برلين – "العديد من الألمان غير اليهود، يريدون أن يعلموننا ما هي معاداة السامية. إنهم يستغلون اليهود لتحقيق مكاسبهم السياسية والشخصية" هكذا تقول إيريس هيفيتس، عن جمعية "الصوت اليهودي من أجل السلام العادل في الشرق الأوسط" للجزيرة نت.

هيفيتس هي واحدة من أشهر اليهود الإسرائيليين في ألمانيا الداعمين بقوة لحقوق الشعب الفلسطيني، لكنها ليست وحدها.

في ألمانيا يخوض يهود بشكل مستمر حملات رافضة للسياسات الإسرائيلية والألمانية المتعلقة بفلسطين، ومن ذلك الحرب على غزة.

هذا النضال يكلفهم كثيرا من التضييق، مثل الضجة التي أثارها مشهد هيفيتس وشرطة برلين توقفها لمجرد أنها حملت لافتة كتبت عليها "كوني يهودية وإسرائيلية.. أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة"، كما أن زميلها في الجمعية "أودي راس" أوقف عن عمله مرشدا في المتحف اليهودي في برلين، بسبب حديثه عن فصل عنصري داخل إسرائيل لعدد من زوار المتحف.

This week, we spoke with Iris Hefets, who in mid-October was detained by police in Berlin while staging a lone protest in which she held up a sign that read “As an Israeli Jew: Stop the genocide in Gaza”.

Yesterday, for the same reason, Iris was arrested once again. pic.twitter.com/rp138Uioa0

— DiEM25 (@DiEM_25) November 11, 2023

دعم انتقائي لليهود

ونشرت الكاتبة اليهودية المعروفة في ألمانيا ديبورا فيلدمان، قبل أيام، مقالا في صحيفة "الغارديان" البريطانية أثار ضجة واسعة، تحت عنوان "ألمانيا هي مكان جيد لتكون يهوديا. إلا إذا كنت مثلي، يهوديا تنتقد إسرائيل"، موضحة أنه "كما في إسرائيل، يتم تفسير حماية اليهود بشكل انتقائي بحيث تنطبق فقط على الموالين للحكومة القومية اليمينية في إسرائيل".

لكن ليس كل يهود ألمانيا يتخذون مواقف هيفيتس، فالمجلس المركزي لليهود -أكبر الهيئات الممثلة لليهود في البلد- أعلن مؤخرا جمع التبرعات لصالح الجنود الإسرائيليين في الحرب، وقال في بيان إن "كل من يدعم حق إسرائيل في الوجود عليه إظهار التضامن مع الجنود الشجعان في جيش الدفاع الإسرائيلي"، مضيفا أن "الجالية اليهودية تنظر إلى هذه الحرب ببالغ الاهتمام والتعاطف، لأنها تخصّ تأمين حياتهم، أي الدولة اليهودية".

وتركز الحكومة الألمانية بشكل كبير على حوادث وصفتها بـ"معاداة السامية" في ألمانيا خلال الأسابيع الأخيرة، وأكدت التزامها الكامل بحماية اليهود. كما تصف برلين أمن إسرائيل بـ"مصلحة عليا وطنية"، وتعدّ ألمانيا من أشد المدافعين عن العدوان الإسرائيلي على غزة، وتعتبر ذلك دفاعا عن النفس، ويرى المستشار الألماني أولاف شولتس أن "التزام إسرائيل بالقانون الدولي ليس محلّ شك".


معاداة السامية

وتضم ألمانيا مكتبا في كل ولاية لمكافحة "معاداة السامية" بحكم مسؤوليتها التاريخية تجاه جرائم النازية بحق اليهود. وحسب الأرقام الرسمية، هناك 95 ألفا من اليهود مسجلون ضمن الطائفة اليهودية في البلاد، لكن الرقم الإجمالي في البلاد يصل إلى 200 ألف يهودي. ورفعت الحكومة الاتحادية في مايو/أيار الماضي، ما تقدمه من مدفوعات سنوية للمجلس المركزي اليهود من 13 مليون يورو إلى 22 مليون يورو. 

