أكد أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون الدكتور برهان غليون أن "دفع جنوب أفريقيا ملف الابادة الجماعية الاسرائيلية إلى محكمة العدل الدولية اليوم يشكل حدثا تاريخيا سيكون له تأثير بعيد المدى ليس على المسألة الفلسطينية ومصير الشعب الفلسطيني فحسب وإنما على مصير الشرق الأوسط والوضع الإقليمي بأكمله مع تفكيك قنبلة الاستثناء الإسرائيلي الذي جعل من حياة المنطقة حربا دائمة ونزاعات ومؤامرات لا تنتهي وحرمتها من اي استقرار او سلام".



وأوضح غليون في تصريحات مكتوبة أرسلها لـ "عربي21"، أن خطوة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، "سيكون لها أثر على المنظومة الدولية التي كان لتجنيب إسرائيل اي مساءلة وتحصينها ضد أي محاسبة أو عقاب الدور الأكبر في تعليق حكم القانون الدولي والتساهل مع الانتهاكات الخطيرة في العلاقات الدولية واستسهال استخدام حق النقض من قبل الدول الكبرى وتعطيل مجلس الأمن".

وحول المطلوب من محكمة لاهاي، قال غليون: "بالتأكيد لن تستطيع محكمة العدل الدولية معاقبة اسرائيل ولا إدانة من يقف وراءها من الدول التي لا تزال تراهن عليها للحفاظ على مصالح لا شرعية في المنطقة والعالم، وهذه المعاقبة ليست من اختصاصاتها. ما نتوقعه ونطلبه من المحكمة الدولية هو إدانة اسرائيل وإبراز جوهر سياستها العنصرية ووضع حكومات العالم أمام مسؤولياتها أيضا ووقف حرب الإبادة الجارية وإعادة الاعتبار للقانون الدولي الذي فقد أي اعتبار".

وأكد غليون أن "الدول الغربية الداعمة لإسرائيل لن تتخلى عنها وعن دورها الأساسي في تقويض السلام الإقليمي وابتزاز الدول والحكومات لانتزاع أكثر ما يمكنها انتزاعه من مكاسب لاشرعية"، لكنه قال بأن "حكومات عديدة أخرى وقطاعات واسعة من الرأي العام العالمي سوف تستيقظ أمام تمادي العنصرية وتنحاز للقانون الدولي ووقف الانتهاكات الخطيرة للحقوق الانسانية. هذه معركة أخلاقية وسياسية لا تقل أهمية من الحروب العسكرية".

وأضاف: "نزع الوضع الاستثنائي الذي جعل من إسرائيل دولة فوق القانون وشجعها على تبني سياسات عنصرية من دون عقاب لن يعالج نزوعها البنيوي للعنف والابادة ضد الفلسطينيين وإنما انزالها من السماء الى الارض وتسهيل محاسبتها كدولة وليس كأسطورة، وإجبارها وحماتها على التراجع عن خياراتهم العدوانية وإعادة الاعتبار للقانون الدولي الذي كانت حماية تمدد الاستيطان الاسرائيلي خلال نصف القرن الماضي احد اكبر الاسباب في تعليقه والتشجيع على خرقه وتعميم قاعدة الكيل بمكيالين ومعها بث الفوضى واشعال النزاعات في مختلف بقاع العالم"، وفق تعبيره.

وبدأت الخميس، محكمة العدل الدولية جلسات الاستماع المرتبطة بدعوى قدمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل متهمة إياها بارتكاب "جرائم إبادة جماعية" في غزة، وهو ما تنفيه تل أبيب.

ولحين البت في القضية، طلبت جنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية، إصدار "أمر مؤقت" عاجل لإسرائيل بـ"تعليق فوري لعملياتها العسكرية" في غزة.

وغدا الجمعة، تعقد المحكمة جلسة الاستماع الثانية والأخيرة التي سيقدم فيها فريق إسرائيل القانوني دفاعاته في الاتهامات المقدمة ضد تل أبيب.

