تُعدُّ الجمعيَّات أحَد أنواع المنظَّمات الأهليَّة غير الربحيَّة، وهي تُشكِّل مظلَّة ينشط من خلالها المتطوِّعون على جميع المستويات، سواء كانوا شبابًا أم كبار سنٍّ أم أطفالًا، ذكورًا أم إناثًا، كما تضمُّ الجمعيَّات موظفين. فالموارد البَشَريَّة في الجمعيَّات غير الربحيَّة مكوَّنة من متطوِّعين، وموظفين، وجميعهم يعملون معًا لتحقيقِ أهداف الجمعيَّة، فإذا كانت الجمعيَّة مختصَّة في مجال الإعاقة، نشط الجميع لخدمة هذه الفئة، وإذا كانت مختصَّة في مجال البيئة، نشط جميع أعضائها المتطوِّعين والموظفين لحماية البيئة، ويكُونُ نشاط الموارد البَشَريَّة في الجمعيَّة من خلال انخراطهم في برامج ومشاريع ومبادرات تُطرح سنويًّا.


ويتمُّ تنظيم الموارد البَشَريَّة بالجمعيَّة، ونقصد هنا المتطوِّعين بالجمعيَّة، من خلال هيكل تنظيمي ينظّم على النَّحْوِ الآتي: تضمُّ الجمعيَّة جمعيَّة عموميَّة مكوَّنة من جميع الأعضاء المتطوِّعين المنتسِبين للجمعيَّة، ويقومون باختيار أعضاء مجلس إدارة سنويًّا يعملون لمدَّة أربعة وعشرين شهرًا على الأقل، حيث يتمُّ اختيار أعضاء المجلس بالانتخاب عن طريق الاقتراع السِّري، ويفتح مجلس الإدارة الباب للترشح لعضويَّة اللجان لأعضاء الجمعيَّة العموميَّة لينضمُّوا لهذه اللجان. وهذه اللجان هي الَّتي تطرح مقترحات الأنشطة والمبادرات والمشاريع للجمعيَّة، ويقرُّها مجلس الإدارة، ويقوم أعضاء اللجان بتنفيذ الأنشطة.
ولكن خلال سَير الأنشطة بالجمعيَّة تظهر خلافات بَيْنَ أعضاء الجمعيَّة، إمَّا بَيْنَ أعضاء مجلس الإدارة، أو بَيْنَ أعضاء اللجان ومجلس الإدارة أو بَيْنَ أعضاء اللجان مع بعضهم البعض. ولهذا النزاع أسباب عدَّة مِثل: النزاع على رئاسة مجلس الإدارة، أو أحَد المناصب بالمجلس، ولا يقتصر الصراع خلال فترة الانتخابات وتوزيع مناصب مجلس الإدارة، بل يستمرُّ هذا الصراع أحيانًا خلال فترة مجلس الإدارة، حيث يركِّز الطرف الخاسر على إبراز عيوب الطرف الفائز بالمنصب الإداري، أو يحاول الطرف الفائز بأحَد المناصب في مجلس الإدارة إقصاء جميع منافسيه في المجلس، وينتج عن هذا الصراع تعطُّل نشاط الجمعيَّة وتشتُّت جهود المتطوِّعين، أو انسحاب بعض الأعضاء من الجمعيَّة لينضمُّوا لجمعيَّة أخرى، أو يتركوا العمل التطوُّعي بأسْرِه. ومن أسباب النزاع بَيْنَ الأعضاء اعتراض أعضاء اللجان أو أعضاء الجمعيَّة العموميَّة على بعض قرارات مجلس الإدارة، ومحاولة وقف العمل بهذه القرارات، كما يتسبَّب الفساد وسوء استغلال أموال الجمعيَّة من قِبل أعضاء مجلس الإدارة في خلافات حادَّة، وعادةً ما يُحتكم في هذا النَّوع من النزاعات للجهات الإشرافيَّة على الجمعيَّات أو لدى القضاء، ومن أسباب النزاع بَيْنَ أعضاء الجمعيَّات مصادرة أفكار بعض الأعضاء فيطرح أحَد الأعضاء بعض الأفكار لأنشطة مميزة، ويضع لها الخطط، ويجتهد لتوفير موارد ماليَّة، وبعد هذه الجهود يغنم أحَد الأعضاء، سواء من مجلس الإدارة أو من