أقيمت مساء أمس محاضرة ثقافية بعنوان "روسيا والإسلام.. التأريخ وإشكاليات الواقع المعاصر" قدمّها البروفيسور والمؤرخ الروسي كوكولين فلاديسلاف، في النادي الثقافي، بحضور عدد من المثقفين والمهتمين لتتبُّع الخط التاريخي للإسلام في روسيا.

استعرض كوكولين خلال المحاضرة تاريخ انتشار الإسلام في روسيا في القرن السابع الميلادي، وارتباطه بتوسُّع الخلافة العربية وأنشطتها العسكرية، حيث أوضح أن الإسلام أولًا انتشر في داغستان ابتداء من مدينة ديربينت التي انتشرت فيها المساجد بشكل كبير، وتم بناء مسجد الجمعة في ديربينت في القرن الثامن الميلادي، ثم انتشر في "واحة ميرف وخراسان"، وكان للدعاة الصوفيين دور في نشر الإسلام في داغستان.

وانتقل المحاضر للحديث عن المدينة الثانية التي انتشرت فيها الإسلام وهي مدينة فولغا في بلغاريا، والتي كانت مرتبطة بالتجارة مع خوارزم ودولة روسيا، وكانت "فولغا البلغارية" مركز انتشار الإسلام في آسيا الوسطى، وتم بناء مسجد عام 1146م، واستعرض المحاضر عددا من المواقع والمساجد التي تعود لوجود الإسلام في هذه المنطقة، وأصبح الإسلام دين الدولة في فولغا بلغاريا.

وقال فلاديسلاف: "في القرنين الـ13 والـ14 انتشر الإسلام في القبيلة الذهبية، وكتب ابن بطوطة عن انتشار الإسلام في أراضي القبيلة الذهبية، وكان فيها 150 مدينة، وتحوي على عدد سكان يفوق المدن الأوروبية، ومن القبيلة الذهبية بدأ انتشار الإسلام بصورة أوسع، وبعد انهيار القبيلة الذهبية، ظهرت الخانات المستقلة، وكانت هذه خانات قازان وخانات أستراخان وخانات سيبيريا وغيرها".

ومن جانب آخر تناقش المحاضرة المشاكل المعاصرة للمسلمين في روسيا، وقد حدد المؤلف خمس مشاكل رئيسة، أولها تتعلق بحقيقة أن السلطات تدعم المسيحيين، فالكتب المدرسية يمكن أن تجد فيها ما يتعلق بالمسيحية وغيرها من الأديان، إلا الإسلام فلا يمكن أن تجده في الكتب المدرسية، والمشكلة الثانية أنه لا أحد يشارك في تعليم الإسلام، والمدارس الدينية القليلة لا تستطيع مساعدة الشباب على معرفة الإسلام الحقيقي، والمشكلة الأخرى لا يوجد مركز واحد للمسلمين في روسيا، والمشكلة الرابعة تتعلق بالمشكلة الاجتماعية والاقتصادية في روسيا الحديثة، والمشكلة الأخيرة متعلقة بدراسة الإسلام وتاريخه في روسيا الحديثة، بالرغم أنها ليست معزولة. وقال البروفيسور المحاضر: "أصبح المسلمون الروس أكثر اطّلاعا، وأتيحت لهم فرصة التواصل مع المسلمين من البلدان الأخرى، والذين يدرسون الإسلام وتاريخ الإسلام أصبح متاحا لتعريف الآخرين بتاريخ الإسلام في روسيا".

وأوضح البروفيسور المؤرخ أن اليوم في روسيا يتزايد دور الإسلام، وتتراوح أعداد المسلمين من 10 إلى 15 مليون شخص، كما استعرض المحاضر مجموعة من النصب التذكارية والمقتنيات والتحف التراثية تعود لوجود وانتشار الإسلام في روسيا.

ويعد البروفيسور والمؤرخ كوكولين فلاديسلاف هو استاذ في جامعة

حاصل على دكتوراة في العلوم التاريخية، وله باع طويل في عدد من الجامعات في عدد من الدول لتدريس الدين والتاريخ، وله عدة دراسات بحثية منشورة، وله اهتمامات لغوية بمجموعة من اللغات العالمية المختلفة منها الإنجليزية والصينية والألمانية والإيطالية والعربية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی روسیا

إقرأ أيضاً:

زراعة القوقعة.. رحلة أمل جديدة تعيد السمع لـ40 طفلا في لبنان

بيروت- في زاوية هادئة داخل غرفة بمستشفى الهمشري في مدينة صيدا تجلس الجدة ممسكة بيد حفيدتها هدى ذات الـ5 سنوات، الصغيرة التي استعادت سمعها للتو بعد عملية زراعة قوقعة ناجحة تلمس يد جدتها بفضول ودهشة فيما الدموع تنساب من عيني الأخيرة بصمت مؤثر.