تعود هيفيتس إلى تاريخ العلاقات الإسرائيلية الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية، وتقول إن "الاتفاق بين ديفيد بن غوريون -أول رئيس وزراء لإسرائيل- وبين كونراد أديناور -أول مستشار لألمانيا الغربية بعد الحرب- نصّ على منح ألمانيا تعويضات مالية للضحايا اليهود، وكذلك لدولة إسرائيل باعتبارها ممثلا جماعيا لليهود حينها"، مضيفة أن "إسرائيل أخذت المال رغم أن بعض النازيين كانوا لا يزالون في السلطة كهانز غلوبكه الذي عمل إلى جانب أديناور".

ولفتت إلى أن "التعامل الرسمي الألماني يشبه نظيره الإسرائيلي، الاثنان معا يضيّقان على عمل الصحافة، وعلى النقاش المجتمعي والعمل الأكاديمي، في ما يخص الانتقادات الموجهة لسياسات إسرائيل"، متابعة أن برلين "تمول جزءا كبيرا من المجتمع اليهودي الداعم إسرائيل وللسياسات اليمينية الألمانية".

من جانبه، يقول  النائب في برلمان برلين عن حزب اليسار فرات كوجاك إنه "لا يوجد شك في خصوصية الدور التاريخي لألمانيا، ولكنه تطور مرعب أن يتم استخدام هذا التبرير للهجوم على جلّ مظاهر التضامن مع الشعب الفلسطيني ومعارضة الحرب".

وأوضح كوجاك -للجزيرة نت- أن عددا كبيرا من السياسيين الألمان "يسيؤون استخدام الوضع الحالي لأجل التحريض على الكراهية ضد اللاجئين والمهاجرين واتهامهم بمعاداة السامية".

كوجاك: عدد من السياسيين الألمان يسيؤون استخدام الوضع الحالي للتحريض على الكراهية ضد اللاجئين (مواقع إلكترونية) التضييق ليس جديدا

في عام 2019 فازت جمعية "إريك هيفيتس" بجائزة مدينة غوتنغن للسلام (مدينة في وسط ألمانيا)، تقديرا لالتزامها الدؤوب بالسعي لحل سلام عادل بين دولتين متجاورتين، ودعمها لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، حسب موقع الجائزة.

ولكن هذه الجائزة لم تمر دون ضجة، إذ احتج رئيس المجلس المركزي لليهود جوزيف شوستر، وراسل عمدة المدينة قائلا إن الجمعية هي داعم لأنشطة حركة مقاطعة إسرائيل "بي دي إس" (BDS) والتي صنفها البرلمان الألماني معادية للسامية، لافتا أن هذه الحركة "تريد عزل دولة إسرائيل وشعبها والتشهير بها كدولة أبارتايد".

ولم تسحب اللجنة الجائزة، لكن الضغوط أدت إلى انسحاب بلدية المدينة وبعض ممولي حفل التتويج. ومع ذلك كان الأثر المضاد كبيرا، حيث "شرعت لجنة التحكيم في جمع أموال لتمويل هذا الحدث، وفي النهاية جمعنا أكثر مما نحتاج، لذلك تبرعنا بكل ما تبقى لمنظمات فلسطينية وإسرائيلية تعمل في الميدان"، بحسب هيفيتس.

وسبق ذلك في 2018 أن أغلق بنك ألماني حساب الجمعية، والسبب -حسب هيفيتس- هو دعم الجمعية لحركة "بي دي إس"، موضحة "قالوا لنا إن تراجعنا عن دعم الحركة سيعيدون حسابنا، وطبعا رفضنا ذلك".

الأمر يصل -حسب هيفيتس- إلى المشاركة في البرامج الحوارية في الإعلام الألماني، مضيفة "غالبا لا تتم دعوتنا عندما يتم دعوة الكل. كما أن مفوضي مكاتب معاداة السامية، وهم مسيحيون، لا يريدون الكلام معنا، طرقنا أبواب القضاء ضد حملات تشهير، غالبا ما نفوز في الدعاوى، لكن هذا يأخذ كثيرا من الجهد".

بدوره، أكد كوجاك وجود "قيود واضحة على الحقوق الأساسية، ما يؤثر على الفلسطنيين وعلى اليسار وعلى المنظمات اليهودية المعارضة"، مضيفا "الأمر لم يبدأ منذ الهجمات الفظيعة لحماس في السابع من أكتوبر ولا للقصف الإسرائيلي الضخم والقاسي، فالمنع مستمر منذ سنوات، ومن ذلك منع مظاهرات إحياء ذكرى النكبة. بل في 2022 مُنعت المظاهرات في برلين لشهر كامل، ما يعدّ هجمة عنيفة على الحق في التعبير والتظاهر".


