في مقال رأي بصحيفة جيروزاليم بوست، طالبت الكاتبة الإسرائيلية أليزا بيليشوفسكي برؤية جديدة لمعالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي طال أمده، وحثت زعماء العالم على الابتعاد عن الأفكار التي عفا عليها الزمن وتبني حلولا إبداعية تقدمية.  

تبدأ بيليشوفسكي بتذكر لحظة تاريخية عندما شارك رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن رؤيته للسلام مع الشعب المصري والرئيس محمد أنور السادات.

وعلى الرغم من الشكوك الأولية، فإن التزام بيجن بإنهاء إراقة الدماء وإقامة تعاون صادق أدى إلى التوقيع على معاهدة سلام بين إسرائيل ومصر في غضون عامين. وبالمقارنة مع الحاضر، تؤكد بيليتشوفسكي أن العالم في حاجة ماسة إلى نهج رؤيوي مماثل في التعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

تنتقد الكاتبة الزعماء الحاليين لتشبثهم بأفكار غير فعالة فشلت منذ عقود، مؤكدة على افتقارهم إلى الخيال والإبداع في تشكيل مستقبل أفضل للشرق الأوسط. وتحدد بيليتشوفسكي ثلاث نقاط محورية عالمية تسلط الضوء على هذا الافتقار إلى الرؤية: السعي الدؤوب لتحقيق حل الدولتين، والترويج لسلطة فلسطينية "متجددة"، والتأكيد على فرض عقوبات على "المستوطنين المتطرفين".

تتحدى بيليتشوفسكي جدوى حل الدولتين، مستشهدة بمسح يشير إلى الدعم الفلسطيني للهجمات الأخيرة والاعتقاد بأن التعايش أصبح مستحيلاً على نحو متزايد. وتشكك الكاتبة في الإصرار على تنشيط السلطة الفلسطينية، مشيراً إلى الفساد وغياب مؤشرات الإصلاح الذاتي. بالإضافة إلى ذلك، ترفض بيليتشوفسكي التركيز غير المتناسب على عنف المستوطنين، مشيرة إلى أنه يمثل جزءًا ضئيلًا من العنف الإجمالي في الضفة الغربية.

يسلط المقال الضوء على التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي جو بايدن، التي دعا فيها إلى حل الدولتين وأعرب عن قلقه بشأن عنف المستوطنين. تنتقد بيليتشوفسكي وجهات النظر هذه، مجادلة بأنها ترتكز على مفاهيم عفا عليها الزمن وتفشل في معالجة العوائق الفعلية أمام السلام، مثل التعنت الفلسطيني والإرهاب والفساد.

وفي الختام، تدعو المؤلفة القادة، الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، إلى التخلي عن الأفكار القديمة وتبني أساليب جديدة ومبتكرة لتمهيد الطريق لحل مجدي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

حرب إسرائيلية صامتة تهدد تجمعات البدو في "المعرجات"

نابلس - صفا

في غمرة الحرب والإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 8 شهور، يخوض الاحتلال حربا صامتة في مناطق (ج) بالضفة الغربية، هدفها اقتلاع التجمعات البدوية التي تشكل واحدة من أهم العقبات أمام مشروع الضم المعلن من حكومة الاحتلال.

وعلى طريق "المعرجات" الممتدة من أريحا إلى نابلس مرورا بأراضي شرق رام الله، لم يعد المارون يرون خيام البدو التي كانت تنتشر على جانبي الطريق، بعد أن تم ترحيل غالبيتهم قسرا.

وتوجد في المعرجات 3 تجمعات رئيسة للبدو، شرقية وغربية ووسطى، وتم ترجيل التجمعات الغربية والوسطى أواخر العام الماضي، في حين بقيت التجمعات الشرقية تتعرض لمضايقات شديدة وهجمات متكررة لإجبارها على الرحيل.