وتقول الجدة للجزيرة نت بصوت مفعم بالامتنان "ربما بكيت دموعا لا يعلم مقدارها إلا الله، 5 سنوات وأنا أدعو لتحقيق هذا الحلم، والحمد لله تحقق".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل يواجه طفلك صعوبات حادة في فهم الرياضيات؟ إليك الحلlist 2 of 2لماذا يتصرف طفلك في عمر الثالثة كمراهق؟end of list

ولدت هدى في عزلة صوتية تامة، لم تسمع صوت أمها أو ضحكات إخوتها، فكانت الحياة تسرق منها أبسط ألوانها، طوال تلك السنوات الصعبة كانت الجدة تهمس كل ليلة بأدعية خافتة، على أمل أن يأتي اليوم الذي تُسمع فيه الطفلة الصغيرة أصوات العالم حولها.

وتقول الجدة وعيناها تلمعان بالدموع "كانت لا تسمع شيئا، وكنت أهمس في أذنها كل ليلة بدعاء صغير".

مرت سنوات من الانتظار والصبر حتى جاء اليوم المنتظر الذي غيّر حياة هدى، أجرت العملية التي أعادت إليها صوت الحياة للمرة الأولى، تقول الجدة بلهفة وصدق "لقد أعيدت لها الحياة، السمع ليس تفصيلا صغيرا، بل هو الحياة كلها، لم أتوقع أن يتحقق هذا، شكرا من القلب".

وهي الآن تبتسم هدى لأول مرة لأصوات العالم من حولها، فتبدأ خطواتها الأولى على درب السمع والكلام، في قصة جديدة تُكتب بداية فصولها بفرح وأمل.

المشروع يعد من أكبر برامج زراعة القوقعة المجانية في لبنان (الجزيرة) قوقعة النجاة

لكن هدى لم تكن الوحيدة، فقد استفاد من المشروع الإنساني ذاته 40 طفلا من اللاجئين الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين خضعوا لزراعة القوقعة السمعية، واستكملوا اليوم تركيب الجهاز الخارجي، وجاءت هذه المبادرة من مؤسسة "من حقي أسمع" بالتعاون مع الإغاثة الإسلامية الأميركية وبدعم تقني من شركتي "ميد إل" و"هيرلايف" العالميتين، وتنفيذ طبي من فريق مستشفى الهمشري.

إعلان

وفي بيروت، تبدأ قصة أخرى مليئة بالألم والأمل مع الطفل شكري، في عام 2022 كان طفلا سليما يلعب ويمرح إلى أن أصابه التهاب سحايا دماغي حاد قلب حياته وحياة عائلته رأسا على عقب.

يستذكر والده أيام المحنة ويقول "نُقل إلى المستشفى، وتحمّلنا كل المصاريف بأيدينا، لم تكن أياما سهلة، وكل ما كان لدينا هو الأمل".

نجا شكري بأعجوبة، لكن المرض ترك أثرا عميقا، تكلس في أذنيه أفقده القدرة على السمع.

ويضيف والده بصوت مكسور "لم أستطع أن أجري له العملية وقتها بسبب الوضع المادي، كان كل شيء على حسابي".

لكن الأمل عاد من جديد حين تبنت جمعية "من حقي أسمع" حالة شكري وتكفلت بتكاليف الزراعة، أجرينا العملية في الشهر السادس، واليوم نركّب له الجهاز الخارجي "يقول الأب وهو يصف اللحظة التي طال انتظارها".

ويضيف "ابني كان عاجزا عن التعبير عن جوعه أو تعب، واليوم صار يتكلم ويبتسم من قلبه، أشعر أن الحياة عادت له ولنا".

تم تركيب المعالجات الصوتية الخارجية لـ40 طفلا وطفلة (الجزيرة) رحلة التأهيل

تستمر الرحلة بعد العملية الطبية، حيث يخضع كل طفل لسلسلة فحوصات دقيقة ومعايرة للأجهزة بحسب حالته، يتلقى الأهل إرشادات مكثفة عن كيفية استخدام الجهاز والعناية به، ثم تبدأ مرحلة التأهيل المكثف التي تشمل جلسات نطق فردية بإشراف اختصاصيين لمساعدة الأطفال على استكشاف لغتهم الأولى وتكوين الجمل الأولى، في رحلة شاقة لكنها مفعمة بالأمل نحو الاندماج الكامل في المجتمع.

