مدتها 36 مليون سنة.. دورة جيولوجية تقود التنوع البيولوجي على كوكب الأرض
تاريخ النشر: 18th, July 2023 GMT
النظرية العلمية الجيولوجية السائدة تقول إن الغلاف الصخري للأرض يتكون من عدد من الصفائح التكتونية، حيث يوجد 7 أو 8 صفائح كبرى إضافة إلى العديد من الصفائح الصغرى التي كانت تتحرك ببطء منذ حوالي 3.4 مليارات سنة.
وتحدث الزلازل والبراكين وتتشكل الجبال والخنادق المحيطية على حدود الصفائح التكتونية، وتنقسم إلى غلاف صخري محيطي وغلاف صخري قاري أكثر سمكا، يعلو كلا منهما قشرة أرضية خاصة بكليهما.
وعلى طول الحدود التقاربية للصفائح التكتونية تغطس الصفائح إلى وشاح الأرض وتُعوض المادة المفقودة بتكوين قشرة محيطية جديدة عند الحدود التباعدية الناتجة عن تمدد قاع البحر، وبهذه الطريقة تبقى مساحة الكرة الأرضية الكلية ثابتة.
وبدراسة حركات الصفائح التكتونية وجد العلماء أن الحركة في تلك الصفائح تؤدي بشكل غير مباشر إلى اندفاعات من التنوع البيولوجي في دورات تبلغ 36 مليون سنة، عن طريق إجبار مستويات سطح البحر على الارتفاع والانخفاض.
وفي البحث الجديد الذي نشر في دورية "بروسيدينجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسيز" PNAS يقول الباحثون بقيادة الأستاذ المساعد صلاح بوليلة من جامعة السوربون Sorbonne University في باريس إنه مع ارتفاع وانخفاض مستويات المياه، تتوسع وتتقلص الموائل المختلفة على الجرف القاري وفي البحار الضحلة، مما يوفر فرصا للكائنات الحية لتزدهر أو تموت، ومن خلال دراسة السجل الأحفوري أظهر العلماء أن هذه التحولات تؤدي إلى ظهور دفعات من الحياة الجديدة.
تنوع بيولوجي مدفوع بحركة الصفائحيقول البروفيسور ديتمار مولر، المؤلف المشارك في الدراسة من كلية علوم الأرض بجامعة سيدني University of Sydney في البيان الصحفي الذي نشرته يوريك ألرت Eurek Alert في العاشر من يوليو/ تموز الجاري "من حيث الحركة التكتونية، تشير الدورة التي تبلغ 36 مليون سنة إلى تغيرات بين انتشار قاع البحر بشكل أسرع وأبطأ، مما يؤدي إلى تغيرات دورية في عمق الأحواض المحيطية وفي النقل التكتوني للمياه إلى أعماق الأرض، والتي أدت بدورها إلى تقلبات في الفيضانات وجفاف القارات، مع فترات من البحار الضحلة الواسعة التي تعزز التنوع البيولوجي".
ويذكر تقرير موقع ساينس ألرت العلمي أن النظرة الفاحصة على سجل الحفريات تظهر أن التنوع البيولوجي ليس طفيفا وثابتا، بل يتقلب بشكل كبير على مقاييس تبلغ عشرات الملايين من السنين، تتخللها أحداث انقراض وظهور أنواع جديدة، لكن لم يكن الدافع وراء هذه التغييرات واضحا، وما إذا كان كل حدث فريدا في حد ذاته أو ما إذا كانت هناك آلية أساسية تربط بين هذه التغييرات.
ولكشف هذا الغموض، قام البروفيسور بوليلة وفريقه بتحليل شاق لمجموعات من البيانات الجيولوجية المتعددة على مدى 250 مليون سنة مضت، جنبا إلى جنب مع المحاكاة الحاسوبية والنمذجة.