أحد هذه التجمعات هو تجمع "راس المعرجات" الذي يتكون من 28 عائلة تضم 320 نفر، والذي تعرض لهجمات متكررة، أشدها في 17 أكتوبر 2023، حينما هاجمت التجمع قوات الاحتلال ومئات المستوطنين، وتم اعتقال الرجال، ومصادرة المركبات، فيما أحرق المستوطنون جميع الخيام والبركسات وسرقوا عشرات رؤوس الأغنام.

مؤيد مهاني، أحد سكان تجمع "راس المعرجات"، عانى الكثير من اعتداءات المستوطنين ومضايقاتهم حتى اضطر أخيرا للبحث عن مكان بعيد لحماية عائلته وثروته الحيوانية.

ويقول مهاني لوكالة "صفا": "أول مرة تعرضت للترحيل كانت في العام 2021 عندما جاء مستوطن وأقام بجانبنا، وبدأ يرعى أغنامه في مراعينا التي زرعناها".

ويشير إلى أنه اضطر للانتقال لمكان آخر يبعد مئات الأمتار، فأقدمت قوات الاحتلال على هدم البركسات باعتبارها جديدة.

ومرة أخرى انتقل مهاني إلى منطقة واد السيق، واشترى بركسات قائمة بثمن 17 ألف شيكل، من شخص باع أغنامه وارتحل عنها، لكن بعد عدة شهور جاء المستوطن وأقام بجانبه.

ويمضي مهاني في الحديث عن مضايقات المستوطن ومحاولاته سرقة أغنامه، ويقول: "كان يرعى أغنامه في نفس مكان تواجد أغنامي في محاولة لخلطها ومن ثم الادعاء بأن جميع الأغنام تعود له".

وفي منتصف فبراير/ شباط تعرض سكان التجمع لهجوم كبير انتقل على إثره إلى بلدة سنجل شمال رام الله.

وعن ذلك الاعتداء يقول مهاني: "هاجمونا، وحطموا الخلايا الشمسية، وأعطبوا إطارات الجرارات وصهاريج المياه، وأجبرونا على ترك المكان بدون حمل أي متاع".

من جانبه، قال فرحان مهاني، أحد سكان تجمع "راس المعرجات"، إن مضايقات الاحتلال بدأت بتسليمهم إخطارات بالرحيل وترك المنطقة بحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة.

وأضاف: "توجهنا للمحكمة ووكلنا محامين لكن دون أي فائدة".

وعن أشكال الاعتداءات يقول إن المستوطنين كانوا يهاجمونهم ويطلقون الرصاص لتخويفهم، ويحرقون بالات القش، ويحطمون المركبات، ويسرقون المواشي، وأي شيء يُسرق لا يستطيعون استرداده.

ويضيف: "كنا نضطر للتناوب على الحراسة ليلا خوفا من هجمات المستوطنين".

وأشار إلى أن هجمات ومضايقات المستوطنين أجبرتهم على التخلص من ثروتهم الحيوانية، ويؤكد: "لا يوجد أحد من أصحاب الثروة الحيوانية إلا وقد باع نصف ما يملك على الأقل".

وذكر أن ابن عمه كان يملك 120 رأس غنم، لكن بسبب المضايقات باعها بأقل من سعر السوق، وترك المنطقة ليحمي عائلته.

تطهير عرقي

وتنتشر التجمعات البدوية على طول السفوح والمرتفعات الشرقية للضفة الغربية، ابتداء من مسافر يطا جنوبا، وتمتد إلى شمال الضفة، ويصل عددها إلى 167 تجمعا بدويا و300 ألف نسمة، وفق إحصاءات منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو.

ويقول المحامي حسن مليحات، المشرف على منظمة البيدر لوكالة "صفا": إذا كانت غزة تشهد حرب إبادة جماعية عبر الصواريخ والمدرعات والطائرات، ففي الضفة تدور معركة وصراع جغرافي وديمغرافي في مناطق (ج) من خلال جيش مسلح من المستوطنين بزي مدني".

