ترجمة- محمد الهيملي

كشف مسؤولون إسرائيليون أن حملة الاغتيالات التي قالت دولة الاحتلال الإسرائيلي إنها تستهدف بها تصفية قادة حركة حماس، أسفرت عن "نتائج عكسية وغير عملية على الإطلاق"، وذلك حسب ما نشرته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية في تقرير لها.

ونقل التقرير عن المسؤولين الإسرائيليين- الذين لم تفصح الصحيفة عن هويتهم ولا المناسبة التي تحدثوا فيها- قولهم إن عملية جديدة اعتمدتها دولة الاحتلال للقضاء على قادة حركة حماس أطلقت عليها اسم "نيلي"، وهي كلمة توراتية تعني "إسرائيل الأبدية صادقة".

وخلال نوفمبر الماضي صرح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أنه أصدر أوامره لجهاز الموساد ببدء تصفية كبار قادة حماس أينما كانوا، وفي مطلع ديسمبر الجاري نُشر تسجيل مسرب عن رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي يقول فيه: "سنقتل قادة حماس داخل غزة وفي الضفة الغربية، وسنقتلهم في لبنان وقطر وتركيا وكل مكان". وأضاف "الأمر سيحتاج لبعض الوقت.. لكننا سنفعلها".

ويصف بار الحملة بأنها "ميونِخْنَا" في إشارة لأحداث أولمبياد ميونخ في ألمانيا 1972 عندما شنت إسرائيل حملة اغتيالات بسبب هجوم قام به فلسطينيون ما تسبب بمقتل 11 لاعبا إسرائيليا رياضيا، نتج عنها وقوع 10 عمليات اغتيال ما بين ديسمبر 1972 إلى 1979، وقد عرضت هذه العمليات في فيلم ميونخ لستيفن بيرج. ومنذ ذلك الحين قامت إسرائيل بعمليات اغتيال تنوعت بين شخصيات فلسطينية وعلماء الطاقة النووية الإيرانيين.

وقال المحللون أنه في الوقت الحالي تركز إسرائيل على تصفية قادة حماس في غزة. وأوضح البروفيسور كوبي مايكل -باحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب- "نحن نفهم أن علينا الوصول إلى كل فرد فيهم في القيادة لأجل شلّ حركة حماس، فهؤلاء القادة ذوو نفوذ وتأثير قوي، وهم من دبروا لعملية 7 أكتوبر وعليهم دفع الثمن".

وتشير "ذا جارديان" إلى أن الكثيرين غير مقتنعين بجدوى عمليات الاغتيال، إذ يقول الصحفي والمؤلف يوسي ميلمان وهو الذي غطى أخبار الموساد لعقود من الزمن: " استراتيجية الاغتيالات لا تجدي نفعا".

وأضاف "أن مجتمع المخابرات الإسرائيلي يعشق الاغتيالات، والآن يشعرون بالعار والذل ويريدون تخليص أنفسهم". وقال آخرون إن حملة الاغتيالات المعلن عنها ليست سوى لتهدئة الرأي العام في إسرائيل الذي فقد الثقة في قدرة حكومته على حمايته.

وأجرت صحيفة ذا جارديان مقابلات مع خمسة أشخاص استهدفهم الموساد بعمليات اغتيال على مدى 50 عاما، وقالوا إن عمليات الاغتيال لم تؤدي إلا لتقوية عزيمتهم وإصرارهم لإكمال ما بدأوه.

ففي مقابلة مع باسم أبو الشريف -قيادي سابق في منظمة التحرير الفلسطينية- قال إنه تلقى طردا من مكتب البريد اللبناني وكان الطرد موجهًا له وعندما فتحه انفجرت فيه القنبلة مما أدى لخسارته إصبعا وعينا و65% من بصره للعين الأخرى وتشوه وجهه نتيجة لذلك، ولكن تلك العملية لم تثن عزمه على المضي قدما حتى أصبح مستشارا فيما بعد لياسر عرفات.

ونقلت الجارديان عن عضو سابق في الموساد إنه في حالة هروب أي من قادة حماس من غزة إلى مصر، فلن تتمكن إسرائيل أيضًا من الوصول إليهم هناك. وقال إفرايم هاليفي -أحد كبار مسؤولي الموساد في السبعينيات ومديره من عام 1998 إلى عام 2002- لصحيفة الجارديان إن القوة لن تكون فعالة إلا إذا استخدمت في الظروف السياسية الصحيحة، مضيفا: "إذا خرجت حماس بخسارة كاملة في نهاية الحرب، فإن إسرائيل قد انتصرت في الحرب … لكن هذا لا يحل المشكلة الفلسطينية وسيظل الفلسطينيون موجودون".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

محللون إسرائيليون: لم ننتصر في غزة والقضاء على حماس يحتاج سنوات

القدس المحتلة- في الوقت الذي تواصل فيه واشنطن ممارسة ضغوط مكثفة على الحكومة الإسرائيلية من أجل التوصل إلى هدنة شاملة وصفقة تبادل أسرى تمهّد لإنهاء الحرب المستمرة في غزة، تؤكد التقديرات الإسرائيلية أن حركة حماس لا تزال تحتفظ بقدراتها العسكرية ولم تفقد السيطرة على القطاع، رغم مرور نحو عامين من القتال العنيف.

