ليبيا.. ترحيل مهاجرين لإصابتهم بأمراض مميتة ومصر تطالب بالحسم مع عصابات الهجرة
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
قررت السلطات الليبية ترحيل عشرات المقيمين والمهاجرين لإصابتهم بأمراض معدية مثل الإيدز والتهاب الكبد الوبائي ولأسباب تتعلق بالهجرة غير الشرعية .
وأعلنت السلطات الليبية قرارها ترحيل عشرات المصريين والأفارقة بعد ثبوت إصابتهم بأمراض معدية، وقامت إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية في مدينة بنغازي بنقل نحو 78 مهاجرا غير شرعي من الجنسية المصرية من مركز إيواء وترحيل قنفوذة إلى منفذ أمساعد البري.
وجاء هذا الإجراء تمهيدا لترحيلهم إلى بلادهم، مضيفة في بيان لها أن من بينهم 2 ثبت إصابتهما بأمراض معدية مثل الإيدز والوباء الكبدي.
وفي الإطار نفسه، أعلنت السلطات ترحيل 27 مهاجرا غير شرعي دخلوا الأراضي الليبية بطرق غير قانونية، ومن ببنهم 14 مصريا، مضيفة أنه تم ترحيلهم عبر منفذ أمساعد البري، فضلا عن 13 سودانيا وتشاديا تم تسليمهم إلى مركز إيواء قنفوذة ليتم ترحيلهم إلى بلادهم.
كما كشفت السلطات الليبية أن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية فرع الواحات، قام بترحيل 87 شخصا مصابين بوباء الكبد والإيدز، وهم 17 سودانيا و62 تشاديا ومصريان و2 من بنغلاديش و4 إثيوبيين.
يشار إلى أنه قبل شهرين قررت السلطات الليبية ترحيل 600 مصري دخلوا أراضيها بطرق غير شرعية.
وذكر جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي في طرابلس وقتها، أن السلطات قررت ترحيل 600 مهاجر مصري إلى بلادهم عبر معبر أمساعد الحدودي.
إقرأ المزيدفي إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية أحبطت سلطات ليبيا في يوليو الماضي محاولة مئات المهاجرين غير الشرعيين السفر إلى إيطاليا عبر السواحل الليبية، بينهم 25 طفلا مصريا تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاما.
وأوضحت أنه تم ضبط مئات المهاجرين في مخزن إيواء بمدينة طبرق قبل سفرهم إلى إيطاليا، بينهم 25 طفلا غالبيتهم من قرية واحدة بمحافظة الشرقية شمال مصر.
مطالبة بموقف حاسم ضد المهربين
من جهتها، نددت مصر من قبل باستمرار قيام العصابات المنظمة لجرائم الهجرة غير الشرعية باستغلال حاجة البعض ممن يبحثون عن فرص أفضل للحياة والعمل، معرضة حياتهم لمخاطر الموت، مطالبة بوقفة حاسمة تجاه هذه العصابات.
وأكدت أنها اضطلعت بإجراءات حاسمة على مدار السنوات الماضية لوضع قوانين رادعة لمواجهة جريمة الهجرة غير الشرعية وكل من تسول له نفسه الانخراط في تنظيمها أو تيسيرها، بالإضافة إلى ما تم اتخاذه من إجراءات لضبط الحدود تمنع خروج مهاجرين غير شرعيين عبر السواحل المصرية.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار مصر أخبار مصر اليوم أوروبا إفريقيا اطفال الأزمة الليبية الاتحاد الأوروبي الجيش الليبي الحكومة الليبية القاهرة المهاجرون الهجرة إلى أوروبا الهجرة غير الشرعية بنغازي جرائم ضد الانسانية شرطة طرابلس غوغل Google نساء مکافحة الهجرة غیر الشرعیة السلطات اللیبیة
إقرأ أيضاً:
حين تمنح المفردات الشرعية: تنبيه للإعلاميين السودانيين
ها قد أعلنت قوات الدعم السريع وأتباعها من المدنيين والحركات المتمرّدة تشكيل حكومةٍ سرعان ما بدأ الإعلام في الإشارة إليها بمصطلح (حكومة تأسيس). يعكس هذا الإعلان، في جوهره، تحوُّلاً في الإستراتيجية بعد فشل الدعم السريع في إحكام السيطرة على العاصمة، والتمدُّد شرقًا وشمالًا. أمام هذا العجز، جاء هذا الإعلان على سبيل التعويض الرمزي بإنشاء كيانٍ مدني ورقي يحاول التغطية على القصور العسكري، وترسيخ وجودٍ إعلامي افتراضي يخلق شرعيةً بديلة، ربما تمهيدًا لدورٍ تفاوضي دولي أو قبول سياسي إقليمي. غير أن الأخطر من هذا الإعلان في ذاته هو كيفية التعامل معه إعلاميًا.
وسط هذه المعمعة، يجب أن نُذكّر بأن اللغة ليست محايدة، وفي ظلّ بيئات النزاع، كالتي نعايشها الآن، لا تكون اللغة مجرَّد وسيلة للتوصيل، بل تتحوَّل إلى أداة صراعٍ رمزي. ومن نافلة القول إن مسؤولية الإعلام لا تتوقَّف عند نقل الأحداث، بل تشمل كيفية توصيفها. وحين تصبح اللغة أداة شرعنة أو تجريم، فإن التدقيق في كلّ مصطلح واجبٌ مهني وأخلاقي.
