أستكمل حديث أمس حول الديمقراطية الليبرالية فى الجمهورية الجديدة، والتى بدأت بشائرها تلوح فى الأفق من خلال ما رأيناه فى الانتخابات الرئاسية التى جرت مؤخراً، من خلال إرادة سياسية حقيقية لأول مرة منذ القضاء على الحياة السياسية والحزبية بعد ثورة 23 يوليو 1952. أما الآن فمصر تؤسس لدولة ديمقراطية عصرية حديثة قوامها الأحزاب السياسية القوية الفاعلة، وهذا يستوجب من الجميع استلهام العبرة من الماضى، فى ظل أن المرحلة القادمة ستشهد تطورات مختلفة بشأن تفعيل الحياة السياسية تفعيلاً لمواد الدستور خاصة المادة الخامسة التى تقضى بأن النظام السياسى فى البلاد قائم على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة والفصل بين السلطات والتوازن بينها وتلازم المسئولية مع السلطة واحترام حقوق الإنسان وحرياته.
وهنا العبرة تقتضى ألا نكون أمام حزب واحد للسلطة الذى يجمع بين يديه كل السلطات والمزايا، لأن ذلك يدفع المواطنين إلى الهرولة لحزب السلطة لتحقيق مصالحها، وهذا يكرس مشهد الحزب الأوحد المرفوض جماهيرياً، وكل ذلك فى الجمهورية الجديدة قد ولى إلى غير رجعة بسبب الإرادة السياسية الحقيقية التى تريد ديمقراطية صحيحة وسليمة، وليست شكلية كما كان فى السابق. وهذا يذكرنى بما طالب به حزب الوفد من خلال هيئته العليا قبل سنوات، عندما دعا الوفد كل القوى السياسية والحزبية، لبحث تفعيل التعددية السياسية ورفض سيطرة حزب واحد على كل المقاليد. وأذكر أيضاً أن رسالة الوفد كانت واضحة جداً إلى الرئيس الراحل حسنى مبارك، عندما طالبه بضرورة التعددية السياسية، وكانت هذه هى الفرصة الأخيرة أمام النظام حينذاك لإثبات حسن النية أمام المصريين، وأنها إن ضاعت ستكون هى النهاية، وهو ما حدث بالفعل، وسقط النظام وسقط الحزب الأوحد، ولعدم وجود أحزاب قوية فى هذا التوقيت بسبب حملات التشويه لم نجد حزباً سياسياً يملأ الفراغ السياسى.
الآن تغيرت الصورة تماماً وتبدلت فى ظل إرادة سياسية حقيقية وقيادة سياسية حكيمة، بدأنا السير فى المسار الديمقراطى الليبرالى، ولن يتكرر ذات المشهد المأساوى السابق، بل إن الدولة المصرية تقف حالياً على مسافة من كل الأحزاب بلا استثناء، وقد رأينا هذا واقعاً خلال الانتخابات الرئاسية مؤخراً، وتأكدت هذه الإرادة من خلال لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اليوم التالى لإعلان النتيجة مع المرشحين الثلاثة من الأحزاب السياسية وهم الدكتور عبدالسند يمامة وفريد زهران وحازم عمر، ما يعنى وجود إصرار على ضرورة تفعيل الحياة السياسية والحزبية بالبلاد، ولدىّ قناعة كاملة أن الدولة المصرية حالياً لن تسمح بالمزايدة أو المتاجرة باسمها على النحو الذى يعيد المشهد القديم الراسخ فى الأذهان والذاكرة عن الديمقراطية الشكلية أو الاهتمام بحزب واحد كما كان متبعاً من قبل، وتسبب فى معاناة شديدة للمواطنين على مدار عدة عقود من الزمن.
الأمانة تدفعنى وتدفع حزب الوفد الذى يعمل ظهيراً وسنداً للدولة المصرية، هو التأكيد على وجود إرادة سياسية قوية من أجل الاستمرار فى المسار الديمقراطى الجديد الذى تشهده البلاد ووجود تفعيل حقيقى للتعددية السياسية والحزبية. والأمر كذلك يدفعنا إلى القول إن مستقبل الديمقراطية فى مصر قادم إلى الأفضل والأحسن، وينزع الخوف والقلق من القلوب حول هذا الأمر.. والدليل القاطع على ذلك هو الانتخابات الرئاسية التى لم تسجل شكوى واحدة من سير العملية الانتخابية، إضافة إلى ما سبقها من وجود الحوار الوطنى الذى شهد حالة ديمقراطية أكثر من رائعة، وسيتم استئناف جلسات الحوار قريباً لاستكمال هذا المسار الديمقراطى الرائع الذى يتغيّاه المواطنون.
تلك هى الديمقراطية الليبرالية الجديدة التى تضاف إلى إنجازات ثورة 30 يونيو 2013، المتعددة.
«وللحديث بقية».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدكتور وجدى زين الدين الديمقراطية الليبرالية الجمهورية الجديدة البلاد السياسية والحزبية السیاسیة والحزبیة من خلال
إقرأ أيضاً:
الثقافة: اختيار شمال سيناء عاصمة للثقافة 2026 يتسق مع رؤية القيادة السياسية بشأن التنمية
أكد اللواء خالد اللبان، مساعد وزير الثقافة لشؤون رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة، أن اختيار مدينة العريش لاستضافة مؤتمر أدباء مصر لعام 2026، بالتزامن مع اختيار محافظة شمال سيناء عاصمة للثقافة المصرية، يأتي متسقًا مع رؤية القيادة السياسية وتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن تنمية سيناء.
وأضاف في مداخلة هاتفية مع الإعلامية هدير أبو زيد مقدمة برنامج "كل الأبعاد"، عبر قناة "إكسترا نيوز"، أن التنمية في هذه المنطقة لا تقتصر على البعد العمراني، بل تمتد إلى بناء الإنسان وترسيخ الثقافة باعتبارها جزءًا رئيسيًا من عملية التنمية الشاملة.
الأوقاف عن رفع إيجار أراضي الوزارة: قرار بالتعامل الرحيم مع أصحاب الملكيات المفتتة "الأرصاد" تكشف المحافظات الأكثر تأثرًا بسقوط الأمطار الأيام المقبلةوأوضح اللبان أن شمال سيناء عانت خلال السنوات الماضية من الإرهاب، وأن مواجهة الفكر التكفيري المتطرف لا تتم بالسلاح فقط، وإنما من خلال مواجهة الفكر بالفكر.
وتابع، أن وزارة الثقافة، عبر الهيئة العامة لقصور الثقافة، قامت خلال عام 2025 بجهد كبير لتهيئة المحافظة لتكون عاصمة الثقافة لعام 2026، من خلال سلسلة واسعة من الفعاليات والاحتفالات، إضافة إلى افتتاح أربعة مواقع ثقافية جديدة في بئر العبد والقاطية ونِخِل ونِجيلة، فضلًا عن تنظيم المؤتمر الدولي للحرف الصناعية ومهرجان فنون البادية وملتقى أهل مصر للشباب.
وأشار اللبان إلى أن قصور الثقافة في شمال سيناء أصبحت منصة رئيسية لاكتشاف المواهب وتنمية القدرات الإبداعية، موضحًا أن العديد من المشاركين في الفعاليات الثقافية تمكنوا من تعلم حِرف يدوية أسهمت في إقامة مشروعات خاصة لهم.