دورات متشابهةيشير البروفيسور مولر إلى أن "هذا العمل أصبح ممكنا من خلال جي بلايتس GPlates -برنامج الصفائح التكتونية- الذي طورته مجموعة "إيرث بايت" EarthByte في جامعة سيدني، بدعم من إستراتيجية البنية التحتية للبحوث التعاونية الوطنية الأسترالية (NCRIS) عبر أوسكوب AuScope."
استند الفريق في النتائج التي توصلوا إليها إلى اكتشاف دورات متشابهة بشكل لافت للنظر في التغيرات في مستوى سطح البحر، والآليات الداخلية للأرض، وسجلات الأحافير البحرية، ويوجد لدى العلماء الآن أدلة دامغة على أن الدورات التكتونية وتغير مستوى سطح البحر العالمي مدفوعا بديناميات الأرض قد لعبت دورا حاسما في تشكيل التنوع البيولوجي للحياة البحرية على مدى ملايين السنين.
ويعلق البروفيسور مولر قائلا "هذا البحث يتحدى الأفكار السابقة حول سبب تغير الأنواع على مدى فترات طويلة".
تدوير الصفائح التكتونية ودوافع أخرىيشرح البروفيسور مولر: "تبلغ مدة الدورات 36 مليون سنة بسبب الأنماط المنتظمة في الكيفية التي يعاد بها تدوير الصفائح التكتونية إلى داخل الوشاح الأرضي، الجزء المتحرك في عمق الأرض، كالحساء الساخن والكثيف في وعاء ويتحرك ببطء".
ويذكر مولر أن تكوين وينتون الطباشيري في كوينزلاند Cretaceous Winton Formation in Queensland يعد مثالا لكيفية تأثير التغيرات في مستوى سطح البحر على النظم البيئية وتأثيرها على التنوع البيولوجي في أستراليا.
ويوفر التكوين -المشهور بمجموعته من الأحافير- نافذة ثمينة في وقت غُمرت فيه معظم القارة الأسترالية، ومع ارتفاع مستويات سطح البحر وهبوطها تسبب فيضان القارة في اتساع وتقلص فترات الاستراحة البيئية في البحار الضحلة، مما وفر موائل فريدة لمجموعة واسعة من الأنواع.
وقال البروفيسور مولر "يعتبر تكوين وينتون الطباشيري دليلا على التأثير العميق لهذه التغيرات في مستوى سطح البحر، حيث يقدم لقطة للوقت الذي تغيرت فيه المناظر الطبيعية في أستراليا وجابت فيه مخلوقات رائعة الأرض".
ويقول العلماء إن هناك محفزات أخرى عبر تاريخ الأرض يمكن أن تدفع التنوع البيولوجي أيضا، فعلى سبيل المثال وجد الفريق دليلا على دورة التنوع البيولوجي البالغة 62 مليون سنة، التي يقول الباحثون إنها قد تكون مدفوعة بالتغيرات في مستويات ثاني أكسيد الكربون، لكن هذا الافتراض يحتاج إلى مزيد من التحقيق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ملیون سنة على مدى
إقرأ أيضاً:
كريستي نويم.. مزارعة تقود وزارة الأمن الداخلي في عهد ترامب
كريستي نويم سياسية أميركية بارزة من الحزب الجمهوري تنحدر من ولاية ساوث داكوتا. نشأت في كنف أسرة زراعية، وتولت مسؤولية مزرعة العائلة بعد وفاة والدها. دخلت مجال السياسة عام 2006، وانتُخبت لاحقا لعضوية مجلس النواب الأميركي. وفي 2018 أصبحت أول امرأة تُنتخب حاكمة لساوث داكوتا.
عُرفت أثناء فترة ولايتها بمواقفها المحافظة، وبرزت بموقفها الرافض لفرض الإغلاقات أثناء جائحة كوفيد 19، إضافة إلى دعمها تشريعات صارمة مناهضة للإجهاض. وفي 2025 عُينت بمنصب وزيرة الأمن الداخلي ضمن إدارة الرئيس دونالد ترامب.