تهديد لمجتمع ديمقراطي

في الإطار ذاته، قالت هيفيتس إن "السلطات الألمانية تخاطر بحياتنا، لأنها تنشر الرواية الإسرائيلية حول معاداة السامية ولأنها تخلط بشكل منهجي بين اليهود وإسرائيل"، متابعة أن "الوسم الجماعي لأيّ تصرفات أو مشاعر معادية لإسرائيل بمعاداة السامية يعرّض حياة اليهود للخطر".

لكن "الضرر لا يخصّ فقط اليهود" -حسب هيفتس- حيث تعدّ ألمانيا لقانون يمنع من أدينوا بمعاداة السامية من نيل الجنسية الألمانية، وهو ما تراه هيفيتس" طريقة للسيطرة على المهاجرين واللاجئين ومنعهم من التوجه للمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، خصوصا أن العديد من اللاجئين السوريين نالوا مؤخراً الجنسية"، مؤكدة "وجود سياسات عنصرية يمينية موجهة ضد المهاجرين في ألمانيا، خصوصا العرب والمسلمين الذين يوصفون بـ "البرابرة والبدائيين" من طرف بعض الأصوات.

وتعتمد ألمانيا تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست "آي إتش آر إيه" (IHRA) لمعاداة السامية الذي يحدد "كراهية اليهود" ضمن تعريفها الأساسي، لكن الحكومة الفدرالية أضافت الجملة التالية للتعريف "دولة إسرائيل، التي يُنظر إليها على أنها جماعة يهودية، قد تكون هدفا لمثل هذه الهجمات".

وبشأن ما إذا كان هناك "تفسير سياسي خاطئ" أحيانا لمعاداة السامية، يرد كوجاك "نعم، المعركة المهمة والصحيحة ضد معاداة السامية يتم جمعها مع الانتقادات المشروعة للقصف الإسرائيلي الكبير وللاحتلال المستمر لعقود من الزمن لقطاع غزة والضفة الغربية"، وهو ما يضعف -حسب كلامه- أهمية المعركة ضد معاداة السامية الموجودة بشكل واسع النطاق لدى اليمين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: معاداة السامیة فی ألمانیا

إقرأ أيضاً:

إعلام عبري: أحزاب دينية يهودية تهدد بإسقاط حكومة نتنياهو

#سواليف

كشفت وسائل إعلام عبرية، أن رئيس #حكومة #الاحتلال الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو، يواجه تحديا جديدا يهدد بإسقاط حكومته، بعد أن صعد ” #حزب_التوراة_اليهودية ” المتحدة المتشدد من تهديداته بالانسحاب من الحكومة بسبب فشلها في تمرير قانون يعفي طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية.

وذكرت صحيفة /هآرتس/ وموقع /واللا/ العبري، أن أعضاء الحزب و #الحاخامات من خلفهم، وعلى رأسهم وزير الإسكان والبناء يتسحاق جولدنوبف، سيناقشون إما الانسحاب من الحكومة أو الشروع في إجراءات حل ” #الكنيست ” والتوجه إلى انتخابات إذا لم يتم تمرير القانون بعد عطلة عيد الشفوعوت اليهودي (عيد الأسابيع)، التي تصادف يومي الأول والثاني من يونيو/حزيران.

Add Post

مقالات ذات صلة “أكسيوس”: مقترح ويتكوف الجديد تم تنسيقه بالكامل مع “إسرائيل” 2025/05/30

وصرح مصدر في الحزب لصحيفة “هآرتس” أن زعيمًا في كتلة أغودات إسرائيل، الممثلة للطوائف #الحريدية، أبلغ أعضاء كتلة “ديغل هتوراه” غير الحريدية بقرارهم الانسحاب من الحكومة.

وفي الأشهر الأخيرة، قاطع الحزب تشريعات الكنيست، وفي وقت سابق من هذا العام، استقال جولدنوبف رمزيا من منصبه الوزاري الثانوي كوزير في مكتب رئيس الوزراء بسبب هذه القضية.