وتعد أحكام محكمة العدل ملزمة قانونا، لكنها لا تملك سلطة لفرض تطبيقها، وفي عام 2022 تجاهلت موسكو أمرا من المحكمة بوقف العمليات العسكرية الروسية في جارتها أوكرانيا.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الاول 2023 يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الخميس "23 ألفا و469 شهيدا و59 ألفا و604 مصابين معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية جنوب أفريقيا الفلسطينية العدوانية غزة احتلال فلسطين غزة جنوب أفريقيا محاكمة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة العدل الدولیة

إقرأ أيضاً:

مقتل موسيقي بجنوب أفريقيا يكشف تشابك الجريمة والسلطة والثروة

في ليلة هادئة من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022، قُتل منسق الموسيقى سومبودي، النجم الصاعد في المشهد الموسيقي في جنوب أفريقيا، بوابل من الرصاص أثناء عودته إلى منزله.

ثم في أبريل/نيسان 2024، أُعدم المهندس أرماند سوارت في حادثة إطلاق نار مماثلة بعد أن كشفت شركته عن مناقصة حكومية مشبوهة تضخمت فيها الأسعار بأكثر من 4500%.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2استقالة نائب رئيس الوزراء الروماني بعد عودة قضية رشوة إلى الواجهةlist 2 of 2القرية الأولمبية لألعاب 2026 الشتوية تواجه تحقيقات فسادend of list

لكن الاعتقالات الدراماتيكية التي جرت مؤخرا تربط بين هذه الجرائم وغيرها الكثير، كاشفة عن عالم سفلي غامض يتواطأ فيه المجرمون مع كبار السياسيين للفوز بمناقصات حكومية مربحة.

وجاءت الاعتقالات بعد مزاعم صادمة من قائد شرطة كبير اتهم فيها الشرطة ووزير شرطة جنوب أفريقيا بالتستر على الجريمة.

ويقول الباحث الأمني ديفيد بروس لوكالة الصحافة الفرنسية إن فساد المشتريات المتجذر قد تسرّب إلى جميع مستويات الحكومة على مدى عقود.

وأضاف بروس، المستشار في معهد الدراسات الأمنية: "إن قضية قتل المُبلّغين عن المخالفات والاغتيالات عموما مرتبطة ارتباطا وثيقا بهذه القضية".

ومن بين المعتقلين هذا الأسبوع ضابط شرطة سابق في جوهانسبرغ وقت مقتل دي جي سومبودي، بالإضافة إلى المشتبه به الرئيسي، رجل أعمال يُدعى كاتيسو موليفي.

وأفادت وسائل إعلام بريطانية أن رجلا من جنوب أفريقيا يحمل نفس اسم موليفي وعمره حُكم عليه بالسجن 4 سنوات في المملكة المتحدة عام 2003 بتهمة الاتجار بالمخدرات.

ويُعتقد أيضا أن رجلين آخرين، محتجزان بالفعل بتهمة محاولة قتل نجم تلفزيون الواقع السابق والمؤثر تيبوجو ثوبيجان عام 2023، لعبا دورا في الجريمة.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فخلال المداهمة الأسبوع الماضي، عثرت الشرطة على السياسي البارز في جوهانسبرغ، كيني كونيني، في منزل رجل الأعمال موليفي.

وأُوقف كونيني، عضو مجلس مدينة جوهانسبرغ، عن العمل منذ ذلك الحين من قِبل زعيم حزبه، وزير الرياضة غايتون ماكنزي، على الرغم من أن الشرطة لم تُدنه رسميا.

إعلان

وأنكر كونيني ارتكاب أي مخالفة، قائلا إنه كان يحاول فقط مساعدة صحفي كان يسعى لإجراء مقابلة مع موليفي.

حديث في جنوب أفريقيا عن أن الفساد تسرب إلى جميع مستويات الحكومة بما في ذلك الشرطة (رويترز)"مُقايضون"

في قلب هذه الشبكة الآخذة في الاتساع، رجل الأعمال فوسيموزي ماتلالا، الذي يُوصف محليا بأنه "مُقايض"، وهو مصطلح يُشير إلى الأفراد الذين جنوا ثروات من خلال عقود حكومية.

وأُلقي القبض على ماتلالا -وهو أيضا رئيس شركة أمن خاصة- في مايو/أيار على خلفية محاولة اغتيال شريكته السابقة ثوبيجان عام 2023.

بدورها، أنكرت ثوبيجان -الممثلة في مسلسل تلفزيوني محلي- في وقت سابق من هذا الشهر "الوشاية" بماتلالا. وقالت لصحيفة محلية: "أنا ضحية".