وهذه التجمعات هشة وضعيفة وتفتقر لخدمات البنية التحتية من ماء وكهرباء وبناء، وفي الوقت نفسه تعيش صراع وجود مع الاحتلال والمستوطنين.

ويوضح مليحات أن حرب الاحتلال ضد التجمعات البدوية بدأت في وقت مبكر عقب احتلال الضفة الغربية، إذ لجأ لفرض أوامر عسكرية ضد هذه التجمعات لمنعها من البناء وإقامة بنية تحتية.

وفي عام 2019، بعد الإعلان عن خطة الضم الإسرائيلية، وخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (صفقة القرن) زادت حدة الهجمة الاستيطانية على التجمعات، وأصبحت مستهدفة بشكل كبير بالشراكة ما بين حكومة الاحتلال والمستوطنين، وبدعم من الوكالات اليهودية العالمية.

وأشار إلى أن الاحتلال ابتكر أسلوبا جديدا في الاستيطان لمحاربة التجمعات البدوية، وهو "الاستيطان الرعوي".

ويوضح أن الاستيطان الرعوي قائم على توظيف الثروة الحيوانية من أجل السيطرة على المزيد من الأراضي في المناطق (ج)، حيث يسكن وينتشر البدو، وهي المنطقة الأكثر اتساعا في الضفة، ويتم ذلك من خلال إحضار مجموعة من المستوطنين يكون أحدهم لديه ثروة حيوانية.

ولفت إلى أنه في 2024 تم ابتكار سياسة جديدة تقوم على حصار البدو داخل كل تجمع، ومنعهم من رعي مواشيهم خارجها، بهدف ضرب عصب اقتصاد البدو سعيا لترحيلهم.

ويبين أن مجلس المستوطنات هو من يحدد مناطق الرعي، وإذا ما تم اختراقها، يتم مصادرة المواشي وفرض غرامات مالية باهظة مقابل إعادتها لصاحبها، ووصلت الغرامات إلى 150 ألف شيكل في بعض الأحيان.

ويؤكد مليحات أنه وبعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر، ازدادت وتيرة الهجمات التي يشنها المستوطنون ولا يمر يوم بدون هجمات، وتحولت العملية إلى تطهير عرقي في مناطق (ج).

وخلال العام 2023 بلغت حصيلة اعتداءات المستوطنين على تجمعات البدو في كافة أماكن انتشارها حوالي 1124 اعتداء، وتم ترحيل 30 تجمعا قسرا وبشكل جماعي، وهدم 6 مدارس، وتخريب 6 مدارس أخرى.

ومنذ بداية العام الحالي، ارتكب الاحتلال ومستوطنوه ألف انتهاك، وتم هدم 4 تجمعات وترحيلها.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية القطري: الحل الوحيد العادل لإنهاء الصراع إنشاء دولة فلسطينية
  • حدث ليلا.. التلويح بالنووى يشعل الصراع بين روسيا وأمريكا ورعب عالمي بسبب الحرائق
  • كاتبة إسرائيلية: تحولنا إلى دولة فاشية وجماهيرنا تصدق حماس أكثر من إعلامنا
  • الرئيس السيسي: السبيل الوحيد للسلام يكمن في حل الدولتين
  • وزير الخارجية: مصر تدعم حقوق الشعب الفلسطيني وحل الدولتين الطريق الوحيد للسلام
  • السيسي يؤكد لـ"بلينكن" ضرورة إنهاء الحرب على غزة ومنع توسع الصراع
  • السيسي لـ"بلينكن": ضرورة إنهاء الحرب على غزة ومنع توسع الصراع وإنقاذ حل الدولتين
  • رسائل قوية من السيسي لوزير خارجية أمريكا لإنهاء الحرب على غزة
  • حرب إسرائيلية صامتة تهدد تجمعات البدو في "المعرجات"
  • قمم ثنائية وعربية لإنهاء القتال في غزة.. ومؤتمر «القاهرة للسلام» خارطة طريق مصرية للحل