اللجان بالمكاسب الاجتماعيَّة كالظهور الإعلامي، أو اللقاءات مع المسؤولين، وفي بعض الأحيان ينسبون هذه الجهود لأنفُسهم، فغياب الحماية الفكريَّة لأطروحات الأعضاء يُشكِّل سببًا شائعًا للنزاع بَيْنَ الأعضاء، كما أنَّ ظهور بعض الظواهر المرفوضة في الجمعيَّة تعكِّر صفو العمل وتسبِّب النزاع مِثل: ظاهر الشلليَّة بَيْنَ الأعضاء، ومحاباة الأقارب والأصدقاء، وعدم الحياديَّة في التعامل مع الأعضاء، وممَّا لا شكَّ فيه فإنَّ عدم الانسجام بَيْنَ الأعضاء في أيِّ صورة من الصور يُسبِّب النزاع بَيْنَهم، ومن أسباب النزاعات الصراعات الفكريَّة واختلافات وجهات النظر بَيْنَ الأعضاء، سواء كانت تلك الصراعات أيديولوجيَّة أو فكريَّة أو قوميَّة، أو فنيَّة أو مهنيَّة. كما تظهر نزاعات بَيْنَ أعضاء الجمعيَّة والمستفيدين من خدمات الجمعيَّة. فعلى سبيل المثال، يعترض بعض الفقراء على الجمعيَّات الخيريَّة عِند رفض الجمعيَّة لتقديم مساعدة معيَّنة لَهُم، أو يختلف أولياء أمور المعوقين مع أعضاء الجمعيَّة على طريقة تقديم الخدمات لأبنائهم، كما تظهر نزاعات بَيْنَ الجمعيَّات وبعضها البعض خصوصًا الجمعيَّات الَّتي تتشابه في مجال الاختصاص.
ومع تعدُّد أسباب النزاع بَيْنَ أعضاء الجمعيَّات، وبَيْنَ الجمعيَّات مع بعضها البعض، وبَيْنَ المستفيدين من خدمات الجمعيَّة وأعضاء الجمعيَّة، إلَّا أنَّها في النِّهاية تعرقل تحقيق أهداف الجمعيَّة وتُقلِّل من كفاءة الخدمة الَّتي تقدَّم للمستفيدين. وأرى أنَّ ظهور النزاعات شرٌّ لا بُدَّ مِنْه في جميع التجمُّعات البَشَريَّة بأنواعها، إلَّا أنَّ هناك تدابير عديدة تحدُّ من ظهور هذه النزاعات، كما تحدُّ من تعاظم حجم النزاع، وتخفِّف من الأضرار الناتجة عن هذا النزاع، فمن هذه التدابير حُسن تنظيم الموارد البَشَريَّة عن طريق وضع هيكليَّة منظَّمة، والعمل في الجمعيَّة على أساس قانوني سليم، ووجود لجان رقابة داخليَّة في الجمعيَّة، ولحُسن توثيق وتنظيم سجلَّات الجمعيَّة أثَر كبير في تجنُّب النزاعات بَيْنَ الأعضاء، ومن المُهمِّ وضع آليَّة منظِّمة لتقدير جهود الأعضاء وتوثيق هذه الآليَّة. وعمومًا فإنَّ حُسن قيادة مجلس الإدارة لأعضاء الجمعيَّة، لا سِيَّما الدَّوْر الَّذي يقوم به الرئيس وتعامله بحكمة مع الأعضاء يساعد على احتواء النزاعات قَبل تفاقمها…. ودُمْتُم سالمين.

نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
Najwa.janahi@

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ب النزاع ب ی ن أعضاء اللجان مجلس الإدارة ة فی الجمعی

إقرأ أيضاً:

بالأسماء.. انتخاب مجلس تنفيذي جديد لـ"جمعية البيئة"

مسقط- الرؤية

عقدت جمعية البيئة العُمانية اجتماعها العام السنوي للجمعية العمومية لاستعراض أعمالها للعام المُنصرم 2023، ونشر تقريرها السنوي الذي باتَ مٌتاحاً على الموقع الإلكتروني للجمعية (www.eso.org.om)، والذي يُسلط الضوء على أهمية أعمال الجمعية وتأثيراتها.

