الخليج الجديد:
2025-12-13@16:37:12 GMT

الاستيطان والبروباغندا

تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT

الاستيطان والبروباغندا

الاستيطان والبروباغندا

لم تكن مصادفة أن يخرج الأمريكيون الأصليون مؤخرًا فى التظاهرات الداعمة لفلسطين!

بينما يعتبر «عيد الشكر» عطلة رسمية للاحتفال فإن مجتمعات السكان الأصليين تعتبره «يوم حداد»، وتطالب بتغيير الحكاية الرسمية فى الكتب المدرسية.

سفينة «الحجيج» لم تكن بحال بداية الاستيطان الأوروبى بأمريكا الشمالية.

فقد سبقهم الإسبان بقرون. والثابت أن الإنجليز استوطنوا فيرجينيا قبل ماساتشوستس.

أسطورة عيد الشكر تسدل ستارًا سميكًا على ما تعرض له السكان الأصليون بعد 1621 من مذابح وتهجير قسرى على يد المستوطنين من أوروبا عبر حروب مستمرة بدأت أواخر القرن 18 واستمرت قرنا حتى نهايات القرن 19.

* * *

احتفلت الولايات المتحدة الأسبوع الماضى «بعيد الشكر»، وفى تلك الليلة تُعد الأسر الأمريكية وليمة من الديكة الرومية والقرع العسلى احتفالًا بالمناسبة. وعيد الشكر ليس احتفالًا دينيًا ولا علاقة له بالمسيحية، وإنما حكاية تنطوى على جملة من الأساطير تروج لأمريكا باعتبارها الأمة «الاستثنائية» التى تتصف بـ«الكرم» والجود.

فالرواية الرسمية التى يدرسها أطفال المدارس تصف المستوطنين الأوروبيين بـ«الحجيج». فالإنجليز البروتستانت أبحروا هربًا من الاضطهاد الدينى، وبحثًا عن «أرض جديدة» يقيمون فيها «مملكة الله على الأرض»، واعتبروها «أرض الميعاد»، واعتبروا أنفسهم كالحجيج.

وهم وصلوا عام 1620 بليموث بولاية ماساتشوستس، فاحتفى بهم أهل الأرض الأصليون. ومن بينهم شاب يدعى سكوانتو كان قد تعلم الإنجليزية من الصيادين والتجار الذين كانوا يأتون فى السابق، فعلَّم المستوطنين فنون الزراعة فزرعوا الأرض. وعندما حل موعد الحصاد على «أرضهم الجديدة» أقاموا وليمة عام 1621 ليشكروا الرب، ودعوا لها السكان الأصليين فاحتفلوا معًا فى وئام!

تلك هى الرواية الرسمية للحكاية التى يتعلمها الصغار فيحتفلون بالمدارس، مرتدين ملابس الطرفين. فـ«الحجيج» يرتدون الملابس الثقيلة والقبعات، بينما «الهنود الحمر» (كما يطلقون عليهم لتجريحهم) شبه عرايا بملابس بدائية كلها من الريش! لذلك، فهى ليست مصادفة أن يصف إعلان الاستقلال الأمريكى الصادر عام 1776 الأمريكيين الأصليين بـ«الهمج».

غير أن المؤرخين فندوا تلك الحكاية. فسفينة «الحجيج» لم تكن بحال بداية الاستيطان الأوروبى فى أمريكا الشمالية. فقد سبقهم الإسبان بقرون. وحتى الإنجليز، فمن الثابت أنهم استوطنوا فيرجينيا قبل ماساتشوستس.

لكن قصة فيرجينيا لا تصلح «للأمة الاستثنائية». فقد أثبتت البحوث أنهم أتوا بحثًا عن الذهب، وظلوا يحفرون الأرض وينبشون القبور وينهبون كل ما يقع فى طريقهم، ثم أجبروا السكان الأصليين إجبارًا على تعليمهم الزراعة. حتى قصة ماساتشوستس نفسها حافلة بالمغالطات.