في سياق الإعلان المشار إليه آنفًا، فإن استعمال الإعلاميين والكتّاب والمراسلين مصطلح (حكومة تأسيس) وما في حُكْمِه بلا تحفُّظ من شأنه إضفاء شرعيةٍ ذهنية وسياسية غير مستحقَّة؛ إذْ ترسّخ هذه الاستعمالات في اللاوعي الجمعي صورةً لكيانٍ حقيقي وفاعل ومستقر. ومع التكرار، يحدث ما يسمّيه علماء النفس واللسانيات بـ(تثبيت المفهوم بالاعتياد)؛ أي أن شيوع الكلمة يُنتج واقعًا جديدًا في ذهن المتلقّي في الداخل والخارج، ويدفعه تكرارها بلا تفكيكٍ أو تشكيك إلى التعامل مع هذا الكيان الورقي كما لو كان سلطةً ماثلة، تمتلك صفات الدولة ومؤسَّساتها. وهنا يتسرَّب الوهم إلى الإدراك العام، ويصبح الإعلام شريكًا، عن غير قصد، في تعويم كيانٍ بلا مشروعية، وربما في إرباك الرأي العام، وإضعاف وضوح الصراع الحقيقي الذي يدور في البلاد بين دولةٍ تُختطَف، وميليشيا تحاول تلبُّس ثوب المدنية.
هناك أمثلة كثيرة في التاريخ الحديث يتجلَّى فيها دور اللغة في ترسيخ مفاهيم قد تكون غير دقيقة أحيانًا، أو لترويج تصوُّراتٍ محدَّدة في أحيان أخرى. فعلى سبيل المثال، كرَّرت وسائل الإعلام اسم تنظيم الدولة الإسلامية في سنواته الأولى كما هو، وهو ما ساهم في ترسيخ صورة (الدولة) في ذهن الرأي العام العالمي. لاحقًا، صحَّحت المؤسسات الإعلامية الكبيرة مسارها، وبدأت تقول (ما يُسمَّى بالدولة الإسلامية)، أو تستعمل المختصر (داعش) أو كلمة (تنظيم) لتُضعِف فكرة الدولة. كما أدَّى ترديد كلمة (الشرعية) في عبارة (الحكومة الشرعية في اليمن) إلى تكريس هذه الصورة ذهنيًا، حتى بدت وكأنها تملك زمام السلطة فعليًا، رغم وجودها في الخارج.
ودأبت بعض وسائل الإعلام على تجنُّب مصطلح (إسرائيل) إلا في حالات الاقتباس، والاستعاضة عنه بعبارة (الكيان الصهيوني)، واستعمال مصطلح (قوات الاحتلال) أحيانًا بدلاً من (القوات الإسرائيلية)، مقاومةً للاعتراف الرمزي، وهو قرارٌ لغوي نابع من موقفٍ سياسي واضح.
هذه الحساسيَّة في اختيار الألفاظ مهمّة جدًا، لأنها تعكس المواقف؛ فعلى سبيل المثال، وصفت قناة الجزيرة أزمة قطر مع دول الخليج عام 2017 بـ(الحصار)، بينما سَمّتها القنوات السعودية والإماراتية (مقاطعة)، وهو ما يعكس اختلافًا في الزاوية السياسية والإعلامية لتأطير الأزمة. وعلى نحوٍ مماثل، كانت الجزيرة تصف الإطاحة بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي عام 2013 بأنها (انقلاب)، بينما صوَّرتها وسائل إعلام أخرى على أنها (ثورة)، وهو اختلافٌ تحريري يعكس التوجُّه السياسي لكلّ وسيلة. كما لوحظ اعتماد الإعلام السعودي كلمة (وفاة) عند الحديث عن قتلى سعوديين أو مقيمين، مقابل استعمال كلمة (قتل) ومشتقَّاتها عند الإشارة إلى قتلى الحوثيين. هذا التباين ليس لغويًا فحسب، بل يعكس موقفًا تحريريًا من كلّ حالة، ويُظهِر كيف يُستعمَل اللفظ للتقليل من وقع الخسائر (الوطنية)، أو لتأجيج العداء تجاه الآخر. وبالنظر إلى مصطلح (suicide bomber)، فقد تباينت ترجماته حسب القناة والسياق، فتراوحت بين (انتحاري)، و(فدائي)، و(استشهادي).
من هذا المنطلق، نوصّي الإعلاميين السودانيين والمدوّنين، وحتى الكُتَّاب في منشوراتهم الشخصية على وسائط التواصل الاجتماعي، بعدم استعمال مصطلح (حكومة تأسيس)، بل الاستعاضة عنه بعبارات مثل، (كيان تأسيس)، أو (ما يُعرَف بحكومة تأسيس)، أو (الكيان المدني التابع لقوات الدعم السريع) بحسب السياق. ولمَّا كانت الكلمة موقفًا، والتوصيف مسؤولية، فلا تمنحوا الشرعية مجانًا لهذا الكيان الذي وُلِد ميتًا، وهو أقرب إلى ورقة ضغطٍ سياسية وإعلامية من مشروع دولةٍ بديلة. هذا الكيان قد يعيش بعض الوقت بوصفه مظلةً تجميلية لقوةٍ عسكرية غير شرعية، لكنه لا يملك في صيغته الحالية مقوّمات السيادة، أو الديمومة، أو القبول الشعبي والدولي.
والأخطر من الاعتراف الضمني بهذه الكيانات هو تطبيع وجودها عبر التكرار اللغوي. وهذا ما يجب أن يتفاداه الإعلامي المسؤول؛ لأن الكلمات، في نهاية المطاف، ليست أدوات نقلٍ فحسب، بل أدوات خلقٍ للواقع أو تشويهه.
فمن يُعيد للمفردات حيادها؟ ومن يحمي الوعي من سطوة التكرار؟
خالد محمد أحمد