يوم أعلمني ود اللمين أنني عازف عود ماهر
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
سنة 78، قبل زواجي من شريكة حياتي الراحلة ناهد، دعتني مع صديقنا العزيز المشترك هاشم صديق إلى عشاء بمنزل أسرتها في الخرطوم تلاتة. وفي معرض حديثنا عن آخر أشعار هاشم "الكلام جر الكلام" إلى صداقته مع ود اللمين. فقالت ناهد "طيب يا ريت تجيبه معاك للعشا. حبابو"، ووعد هاشم بإيصال الدعوة. وخطر لنا جميعا أن الجلوس مع هذا الرجل الموهوب المبروك، في حال قبوله الحضور، متعة يجب ألا تقتصر علينا نحن الثلاثة فقط وأن يشاركنا فيها العدد الأكبر من الاصحاب "البستاهلو".
وقد كان. فصارت لدينا أمسية لاتزال محفورة في الذاكرة بعد قرابة نصف قرن من الزمان، أعدّت فيها العشاء سعاد خالة ناهد التي وصلت بفنون المطبخ السوداني مستوى يعلو كثيرا على السائد. وزادت جمالا وطيبا بوجود نخبة من بعض أعز أصدقائنا، وكانت جوهرة تاجها عبقرية ود اللمين بلحمه وشحمه. أي نعيم فوق هذا؟ وهمست في أذن ناهد: "أصلك ما تقولي لي حفلات عرس وهلولة. ياهي دي حفلة عرسك!"
عندما انتصف الحفل، أنزل ود اللمين عوده ينشد بعض الراحة. فأخذته مجموعة صغيرة من الشباب أقارب ناهد إلى غرفة مجاورة. ووجدتني انا منجذبا إلى ذلك العود "السنين" كالعث إلى الضوء. فجلست وأمسكت به،ولأن الكيان بأكمله كان مشربا بموسيقى ود اللمين، جعلت أعزف تأويله الوتري لإحدى مقطوعات برعي دفع الله الموسيقية وفيه تلاعب هارموني عذب بين الأوتار الرفيعة والغليظة. وعندما أفقت فجأة وأدركت أنني أفتي ومالك شخصيا ليس بالمدينة وحسب وإنما على بعد خطوات مني، أعدت العود إلى موضعه بخجل المعتذر. وبعد حين عاد ذلك العبقري فواصلنا معه الطيران في سماواته الموسيقية العليا.
ثم أتتني مفاجأة العمر السارة في ختام تلك الليلة المشهودة. فقد أخبرني الشباب الذين رافقوا ود اللمين في استراحته تلك بأنه سمع عزفا على العود فقطع حديثه إليهم ليسأل عمن يعزف. فرد عليه أحدهم بأنه هو العازف في شريط كاسيت ولا أحد غيره. لا اعلم ما إن كان المجيب يعرف أنني العازف وتعمد الكذب أو انه ظن فعلا أن العزف لود اللمين وانه ينبعث من مسجل الكاسيت. لكن المهم بالنسبة لي هو ان ود اللمين نفسه لم يعترض بالقول إن العزف ليس له، بل واصل حديثه في ما بدأه وكأنه تقبّل أنه العازف في تسجيل له ملأ به الحضور فترة غيابه.
أي مدعاة للفرح كانت هذه؟! وإذا قلت "يا الخرطوم العندي في ترابك جنة رضوان"، خاتي انا؟
وفي الختام اعتذار لود اللمين في عليائه: لو بقي في المآقي دمع لبكيتك به، لكن الحزن العام - الخاص جففه في خضم الكارثة التي حلت بنا من حيث ندري ولا ندري، فاعذرني ايها النبيل الجميل. لك السلام في مثواك الجديد بين أحباب الله، لأن الفرح الذي أشعته في هذه الأمة جمعاء يؤهلك بامتياز لهذا المقام.
wadsakina@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الشيخ ماهر المعيقلي يلقي خطبة عيد الأضحى بالمسجد الحرام
أعلنت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي اختيار فضيلة الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي، إمام وخطيب المسجد الحرام، لإلقاء خطبة صلاة عيد الأضحى لهذا العام بالمسجد الحرام.
كان الشيخ المعيقلي قد ألقى خطبة يوم عرفة في العام الماضي.
وتخرّج الدكتور المعيقلي في كلية المعلمين بالمدينة المنورة، ثم نال درجة الماجستير عام 1425هـ في فقه الإمام أحمد بن حنبل من كلية الشريعة بجامعة أم القرى، حيث كانت رسالته بعنوان: "مسائل الإمام أحمد الفقهية برواية عبدالملك الميموني"، ونال تقدير ممتاز.
وفي عام 1434هـ، حصل على درجة الدكتوراه في الفقه الشافعي بمرتبة الشرف الأولى من الجامعة ذاتها، عن تحقيقه لكتاب "تحفة النبيه شرح التنبيه" للإمام الشيرازي، في أبواب الحدود والأقضية.
في مسيرته العملية، بدأ الشيخ المعيقلي مدرساً لمادة الرياضيات، ثم عمل معلماً في مكة المكرمة، وتدرج ليصبح موجهاً طلابياً في مدرسة الأمير عبدالمجيد، ثم التحق بجامعة أم القرى كأستاذ مساعد في قسم الدراسات القضائية، وتولى منصب وكيل الكلية للدراسات العليا والبحث العلمي.
وتولى الشيخ المعيقلي إمامة وخطابة جامع السعدي بحي العوالي في مكة، ثم أمّ المصلين في المسجد النبوي خلال رمضان عامي 1426 و1427هـ، قبل أن يُكلّف بإمامة التراويح والتهجد في المسجد الحرام خلال رمضان 1428هـ، وفي العام نفسه عُيّن إمامًا رسميًا للمسجد الحرام.