فلا سكوانتو تعلم الإنجليزية من الصيادين والتجار، ولا المستوطنون بادروا بدعوة السكان الأصليين للوليمة! فالثابت أن سكوانتو أسره التجار حين كان طفلًا وباعوه كعبد فى إسبانيا فهرب لاحقًا لبريطانيا وهناك تعلم الإنجليزية، ثم نجح فى إقناع إنجليزى بأن يصحبه معه للعودة لبلاده.

وحين وصل بليموث، موطن رأسه، وجدها خالية عقب وباء أتى على سكانها، بمن فيهم أهله، فبقى فيها، وعلَّم المستوطنين الزراعة فعلًا. وحين جاء موسم الحصاد أقام المستوطنون احتفالًا.

لكن مدن السكان الأصليين المجاورة سمعت أصوات طلقات صادرة من الاحتفال، فهرع تسعون مسلحًا منهم نحو المكان لاستطلاع الأمر. غير أن هناك غموضًا تاريخيًا حول ما إذا كان المستوطنون وقت أن رأوهم دعوهم لتناول الطعام، وما إذا كان الجنود شاركوهم الطعام أم حطموا الاحتفال. لكن القدر المتيقن هو أن الصورة لم تكن وردية مثلما تروج لها الكتب المدرسية الأمريكية.

وبينما يعتبر «عيد الشكر» عطلة رسمية للاحتفال فإن مجتمعات السكان الأصليين تعتبره «يوم حداد»، وتطالب بتغيير الحكاية الرسمية فى الكتب المدرسية. ويقولون إن تلك الحكاية لا تسمح للأطفال بإدراك أن السكان الأصليين كانوا أممًا وممالك لها حضارتها قبل قدوم المستوطنين.

كما أنها أسطورة تسدل ستارًا سميكًا على ما تعرض له السكان الأصليون بعد 1621 من مذابح وتهجير قسرى على يد المستوطنين «المهاجرين» من أوروبا عبر حروب مستمرة بدأت فى أواخر القرن الثامن عشر واستمرت مائة عام كاملة حتى نهايات القرن التاسع عشر.

لكل ما تقدم، لم تكن مصادفة أن يخرج الأمريكيون الأصليون مؤخرًا فى التظاهرات الداعمة لفلسطين!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الاستيطان أوروبا الانجليز المستوطنين الحجيج أمريكا الشمالية عيد الشكر السكان الأصليون السکان الأصلیین لم تکن

إقرأ أيضاً:

إجلاء عشرات آلاف السكان جراء فيضانات في الولايات المتحدة وكندا

أُجلي عشرات آلاف الأشخاص وأُغلقت عشرات الطرق في المنطقة الشمالية الغربية التي يحدها المحيط الهادي في أميركا الشمالية، جراء هطول أمطار غزيرة تحوّلت إلى سيول وفيضانات أنهار.

وتمتد المنطقة المتأثرة بالسيول من شمال ولاية أوريغون الأميركية وعبر ولاية واشنطن وحتى كولومبيا البريطانية في كندا.

وبدأ هطول الأمطار الغزيرة في وقت سابق من الأسبوع، مع عاصفة اجتاحت المنطقة وأطلق عليها خبراء الأرصاد اسم "النهر الجوي".

وأفادت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الأميركية بأن غرب ولاية واشنطن كان الأكثر تضررا من العاصفة، إذ صدرت تحذيرات من السيول عبر جبال كاسكيد والجبال الأولمبية وبيوغيت ساوند، وكذلك في جزء شمالي من ولاية أوريغون، وهي منطقة يقطنها حوالي 5.8 ملايين شخص.

متطوعون يضعون أكياس رمل في مكان فيضان جدول مائي في مونتانا الأميركية (أسوشيتد برس)

وتوقعت ولاية واشنطن ارتفاعا بمقدار 61 سنتيمترا فوق مستوى الفيضان القياسي جراء الأمطار الغزيرة.