وتواجه حكومة نتنياهو وضعا صعبا بسبب فشلها في التوصل إلى اتفاق بشأن التشريع الذي يحسم مسألة الخدمة العسكرية لطلاب المدارس الدينية.

وبعد صدور حكم من المحكمة العليا العام الماضي يقضي بانعدام أي أساس قانوني للإبقاء على إعفاءات طلاب المدارس الدينية (اليشيفا) القائمة منذ فترة طويلة، طالبت الأحزاب الحريدية بتشريع جديد يسمح باستمرار هذه الممارسة.

لكن عشرين شهرًا من الحرب في غزة وعلى جبهات أخرى فرضت ضغطًا هائلًا على الجيش، حيث أعرب العديد من الأعضاء غير الحريدييم في الائتلاف الحاكم عن رفضهم لمشروع قانون يُمكّن من إعفاءات شاملة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، حذر النائب عن حزب “يهدوت هتوراة” يعقوب آشر من أنه إذا لم يقر الكنيست مشروع قانون الإعفاء بحلول نهاية الدورة الصيفية في 27 يوليو/تموز، فلن يتمكن حزبه من البقاء في الحكومة.

وهدد نواب متشددون أيضا بإسقاط الائتلاف، بعد أن أعلن الجيش في وقت سابق من هذا الشهر أنه اعتقل أشخاصا تجاهلوا أوامر التجنيد بعد الجولة الأخيرة من الاستدعاءات.

كما أفادت تقارير إعلامية، أن حاخامات حزب شاس الأرثوذكسي المتشدد من الطائفة السفاردية يستعدون لاتخاذ قرار بعد عطلة عيد الشفوعوت يوم الاثنين بشأن ما إذا كانوا سينسحبون من الحكومة.

وقال مسؤولون كبار في حزب “شاس”، لم يذكر أسماؤهم، في تقرير على الصفحة الأولى في صحيفة “هاديريش”، الصحيفة الرسمية للحزب، إن مجلس حكماء التوراة في “شاس” من المتوقع أن يجتمع بعد العطلة لمناقشة التشريع المتوقف لحماية الدراسة الكاملة للتوراة لطلاب المدارس الدينية ومنع تجنيدهم.

ودعا المسؤولون نتنياهو إلى تسريع المفاوضات ومنع حدوث أزمة سياسية. وقالوا: “نأمل أن يتحمل رئيس الوزراء مسؤوليته ويُسرّع المفاوضات دون تأخير”.

ويبلغ عدد الرجال الحريديم الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً ما يقرب من 80 ألف رجل مؤهلين للخدمة العسكرية، ولكن ما يزيد قليلاً على 1800 من الحريديم التحقوا بالجيش منذ الصيف الماضي، وهو عدد أقل بكثير من هدف الجيش البالغ 4800.

وتصاعد الجدل حول هذه القضية إلى ذروته مع خدمة عشرات الآلاف من جنود الاحتياط في الجيش لمئات الأيام منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما اقتحم آلاف المقاومين الفلسطينيين عدة قواعد عسكرية ومستوطنات في جنوب فلسطين المحتلة عام 48، مما أسفر عن مقتل 1200 جندي ومستوطن وأسر 250 آخرين

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تتهم القمر بمعاداة السامية ومسؤول مصري يثمّن جهود غش العسل
  • وزير خارجية ألمانيا: تسليم مزيد من الأسلحة لإسرائيل رهين بوضع غزة
  • إعلام عبري: أحزاب دينية يهودية تهدد بإسقاط حكومة نتنياهو
  • سلطات برلين تحقق في مشاكل نهائي كأس ألمانيا
  • ألمانيا تتراجع عن لهجتها الحادة: نلتزم بأمن إسرائيل
  • 10% من الغزاويين ضحايا للعدوان.. إحصائيات مفزعة بعد 600 يوم من الحرب
  • وزير خارجية ألمانيا من واشنطن: روسيا هي من تنتهك القانون الدولي
  • ألمانيا تهدد بوقف تسليح إسرائيل بسبب جرائم غزة
  • هل تُهدد قيود التأشيرات الجديدة مستقبل الطلاب الأجانب في أمريكا؟
  • ألمانيا تستضيف الرئيس الأوكراني اليوم.. لهذا السبب