لا تأخذوا تصرفات مريض ألزهايمر على محمل شخصي.. لماذا؟
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
عادة ما يواجه أقارب مرضى ألزهايمر أو الخرف تحديات كبيرة، نظرا لحدوث كثير من الأعراض المزعجة مثل الأرق والاضطرابات أثناء الليل، والرغبة الشديدة في الحركة، والصراخ بصوت عالٍ والتصرفات العدوانية.
ومن خلال بعض الإستراتيجيات يمكن للأقارب التعامل مع مرضى ألزهايمر بشكل سلس ومريح.
لا للتوبيخ!قالت ماريون لانغهورست، من جمعية ألزهايمر الألمانية، إنه إذا ارتدى المصاب بالزهايمر الجاكيت الشتوي أثناء الصيف، فليس هناك داع لتوبيخه، ولكن يكون من المفيد في مثل هذه الحالات التواصل معه بشكل يحمل التقدير والتفهم لتصرفه، مع مراعاة أن مثل هذه المواقف تتطلب التحلي بالمزيد من الصبر.
ويمكن توضيح الأمر للمصاب بالزهايمر مثلا من خلال القول "إن الجو سيكون دافئا جدا اليوم، ويمكنك تجريب ذلك". وسرعان ما يلاحظ المصاب بالزهايمر أن الجاكيت الشتوي دافئ جدا، ولذلك يتعين على الأقارب المرافقين للمصاب اصطحاب جاكيت صيفي معهم كقطعة ملابس بديلة.
وأضافت لانغهورست أنه عندما يصاب المرء بالزهايمر يتغير إدراكه وإحساسه بالوقت، ولذلك من الأمور المفيدة أن تكون هناك ساعات تعرض معلومات حول يوم الأسبوع وإشارات حول الصباح والظهيرة والمساء.
روتين ثابت وطقوس معتادة
من جانبها، أضافت دانييلا سولمان، من مركز الجودة في الرعاية الصحية الألمانية، أنه من المهم أيضا تحديد روتين يومي ثابت وطقوس معتادة، إذ تعمل الإجراءات المنتظمة والمعتادة على مساعدة الأشخاص المصابين بالزهايمر وإعطائهم الأمان خلال يومهم، كما يجب على الأقارب الحفاظ على ذلك.
وأشارت لانغهورست إلى ضرورة أن يظل كل شيء في مكانه في المنزل، حتى لا يتعرض المصابون بالزهايمر للإرهاق والتعب بسرعة.
ممارسة الرياضة ومقابلة الأصدقاءوعلى الرغم من تشخيص المرء بالإصابة الزهايمر، فإنه يتعين على الأقارب وضع ثقتهم بالمصاب، وقالت "من الأمور المهمة أن يواصل المرضى ممارسة الرياضة ومقابلة الأصدقاء والمشاركة في الرحلات الخارجية الاستكشافية، لأن الأنشطة التي تحفز الجسم والعقل تعزز أيضا من الاستقلالية والنشاط، وتفيد القدرات المعرفية والإدراكية".
وأضافت سولمان "ينبغي الحرص على أن يشعر المصابون بالزهايمر بالارتياح وتعزيز جوانب الاسترخاء والمتعة والرضا".
ويمكن تحقيق مثل هذه المشاعر من خلال تصفح الصور القديمة واسترجاع الذكريات السعيدة أو التنزه في الهواء الطلق أو مشاهدة أحد الأفلام.
الدمج في الحياة اليومية
دائما ما ينصح الخبراء بدمج مرضى الزهايمر في الحياة اليومية، وتكليفهم بالمهام الصغيرة مثل القيام بكي الملابس أو تغطية الطاولات أو العناية بالزهور وتنسيقها أو ري نباتات الزينة في المنزل.
وقالت سولمان إن "الأمر لا يرتبط هنا بالنتيجة، سواء كانت هناك مياه كافية للزهور أو طي الملابس بصورة سليمة، ولكن الأهم هو المشاركة في المهام اليومية".
ويمكن للأقارب جعل الحياة اليومية أسهل بالنسبة لمرضى الزهايمر، وذلك من خلال تغيير طريقة التعامل معهم. ووضحت سولمان ذلك "ليس هناك داع
لمناقشة أو تصحيح أو فرض أي شيء على مرضى ألزهايمر".
وسرعان ما يشعر مرضى ألزهايمر بأنه يتم التعامل معهم كأطفال، وبالتالي فإنهم يتصرفون بعدوانية وعصبية، ولذلك من الأفضل التعامل معهم بشكل ودود، وبدلا من تصحيح المعلومة لهم بشكل مباشر، ينبغي إخبارهم بالمعلومة الصحيحة في ثنايا الحديث.
تجنب التوتر
يتعين على الأقارب تجنب التوتر، لأنه يؤدي إلى تفاقم الأعراض، وغالبا ما يكون من المفيد الانغماس في العالم الشعوري للمريض بالزهايمر.
وقالت سولمان "إذا تمكن الأقارب من الشعور بما يحرك الشخص، فسوف تكون هناك فرصة للتخفيف من بعض الأشياء".