وتقول اختصاصية السمع والنطق لارا الصالح -التي تتابع الحالات عن كثب- "أتممنا 40 عملية زراعة قوقعة، واليوم بدأنا تشغيل الأجهزة الخارجية للأطفال، في لحظة لا تنسى".

وتضيف للجزيرة نت "كل طفل عبّر عن تجربته مع الصوت الأول بطريقته الخاصة، بعضهم ضحك، وبعضهم بكى، وبعضهم اكتفى بابتسامة خجولة، كانت ردود أفعالهم مرآة لمشاعر دفينة كأنهم وُلدوا من جديد".

وتختم "زراعة القوقعة ليست مجرد إجراء طبي، بل هي ولادة جديدة تبدأ معها حياة يسمع فيها الطفل أصواتا كانت غائبة عن عالمه".

الطفل شكري سمع الأصوات للمرة الأولى في حياته (الجزيرة) دعم إنساني

وفي هذا الإطار، يوشك مركز "من حقي أن أسمع" للسمع والنطق على افتتاح أبوابه في الطابق الأول من مستشفى الهمشري بمدينة صيدا بعد تجهيز يستغرق بين شهر إلى شهر ونصف، ليبدأ تقديم خدماته لفئات واسعة من المحتاجين.

وأكد الأستاذ خليل عينا ممثل مؤسسة "من حقي أسمع" في لبنان أن المركز استلم أجهزة متقدمة لفحص الإبر والفحوصات السمعية، مع تجهيز غرفة عزل للأطفال والكبار وفق أعلى المعايير الصحية.

وقال عينا للجزيرة نت "نطمح لأن يصبح هذا المركز مرجعا متخصصا يقدم خدماته لجميع أبناء شعبنا من مختلف الجنسيات والخلفيات، دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس، نريده مساحة مفتوحة تعيد لمن فقدوا السمع حقهم في التواصل والحياة الكريمة".

بدوره، أكد الدكتور محمد ميعاري اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة أن جهودا كبيرة بذلت لإجراء 40 عملية زراعة قوقعة بعد تحضير دقيق وتنسيق مع جمعية الإغاثة الإسلامية الأميركية وشركتي "ميد إل" و"هيرلايف" المصنعة للسماعات.

إعلان

وقال "زراعة القوقعة عملية حيوية تمنح الأطفال -ولا سيما الصم منهم- أملا جديدا يمكنهم من الانخراط في المجتمع والقيام بدور فعال فيه".

وأضاف "رغم كونها جراحة كبرى فإن نتائجها تظهر سريعا في غرفة العمليات، حيث يُزرع إلكترود داخل القوقعة لتحفيز العصب السمعي، لنقل الإشارات الكهربائية التي يحللها الدماغ لتصبح صوتا".

وأشار إلى أن وضع الجهاز الخارجي كان لحظة مميزة، مضيفا "سنواصل المتابعة والتدريب على النطق لضمان إيصال الصوت بشكل صحيح".

وختم معبرا عن فخره بفريق العمل، خصوصا الدكتور حسن دياب المحرك الأساسي للعملية، شاكرا شركة تصنيع السماعات ومستشفى الهمشري على تعاونهم المستمر من أجل مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال.

مقالات مشابهة

  • عقبات تواجه المتقاعد وبداية رحلة مع الزمن
  • البروفيسور كَبَا عمران: التراث الإسلامي العربي الأفريقي في خطر كبير في غرب القارة السمراء
  • الشرع يلتقي علييف في باكو.. وحديث عن لقاء إسرائيلي-سوري على هامش الزيارة
  • حضرموت المنهوبة.. الإمارات تسرق الذهب والانتقالي يحرس البوابة
  • الإمام محمد عبده باحثا عن النهضة
  • من غزة إلى مدريد.. رحلة علاج نزار المنسي بأوجاع نفسية وجسدية
  • رحلة متجهة إلى مطار كسلا تتعرض لرياح قوية .. هبطت الطائرة بسلام في مطار بورتسودان
  • زراعة القوقعة.. رحلة أمل جديدة تعيد السمع لـ40 طفلا في لبنان
  • محل تاريخي يتعرض للهدم في إسطنبول!
  • تسويات وظيفية وقرارات إدارية.. التربية تواصل عملها لضمان حقوق المعلمين