وأدت العاصفة ذاتها لهطول أمطار غزيرة وسيول في غرب ولاية مونتانا وجزء من شمال ولاية آيداهو.

وخفت حدة الأمطار الخميس، لكن هيئة الأرصاد الجوية الأميركية حذرت من استمرار الفيضانات أياما عدة في أجزاء من غرب ولاية واشنطن وشمال غرب أوريغون.

إجلاء وإغلاق

وأكدت المتحدثة باسم قسم إدارة الطوارئ في ولاية واشنطن كارينا شاغرين صدور أوامر إجلاء من "المستوى الثالث" لحوالي 100 ألف شخص في غرب الولاية، تحثهم على الانتقال فورا إلى أراضٍ مرتفعة.

وأضافت أن فرق إنقاذ متخصصة في التعامل مع المياه سريعة التدفق نُشرت في أنحاء المنطقة، ولكن لم ترد تقارير عن وقوع إصابات أو وجود مفقودين أو عالقين جراء السيول.

صورة جوية لمنازل محاطة بمياه الفيضانات في سنوهوميش بواشنطن (أسوشيتد برس)

وقال مسؤولو الولاية إن أكثر من 30 طريقا سريعا وعشرات الطرق الصغيرة أُغلقت بسبب السيول.

إعلان

وكذلك قالت شركة "بي إن إس إف" للسكك الحديدية إن عدة أجزاء من خط الشحن الرئيسي التابع لها الذي يخدم المنطقة الشمالية الغربية، جرفتها المياه أو تسببت في وقفها.

وأُمر سكان مناطق واقعة جنوب مدينة سياتل في ولاية واشنطن بإخلاء منازلهم، بينما أظهرت صور جوية أراضي زراعية تغمرها المياه.

نهر تشيليواك في وادي فريزر بكولومبيا البريطانية بعد أن جلبت عاصفة جوية أمطارا غزيرة عبر المنطقة (رويترز)

وفي كولومبيا البريطانية، ذكرت السلطات أن 5 من الطرق السريعة الكندية الستة المؤدية إلى مدينة فانكوفر المطلة على المحيط الهادي أغلقت بسبب السيول وتساقط الصخور وخطر الانهيارات الجليدية.

كما غمرت المياه مساحات واسعة من مدينة أبوتسفورد الكندية، مهددة مئات المنازل.

وهذه العواصف ليست أمرا غير عادي بمنطقة ساحل المحيط الهادي في الولايات المتحدة، إلا أن خبراء الأرصاد يقولون إنها ستصبح أكثر تواترا وتطرفا على الأرجح خلال القرن المقبل إذا استمر ارتفاع درجة حرارة الأرض الناجم عن تغير المناخ بالمعدلات الحالية.

مقالات مشابهة

  • فيضانات واشنطن.. ارتفاع منسوب المياه لمستويات قياسية وإجلاء لآلاف السكان
  • فيضانات «غير مسبوقة» تضرب واشنطن.. آلاف السكان يفرون من منازلهم
  • الاستيطان الإسرائيلي في الضفة يبلغ أعلى مستوى له منذ 2017
  • ديب: “فوزنا على شباب عين تموشنت لم يكن سهلا وكل الشكر لأنصارنا”
  • الصين تفرض ضريبة جديدة على الواقي الذكري: قلق صحي لدى السكان
  • إجلاء عشرات آلاف السكان جراء فيضانات في الولايات المتحدة وكندا
  • الهيئة الوطنية توجه الشكر للقضاة ووزارة الداخلية والسفراء على جهدهم بالانتخابات
  • بعد قرار علاج عبلة كامل على نفقة الدولة.. «المهن التمثيلية» توجه الشكر للرئيس السيسي
  • "التعاون الإسلامي" تدين خطط الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية
  • وجهوا الشكر للرئيس السيسي.. تسليم 405 عقود عمل لذوي همم