وفي عام 2024، حصلت ماتلالا على عقد بقيمة 20 مليون دولار مع الشرطة الوطنية -والذي أُلغي الآن- على الرغم من تورطها في فضيحة اختلاس في مستشفى عام بقيمة 125 مليون دولار.

وكلّفت قضيةُ مستشفى تيمبيسا المبلغة عن المخالفات بابيتا ديوكاران حياتها عام 2021، عندما أُطلقت عليها النار 9 مرات خارج منزلها. ولم يُعتقل أي شخص في قضية مقتل ديوكاران، وهذا يعكس حالة الإفلات من العقاب السائدة، إذ لم تُحل سوى 11% من جرائم القتل، وفقا لإحصاءات الشرطة لعام 2024.

وقالت المتحدثة باسم الشرطة أثليندا ماثي، في إشارة إلى دي جي سومبودي وسوارت وثوبيجان: "جميع هذه القضايا الثلاث مرتبطة بطريقة ما".

وأضافت أن 4 أسلحة، بما في ذلك البندقية المستخدمة في قتل دي جي سومبودي، قد رُبطت من خلال المقذوفات بما لا يقل عن 10 قضايا بارزة.

وزير الشرطة سينزو مشونو متهم بتلقي أموال من مشتبه به في قضايا فساد وعرقلة تحقيقات في اغتيالات سياسية (غيتي)وزير الشرطة متهم

والشهر الماضي، اتهم مفوض مقاطعة كوازولو ناتال، الفريق نهلانهلا مخوانازي، زملاءه ووزير الشرطة سينزو مشونو بإخفاء التحقيقات التي تستهدف ماتلالا.

وفي مؤتمر صحفي متلفز، بحضور قوات الأمن المسلحة، زعم مخوانازي أن الوزير مشونو تلقى أموالا من مشتبه به في قضايا فساد، واتهم المدعين العامين بتأخير العدالة.

وقال: "نأمل أن نشهد قريبا بعض التغييرات مع وجود مدعين عامين متفانين، وقد نشهد اعتقالات"، مضيفا أن قضايا الفنانين المقتولين ستبرز أخيرا.

ومنذ ذلك الحين، أوقف الرئيس سيريل رامافوزا، وزير الشرطة عن العمل وأعلن عن تحقيق قضائي في هذه الادعاءات. لكن لم يُتخذ أي إجراء ملموس.

وتواجه جنوب أفريقيا أحد أعلى معدلات جرائم القتل في العالم، بمعدل يزيد على 75 جريمة قتل يوميا.

وارتفعت جرائم القتل المأجورة بدوافع سياسية بنسبة 108% خلال العقد الماضي، وفقا لتقرير صادر عام 2024 عن المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية.

وتشير الدراسات إلى أن تكلفة توظيف قاتل مأجور قد لا تتجاوز 145 دولارا في بلد معتاد على العنف.

وفي هذا السياق يقول تشاد توماس، وهو رئيس شركة تحقيقات خاصة إن "إسكات شخص برصاصة أسهل من مواجهة تحقيق".

مقالات مشابهة

  • صنعاء لحماس: معركة التفاوض لا تقلّ أهمية عن السلاح… والمرحلة الرابعة من الحصار بدأت
  • مقتل موسيقي بجنوب أفريقيا يكشف تشابك الجريمة والسلطة والثروة
  • الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى للباحث الفريق الركن محسن الداعري من الأكاديمية العسكرية العليا
  • مطار أكتوبر يستضيف النسخة الـ 9 لمسابقة الكلية الفنية العسكرية الدولية
  • الاتفاق الذي انقلب على صاحبه، كيف تحولت مبادرة الجيش لأداة ضده
  • لماذا تؤجل محكمة العدل الدولية إصدار حكمها بشأن الإبادة الجماعية بغزة؟
  • وزارة التنمية المحلية تؤكد أهمية الدور المحوري الذي يلعبه جهاز تنظيم إدارة المخلفات
  • جنوب أفريقيا تشيد بالجهود المصرية في تعزيز التنمية بالقارة ودفع التعاون
  • موجات الحر تفاقم تلوث الهواء بمدن أفريقيا جنوب الصحراء
  • التغير المناخي أمام العدل الدولية.. هل تقاضي البلدان الفقيرة الدول الصناعية؟