المولد والنشأةوُلدت كريستي لين أرنولد نويم يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1971 في مدينة ووترتاون بولاية ساوث داكوتا، لعائلة بسيطة، وكان والداها رون وكورين أرنولد يعملان في الزراعة وتربية الماشية.
تزوجت عام 1992 من بريون نويم ولهما 3 أبناء.
الدراسة والتكوين العلميتلقت كريستي نويم تعليمها الثانوي في مدرسة هاملين، ثم التحقت بجامعة نورثرن ستيت قبل أن تنتقل عام 1992 إلى جامعة ولاية ساوث داكوتا. غير أن مسارها الأكاديمي توقّف مؤقتا عام 1994 بعد وفاة والدها في حادث مفاجئ، مما اضطرها إلى أن تترك الدراسة وتتولى بمشاركة زوجها إدارة مزرعة العائلة، حيث كان أشقاؤها الأكبر سنا غادروا الولاية، بينما كان شقيقها الأصغر لا يزال طالبا في المرحلة الثانوية.
تولّت نويم الإشراف المباشر على مختلف أنشطة المزرعة من تربية الماشية إلى زراعة الذرة وفول الصويا والقمح، كما وسّعت أنشطة العائلة الاقتصادية بإنشاء نزل للصيد ومطعم داخل أرض المزرعة. ورغم انشغالاتها، عادت عام 2011 إلى مقاعد الدراسة وأكملت درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة ولاية ساوث داكوتا.
التجربة العملية والسياسيةكانت أولى تجارب نويم في العمل العام، عضويتها في لجنة وكالة خدمات المزارع بولاية ساوث داكوتا، وهي الجهة التي تُنفذ البرامج والقروض التي أنشأتها وزارة الزراعة الأميركية.
وفي مايو/أيار 2000، مثَلت نويم أمام لجنة الزراعة في مجلس النواب الأميركي للإدلاء بشهادتها إزاء برامج وزارة الزراعة التي تؤثر في المزارع العائلية بالولاية.
ومع عودة أشقائها لتولي إدارة شؤون مزرعة العائلة، توجهت نويم إلى مجال السياسة، وانتُخبت لعضوية مجلس نواب ولاية ساوث داكوتا عام 2006، وتولت منصبها في العام التالي. وأثناء ولايتها الثانية، أصبحت مساعدة قائد الأغلبية في المجلس.
إعلانوفي عام 2010، ترشحت لشغل المقعد الوحيد لساوث داكوتا في مجلس النواب الأميركي. وأثناء حملتها الانتخابية، ركزت نويم على تحقيق ميزانية متوازنة وانتقدت اللوائح الفدرالية ووعدت بدعم مصالح سكان الولاية.
فازت في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، ثم هَزمت في الانتخابات العامة النائبة الديمقراطية ستيفاني هيريث ساندلين التي شغلت المنصب 3 فترات متتالية. ومثلت نويم دائرة ساوث داكوتا بمجلس النواب في الفترة بين عامي 2011 و2019.
ومع تزايد حضورها داخل الحزب، اختارها زعماء الحزب الجمهوري لتكون حلقة وصل بين النواب الجمهوريين الجدد وأعضاء الحزب المخضرمين. واستمرت في تبني السياسات المحافظة لا سيما خفض الانفاق، وسعت للحد من سلطات وكالة حماية البيئة الأميركية.
وفي عام 2016، أعلنت نويم نيتها الترشح لمنصب حاكم ولاية ساوث داكوتا في انتخابات عام 2018. وأثناء فترتها الأخيرة في الكونغرس، عملت في لجنة الطرق والوسائل وأسهمت في دعم تمرير قانون تخفيض الضرائب وفرص العمل عام 2017.
وفي انتخابات حاكم الولاية، حصلت نويم على 51% من الأصوات مقابل 47.6% لمنافسها الديمقراطي بيلي ساتون، وأصبحت أول امرأة تنتخب حاكمة للولاية وواحدة من 3 نساء جمهوريات يشغلن المنصب في الولايات المتحدة آنذاك.