وتضمن الاجتماع السنوي لهذا العام انتخاب أعضاءُ الجمعية لأعضاءِ المجلس التنفيذي الجديد، وقد جرى انتخاب الأعضاء التالية أسمائهم: المُكرم الدكتور عامر المطاعني كرئيساً للمجلس، والفاضلة رميثة البوسعيدية، نائبة الرئيس، والفاضل عبد العزيز العبدلي، أمين الخزينة، والفاضلة نشوى الرواحية، أمينة السر، والفاضلة أميرة اليعربية، الموجهة، مع بقية أعضاء المجلس وهم: الفاضل عمر الريامي والدكتور محمد الكلباني والدكتور علي عكعاك والفاضل ناصر المسكري والفاضل ناصر الشبلي، حيث يتولى كل فرد من أعضاء المجلس مهام حيوية ضمن القطاعات المختلفة للمجتمع، مما يضمن توافر وجهات النظر المُتعددة والمُوسعة حول قطاع الاستدامة وصون البيئة.


 

وقام المجلس التنفيذي، وفور حصوله على أوراق الاعتماد من وزارة التنمية الاجتماعية، بعقدِ أول اجتماعاته لمناقشة الخطاب السامي لحضرة الجلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه، والذي القاه في افتتاح مجلس عُمان خلال شهر نوفمبر من عام 2023، والذي ركز جلالته فيه على الأهداف الوطنية للوصول إلى الحياد المناخي بحلول العام 2050، من خلال اعتماد وتبني التقنيات المُراعية للبيئة، ومبادئ استدامة المشاريع، والحلول المُنبثقة من الطبيعة، وتعزيز التنوع الأحيائي، والحفاظ على النُظم البيئية.

وقال المُكرم الدكتور عامر المطاعني رئيس المجلس التنفيذي لجمعية البيئة العُمانية: "إننا نسير على النهج الرشيد لصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، حفظه الله ورعاه، كما أننا نمتلك الطموح والرؤية والالتزام الحقيقيين لتنفيذ مضامين خطابه الكريم كخارطة طريق لتحقيق رؤية عُمان 2040، واضعين نُصب أعيُننا المسار الوطني نحو تحقيق الحياد الكربوني مع حلول عام 2050، مع تصميمنا وإصرارنا على رفع مستوي الوعي البيئي العام للمجتمع العُماني، وصون الإرث الطبيعي لعُمان كي يبقى سليماً معافى للأجيال المُستقبلية. وهو الأمر المُتأصل والمُتجذر في عُمان ونهضتها، وإننا ماضون قُدماً لتحقيق ذلك من خلال مشاريعنا وبرامجنا المٌستقبلية".

مقالات مشابهة

  • بالأسماء.. انتخاب مجلس تنفيذي جديد لـ"جمعية البيئة"
  • سرطان المعدة: قاتل يُنهي حياة آلاف اليمنيين سنوياً.. تعرف على علامات التحذير المبكرة وطرق الوقاية!
  • مدبولي: على بنك التنمية الجديد دعم الأعضاء لتنفيذ الخطط التنموية
  • وقف إطلاق النار في غزة أمام مجلس الأمن
  • اليوم.. مجلس الامن يصوت على قرار وقف اطلاق النار في غزة
  • جرثومة المعدة.. الأسباب والأعراض وطرق الوقاية والعلاج
  • مجلس إدارة مؤسسة موانئ البحر الأحمر يناقش مستوى الأداء والموازنة التقديرية للعام 2024م
  • اجتماع مجلس إدارة «الوفد» بعد تشكيله النهائى
  • كيف يتعامل مرضى الجيوب الأنفية مع ارتفاع درجات الحرارة؟ أطباء يوضحون أسبابها وطرق العلاج والوقاية منها
  • المجلس البلدي يزكي جميع أعضاء اللجان الرئيسية والفرعية لدور الانعقاد الثالث