وخلال زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى الولايات المتحدة ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اتضح بجلاء أن واشنطن ترى في الحرب الحالية عبثًا مستمرًّا، وأنها تمارس ضغطا مباشرا على نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- كي يقبل بوقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق تبادل يفرج عن المحتجزين.

لكن في المقابل، تظهر مواقف نتنياهو أنه ليس في عجلة من أمره لإبرام اتفاق قد ينظر إليه في إسرائيل على أنه تنازل لحماس، وتشير تحليلات إسرائيلية متقاطعة إلى أن الجيش الإسرائيلي لم ينجح في تحقيق هدفه المركزي المعلن، وهو القضاء على حكم حماس في غزة.

بل إن المؤسسة العسكرية، وفق تسريبات وتقارير، تعترف ضمنًا بأن إنهاء حكم الحركة بالكامل قد يتطلب سنوات طويلة من القتال البريّ المتواصل داخل القطاع، في مواجهة شبكة أنفاق معقدة وقدرة مقاتلي حماس على إعادة تنظيم صفوفهم.

وبينما تطالب الإدارة الأميركية بوقف لإطلاق النار يتيح الإفراج عنهم ويخفف المأساة الإنسانية، تبدو القيادة الإسرائيلية ممزقة بين الرضوخ للضغوط الدولية وخطر فقدان القدرة على التأثير العسكري في القطاع.

الخسائر البشرية الجسيمة بين الجنود الإسرائيليين تنعكس في تصريحات قادتهم (الجيش الإسرائيلي) مرحلة معقدة

وبحسب هذه التقديرات، فإن الجيش الإسرائيلي لا يزال مذهولا من حجم التحدي الذي تمثله الأنفاق، ومن صعوبة تدميرها بشكل كامل، بينما يواجه صناع القرار معضلة شديدة التعقيد، تتمثل بأن أي عملية انسحاب الآن ستسمح لحماس بإعادة ترتيب قواها والتعافي سريعا، لكن في المقابل فإن الوقت ينفد بالنسبة للمحتجزين، ويُخشى أن يؤدي استمرار العمليات العسكرية إلى تعريضهم لمزيد من الخطر.

إعلان

وتتقاطع معظم القراءات الإسرائيلية في خلاصة واحدة، مفادها أن هذه حرب فقدت معناها الواضح، وتحصد المزيد والمزيد من الأرواح بلا أفق سياسي واضح أو حسم عسكري قريب، بينما تحتاج الأهداف التي طُرحت في بدايتها إلى سنوات من القتال المكلف والمضني لتحقيقها، إذا أمكن تحقيقها أصلا.

يقول المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل إن "التطورات الأخيرة تظهر أن الحرب في غزة دخلت مرحلة معقدة من التوازن الهش بين الرغبة الدولية بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والواقع العسكري والسياسي الداخلي الإسرائيلي الذي يعكس ترددا واضحا في الحسم".

وأوضح هرئيل أن زيارة نتنياهو إلى واشنطن أظهرت ازدواجية الموقف الأميركي، بين دعم مطالب إسرائيل والضغط لقبول تنازلات، وهو ما يعكس ترددا في البيت الأبيض، ويمنح نتنياهو فرصة للمماطلة في المفاوضات.

وأشار المحلل العسكري إلى أن نتنياهو يواجه ضغوطا داخلية تدفعه لإبرام اتفاق يعيد المحتجزين، لكنها تتعارض مع اعتبارات أمنية وسياسية تمنعه من الانسحاب الكامل من محاور إستراتيجية، أبرزها محور موراغ، الذي يتيح السيطرة على توزيع المساعدات ومحاولة منع حماس من تعزيز نفوذها.

ويقول هرئيل إن هذا التمسك "لا يقتصر على الحسابات العسكرية"، بل يرتبط بخطة أوسع ترمي إلى إنشاء "جيب محصن" في رفح يعزَل فيه سكان غزة، ويُسهم في إضعاف قدرة حماس على إعادة تنظيم صفوفها، في خطوة تعكس في جوهرها التهجير القسري.

من جانب آخر، يضيف المحلل العسكري أن "الحرب أدت إلى خسائر بشرية جسيمة بين الجنود الإسرائيليين، إضافة إلى معاناة نفسية مدمرة"، وهو ما ينعكس في تصريحات قادة عسكريين تُبرز استنزاف الجيش الإسرائيلي وحاجته إلى الاستمرار في القتال لسنوات إذا أُريد تحقيق أهداف الحرب المعلنة.