في ولايتها الأولى، دفعت نويم بتشريعات تهدف إلى توسيع الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة، وأطلقت حملة لمكافحة مخدر الميثامفيتامين المعروف أيضا بـ"كريستال ميث".
وأثناء جائحة كوفيد 19، رفضت إغلاق الأعمال التجارية في الولاية أو فرض ارتداء الكمامات، كما عارضت الأمر التنفيذي الصادر عن الرئيس جو بايدن آنذاك، الذي ألزم معظم أصحاب العمل في القطاع الخاص بفرض التطعيم أو إجراء اختبارات كوفيد على الموظفين. ووقعت نويم أمرا تنفيذيا خاصا يعزز حقوق سكان الولاية في الحصول على إعفاءات من هذا الإلزام الفدرالي.
وعلى الصعيد الإعلامي كثفت نويم من منشوراتها على منصة "إكس"، واتسمت كتاباتها بنبرة حادة ومواجهة. وقد وصفتها صحيفة "واشنطن بوست" عام 2021 بأنها تسير على خُطا الرئيس دونالد ترامب من حيث نشاطها على مواقع التواصل الاجتماعي، وظهورها المتكرر على قناة فوكس نيوز وتدخلاتها في القضايا الاجتماعية المثيرة للجدل.
ترشحت نويم لإعادة انتخابها لمنصب حاكمة الولاية عام 2022، وكانت قضية الإجهاض موضوعا محوريا في حملتها. وأيدت قرار المحكمة العليا الأميركية الذي يحظر جميع حالات الإجهاض باستثناء تلك التي تشكل خطرا على حياة الحامل.
وأثناء الحملة جمعت أكثر من 15 مليون دولار أميركي، محطمة الرقم القياسي لأعلى تمويل انتخابي في تاريخ الولاية لمرشح منصب الحاكم، وفازت بسهولة بولاية ثانية.
غير أن ولايتها الثانية شهدت توترات متصاعدة، فقد منعتها جميع القبائل في ساوث داكوتا من دخول محمياتها، مما جعلها غير قادرة على الوصول إلى نحو 20% من أراضي الولاية. ورغم أن علاقاتها مع زعماء القبائل كانت متوترة مسبقا، إلا أن الخلاف بلغ ذروته مطلع عام 2024 بعد أن اتهمتهم بوجود صلات مزعومة مع عصابات تهريب المخدرات، الأمر الذي فاقم العداء وساهم في تعقيد المشهد السياسي المحلي.
وزيرة الأمن الداخليأثيرت في البداية تكهنات عن إمكانية ترشح نويم للانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2024، إلا أنها فضلت عدم الخوض في السباق، وقالت في مقابلة تلفزيونية: "الحقيقة هي أن لا أحد يمكنه الفوز طالما أن ترامب في السباق".
إعلانكما طُرحت نويم ضمن قائمة قصيرة من ستة أسماء يُنظر فيها لشغل منصب نائب الرئيس إلى جانب دونالد ترامب، لكنها فقدت التأييد في الأشهر التالية، وعُزي ذلك إلى مذكرتها التي حملت عنوان "عودة إلى الوراء" وقوبلت بانتقادات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وبعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2024، اختارها لتتولى منصب وزيرة الأمن الداخلي. وصادق مجلس الشيوخ على تعيينها في 25 يناير/كانون الثاني 2025، بأغلبية 59 صوتا مقابل 34.
قرارات مثيرة للجدلأصدرت نويم يوم 22 مايو/أيار 2025 قرارا بإنهاء اعتماد برنامج هارفرد للطلاب وتبادل الزوار اعتبارا من العام الدراسي 2025/2026. واتهمت نويم هارفارد "بالتحريض على العنف ومعاداة السامية والتنسيق مع الحزب الشيوعي الصيني".
لكن قاضية المحكمة الجزئية في بوسطن أليسون بوروز أصدرت أمرا مؤقتا بتجميد القرار، استجابة لشكوى قدمتها الجامعة.