كما ينبغي التعامل مع المصابين بالزهايمر بشكل جيد على المستوى العاطفي، ومع تقدم مراحل المرض تظهر أهمية أكبر للتلامس والمعانقة.
وأضافت سولمان أنه "من الأمور المساعدة أيضا في التعامل مع مرضى ألزهايمر أن تكون لغة الجسد واضحة، وأن يتم توضيح كيفية إجراء الأنشطة أمام المصابين".
وينبغي على الأقارب عدم أخذ تصرفات المصاب بالزهايمر على محمل شخصي، ونصحت لانغهورست قائلة "يتعين على الأقارب أن يدركوا أن التغير في السمات الشخصية يعتبر من أعراض ألزهايمر"، وبالتالي فإن التصرفات العدوانية قد تشير إلى المتطلبات المفرطة، علاوة على أن الأرق والتوتر أثناء الليل قد يشيران إلى الرغبة في التبول أو الإحساس بالألم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مرضى ألزهایمر على الأقارب التعامل مع یتعین على
إقرأ أيضاً:
لماذا يجب أن يُبنى مستقبل الإعلام على القيم الأخلاقية والتعاطف والمسؤولية المشتركة؟
بقلم صاحبة السمو الملكي الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود: الأمين العام وعضو مجلس الأمناء في مؤسسة الوليد للإنسانية،وعضو مجلس إدارة تحالف بريدج.
شهدتُ خلال سنوات عملي في العمل الإنساني والإعلامي تحوّلات عميقة أعادت تشكيل طبيعة المعلومات وقوتها وتأثيرها. فاليوم، تنتقل البيانات بسرعة تتجاوز الحدود الجغرافية والزمنية، وتصل إلى ملايين البشر في لحظات. وقد باتت قصة واحدة قادرة على أن تكشف جانبًا من الحقيقة، أو تُربك مسارها، أو تُغيّر اتجاه نقاش عالمي بالكامل.
وفي عالم تتحرك فيه المعلومات بسرعة تفوق قدرتنا على التأمل، لم يعد كافيًا التعامل مع الإعلام كمساحة للترفيه أو نقل الأخبار فقط، بل بصفته قوة تشارك في بناء الوعي وصون الكرامة الإنسانية وتعزيز استقرار المجتمعات.
من هذا المنطلق، جاء إطلاق تحالف بريدج وقمة بريدج 2025 في لحظة يحمل فيها الإعلام دورًا مفصليًا في تشكيل المستقبل. ما يعكس رؤية واحدة: بناء إعلام أخلاقي، مسؤول، وفاعل، فتحالف بريدج هو مبادرة عالمية مستقلة وغير ربحية تسعى إلى دعم الممارسات الإعلامية القائمة على المصداقية والمسؤولية، وضمان الاستخدام الآمن والواعي لتقنيات الذكاء الاصطناعي كما يجمع التحالف نخبة من المبدعين وصُنّاع السياسات والخبراء والمؤسسات الدولية، بهدف تعزيز قصص إنسانية قوية ومؤثرة.
أما قمة بريدج 2025، التي تُقام في أبوظبي، فهي منصة عالمية لبحث مستقبل الإعلام وفي دورتها الافتتاحية، تجمع أكثر من 60.000 مشارك من 130 دولة، في حدث يعكس رغبة عالمية في بناء منظومة إعلامية ترتكز على المساءلة والاحترام المتبادل والتفاهم بين الثقافات. ومن خلال جمع الصحفيين وصناع المحتوى والمستثمرين والتقنيين والشباب، تُرسّخ القمة إطارًا جديدًا يلتقي فيه الابتكار مع الأخلاق، والتكنولوجيا مع الإنسان.
ومن واقع خبرتي العملية، يتبيّن أن التحول الإيجابي يتطلب التزامًا طويل المدى، لا مبادرات مؤقتة أو استجابات آنية. فالإعلام بحاجة إلى منظومة مستقرة وواضحة في توجهاتها، بعيدًا عن دورات الاهتمام القصيرة. وفي هذا الإطار، يقدّم تحالف "بريدج" نموذجًا مهنيًا بطبيعته المستقلة وغير الربحية، ما يتيح صياغة مبادرات تركّز على الأثر.
ولا تنتهي هذه الحوارات بانتهاء القمة، بل تمتد على مدار العام عبر تحالف بريدج، من خلال التعاون الدولي المستمر، والنقاش حول السياسات، وتطوير معايير تُسهم في مواءمة الإعلام والتكنولوجيا مع القيم الإنسانية، ومع ما يحتاجه الإنسان ليحظى بإعلام مسؤول.
إننا اليوم في لحظة فارقة؛ فحجم المحتوى يفوق القدرة على التحقق، والتكنولوجيا تتقدم بسرعة تتجاوز الأطر التشريعية، ومع ذلك، يبقى الأمل حاضرًا. فعندما يكون الإعلام قائمًا على الأخلاق، ومُستنِدًا إلى التعاطف والمسؤولية المشتركة، يصبح قوة دافعة نحو بناء عالم أكثر فهمًا، واستقرارًا، وأثرًا إنسانيًا.