معركة استنزاف

وحول حقيقة الأهداف المعلنة، استعرضت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير ميداني من داخل قطاع غزة مشاهدات وانطباعات من الخطوط الأمامية، بعد مرافقة وحدات من الجيش ولقاء ضباط وجنود.

وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم أن الانتقال العسكري من قاعدة "نحال عوز" إلى حي التفاح لا يستغرق سوى دقائق، إلا أن زمن الحرب هناك مختلف تماما، إذ يخوض الجنود منذ 21 شهرا قتالا شاقا داخل شبكة أنفاق معقدة ومتشعبة، وصفوها بـ"معركة سيزيفية"، أي أنها لا تنتهي وتفاجئهم دائما بامتدادها وعمقها.

يقول المقدم "أ"، قائد كتيبة "غرانيت 932" للصحيفة: "فوق الأرض نصل إلى البحر بسرعة، لكن تحتنا مدينة كاملة يحتاج تفكيكها إلى استخبارات وتخطيط ووسائل خاصة، والأهم: الوقت، وهو المشكلة الأصعب".

وفي ظل الضغوط لإبرام اتفاق يعيد المحتجزين، يجد الجيش صعوبة في إيصال رسالته بأن هذه مهمة معقدة وخطيرة وتتطلب صبرا طويلا.

ويشير ضباط ميدانيون إلى تحديات كبيرة في العمليات، مثل محدودية آلات الحفر والمتفجرات وصعوبة توفيرها، بينما تواصل حماس تطوير أساليبها لمواجهة القوات الإسرائيلية المتوغلة.

وتؤكد تقديرات الجيش أن تفكيك كيلو متر واحد من الأنفاق قد يستغرق أسابيع من العمل المعقّد والخطير، وسط تهديدات بالكمائن والاختطاف، وفي ظل وجود 60 إلى 80 مقاتلا لحماس في أنفاق بيت حانون بانتظار الفرصة للهجوم والاختباء مجددا.

العبوات الناسفة التي وقعت بيد حماس تمثل معضلة كبرى للقوات الإسرائيلية (الجيش الإسرائيلي) معضلة حقيقية

وبحسب محلل الشؤون العسكرية في "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشوع، فإنه إذا تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار -وهي خطوة قال رئيس الأركان إيال زامير إن "الظروف باتت مهيأة لها"- فسيواجه الجيش معضلة حقيقية، بسبب خطر الأنفاق الذي لم يُستأصل بعد.

إعلان

ويشير المحلل العسكري إلى أنه "بإمكان حماس إعادة فتح هذه الأنفاق أو حفر ممرات جديدة، وهي تحاول ذلك بالفعل، وتشكل هذه الشبكات تهديدا دائما، إذ يمكن استخدامها لشن هجمات أو تنفيذ عمليات خطف".

وأشار المحلل العسكري إلى خطر العبوات الناسفة المصنوعة من أسلحة الجيش التي وقعت بيد حماس، محذرًا من أنه إذا انسحب الجيش من مناطق واسعة في إطار اتفاق جزئي، فلن تهدأ الأوضاع هناك، بل ستسعى حماس لإعادة بناء قدراتها العسكرية.

وفي النهاية، يؤكد يهوشوع أن "القضاء على حماس هدف قد يستغرق سنوات من القتال الشاق داخل غزة"، محذّرا من أن "من يدعي غير ذلك لا يدرك حجم التحدي"، وأضاف أن "غزة تملك الوقت، وهذا هو أخطر ما فيها".

مقالات مشابهة

  • مسؤولون: روسيا تشن ثاني أكبر هجوم جوي على أوكرانيا ليلا منذ الغزو
  • أخبار العالم | حرائق ضخمة في ريف اللاذقية بسوريا.. وإسرائيل تعلن اغتيال 6 من قادة كوماندوز حماس البحري في غزة
  • إسرائيل تعلن اغتيال 6 من قادة كوماندوز حماس البحري في غزة
  • مسؤولون إسرائيليون يدعون لبقاء الأمم المتحدة كمصدر رئيسي للمساعدات في غزة
  • محللون إسرائيليون: لم ننتصر في غزة والقضاء على حماس يحتاج سنوات
  • جنود إسرائيليون: حماس قادرة على إعادة تنظيم صفوفها
  • جنود إسرائيليون.. حماس قادرة على إعادة تنظيم صفوفها
  • مسؤولون إسرائيليون: نتنياهو أطال الحرب بغزة رغم إبلاغه من الجنرالات عدم جدواها
  • نتنياهو يعود إلى إسرائيل بعد تصريح "هزيمة حماس"
  • مسؤولون إسرائيليون: مقاتلو القسام يرصدون تحركات الجيش بدقة رغم الضغوط