كافية، لينعكس ذلك سريعا على حياتهم اليومية، فشريحة كانت حتى وقت قريب تنعم بالأمان والاستقرار باتت الآن على أبواب بنوك الطعام.

لافتة توضح أن المساعدات موجهة للموظفين أو المتعاقدين الفدراليين السابقين (الجزيرة) "لم أتخيل يوما"

في موقع التوزيع الأسبوعي، علّق المتطوعون لافتة كتب عليها أن المساعدات "مخصصة للمتضررين من التقليصات الفدرالية"، وكانوا يبتسمون للوافدين وهم يسلمونهم صناديق المساعدات.

إعلان

ورغم الترحيب، بدا الارتباك والإحباط واضحين على كثير من المستفيدين، إذ تجنب معظمهم الحديث مع الجزيرة نت أو الكشف عن خلفياتهم، في مشهد يعكس الصدمة النفسية الناتجة عن التحول المفاجئ في حياتهم.

إحدى السيدات اكتفت بالقول، وهي تعود مسرعة إلى سيارتها بعد تسلم المساعدة، "لم أتخيل يوما أن أقف هنا، هذا كل ما أستطيع أن أقوله لك".

أما ستايسي فكانت تنتظر دورها وهي تحمل رسالة تضامن من نوع خاص. قالت للجزيرة نت "أنا هنا لأجل صديقتي. كانت تعمل بعقد مع وزارة الزراعة الأميركية، لكنهم أنهوا تعاقدها فجأة بعد بضعة أشهر فقط. منذ ذلك الحين لم تخرج من البيت".

تصف ستايسي حالة صديقتها النفسية قائلة "دخلت في نوبة اكتئاب حادة وانعزلت تماما. لم تطلب مني الحضور، لكنني أعلم أنها بحاجة ماسة إلى أي نوع من المساعدة، خاصة بعد فقدان مصدر دخلها الوحيد".

المتطوعون يشرفون على توزيع صناديق الطعام على المحتاجين (الجزيرة) مفارقة مؤلمة

المفارقة الأبرز تكشفها حالة موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي الجهة التي تمثل الذراع الأساسية للحكومة في تمويل برامج المساعدات الإنسانية في أنحاء العالم. ومع ذلك، كانت هذه الوكالة من أكثر الجهات تضررا من خطة التقليصات، إذ تم تعليق أو إنهاء برامج بملايين الدولارات كانت تهدف لتوفير الغذاء في دول فقيرة.

وانعكس هذا الواقع داخليا على موظفي الوكالة أنفسهم، فقد روت رادا موثايا، المديرة التنفيذية لبنك الطعام، شهادة مؤثرة لإحدى المستفيدات قائلة "لقد عملت هذه السيدة في الوكالة 16 عامًا، وكانت متأثرة للغاية حين وجدت نفسها مضطرة إلى طلب المساعدة الغذائية، بعد أن قضت سنوات في الإشراف على برامج للأمن الغذائي في العالم".

لطالما مثّلت الوظائف الفدرالية في الولايات المتحدة نموذجا للاستقرار الوظيفي، بفضل المزايا المتنوعة مثل الرواتب الثابتة والتأمين الصحي والمعاشات التقاعدية، خاصة في العاصمة واشنطن حيث تتمركز الوكالات الحكومية وتعيش آلاف الأسر المعتمدة على عقود العمل.

إعلان

لكن هذه الصورة بدأت بالتصدع منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ويقدّر مراقبون أن أكثر من 12 ألف موظف ومتعاقد فدرالي فقدوا وظائفهم خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، مع توقعات بارتفاع العدد في ظل استمرار مراجعات الإنفاق الحكومي.

إحدى المستفيدات بعد حصولها على المساعدة الأسبوعية من بنك الطعام (الجزيرة) أمن غذائي على المحك

وقد أدت هذه التطورات إلى سلسلة من التداعيات الاجتماعية، أبرزها ارتفاع طلبات الإعانة الطارئة، وتزايد الضغط على بنوك الطعام، وتراجع القدرة الشرائية لفئة لم تكن تُصنّف سابقًا ضمن الفئات الهشة اقتصاديا.

وفي بلد يُنتج ما يكفي من الغذاء لإطعام مئات الملايين، ويقود الاقتصاد العالمي بإجمالي ناتج يفوق 29 تريليون دولار، ما زالت أزمة الأمن الغذائي واحدة من المفارقات الصارخة في الحياة الأميركية.

فوفقًا لبيانات وزارة الزراعة الأميركية، عانى أكثر من 44 مليون أميركي، من بينهم 13 مليون طفل، من انعدام الأمن الغذائي خلال عام 2023، أي نحو 1 من كل 7 مواطنين. وتُعرّف الوزارة انعدام الأمن الغذائي بأنه "عدم القدرة المنتظمة على الحصول على غذاء بكميات وأسعار مناسبة".

وبحسب تقرير "كابيتال إيريا فود بنك" لعام 2024، ارتفعت نسبة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في منطقة واشنطن الكبرى إلى 37%، بزيادة 5 نقاط مئوية مقارنة بالعام السابق.

ورغم عدم توفر بيانات رسمية توضح أثر قرارات تقليص الوظائف على هذا المؤشر تحديدا، فإن إيقاف وزارة الزراعة تمويلا بقيمة 500 مليون دولار لبرامج الغذاء في مارس/آذار الماضي، إلى جانب انخفاض حجم التبرعات الفردية والمؤسسية، يشير إلى ضغوط متزايدة على بنوك الطعام التي لطالما اعتبرت شبكة الأمان الأخيرة في وجه الأزمات الاقتصادية.

مقالات مشابهة

  • من العمل الفدرالي إلى طوابير الإعانة.. وجه آخر للجوع في أميركا
  • حكومة أخنوش تعلن رفع عدد الأطر الصحية إلى 45 طبيباً لكل 10 آلاف مواطن بحلول 2030
  • “هيوماين” ومستقبل الذكاء الاصطناعي
  • ميتا تستبدل البشر بالذكاء الاصطناعي في تقييم الخصوصية والمخاطر
  • الذكاء الإصطناعي يتجاوز البشر في التعلم
  • خبراء: الذكاء الاصطناعي لا يهدد الوظائف
  • وظيفتك في خطر؟.. جوجل ومايكروسوفت تكشفان مستقبل البشر في عصر الذكاء الاصطناعي
  • لماذا لن يُفقدنا الذكاء الاصطناعي وظائفنا؟
  • وليد علاء الدين: الشعراء أول مَن وضع أسس الذكاء الاصطناعي!
  • الذكاء الاصطناعي يثير ضجة حول عادل إمام